Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

النفايات الإلكترونية... خطر يحدق بالجزائريين وبيئتهم

تشهد البلاد زيادة كبيرة في كمياتها ولا تملك البنية التحتية اللازمة لجمعها ومعالجتها بشكل آمن وفعال

ينتج العالم كميات متزايدة من هذه النفايات لكن عمليات إعادة التدوير لا تواكب تلك الزيادة (مواقع التواصل)

ملخص

تشير الدراسات إلى أن الجزائر تشهد زيادة كبيرة في كمية النفايات الإلكترونية، التي تشمل الهواتف المحمولة القديمة وأجهزة الكمبيوتر والتلفزيونات والثلاجات والمكيفات، وغيرها من الأجهزة الكهربائية والإلكترونية.

تشهد الجزائر، كغيرها من دول العالم، تزايداً ملحوظاً في حجم النفايات الإلكترونية نتيجة للتطور التكنولوجي السريع وزيادة الاعتماد على الأجهزة الإلكترونية والكهربائية في مختلف مناحي الحياة، وفرضت مشكلة حقيقية أصبحت تهدد البيئة وصحة الإنسان، وبات التفكير في حلول للتعامل معها أكثر من ضروري.

تشير الدراسات إلى أن الجزائر تشهد زيادة كبيرة في كمية النفايات الإلكترونية، التي تشمل الهواتف المحمولة القديمة وأجهزة الكمبيوتر والتلفزيونات والثلاجات والمكيفات، وغيرها من الأجهزة الكهربائية والإلكترونية.

وتُعرف النفايات الإلكترونية بأنها جميع الأجهزة والمعدات الكهربائية والإلكترونية التي انتهى عمرها الافتراضي أو أصبحت غير صالحة للاستعمال.

ارتفاع مقلق

وفقاً لتقرير صادر عن وزارة البيئة الجزائرية، يقدر حجم النفايات الإلكترونية في الجزائر بملايين الأطنان سنوياً، مما يشكل تهديداً بيئياً وصحياً كبيراً. وعلى رغم أن هذه النفايات تحتوي على مواد قيمة مثل المعادن الثمينة (الذهب، الفضة، النحاس)، فإنها أيضاً تتضمن مواد سامة مثل الرصاص والزئبق والكادميوم والزرنيخ التي قد تؤدي إلى تلوث التربة والمياه.

وذكر تقرير للمرصد العالمي للنفايات الإلكترونية التابع للأمم المتحدة، أن العالم ينتج كميات متزايدة من النفايات الإلكترونية، لكن عمليات إعادة التدوير لا تواكب هذه الزيادة.

وقال التقرير، الذي نشر في 20 مارس (آذار) 2024، إنه في عام 2022 وحده تم إنتاج 62 مليون طن من النفايات الإلكترونية، التي يتم تعريفها بأنها أي جهاز مزود بقابس كهربائي أو بطاريات.

وأشار التقرير إلى أن هذا يعد رقماً قياسياً، ويمثل زيادة بنسبة 82 في المئة مقارنة بعام 2010، وإذا استمرت الأمور بهذا المعدل يمكن توقع تراكم 82 مليون طن من هذه النفايات بحلول عام 2030.

وجاء في التقرير أن إعادة تدوير أو تصنيع النفايات الإلكترونية من أجل استخلاص المعادن العالقة داخلها وإعادة استخدام ما تبقى منها يعد الخيار الأمثل لمواجهة تهديد التلوث الجديد.

وأوضح التقرير أن هذه النفايات غير المعاد تدويرها تحوي الذهب والفضة والنحاس والبلاتين وفلزات الأتربة النادرة التي ينبغي استغلالها لإنتاج أجهزة جديدة.

وبحسب دراسة أكاديمية نشرتها جامعة "قالمة" في الجزائر، فإن توليد النفايات الإلكترونية المحلية في أفريقيا بلغ عام 2016 ما يقارب 2.2 مليون طن متري، وتحتل الجزائر المرتبة الثانية بحجم 0.3 مليون طن متري سنوياً رفقة جنوب أفريقيا بمعدل 7.1 كيلوغرام لكل فرد، بينما كانت المرتبة الأولى من نصيب مصر بحجم 0.5 مليون طن متري.

قوانين محدودة

يقول المتخصص في الرقمنة طارق العابد، إن من الصعب جرد كمية النفايات الإلكترونية في الجزائر لغياب تشريعات وقوانين تضبط وتحدد طريقة التعامل مع هذا النوع من النفايات.

وأوضح العابد وهو صاحب مؤسسة تقدم حلولاً رقمية في تسيير النفايات، لـ"اندبندنت عربية" أنه "مقارنة بحجم النفايات المنزلية التي يتم جمعها وإعادة تدويرها بشكل يومي، يبقى حجم النفايات الإلكترونية الناجمة عن التخلي عن الأجهزة الإلكترونية والكهربائية غير متوافر بشكل رسمي وإنما مجرد تقديرات".

وعلى رغم انضمام الجزائر إلى "اتفاقية بازل" عام 1998، التي استلهمت كثيراً من بنودها في قوانينها المحلية وخصوصاً في مجال تدوير النفايات ومراقبتها وإزالتها، وأيضاً تسيير النفايات المشعة وكيفيات التصريح بالنفايات الخاصة الخطرة، لكنها لم تخصص نصوصاً تشريعية واضحة لإدارة المخلفات الإلكترونية أو التحكم في حركتها عبر الحدود أو معالجتها، على رغم القلق العالمي حيالها وتزايد الوعي بأخطارها الكامنة.

