Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

يهود الفلاشا يتشبثون بـ"سراب" الاندماج في إسرائيل

لا يزالون يواجهون الإقصاء والعنصرية رغم مرور نحو 4 عقود من هجرتهم إلى تل أبيب

لا تزال الانقسامات طاغية على تقييم الدور الذي يلعبه يهود الفلاشا الآن في إسرائيل (أ ف ب)

ملخص

ما يزيد من التساؤلات حول وضع يهود الفلاشا هو عددهم، إذ أظهرت أرقام لدائرة الإحصاء المركزية الإسرائيلية في عام 2017 أن عدد اليهود من أصل إثيوبي بلغ 187 ألف نسمة.

بعد مرور أربعة عقود عن هجرتهم من إثيوبيا إلى إسرائيل، ثارت تساؤلات حول واقع يهود الفلاشا، خصوصاً أنهم أعربوا مراراً عن عدم رضاهم عن أوضاعهم المعيشية حيث يشكون تهميشاً وإقصاء متزايداً.

ودفعت الحكومة الإسرائيلية متأثرة بالانتقادات التي وجدت نفسها في مرماها بخطة قبل أعوام من أجل استقدام 2000 مواطن من يهود الفلاشا وإنشاء مدينة خاصة بهم لإنهاء الجدل الدائر في شأن هؤلاء.

والفلاشا هم يهود الحبشة الذين جلبتهم إسرائيل سراً من إثيوبيا، في إطار عمليات موسعة أطلقت عليها تسميات مختلفة على غرار "عملية موسى".

تاريخ مثير

ولا تزال الانقسامات طاغية على تقييم الدور الذي يلعبه يهود الفلاشا الآن في إسرائيل خصوصاً مع تجدد احتجاجاتهم في السنوات الماضية على غرار تلك التي اندلعت على إثر حادثة مقتل أحدهم في اشتباك مع ضباط من أجهزة "الشاباك" في عام 2019.

لكن بمجرد نبش دفاتر الماضي حول آلية وكيف استقدمت إسرائيل يهود الفلاشا، فإن ذلك أيضاً يثير سجالات، إذ لا تزال هذه العمليات التي كانت سرية للغاية بحسب ما ذكرت صحيفة "يديعوت أحرنوت" أخيراً، عمليات معقدة ويسودها الغموض.

 

وقال الباحث السياسي الإثيوبي زاهد زيدان، إنه "قبل 40 عاماً وللأسف بتخطيط من قوى عظمى منها دول عربية شقيقة لإثيوبيا آنذاك، أرادت الاستخبارات الأميركية بالتعاون مع إدارة الرئيس السوداني السابق جعفر النميري تم تهجير يهود الفلاشا من طريق السودان وسط انشغال قوى الجيش الإثيوبي بحربه المسلحة تارة في الجنوب مع الصومال وتارة أخرى في الشمال الشرقي مع قوات تحرير تيغراي".

وأوضح زيدان أن "هذا الانشغال أدى إلى عدم السيطرة على الحدود البالغ طولها 1800 كيلومتر بين السودان وإثيوبيا، وتهجير ما بين ثمانية آلاف و10 آلاف من العائلات التي تقول إنها من النسل الإسرائيلي وهي عائلات إثيوبية الأصل".

ولفت الباحث الإثيوبي إلى أنه "كانت هناك أسماء كبيرة جداً شاركت في مخطط التهجير وبأثمان بخسة مقابل السماح ليهود الفلاشا بالمرور والوصول إلى الطائرات والسفر نحو إسرائيل".

دور بارز اليوم

أزمة يهود الفلاشا وحضورها داخل إسرائيل أمر ليس وليد اللحظة، إذ كثيراً ما شكل محوراً للسجالات السياسية وأيضاً للاحتجاجات العنيفة، وذلك بسبب ما يشعر به هؤلاء من تمييز تجاههم.

وقال زيدان، إن "هؤلاء إثيوبيون حتى وإن كانت ديانتهم اليهودية، وبعد تهجيرهم كانت هناك رغبات في أن يكون لليهود الشرقيين العمالة الدنيا أي التي لا يطمح إليها اليهود الغربيون أو ما يعرف بالأشكناز".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ومضى قائلاً، إنه "كان هناك صدام منذ ثمانينيات القرن الماضي بين اليهود الشرقيين والغربيين بصفة عامة، لكن بصفة خاصة من الفلاشا الذين لا يرضون بالذل، وفي 2019 شهدت إسرائيل انتفاضة بسبب قتل يهودي من الفلاشا على يد ضابط من ضباط قوات الشاباك الإسرائيلي ولم تتوقف الاحتجاجات إلا باعتذار من الحزب الحاكم".

واستدرك المتحدث بالقول، إنه "بعد ذلك بدأ الاهتمام بيهود الفلاشا إذ تمنح للمتعلمين منهم مناصب مهمة كالسفراء والمستشارين والممثلين لقومياتهم وللأحزاب اليسارية في الكنيست، ويهود الفلاشا لهم دور بارز اليوم في بعض الأعمال الدبلوماسية وفي منظمات المجتمع المدني".

وضع صعب جداً

وما يزيد من التساؤلات حول وضع يهود الفلاشا هو عددهم، إذ أظهرت أرقام لدائرة الإحصاء المركزية الإسرائيلية في عام 2017 أن عدد اليهود من أصل إثيوبي بلغ 187 ألف نسمة.

وتعليقاً على ذلك، يقول الأستاذ بجامعة "حيفا" والخبير في الشأن الإسرائيلي حسين الديك، إن "وضع يهود الفلاشا المعيشي والاجتماعي والسياسي في إسرائيل صعب جداً، إذ إنهم حتى اللحظة لم يستطيعوا تشكيل قوة سياسية ضاغطة ومؤثرة في سياسات الحكومة لتحسين أوضاعهم الاجتماعية والاقتصادية والسياسية". وفي تصريح خاص لـ"اندبندنت عربية" أوضح الديك أنهم "يتركزون في مناطق معينة مثل جنوب تل أبيب وبعض المناطق المتدينة، وأحياناً مستوطنات الضفة الغربية، لكن هناك نظرة إليهم من داخل المجتمع الإسرائيلي وخصوصاً من اليهود الغربيين نظرة متدنية للغاية وحتى تشكيك في بعض الأحيان في يهوديتهم".

وأكد أنه "على الصعيد السياسي، ينتفي أي دور لهم، ففي عديد من المرات عملوا على تنظيم تظاهرات في تل أبيب أو غيرها لكن تم الاعتداء عليهم واعتقال عدد منهم ويتم توظيفهم في الوظائف الدنيا ويتم الزج بهم أحياناً في الصفوف الأمامية للجيش ويعملون في الحواجز في مناطق الضفة الغربية".

 

وأشار الديك إلى أنهم "إحدى الكتائب المقاتلة في حروب إسرائيل سواء في غزة أو لبنان أو غيرهما، بمعنى أنه لا يزال هناك تمييز وعنصرية من قبل مؤسسات إسرائيل بحق هؤلاء اليهود الإثيوبيين، وليس لهم دور بارز، بل دورهم السياسي والاقتصادي هامشي إذ يمثلون جزءاً كبيراً من الفئات الفقيرة في إسرائيل، لذلك هم أقلية يمارس ضدها تمييز من قبل الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة".

لا ثوابت سياسية

وفي ظل تصاعد أعدادهم فإن علامات استفهام تطرح اليوم حول خريطة توزع اليهود الفلاشا، لكن أيضاً ميولهم وخياراتهم السياسية لا سيما أن توجهات دفة السلطة الإسرائيلية من شأنها أن تؤثر في منطقة الشرق الأوسط بأكملها.

وقال الديك، إنهم "يتوزعون سكنياً في ضواحي المدن الفقيرة مثل تل أبيب الجنوبية وبعض تلال ومستوطنات الضفة الغربية أو القدس الغربية والشرقية وخصوصاً في الأحياء الفقيرة".

وإجابة عن خياراتهم السياسية ذكر الديك أن "جزءاً من هؤلاء اليهود يميلون إلى اليمين المتدين والقومي في اختياراتهم السياسية، لكنهم إلى حد اللحظة محسوبون على اليهود الشرقيين وليس الغربيين".

وخلص المتحدث إلى أنه "إذا نظرنا إلى كل هذه المعطيات، فإنه لا يزال التفوق الطبقي أمراً حاسماً في إسرائيل، ونستطيع القول إن 20 أو 30 في المئة من الإسرائيليين يحتكرون رؤوس الأموال وغير ذلك، والبقية هم من الطبقات المتوسطة والفقيرة، والإثيوبيون محسوبون على الطبقة المهمشة".

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير