Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

جوزيف عون بدأ مشروعه السياسي من وزارة الدفاع

طمأن سائليه إلى أن مشروعه سيكون نقيض المشروع الذي كان سائداً في المرحلة الماضية

الرئيس الرابع عشر للجمهورية اللبنانية العماد جوزيف عون (اندبندنت عربية)

ملخص

لم يقل جوزيف عون يوماً إنه مرشح ليكون الرئيس الـ14 للجمهورية اللبنانية، ولم يسع إلى المنصب، وأخذ عليه بأنه لا يساير أحداً وبأنه حافظ على مسافة واحدة من كل السياسيين.

خلال جولات الانتخاب الـ12 التي عقدها البرلمان اللبناني بين أكتوبر (تشرين الأول) 2022 ويونيو (حزيران) 2023، لم يظهر اسم العماد جوزيف عون إلى جانب الأسماء المرشحة تلقائياً للمنصب، ولم يظهر كذلك بين أسماء المرشحين الذين دخلوا المنافسة الفعلية، كالنائب ميشال معوض، نجل الرئيس رينيه معوض الذي اغتيل قبل تسلمه الرئاسة في عام 1989، ووزير المال السابق جهاد أزعور.
لكن اسم قائد الجيش بقي في التداول الإعلامي ومن الأسماء الأوفر حظاً بالنظر إلى كونه شخصية مارونية بارزة أولاً (بحسب العرف رئاسة الجمهورية الللبنانية مخصصة للطائفة المارونية)، ولأن طرح اسم قائد الجيش لرئاسة الجمهورية سيناريو تكرر بصورة بارزة في تاريخ البلاد، واعتمد كحل خصوصاً خلال الفراغ الرئاسي الطويل والأزمات السياسية المعقدة، فالرئاسة اللبنانية آلت في أربع مناسبات سابقة لقادة الجيش، وهم تباعاً: فؤاد شهاب (1958-1964)، وإميل لحود (1998-2007)، وميشال سليمان (2008-2014)، وميشال عون (2016) الذي كان مستقيلاً من منصبه في قيادة الجيش قبل انتخابه بسنوات عدة. 

نجح في السير بين النقاط

لم يقل جوزيف عون يوماً إنه مرشح، ولم يسع إلى المنصب، وأخذ عليه بأنه لا يساير أحداً، وبأنه حافظ على مسافة واحدة من السياسيين حتى المؤثرين منهم في الاستحقاق الرئاسي. ولم يصنف بأنه مع فريق ضد فريق آخر، وركز على حماية المؤسسة العسكرية ونجح في إبقائها بمنأى عن الأزمات السياسية والاقتصادية الأخيرة. ويسجل للعماد جوزيف عون بأنه لم يسمح لأي من المسؤولين السياسيين التدخل في التشكيلات وغيرها من القرارات العسكرية الداخلية، كما جرت العادة أن يكون لكل مسؤول حصة، وهذا ما أدى الى تدهور علاقته بكثير من الشخصيات والمرجعيات السياسية، وأولها الرئيس السابق العماد ميشال عون وصهره النائب جبران باسيل.


البداية من "فجر الجرود"

في أغسطس (آب) 2017 وبعد أشهر قليلة على تسلمه قيادة الجيش، أطلق عون معركة "فجر الجرود" ضد التنظيمات الإرهابية التي كانت منتشرة في جرود عرسال والقاع في البقاع (شرق)، وحقق أولى انتصاراته. وعلى رغم الانهيار الاقتصادي والمالي والاجتماعي الذي لحق بلبنان منذ عام 2019 بقي الوضع الأمني ممسوكاً، وتعامل الجيش بتوجيهات من قائده مع التظاهرات الشعبية التي انطلقت في الـ17 من أكتوبر (تشرين الأول) على قاعدة حرية التعبير والحفاظ على المتظاهرين، وهو ما وضعه في حالة عداء مع رئيس "التيار الوطني الحر" النائب جبران باسيل، الذي اتهمه برفض فتح الطرقات بالقوة وتشجيع المتظاهرين لكسر عهد الرئيس ميشال عون. كما يسجل لرئيس الجمهورية الجديد تعامله بحنكة مع حادثتين كادتا أن تفجرا الوضع الأمني وتؤديا إلى حرب أهلية جديدة، وهما اشتباك الطيونة – عين الرمانة يوم الـ14 من أكتوبر (تشرين الأول) 2021 بين مؤيدي "الثنائي الشيعي" (حركة أمل وحزب الله) ومؤيدي حزب "القوات اللبنانية"، على خلفية تظاهرة نظمها الثنائي احتجاجاً على التحقيقات في انفجار مرفأ بيروت، الذي أدى إلى سقوط ستة قتلى. أما الواقعة الثانية فتتصل بحادثة مماثلة وقعت في منطقة الكحالة المسيحية يوم التاسع من أغسطس (آب) 2023، وأدت إلى سقوط قتيلين بعد انقلاب شاحنة كانت تحمل أسلحة لـ"حزب الله".

وفي خلال ولايته في مقر قيادة الجيش لم يتخط العماد عون الخيط الرفيع الذي يمكن أن يضعه في خانة الاستبعاد الدولي وخصوصاً الأميركي، فوازن بين الاستفادة من الدعم الأميركي للجيش مادياً وتسليحاً والاشتباك مع "حزب الله"، واعتمد هذا الأسلوب في مهمته في تطبيق القرار 1701، عندما اجتمع برئيس لجنة الارتباط في الحزب وفيق صفا للتنسيق حول انتشار الجيش في جنوب الليطاني تمهيداً لمصادرة كل سلاح غير شرعي، والسير بين النقاط وتخطي المطبات جعلته شخصية مقبولة عند الدول الصديقة للبنان.

عن الرئيس الجديد

مع ارتباط مرحلة ما بعد الحرب بدور الجيش، الذي يعرفه عون حق المعرفة من خلال قيادته له، وبعد التوافقات الضمنية الدولية والمحلية عليه صار جوزيف عون "مرشح الضرورة" الذي أملته ظروف إعمار لبنان وتثبيت الهدنة بعد الحرب المدمرة. ويقول كثيرون إن المرحلة والتحديات الجيوسياسية والأمنية فرضت تسلم الريادة من شخص بمؤهلات العماد جوزيف عون ومزاياه، ويرى آخرون أن المرحلة تتطلب رئيساً ذا خبرة في الأخطار العسكرية والأمنية ويتمتع بمناقبية أخلاقية للقيام بورشة الإصلاح السياسي والإداري المطلوبة للنهوض بالدولة. وكانت الأجوبة التي قدمها لقوى المعارضة، وفي مقدمها حزب "القوات اللبنانية" كفيله بإقناعهم بالتصويت له، وهي أسئلة ارتبطت بموضوع السلاح والقرارات الدولية وإدارة الدولة ومؤسساتها ومنطق المحاصصة، وطمأن سائليه إلى أن مشروعه سيكون النقيض للمشروع الذي كان سابقاً.

خارج اليرزة

خارج اليرزة (مقر وزارة الدفاع) بقي العماد عون مواطناً عادياً يتصرف بسلاسة بين الناس بعيداً من البهورات التي اعتاد على استخدامها من تبؤوا المناصب، كما لوحظ بقاء أفراد عائلته في الظل ولم يسجل عليهم أي استخدام للنفوذ والسلطة.

جوزيف عون الذي انتخب بتوافق دولي وبرضا عربي، سيكون تحت مجهر المجتمع الدولي. هو لم يقدم التزامات لأي طرف داخلي وخصوصاً للثنائي الشيعي، لكنه تعهد الالتزام بالقرار 1701 بالكامل وبتنفيذ القرارات الدولية، وبتشكيل حكومة تكنوقراط لا حصة فيها لأي فريق بدءاً من رئيس الجمهورية.
وتؤكد المصادر المقربة منه أنه لن تكون في عهده وزارة محسوبة على فريق معين كما كان يحصل في المرحلة الماضية، مما يعني إسقاط شرط الثنائي بتثبيت حقيبة وزارة المال ضمن حصة الطائفة الشيعية، ولن يقبل عون بما كان يعرف بالثلث المعطل والمحاصصات الطائفية.  

ولكن ماذا تقول سيرة الرجل المعروف عنه ابتعاده من التصريحات ذات الطابع السياسي المباشر؟

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

السيرة الذاتية للرئيس عون

ولد جوزيف خليل عون في الـ10 من يناير (كانون الثاني) 1964 ببلدة سن الفيل في قضاء المتن، وتولى قيادة الجيش في الثامن من مارس (آذار) 2017 خلفاً للعماد جان قهوجي.

بدأ مسيرته في الجيش اللبناني في عام 1983 كمتطوع، وسرعان ما ترقى في السلم العسكري.

تخرج من دورة الضباط في عام 1986، وشارك في دورات تخصصية عدة من بينها دورة الغطس عام 1987 ودورة الضابط العسكري عام 1996.

حصل على إجازتين في العلوم السياسية والعلوم العسكرية، مما عزز من قدراته القيادية والمعرفية في مجالات السياسة والأمن.

يتقن اللغة العربية، ويجيد الإنجليزية، وهذا ما ساعده في المشاركة في عدد من الدورات التدريبية الدولية التي أثرت تجربته العسكرية.

تابع دورات متعددة في قيادة الكتائب وعمل الأركان، إضافة إلى ورش عمل متخصصة في المخابرات ومكافحة الإرهاب.

في عام 2013، تمت ترقيته إلى رتبة عميد ركن، واستمر في تسلق الرتب العسكرية حتى وصل إلى رتبة عماد في 2017، بالتزامن مع تعيينه قائداً للجيش اللبناني مع بداية عهد الرئيس السابق ميشال عون.

ويتمتع الرئيس الجديد بخبرة واسعة على الصعيد الدولي، إذ شارك في عدد من الدورات التدريبية في الولايات المتحدة، بما في ذلك دورات المشاة عامي 1988 و1995، إضافة إلى برنامج دولي لمواجهة الإرهاب بين 2008 و2009. كما شارك في دورة الصاعقة في سوريا عام 1996، ودورة قائد كتيبة في سوريا ما بين عامي 2002 و2003.

وخلال مسيرته العسكرية حصل عون على أوسمة عسكرية عدة، بينها وسام الحرب ثلاث مرات، ووسام الجرحى مرتين، ووسام الوحدة الوطنية، ووسام فجر الجنوب. كما حصل على وسام الاستحقاق الوطني من الدرجة الثالثة والثانية ثم الأولى، ووسام الأرز الوطني من رتبة فارس، ووسام مكافحة الإرهاب، وخصوصاً أنه قاد معركة فجر الجرود في مواجهة التنظيمات الإرهابية .

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير