Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

عفو ضريبي يقابل بانتقادات واسعة في تونس

تقديرات تطور تعبئة الموارد لا تزيد على 1.8 في المئة خلال 2025

العفو الضريبي في مرمى المنتقدين ممن يرونه تجسيداً لثقافة عدم خلاص الديون وسط اتهامات للبرلمان بتكريسه (أ ف ب)

ملخص

وزارة المالية أخطرت كل المطالبين بالأداء بتفعيل إجراءات العفو بدءاً من الثاني من يناير الجاري لتسوية وضعيتهم الجبائية

حقق العفو الضريبي الذي اعتمد في تونس في أول 10 أشهر من عام 2024 حتى نهاية أكتوبر (تشرين الأول) 1.975 مليار دينار (597 مليون دولار) من خلال 137.932 عملية سداد، بحسب ما أعلن مدير عام الدراسات والتشريع الجبائي بوزارة المالية التونسية، يحيى الشملالي.

وكان قانون المالية للسنة المنقضية نص على أربعة إعفاءات ضريبية تتعلق بالأداء على العقارات المبنية والأراضي غير المبنية، والإعفاء الثاني بالديون الجبائية المثقلة لدى إدارة الاستخلاص المالية.

يتمتع كل معني بطرح كلي للخطايا المالية المتراكمة لكن يجب عليه خلاص أصل الدين، أما الإعفاء الثالث فيتعلق بالديون غير المثقلة فيما والرابع بالخطايا، وشمل 50 في المئة من المبلغ والخلاص يقع على أقساط، مع شطب كل خطية تقل عن 100 دينار (32.2 دولار).

لجأت تونس إلى العفو الجبائي (الضريبي) في عديد من المناسبات لتمكين الأفراد والمؤسسات من تسوية وضعياتهم المالية، وأعلنت عن تواصل هذا العفو عام 2025، بحسب ما أفادت وزارة المالية التي أخطرت كافة المطالبين بالأداء، بتفعيل إجراءات العفو الضريبي المنصوص عليها بالفصل 74 من قانون المالية (الموازنة) لسنة 2025، بدءاً من الثاني من يناير (كانون الثاني) الجاري، ودعتهم إلى الاتصال بالإدارات المعنية لتسوية وضعيتهم الجبائية للانتفاع بالامتيازات التي نص عليه، في وقت قوبل العفو المذكور بانتقادات شديدة من المراقبين الذين رأوه "غير مجد" ومشجع على التهرب الضريبي، بحسب ما عبر مدير عام التشريع والدراسات الجبائية بوزارة المالية نفسه، مضيفاً "وزارة المالية والتمشي العام للحكومة ضد هذا العفو باعتباره يكرس ثقافة عدم خلاص الديون من طرف المواطن التونسي إلى حين صدور عفو جديد ونواب بالبرلمان هم الذين تقدموا بمقترح العفو الضريبي".

وكانت الحكومة التونسية أعلنت أن تقديرات حجم مداخيل موازنة الدولة لسنة 2024 بنحو 49.16 مليار دينار (15.45 مليار دولار)، منها 44 مليار دينار (13.8 مليار دولار) ضريبية و4.7 مليار دينار (1.4 مليار دولار) غير ضريبية، مقابل 50 مليار دينار (15.7 مليار دولار) موارد ذاتية لسنة 2025، منها 45.2 مليار دينار (14.2 مليار دولار) ضريبية، و4.4 مليار دينار (1.3 مليار دولار) غير ضريبية، مما يعني نسبة تطور ضعيفة لا تزيد على 1.8 في المئة عن السنة الحالية، وهي أضعف نسبة تطور سنوي تسجل في السنوات الخمس الأخيرة، مقارنة بنسبة تطورها بين سنوات 2021 و2024، حين بلغت نسبة 11.4 في المئة في حدها الأدنى. وتفسر الزيادة في 2021 و2022 بعودة النشاط الاقتصادي الذي كانت جميع مؤشراته سلبية في 2020 بسبب جائحة كورونا، والعفو الجبائي الذي أقر في 2022.

وعولت الحكومة عام 2024 على زيادة الحصيلة الضريبية، واستخلاص ديون ثقيلة لدى الشركات البترولية تعود إلى السنوات الفارطة في حدود 500 مليون دينار (157.2 مليون دولار)، في حين تحيل ضآلة التوقعات إلى أنها بلغت أقصى ما يمكنها فعله في تطوير منظومة الاستخلاص ومجابهة التهرب الضريبي الذي لم تكشف عنه وزارة المالية، لكن تذهب منظمات غير حكومية إلى أنه تجاوز 40 في المئة من جملة المداخيل الضريبية، إضافة إلى توسيع القاعدة الضريبية ومجابهة الاقتصاد الموازي الذي يمثل ما يقارب 40 في المئة من الناتج الإجمالي المحلي وفق تقديرات الدولة.

وبحسب وزيرة المالية سهام البوغديري، تطورت الموارد الضريبية بنسبة 9.5 في المئة حتى سبتمبر (أيلول) 2024 مقارنة بالفترة نفسها من سنة 2023، وارتفع مردود المراقبة الضريبية بـ55.8 في المئة، وتخفيض عدد الخاضعين للنظام التقديري للضرائب بنسبة 28.5 في المئة.

وعن إدماج الناشطين في القطاع الموازي، قالت إن العدد الإجمالي لبطاقات المسح الميداني ناهزت 39 ألف بطاقة.

تقنيات مكلفة

تضمنت جميع قوانين المالية المرافقة للموازنات منذ أكثر من 10 أعوام إجراءات ضريبية ومالية تهدف إلى إدماج الاقتصاد الموازي، الأمر نفسه الذي أعلن عنه قانون موازنة 2025 تحت عنوان "إجراءات لإدماج الاقتصاد الموازي ومقاومة التهرب الجبائي"، علاوة على برامج ودراسات لا تعد من دون أثر اقتصادي ملموس يذكر.

ولم تكشف وزارة المالية عن حجم التهرب الضريبي وهي الطرف الوحيد القادر على حصره بالنظر إلى القوائم الرسمية المتوافرة لديها وفق المتخصص المالي أنيس بن عبدالله، الذي أشار في حديثه إلى "اندبندنت عربية" إلى انقسام التهرب إلى جزأين، يتعلق الأول بالمؤسسات والأفراد المنضوية تحت الأنظمة الضريبية والمسجلة ثم الأطراف الناشطة بالاقتصاد الموازي.

ويرجح أن الجزء الثاني يتحمل مسؤولية الجزء الأوفر من نقص المداخيل الضريبية، أما الخسائر المالية فهي تشمل أيضاً نقص موارد الصناديق الاجتماعية كما تضرب الاقتصاد الوطني في المقتل، وفق قوله.

وتابع قائلاً، "سجلت محاولات من وزارة المالية لمواجهة هذه الظاهرة مثل اعتماد وسائل تقنية مثل أجهزة التسجيل النقدية لكن لم يجرِ التسريع في تجسيدها حتى اليوم".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويرى ابن عبدالله أن قطاع الخدمات في شقه المتعلق بالمطاعم والمقاهي يعد من أهم نقاط ضعف النظام الضريبي بحكم سهولة تملصه من الواجب الضريبي، وأرجع استفحال التهرب وبلوغه مستويات قياسية إلى نقص الموارد البشرية لدى السلط المتخصصة وتأخر اعتماد الرقمنة، ويعود ذلك في الأساس إلى ضعف الإمكانات المالية المتاحة، إذ يستوجب مكافحة التهرب الضريبي والنشاط الموازي على حد السواء استثماراً ضخماً في الآليات، في حين تعد المردودية بنتائج مالية ضخمة تغطي الكلفة.

"رقابة مشبوهة"

وربط عضو المكتب التنفيذي للمنتدى التونسي للحقوق الاجتماعية والاقتصادية منير بن حسين بين العدالة الضريبة والتهرب والنشاط الاقتصادي الموازي، منتقداً بشدة لجوء الدولة إلى الترفيع في الأداءات لدى الناشطين بالقطاع المنظم، خصوصاً أصحاب الأجور الضعيفة، من دون إيجاد حلول تذكر لجمع ضرائبها من المتهربين، مؤسسات كانوا أو ناشطين بالاقتصاد الموازي، أما ما زاد الأمور تعقيداً فهو نظام الضريبة التقديرية التي لا تخضع للأرباح ولا تزيد على 400 دينار (125.7 دولار)، وهي غير عادلة وتحتاج إلى مراجعات وتتسبب في خسائر ضخمة للدولة. ونبه ابن حسين في شأن احتواء نظام التتبع للتهرب على ثغرات قانونية تكرسه، وتشجع على ممارسات الرشوة، منتقداً اعتماد فرق المراقبة نفسها في التفاوض مع الأطراف المتهربة وتنظيم عمليات المصالحة الضريبية، وهو ما يعد باباً للفساد والرشوة.

وكشف عن أن منظمات دولية مانحة على غرار صندوق النقد الدولي انتقدت هذه التراتيب في أحد لقاءاتها مع ممثلي المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، إذ انتقدت آليات الرقابة النقص والفساد، في وقت لا يلعب القضاء الدور المنوط له، حتى ارتفعت نسبة الضغط الجبائي من 22.7 في المئة عام 2020 إلى 23.30 عام 2021، ثم 24.70 في المئة عام 2023 وصولاً إلى 25.10 في المئة حالياً، مبتعدة بذلك عن مفهوم العدالة الاجتماعية بمشاركة بنحو 78 في المئة من الأداءات المباشرة، بينما لا يزيد نصيب كتلة الأجور من الناتج القومي الخام عن 38 في المئة، بينما لا تزيد أداءات المؤسسات عن 22 في المئة في وقت يمثل نصيبهم من الناتج 61 في المئة، وهو حيف يكرس التحيل للهرب من الاستخلاص ويدفع إلى النشاط الموازي.

اقرأ المزيد