وتحاول الجزائر الاستفادة من الخبرة الدولية في مجال تسيير النفايات الإلكترونية، حيث استقبلت وزيرة البيئة نجيبة جيلالي في 29 يناير (كانون الثاني) الماضي، رئيس قسم العلاقات الدولية والاقتصاد الخارجي لمدينة موسكو سرفاي تشريومين، الذي قام بزيارة عمل إلى الجزائر.

وذكر بيان للوزارة أنه خلال هذا اللقاء، بحث الطرفان سبل تعزيز الشراكات الثنائية في المجالات ذات الاهتمام المشترك، وترقية التعاون البيني وتبادل الخبرات، بخاصة ما يتعلق بحماية البيئة وتسيير النفايات وسبل دعم المؤسسات الناشئة الناشطة في المجال البيئي وحاملي المشاريع المبتكرة المتخصصة في تدوير النفايات وتثمينها، والاستفادة من الخبرة الروسية في هذا المجال.

ووضعت الجزائر استراتيجية للإدارة المتكاملة واستعادة النفايات بحلول عام 2035 تهدف إلى تخفيض 10 في المئة من النفايات المنزلية وما يماثلها، واستعادة 47 في المئة من النفايات الخاصة، و60 في المئة من النفايات الخاملة.

وتضمن القانون الجديد المتعلق بتسيير النفايات ومراقبتها وإزالتها، والذي تمت المصادقة عليه في البرلمان خلال ديسمبر (كانون الأول) 2024، عقوبات تتمثل في الحبس وغرامات مالية بحق كل من لم يصرح بالنفايات الخاصة الخطرة، أو يقوم بخلط النفايات الخاصة الخطرة مع النفايات الأخرى، أو عمل على تسليم نفايات خاصة خطرة بغرض معالجتها إلى شخص يستغل منشأة غير مرخص لها بمعالجة هذا الصنف من النفايات.

ويعاقب القانون أيضاً كل من يقوم بإيداع النفايات الخاصة الخطرة أو رميها أو طمرها أو غمرها أو إهمالها في مواقع غير مخصصة لهذا الغرض، وكل من استورد النفايات الخاصة بما في ذلك الخطرة غير القابلة للتثمين.

أخطار محدقة

يقول المختص بالصحة العمومية مراد كواشي، إن مصطلح النفايات تطور وأصبح الحديث اليوم أكثر عن النفايات الإلكترونية ومخاطرها على البيئة والإنسان بعد أن كان في السابق يقتصر على النفايات المنزلية ومخلفات المصانع.

وأوضح كواشي لـ"اندبندنت عربية"، أن ارتفاع استهلاك المنتجات الإلكترونية والكهربائية نتجت منه زيادة حجم هذا النوع من النفايات من أجهزة معطلة وغير صالحة للاستعمال، وهو أمر يرجع إلى النوعية الرديئة لهذه الأجهزة، وأيضاً سرعة التطور التكنولوجي الذي يجعل بعض الأجهزة غير متوائم مع هذا التطور، بالتالي يتم التخلي عنها ورميها واستبدالها بأخرى جديدة.

وأضاف أن المخلفات الإلكترونية توجد بكثرة في الدول النامية بسبب نمط الاستهلاك المرتفع للأجهزة الإلكترونية المختلفة. مشيراً إلى أن معظم هذه الأجهزة مصنوع من معادن وخلطات كيماوية خطرة على صحة الإنسان، ناهيك عن عدم تتحلل هذه المعادن في التربة إلا بعد مئات السنين، حيث تصبح مصدراً للتلوث البيئي، كما أن بعض الأجهزة تحتوي على مواد سامة كالبطاريات، وحرقها يؤدي إلى تسممات خطرة للأشخاص، وظهور أنواع مختلفة من أمراض السرطان كسرطان الدم والرئة والدماغ والتشوهات الخلقية للأجنة.

وأفاد بأن هذه النفايات الإلكترونية تؤدي إلى تلوث التربة والهواء والمياه الجوفية، وتؤثر في الثروة الحيوانية والسمكية، وتصبح مصدراً للأمراض سواء بالنسبة إلى الإنسان أو الحيوان. مؤكداً أن التعامل مع النفايات الإلكترونية يجب أن يتم بحكمة عبر مراكز متخصصة في الاسترجاع ورسكلة ما يمكن رسكلته، ومعالجة البقية بتقنيات حديثة وآمنة.

وتفتقر الجزائر إلى البنية التحتية اللازمة لجمع ومعالجة النفايات الإلكترونية بشكل آمن وفعال، كذلك فإن كثيراً من المواطنين لا يدركون أخطار النفايات الإلكترونية وأهمية التخلص منها بالطرق السليمة، في حين لا توجد حوافز اقتصادية كافية لتشجيع القطاع الخاص على الاستثمار في مجال إعادة تدوير النفايات الإلكترونية، بينما تبرز فرص كبيرة للاستثمار في هذا القطاع، وخلق فرص عمل جديدة للشباب، والحد من التلوث البيئي وحماية الموارد الطبيعية، واستعادة عديد من المواد القيمة وإعادة استخدامها مثل الذهب والفضة والنحاس والبلاتين.

المزيد من العالم العربي