ملخص
تواجه المفاوضات تحديات عدة، وتبقى نقطة التباين الأساسية إرساء وقف دائم لإطلاق النار في غزة. ومن بين القضايا الشائكة أيضاً مستقبل الحكم بعد الحرب في القطاع الذي تسيطر عليه حركة "حماس" منذ عام 2007.
أعلنت حركة "حماس" استئناف المفاوضات غير المباشرة مع إسرائيل في شأن الهدنة في غزة اليوم الجمعة في قطر.
وقالت الحركة الفلسطينية "تستأنف اليوم الجمعة المفاوضات غير المباشرة في العاصمة القطرية الدوحة".
وقال القيادي في "حماس" باسم نعيم إن جولة جديدة من المحادثات غير المباشرة حول وقف إطلاق النار في غزة استؤنفت في الدوحة اليوم، مشدداً على جدية الحركة في التوصل إلى اتفاق في أقرب فرصة.
وأوضحت "حماس" في بيان "ستركّز هذه الجولة على أن يؤدي الاتفاق إلى وقف تام لإطلاق النار، وانسحاب قوات الاحتلال من قطاع غزة وتفاصيل التنفيذ، وعودة النازحين إلى بيوتهم التي أخرجوا منها في كل مناطق القطاع".
وتتوسط قطر ومصر والولايات المتحدة منذ أشهر في محادثات بين إسرائيل و"حماس" لم تؤد إلى إنهاء أكثر من عام من النزاع المدمر في غزة.
والعقبة الرئيسة أمام التوصل إلى اتفاق هي إحجام إسرائيل عن الموافقة على وقف إطلاق نار دائم.
وأجاز رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو للمفاوضين الإسرائيليين مواصلة المحادثات في الدوحة للتوصل إلى وقف لإطلاق النار في قطاع غزة وإطلاق سراح الرهائن الذين تحتجزهم "حماس" منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2023، بحسب ما أفاد مكتبه الخميس.
ويأتي ذلك عقب تبادل إسرائيل والحركة الفلسطينية اتهامات في شأن عرقلة مساعي التوصل إلى اتفاق لإنهاء الحرب المستمرة منذ أكثر من عام في القطاع الفلسطيني المدمر.
وقال مكتب نتنياهو في بيان إنه "أجاز لوفد من الموساد (جهاز الاستخبارات الخارجية) والشين بيت (جهاز الاستخبارات الداخلية) والجيش مواصلة المفاوضات في الدوحة".
وأفاد مسؤول في "حماس" وكالة الصحافة الفرنسية طالباً عدم كشف هويته، بأن وفداً من الحركة وصل إلى القاهرة للاستعداد لمفاوضات الدوحة "في الأيام المقبلة".
وفي أواخر ديسمبر (كانون الأول) 2024 جرت مفاوضات غير مباشرة بين إسرائيل و"حماس" بوساطة قطرية ومصرية وأميركية في الدوحة، عززت الآمال حيال إمكان التوصل إلى هدنة، ولكن لم يلبث الطرفان أن تبادلا الاتهامات بتأخير التوصل إلى اتفاق.
وأعلنت "حماس" أن "شروطاً جديدة" وضعتها إسرائيل أرجأت الاتفاق، لكنها وصفت المفاوضات في الدوحة بأنها "جدية". وردت إسرائيل متهمة الحركة بوضع "عقبات جديدة" أمام مساعي الهدنة.
ولم تفلح جولات عدة من التفاوض في التوصل إلى هدنة منذ اندلاع الحرب في القطاع في أكتوبر 2023، باستثناء مرة وحيدة أواخر نوفمبر (تشرين الثاني) من العام ذاته.
ويواجه نتنياهو انتقادات واتهامات بالمماطلة في داخل إسرائيل، خصوصاً من أقارب الرهائن.
وتواجه المفاوضات تحديات عدة، وتبقى نقطة التباين الأساس إرساء وقف دائم لإطلاق النار في غزة. ومن بين القضايا الشائكة أيضاً مستقبل الحكم بعد الحرب في القطاع الذي تسيطر عليه حركة "حماس" منذ عام 2007.
وأدت الهدنة الوحيدة التي تُوصل إليها إلى إطلاق سراح 80 إسرائيلياً و25 آخرين غالبيتهم عمال تايلانديون في إسرائيل، مقابل إطلاق سراح 240 معتقلاً فلسطينياً في سجون إسرائيل.
غارات إسرائيلية
قالت إسرائيل اليوم الجمعة إنها شنت غارات جوية على عشرات الأهداف التابعة لحركة "حماس" في قطاع غزة خلال الساعات الـ24 الماضية، في هجمات قالت سلطات "الصحة" الفلسطينية إنها أسفرت عن مقتل ما يقارب 100 شخص.
في المقابل رصد الجيش الإسرائيلي مقذوفين أطلقا من شمال قطاع غزة باتجاه إسرائيل اليوم، في حادثة هي الأحدث من نوعها في الأيام الأخيرة.
وجاء في بيان للجيش أن "مقذوفاً سقط بمحاذاة تجمع 'نير عام' بينما سقط المقذوف الآخر في منطقة مفتوحة. لم تسجل أية إصابات".
عداد القتلى
وقالت وزارة الصحة في قطاع غزة إن 27 شخصاً قتلوا في ساعة مبكرة من صباح اليوم، وذلك بعد مقتل 71 شخصاً في أمس الخميس بما في ذلك في منطقة المواصي، وهي منطقة في وسط غزة أعلنتها السلطات الإسرائيلية في وقت سابق منطقة إنسانية آمنة.
وقال الجيش الإسرائيلي إنه قصف نحو 40 نقطة تجمع ومراكز قيادة وتحكم تابعة لـ"حماس". وأضاف أنه اتخذ عدداً من التدابير للحد من خطر إلحاق الأذى بالمدنيين، بما في ذلك استخدام الذخائر الدقيقة والمراقبة الجوية وغيرهما.
واتهمت "حماس" بنشر مقاتلين في مناطق مدنية بما في ذلك المباني التي كانت تستخدم في السابق كمدارس. وتنفي "حماس" الاتهامات باستخدام السكان دروعاً لحماية المقاتلين.
واليوم، أمر الجيش الإسرائيلي المدنيين في منطقة البريج في وسط غزة بإخلاء منازلهم قبل عملية أمر بها في أعقاب هجمات صاروخية من المنطقة. وقال إن السكان يجب أن ينتقلوا إلى المنطقة الإنسانية من أجل سلامتهم.
مقتل 67 فلسطينياً
ميدانياً، قالت السلطات في قطاع غزة إن غارات جوية إسرائيلية قتلت 67 فلسطينياً في الأقل في أنحاء القطاع الخميس بما في ذلك مخيم قُتل فيه رئيس قوة الشرطة التي تسيطر عليها حركة "حماس" ونائبه وتسعة نازحين.
ووقع الهجوم في منطقة المواصي التي صُنفت منطقة إنسانية للمدنيين في وقت سابق من الحرب المستعرة منذ 14 شهراً بين إسرائيل و"حماس" التي تحكم غزة.
وأفادت وزارة الداخلية في غزة التي تديرها حركة "حماس" بأن مدير عام شرطة غزة محمود صلاح ومساعده حسام شهوان، اللذين كانا يتفقدان سكان المخيم، قتلا في الغارة.
وقال الجيش الإسرائيلي إنه نفذ هجوماً استناداً إلى معلومات استخباراتية في المواصي غرب مدينة خان يونس وقتل شهوان الذي وصفه بأنه قائد قوات الأمن التابعة لـ"حماس" في جنوب القطاع. ولم يذكر الجيش شيئاً عن مقتل صلاح.
وقال المفوض العام لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) فيليب لازاريني، في منشور على منصة "إكس"، "مع بداية العام، تلقينا تقارير عن هجوم آخر على المواصي أسفر عن مقتل العشرات، في تذكير آخر بأنه لا توجد منطقة إنسانية ناهيك بمنطقة آمنة" في غزة.
وأضاف "كل يوم (يمر) من دون وقف إطلاق النار سيزيد المأساة". وكان الخميس واحداً من بين أكثر الأيام في عدد القتلى خلال الأسابيع الأخيرة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأسفرت غارات جوية إسرائيلية أخرى عن مقتل 57 فلسطينياً في الأقل، بينهم ستة في مقر وزارة الداخلية في خان يونس، وآخرون في مخيم جباليا للاجئين بشمال قطاع غزة وفي مخيم الشاطئ وفي مخيم المغازي بوسط القطاع وفي مدينة غزة.
وقال الجيش الإسرائيلي إنه استهدف مسلحين من "حماس" أشارت معلومات استخباراتية إلى أنهم كانوا يعملون في مركز قيادة وتحكم "مدمج داخل مبنى بلدية خان يونس في المنطقة الإنسانية".
ورداً على سؤال حول التقارير الواردة في شأن عدد القتلى الخميس، قال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي إن الجيش اتبع القانون الدولي في شن الحرب في غزة واتخذ "الاحتياطات الممكنة للحد من تضرر المدنيين".
ويتهم الجيش المسلحين في غزة باستخدام مباني المناطق السكنية للاختباء، وتنفي "حماس" ذلك.
وقالت حركة "الجهاد الإسلامي" حليفة "حماس" إنها أطلقت صواريخ على تجمع حوليت السكني جنوب إسرائيل قرب غزة الخميس. وقال الجيش الإسرائيلي إنه اعترض مقذوفاً واحداً في المنطقة عبر من جنوب غزة.
الهجمات على قطاع الصحة
دانت مقررتان خاصتان تابعتان للأمم المتحدة الخميس الهجمات على حق الفلسطينيين في الحصول على الرعاية الصحية، بعدما شن الجيش الإسرائيلي عملية عسكرية على مستشفى كمال عدوان في شمال القطاع المدمر واعتقل مديره الطبيب حسام أبو صفية.
وقالت الخبيرتان في بيان "بعد مرور أكثر من عام على بدء الإبادة الجماعية، يصل اعتداء إسرائيل الصارخ على الحق في الصحة في غزة وسائر الأراضي الفلسطينية المحتلة إلى مستويات جديدة من الإفلات من العقاب".
واعتبرت البعثة الإسرائيلية لدى الأمم المتحدة في جنيف أن البيان "بعيد جداً عن الحقيقة"، و"يتجاهل تماماً حقائق حاسمة" و"استخدام (حماس) البنى التحتية المدنية لأغراض عسكرية".
ودعت المقررة الخاصة المعنية بالوضع في الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967، فرانشيسكا ألبانيزي التي اتهمت إسرائيل مراراً بارتكاب "إبادة جماعية"، والمقررة المعنية بالحق في الصحة الجسدية والعقلية تلالينغ موفوكينغ، إلى "وضع حد للانتهاك الصارخ للحق في الصحة في غزة، بعد الهجوم على مستشفى كمال عدوان الأسبوع الماضي، واعتقال واحتجاز مديره الدكتور حسام أبو صفية تعسفياً".
وكتبت الخبيرتان المفوضتان من مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة من دون التحدث نيابة عن المنظمة الأممية "نشعر بالصدمة والقلق إزاء التقارير الواردة من شمال قطاع غزة، وخصوصاً الهجوم على العاملين في مجال الصحة، بما في ذلك آخر المستشفيات الـ22 التي دُمرت: مستشفى كمال عدوان".
وأعربتا عن "قلق بالغ إزاء مصير الطبيب حسام أبو صفية"، وطالبتا "بالإفراج الفوري عنه" وعن كل العاملين في المجال الصحي "المحتجزين تعسفياً". وأضافتا أن "هذا الوضع يندرج في إطار نمط إسرائيلي يهدف باستمرار إلى القصف والتدمير والقضاء التام على إحقاق الحق في الصحة في غزة".
وشن الجيش الإسرائيلي عملية عسكرية واسعة النطاق صباح الجمعة الماضي على مستشفى كمال عدوان قائلاً إنه يضم "مركز قيادة تابعاً لـ(حماس)". وسبق لإسرائيل أن اتهمت "حماس" باستخدام كثير من المنشآت المدنية في قطاع غزة خصوصاً المستشفيات، كمراكز لعملياتها، وهو ما نفته الحركة بشدة.
وكان هذا المستشفى آخر مرفق صحي كبير عامل في شمال القطاع المحاصر والمدمر جراء تواصل الحرب بين إسرائيل و"حماس".
وقُتل أكثر من 1057 عاملاً في مجال الصحة منذ بدء الحرب في القطاع، حسبما نقلت المقررتان عن بيانات صادرة عن وزارة الصحة التابعة لحركة "حماس" في غزة.
من جهته، أعرب المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبرييسوس عن أسفه الخميس للوتيرة "البطيئة جداً" لعمليات الإجلاء الطبي من غزة.
وقال على منصة "إكس" إنه "أُجلي 5383 مريضاً فقط بدعم من منظمة الصحة العالمية منذ أكتوبر 2023، منهم 436 فقط منذ إغلاق معبر رفح" في مايو (أيار) 2024، مؤكداً أن على هذه الوتيرة سيستغرق إجلاء "أكثر من 12 ألف شخص" ما زالوا بحاجة إلى الإجلاء "من خمسة إلى 10 أعوام".