Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

حلم السودان الزراعي... نهب وخسائر بالملايين

تعرض مشروع الجزيرة خلال 12 شهراً لتخريب طاول أصوله ومخازنه وتقاويه وأسمدته

اتهم مؤتمر الجزيرة قوات "الدعم السريع" بالتدمير الممنهج للبني التحتية الزراعية (اندبندنت عربية - حسن حامد)

ملخص

ارتكبت قوات "الدعم السريع" منذ سيطرتها على ولاية الجزيرة قبل عام انتهاكات فظيعة في حق المدنيين، شملت نهب المنازل والمؤسسات، فضلاً عن سرقة نحو 60 في المئة من الماشية البالغ عددها 11 مليون رأس.

منذ اجتياح قوات "الدعم السريع" لولاية الجزيرة وسط السودان في ديسمبر (كانون الأول) 2023 يعيش الإقليم وضعاً مأسوياً من عنف ونهب وتشريد لمئات آلاف السكان، بخاصة المزارعين، مما أدى إلى خروج مشروع الجزيرة قسراً عن الدورة الزراعية للمرة الأولى منذ 100 عام، لتفقد البلاد مساحة مليوني فدان، ونحو 65 في المئة من إنتاج محاصيل القمح والذرة والقطن، وهو ما عمق الأزمة الإنسانية، إذ يواجه نحو 26 مليون شخص، أي قريب من نصف سكان السودان خطر المجاعة.

وتعرض مشروع الجزيرة على مدى 12 شهراً لأضرار بالغة، فضلاً عن حجم الدمار الذي لحق بالبنى التحتية وعمليات النهب والسلب والتخريب التي طاولت الأصول الثابتة والمتحركة والممتلكات الشخصية، وكذلك المخازن والسيارات والتقاوي والأسمدة.

وقالت الأمم المتحدة اليوم الإثنين إن أكثر من 30 مليون شخص، أكثر من نصفهم من الأطفال، يحتاجون إلى المساعدة في السودان بعد 20 شهراً من الحرب المدمرة.

وجهت الأمم المتحدة نداء لجمع 4.2 مليار دولار لتوفير المساعدات إلى 20.9 مليون شخص داخل السودان من إجمالي 30.4 مليون شخص قالت إنهم في حاجة إلى المساعدة في ما سمته "أزمة إنسانية غير مسبوقة".

أضرار وإحصاءات

إلى ذلك أشار مؤتمر الجزيرة إلى حجم الأضرار التي تعرض لها المشروع، متهماً قوات "الدعم السريع" بالتدمير الممنهج للبني التحتية، مما فاقم حجم الخسائر وأسهم في فشل الموسم الزراعي، بالتالي تمدد المجاعة.

وأضاف المؤتمر في بيان أن المشروع تعرض لعمليات تخريب ونهب طاولت مدبغة الجلود ومخازن الأسمدة والتقاوي والمكاتب والسيارات والمنقولات بواسطة جنود "الدعم السريع"، مما أسفر عن خسائر تقدر بملايين الدولارات.

 

 

وأوضح الأمين العام للمؤتمر المبر محمود أن قوات "الدعم السريع" منذ سيطرتها على ولاية الجزيرة قبل عام، ارتكبت انتهاكات فظيعة في حق المدنيين، شملت نهب المنازل والمؤسسات، فضلاً عن سرقة نحو 60 في المئة من الماشية البالغ عددها 11 مليون رأس. وأكد أن "إجمالي السيارات المنهوبة من مشروع الجزيرة بلغ 245 سيارة، منها 45 شاحنة نصف نقل و200 سيارة بوكس دبل كاب، إضافة إلى تدمير ونهب 33 ألف منزل خاص بالعاملين بالمشروع، وتحويل بعضها إلى ثكنات عسكرية".

ولفت محمود إلى أن "الرصد الأولي كشف عن سرقة 82 مكتباً من مكاتب المشروع، وكذلك 50 جراراً و(غربال) جديد بـ900 ألف دولار، إلى جانب نهب وتدمير 200 مخزن، وتفكيك ونقل (الجملونات) إلى خارج الولاية".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ونوه الأمين العام لمؤتمر الجزيرة إلى أن "كلفة المدبغة المنهوبة تقدر بنحو 300 ألف دولار، فيما سرقت كميات ضخمة من التقاوي والأسمدة تبلغ قيمتها نحو 300 ألف دولار، كما تم تحطيم أثاث المكاتب والأجهزة الإلكترونية، بما في ذلك أكثر من 100 جهاز حاسوب".

تعطل الحصاد

المزارع سالم الزبير قال إن "قطاع المسلمية والنديانة شهد زراعة نحو 600 ألف فدان من محصول القمح و400 ألف فدان من المحاصيل الشتوية الأخرى، كالفول المصري والكبكبي والفاصوليا والعدس، وهي المساحة الأكبر في المشروع، لكن فرار معظم سكان القرى والمزارعين من مناطق القطاع بسبب تزايد الانتهاكات أسهم في تعطيل الحصاد، بالتالي خسارة إنتاج كبير كان يمكن أن يعول عليه في تأمين الأمن الغذائي، بخاصة بعد تلف القمح وهو في سنابله". وأضاف، "بات من المستحيل حصاد الذرة والقمح بقسم المنسي الزراعي في محلية المناقل على رغم تأمين الجيش السوداني للمنطقة والنمو الجيد للمحصول، كونه يعتمد بصورة كبيرة على توافر الحاصدات التي تعرضت للنهب بالكامل، فضلاً عن سرقة السيارات والغرابيل".

وأوضح الزبير أن "المزارعين الموجودين في القرى والأرياف لم يعودوا قادرين على الوصول إلى الحقول لمتابعة عمليات حصاد الموسم الشتوي بسبب انتشار ارتكازات قوات (الدعم السريع) وسط مخاوف من تلف عديد من المحاصيل الأخرى نتيجة نهب معدات الحصاد وصعوبة جلبها في ظل الوضع الأمني الحالي".

تخريب وتدمير

على الصعيد نفسه قال محافظ مشروع الجزيرة إبراهيم مصطفى إن قوات "الدعم السريع" سيطرت على المشروع واستباحت أكثر من 55 في المئة من مساحته، فضلاً عن الاستيلاء على الآلات والمعينات المهمة للإنتاج، وإحداث تخريب واسع في المنطقة".

 

 

وبين مصطفى أن "تضحيات المزارعين وامتصاصهم للصدمات أسهم في إعادة المشروع بقوة إلى دائرة الإنتاج، وشهد الموسم الصيفي زراعة نحو 600 ألف فدان، واكتملت عمليات الحصاد 30 في المئة من المساحة المزروعة، إضافة إلى نجاح العمليات الفلاحية، على رغم تعديات (الدعم السريع)".

وأكد محافظ مشروع الجزيرة أن "الدعم المطلوب لإعادة الإعمار يحتاج إلى نحو 12 مليون دولار، وكذلك مطلوب صيانة عاجلة لشبكة الري بـ15 مليون دولار، ووحدة طوارئ لأعمال الري خاصة بالمشروع بـ10 ملايين دولار".

تلف المحاصيل

واعتبر المزارع محمود أبو سن أن "عمليات النهب والسلب الواسعة التي قامت بها قوات (الدعم السريع) أسهمت في فشل العروة الشتوية وفقدان السودان لمساحات إنتاجية كبيرة بمشروع الجزيرة، لا سيما بعد سرقة مئات الحاصدات وكميات كبيرة من الوقود وطلمبات الري وآلات أخرى". وأشار إلى أن "نهب مخازن المبيدات كافة أدى إلى تلف المحاصيل الشتوية التي تحتاج إلى الرش، كالبصل والكبكبي والعدسية وكذلك الخضراوات، مما يهدد بحدوث فجوة غذائية وينذر بمجاعة تلوح في الأفق".

 

 

ولفت أبو سن الانتباه إلى أن "هناك أزمات عدة تسببت فيها عمليات السلب والسرقة، منها ندرة جوالات الخيش، علاوة على نزح اليد العاملة نتيجة تزايد انتهاكات المجموعات المسلحة، بالتالي فإن عدم تمكن المزارعين من حصد المحاصيل ينذر بكارثة جوع تفوق تقديرات الأمم المتحدة بمعدلات كبيرة".

موارد ضخمة

على صعيد متصل أشار المتخصص في الشأن الاقتصادي حسن بشير جمعة إلى أن "عمليات السلب والنهب التي تعرض لها مشروع الجزيرة فاقمت من أزمة الغذاء خصوصاً بعد انهيار الموسم الشتوي بعدم القدرة على حصاد القمح وتلف المحاصيل الأخرى، مما يعزز المخاوف من تدن كبير في الإنتاج لأكبر مشروع تعتمد عليه البلاد في تأمين الأمن الغذائي".

 

 

ولفت جمعة إلى أن "أفضل حل لمأزق الغذاء الحالي تحرير ولاية الجزيرة من قبضة (الدعم السريع)، لأن هذه الخطوة في هذا التوقيت في شأنها أن تفك الحصار عن حصاد القمح المتعطل في أكثر من نصف المساحة المزروعة بالمشروع".

واستبعد حدوث أي مجاعة في البلاد نتيجة لعدم وجود جفاف أو آفات، مشيراً إلى أن "السودان بإمكاناته وموارده الطبيعية الضخمة لن يعاني الجوع، نظراً إلى وجود إنتاج وفير من المحاصيل الزراعية المتنوعة، كما أن لديه موانئ تعمل على الاستيراد لسد النقص والفجوات التي تظهر، لأن المشكلة لا تكمن في انعدام السلع، بل في الارتفاع الكبير في أسعارها وارتفاع معدلات التضخم وتدهور قيمة العملة الوطنية التي ألقت بظلال قاتمة وأعباء ضخمة على كاهل المواطن السوداني البسيط".

المزيد من تقارير