Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ما وراء دعوة الجزائر لحوار سوري بإشراف أممي؟

نقاشات عدة في ما خصّ تعامل البلاد مع الواقع الجديد برئاسة أحمد الشرع

كانت الجزائر ضمن الدول العربية التي تحفظت على قرار تجميد عضوية سوريا في الجامعة العربية أواخر نوفمبر 2011، ودعت في فبراير 2020 إلى رفع التجميد (الإذاعة الجزائرية)

ملخص

كانت الجزائر أصدرت بياناً بعد سقوط نظام بشار الأسد، دعت من خلاله كل الأطراف إلى الوحدة والسلم والعمل من أجل الحفاظ على أمن الوطن واستقراره ووحدة وسلامة أراضي سوريا.

ما زال تعاطي الجزائر مع الأحداث المتسارعة في سوريا يثير نقاشات على مختلف المستويات، وقوبلت تصريحات وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف، عن دعوة بلاده إلى حوار سوري تحت إشراف أممي، بكثير من التأويلات.

تصريحات ومواقف

وأوضح وزير خارجية الجزائر، في ندوة صحافية، أن مواقف بلاده بالنسبة إلى سوريا واضحة، وترتكز على ثلاثة أسس، أولها أن سوريا تتسع للجميع ويشترك في صنع مستقبلها جميع السوريين، والثانية تكمن في الحرمة الترابية لسوريا ووحدة أراضيها، في حين تشدد الركيزة الثالثة على أن الأمم المتحدة هي الإطار الأفضل للإشراف على حوار بين الفرقاء السوريين.

أضاف عطاف أن الجزائر تعترف بالدول لا بالحكومات، وهو نهج يعزز مرونة الموقف الدبلوماسي الجزائري عبر التاريخ، مشيراً إلى أن السفارة الجزائرية في دمشق تواصل عملها بصورة طبيعية، وتابع  "من السابق لأوانه الجزم بأي تحليل، أو التنبؤ بتطور الأوضاع في سوريا، فالجميع في حال ترقب"، مبرزاً أن هناك تخوفاً، ليس فقط من تحويل العتاد من أماكن لأخرى والبحث عن قواعد جديدة، لكن من نقل العناصر الإرهابية التي كانت في سوريا إلى بلدان أخرى، وقال "نحن في اتصالات عدة مع المعنيين بالشأن السوري، ويطرح بعضنا أسئلة على بعض، وما يهمنا هو بناء إجماع دولي لمساعدة السوريين لإخراج بلدهم من محنته، وهو ما دفعنا إلى خيار الأمم المتحدة كمظلة للبحث والنقاش في ما يخصّ سوريا، وهذا هو التوجه العام".

نقاشات حول التعامل مع الواقع الجديد

وتولي نقاشات عدة اهتماماً بالغاً لموقف الجزائر، لا سيما في ما خصّ تعاملها مع الواقع الجديد برئاسة قائد الإدارة الجديدة في سوريا أحمد الشرع، على اعتبار أن الجزائر ساندت نظام بشار الأسد حتى آخر أيامه في مواجهة الجماعات الإرهابية، وهو ما كشفت عنه خارجيتها في الثالث من ديسمبر (كانون الأول) 2024، عقب اتصال بين عطاف ونظيره السوري بسام الصباغ، قائلة إن "موقف الجزائر ثابت وتضامنها مطلق مع الجمهورية العربية السورية الشقيقة، دولة وشعباً، في مواجهة التهديدات الإرهابية التي تتربص بسيادتها ووحدتها وحرمة أراضيها، وكذلك بأمنها واستقرارها".

كما كانت الجزائر ضمن قائمة الدول العربية التي تحفظت على قرار تجميد عضوية سوريا في الجامعة العربية أواخر نوفمبر (تشرين الثاني) 2011، ودعت في فبراير (شباط) 2020 إلى رفع التجميد، وعدت القرار خسارة لكل الدول العربية، ودافعت من أجل عودتها لمناسبة احتضانها القمة العربية الـ31 في نوفمبر 2022.

الحاضنة العربية

وتعليقاً على دعوة الجزائر إلى حوار سوري تحت مظلة الأمم المتحدة، قال الحقوقي حنافي حاج إن "الجزائر تعلم أن عودة سوريا إلى الحاضنة العربية أفضل من توظيفها أميركياً أو إسرائيلياً لأجندات تحطّم المجتمع السوري طائفياً"، موضحاً أن "الجزائر ساندت سوريا منذ حافظ الأسد لأن تكون بلداً عربياً مستقلاً مزدهراً، وبمجيء بشار الأسد (الابن) لاحظت ذلك التوظيف المنحاز للمذهب الشيعي الذي أدخل البلاد في نزاع طائفي، وجعل إسرائيل ترى أن سوريا أصبحت تمثل ذراعاً لإيران إلى جانب ’حزب الله‘"، وأشار إلى أن الجزائر يهمها، بالدرجة الأولى، "ألا يوظف بلد شقيق كسوريا ضد مصلحة الشعب السوري، خصوصاً في هذه المرحلة الدقيقة والخطرة التي ترتجي فيها للشعب السوري إقامة حكومة انتقالية تعبر بها إلى مرحلة من الاستقرار الحقيقي الدائم".

أضاف حاج أن الجزائر تدعو السوريين إلى توحيد الكلمة عبر مشاركة جميع الأطياف والمؤسسات بما تمثله من فكر مؤسساتي لبناء الدولة انطلاقاً من هذه المرحلة، "وذلك من خلال استفتاء شعبي على الدستور الجديد الذي يعبّر عن تطلعات السوريين، لذا فإن دعوة الجزائر هي دعوة الأشقاء، تعبر عن قوة أواصر الأخوة والاحترام، ولأجل استقرار البلد ونمو الشعب السوري، ولأجل تفويت الفرصة على توظيف إسرائيل وقوى الشرّ في المنطقة مما قد يخلق انتكاسة أخرى لا يقوى على تحملها السوريون".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

فاعلية الأمم المتحدة؟

من جانبه، اعتبر أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية أبو الفضل بهلولي أن "سوريا تقع تحت مظلة قرارات مجلس الأمن الأممي في مختلف المواضيع على غرار نشاط الوكالة الدولية للطاقة الذرية بخصوص الاتهامات الموجهة لنظام بشار الأسد باستعمال السلاح الكيماوي، كما تقع تحت قرارات الجمعية العامة الأممية التي صادقت على آلية تخصّ البحث عن المفقودين، إضافة إلى آلية شبه قضائية تتمثل في لجنة تحقيق بانتهاكات حقوق الإنسان والجرائم المرتكبة، وكل هذه المميزات والركائز القانونية تمنح الأمم المتحدة الاختصاص والصلاحية"، موضحاً أن إشراف الهيئة الأممية على الحوار والعملية الانتخابية يشكل ضمانة أساسية لجميع الأطراف والأطياف داخل سوريا منعاً لتكرار سيناريو ليبيا ودول أخرى.

ولفت بهلولي إلى أن الأمم المتحدة هي الهيئة الدولية الوحيدة التي تشرف على تنظيم السلطات في سوريا ومرافقة الدولة السورية في العملية الانتخابية تحقيقاً للشفافية، مشدداً على "أن الحوار بإشراف أممي يغلق الأبواب أمام التدخلات الأجنبية"، وأشار إلى أن الحديث عن عدم فاعلية الأمم المتحدة غير موضوعي، و"نأخذه بتحفظ"، بل على العكس فإن المنظمة الأممية منعت اندلاع حرب عالمية ثالثة منذ تأسيسها في 1945، "ومن ثم تمكّنت من الحفاظ على الأمن والاستقرار الدوليين، عكس عصبة الأمم التي فشلت"، وقال أيضاً "ربما هناك نوع من النقص والقصور من الأمم المتحدة لكن تبقى تمثل شكلاً من أشكال الدبلوماسية المتعددة الأطراف وهو الأساس، على اعتبار أن الليبرالية المتوحشة تدعو إلى موت القانون الدولي مما يبيح كل شيء".

بيان سابق

وكانت الجزائر أصدرت بياناً بعد سقوط نظام بشار الأسد، دعت من خلاله كل الأطراف إلى الوحدة والسلم والعمل من أجل الحفاظ على أمن الوطن واستقراره ووحدة وسلامة أراضي سوريا، وشدد البيان على "الحوار بين السوريين وتغليب المصالح العليا لسوريا والحفاظ على أملاك ومقدرات البلاد والتوجه إلى المستقبل، لبناء وطن يسع الجميع في ظل مؤسسات نابعة من إرادة الشعب السوري بعيداً من التدخلات الأجنبية"، وأضاف البيان أن "الجزائر تؤكد وقوفها إلى جانب الشعب السوري الذي تربطه بالشعب الجزائري صفحات نيّرة من التاريخ المشترك القائم على التضامن والتآزر".

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير