Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ما أدركه مبتكر تيسلا... المال يصنع الساسة أيضا

قائمة الصناعات التي يهتم بها إيلون ماسك تضم الصواريخ والسيارات الكهربائية وأضاف إليها حديثاً "إثارة جنون اليسار"

ابتدأ إيلون ماسك العام الجديد بفتح جبهة جديدة مع حزب العمال البريطاني (ا ف ب)

ملخص

 ميول ماسك الحزبية محل جدل، فلسنوات حافظ على دعم متزن لسياسيي الحزبين الجمهوري والديمقراطي وفي عام 2004 تبرع لجورج دبليو بوش ومنافسه في الانتخابات الرئاسية جون كيري بـ2000 دولار، لكنه اختار بوضوح موقعه السياسي في 2024، وقدم العام الماضي تبرعات سخية لحملة ترمب ومرشحين جمهوريين آخرين بلغت 277 مليون دولار.

لا يكف إيلون ماسك عن شغل العالم، فالمقرب من اليسار يوماً ماً بات يدعم أكثر نشطاء اليمين جدلاً. تلهث الكاميرات خلفه، تارة لالتقاط ابتسامته الماكرة، وتارة لتوثيق رقصاته الغريبة وقفزاته وملامح وجهه الذي لا يهدأ. لا يحتاج الصحافيون إلى استدراجه للحصول على تصريح مثير، إذ تكفي نقرة زر على حسابه في "إكس"، لتجد مناوشاته في أكثر الجبهات السياسية اشتعالاً في العالم، من أميركا وكندا إلى بريطانيا وألمانيا.

قائمة الصناعات التي يهتم بها إيلون تضم الصواريخ والسيارات الكهربائية، وأخيراً أضاف إليها إثارة جنون اليسار وصناعة السياسيين اليمينيين وتذليل الصعاب أمام المؤهلين منهم لمواجهة التيار السائد عبر التبرعات المالية والترويج لهم في منصته "إكس" والطعن في تغطية الوسائل الإخبارية التقليدية.

قليلا حيلة... فاراج وستارمر

ابتدأ إيلون العام الجديد بفتح جبهة جديدة مع حزب العمال البريطاني، متهماً زعيمه كير ستارمر بتغاضيه عن محاسبة مغتصبي الأطفال، وداعياً إلى انتخابات جديدة لإطاحة حكومته. بديله المفضل هو حزب "ريفورم" الذي يتزعمه نايجل فاراج، وحتى هذا الأسبوع كانت علاقة الاثنين طيبة.

لكن فاراج لم يسلم من نيران ماسك، فبعد ساعات قليلة من ظهور السياسي البريطاني على التلفزيون مغدقاً عبارات الثناء على صديقه الملياردير، كتب الأخير في "إكس"، "حزب الإصلاح في حاجة إلى زعيم جديد، فاراج قليل حيلة".

يتمحور خلاف الرجلين حول الناشط اليميني تومي روبنسون المسجون منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2024. يقول ماسك ببطولة روبنسون في قتاله عصابات الاغتصاب ويدعو إلى تحريره. ويقول فاراج إن روبنسون في السجن لا لسبب غير ازدراء المحكمة، وهو لا يصلح لحزب "ريفورم" ولا يتسق مع قيمه.

فسر البعض الهوة الأخيرة بين فاراج وماسك بأنها تظهر إلى أي مدى ذهب مالك "تيسلا" إلى أقصى اليمين، بينما يحمل لواء الشعبوية ضد فاراج حامل لواء الشعبوية في بريطانيا. وسخر كارهو ماسك قائلين إن السقوط هو أن يصحح لك رجل مثل فاراج. ولفت آخرون إلى أن الخلاف يظهر انفصال الملياردير الأميركي عن الواقع في بريطانيا أو ضعف فهمه لمعطياتها السياسية. وقال وزير الصحة البريطاني أندرو غوين، "ماسك مواطن أميركي وبالأحرى أن يركز على مشكلات الجانب الآخر من المحيط الأطلسي".

لفهم التحول السياسي لماسك أكثر فعلينا العودة إلى أغسطس (آب) 2021، عندما عقد جو بايدن قمة لصناعة السيارات الكهربائية، ودعا شركتي "فورد" و"جنرال موتورز"، في حين تجاهل "تيسلا"، أكبر شركات تصنيع السيارات الكهربائية في العالم

لم يكترث ماسك كثيراً لهذه الانتقادات، وفي تأكيد واضح على التزامه بأهدافه من دعم حزب "ريفورم" لمح إلى تأييده لروبرت لوي أحد نواب الحزب الخمسة، وكتب أنه لم يلتقه مسبقاً، إلا أن تصريحاته التي قرأها عبر الإنترنت منطقية، وهو ما فاجأ فاراج الذي رد قائلاً، "إيلون رجل مميز، لكنني أختلف معه بهذه المسألة"، متمسكاً بموقفه من روبنسون.

وهذا الخلاف ليس إلا أحد أعراض غزوة ماسك لحصون السياسة البريطانية، فرغبته الأساس عودة قيادة محافظة في بريطانيا، وهو ما أبداه بوضوح عبر دعوته الملك تشارلز إلى حل البرلمان وعقد انتخابات جديدة. ولا يعرف إلى أي فترة ستمتد هذه الغزوة وما مدى تأثيرها في دونالد ترمب أو تأثير الأخير فيها، بحكم أن ماسك سيتولى منصباً في إدارته. ويرى المحلل السياسي في "اندبندنت" ديفيد مادوكس أن ماسك قد يلسع ترمب مثلما فعل مع فاراج.

ماسك من التأرجح للثبات

ميول ماسك الحزبية محل جدل، فلسنوات كان أقرب إلى الليبراليين، لكنه حافظ على دعم متزن لسياسيي الحزبين الجمهوري والديمقراطي لحماية مصالحه التجارية، ففي عام 2004 تبرع لجورج دبليو بوش ومنافسه في الانتخابات الرئاسية جون كيري بـ2000 دولار. وفي 2008 تبرع لكل من باراك أوباما، وهيلاري كلينتون منافسته آنذاك في الانتخابات التمهيدية الرئاسية للحزب الديمقراطي.

وحتى محاولة اغتياله، لم يكن ماسك متحمساً لترمب، وقال في 2015، "لو فاز بترشيح الحزب الجمهوري فسيكون ذلك مخجلاً"، لكن الملياردير الأميركي اختار بوضوح موقعه السياسي أخيراً في 2024، عندما غرد بدعمه لترمب بعد الرصاصة التي كادت تخرق جمجمته، منهياً مرحلة التأرجح والغموض الاستراتيجي، الذي كان من سماته الدعم الخجول لساسة الحزبين، وقدم ماسك العام الماضي تبرعات سخية لحملة ترمب ومرشحين جمهوريين آخرين بلغت 277 مليون دولار، وفق الإفصاحات المالية للحملات الانتخابية.

ربما من العوامل التي دفعت نحو هذا التحول هو إعجابه بصلابة ترمب في مواجهة التقاليد كما عبر بنفسه، وأمله في أن يكون أحد أعمدة إدارته لتحقيق رؤيته الثابتة في تقليص الحكومة الفيدرالية، وهو ما تحقق بعد اختيار ترمب له وزيراً للكفاءة الحكومية مع المشاكس الآخر فيفيك رامساوامي. ويشير آخرون أيضاً إلى الألم الشخصي الذي تسببت فيه الأجندة السيارية التقدمية التي يتهمها ماسك بـ"اختطاف" ابنه منه في إشارة إلى قرار تحوله الجنسي.

لكن، لفهم التحول السياسي لماسك أكثر فعلينا العودة إلى أغسطس (آب) 2021، عندما عقد جو بايدن قمة لصناعة السيارات الكهربائية، ودعا شركتي "فورد" و"جنرال موتورز"، في حين تجاهل "تيسلا"، أكبر شركات تصنيع السيارات الكهربائية في العالم. لم يثر ماسك ضجيجاً حول الأمر، لكنه أقر بـ"غرابة" عدم دعوة شركته، وحمل ضغينة اتضح أنها مكلفة على الديمقراطيين، بخاصة بعدما عزز جرأته في الخوض في الموضوعات السياسية، وجاءت صفقة شراء "تويتر" في أبريل (نيسان) 2022 لتُتمَّ تطوره السياسي، إذ تعهد محاربة الأجندة اليسارية في الشركة وإعادة ترمب إلى المنصة ووقف تكميم أصوات اليمين وتدشين عهد جديد في المنصة الاجتماعية النخبوية الأهم في أميركا.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ألمانيا وكندا

يواصل مالك "تيسلا" دعم أجندة المحافظين حول العالم، وألمانيا هي الأخرى لم تسلم من تدخلاته، بل اتهمته بمحاولة التأثير في الانتخابات التي ستعقد في فبراير (شباط) المقبل. واختار ماسك دعم حزب البديل اليميني وعبر عن تأييده له في "إكس" وفي مقالة كتبها لصحيفة ألمانية.

وتصنف الاستخبارات الألمانية حزب البديل "منظمة يشتبه في أنها متطرفة"، في حين يقول ماسك إن الحزب "شرارة الأمل الأخيرة" لألمانيا، مشيداً بنهجه تجاه القوانين والضرائب وتحرير السوق.

في المقابل وعلى غرار الحكومة البريطانية، قللت الحكومة الألمانية من أهمية تدخلات ماسك ووصفت تأثيره في الشعب الألماني بـ"المحدود".

ومن أوروبا إلى كندا، الجارة الشمالية لأميركا، يرسل ماسك تحذيراته من الأجندة الليبرالية التي قيدت الاقتصاد، وركزت على قضايا الهوية متجاهلة التحديات التي تواجه المجتمع مثل ارتفاع كلفة المعيشة والتضخم وارتفاع أسعار الفائدة وزيادة معدلات الجريمة.

وبعد استقالة رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو كتب ماسك قائلاً، "رحل ترودو، وقريباً ستارمر". ويدعم الملياردير الأميركي زعيم حزب المحافظين الكندي بيير بويليفر الذي تشير استطلاعات الرأي أنه الأوفر حظاً ليكون رئيس وزراء كندا. ويصور بويليفر نفسه بأنه مُعادٍ للنخبة وقريب من الناس، وفي أبريل الماضي طرد من البرلمان بعد رفضه الاعتذار عن وصف ترودو بأنه أحمق ومتطرف.

ويواصل ماسك غزواته السياسية في كندا وأوروبا بالتوازي مع تعزيز نفوذه داخل دوائر ترمب المغلقة، إذ يتردد شخصياً على قصره في مارالاغو، حيث احتفل بالسنة الجديدة والتقط الصور مع العائلة. وسياسياً، يستغل رجل الأعمال المتخم بالمال هذا النفوذ للتأثير في سياسات دول أخرى بما يتسق مع رؤيته ومصالحه التجارية، من دون اكتراث لوصف منتقديه بأنه يتصرف كما لو كان "رئيس الظل".

المزيد من تقارير