Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ماذا كسب المستثمرون من تراجع أسهم "وول ستريت"؟

المضاربون على سهم "تيسلا" كسبوا أكثر من 16 مليار دولار من هبوط القيمة السوقية

خفض بنك "جيه بي مورغان" الاستثماري تقديراته لقيمة سهم "تيسلا" بنهاية العام الحالي إلى 120 دولاراً (أ ف ب)

ملخص

في مقدمة تلك الشركات الخاسرة من قيمتها السوقية شركة صناعة الرقائق الإلكترونية "إن فيديا" وشركة التسوق الإلكتروني العملاقة "أمازون" وشركة صناعة السيارات الكهربائية "تيسلا" التي فقدت نحو نصف قيمتها السوقية منذ بداية هذا العام حتى الآن

لم يكد التعافي الطفيف في مؤشرات الأسهم بداية الأسبوع يستمر كثيراً حتى عادت المؤشرات للهبوط، ومع منتصف الأسبوع لا يعرف بعد إذا كان هذا الأسبوع سينتهي بانخفاض في المتوسط كالأسابيع الثلاثة التي سبقته أم سيتوقف منحنى الانهيار ولو موقتاً.

في أقل من شهر، خسرت الأسهم الأميركية ما يزيد على 5 تريليونات دولار، تبخرت معظمها من قيمة ما تسمى "السبع الكبار" من شركات التكنولوجيا.

وفي مقدمة تلك الشركات الخاسرة من قيمتها السوقية شركة صناعة الرقائق الإلكترونية "إن فيديا" وشركة التسوق الإلكتروني العملاقة "أمازون" وشركة صناعة السيارات الكهربائية "تيسلا" التي فقدت نحو نصف قيمتها السوقية منذ بداية هذا العام حتى الآن.

بالطبع عانى مستثمرون كثيرون فقدان ثروات هائلة هبطت قيمة استثمارات بعضهم بعشرات مليارات الدولارات.

حتى وإن كانت معظم تلك الأموال التي تبخرت هي في الأصل عبارة عن أرباح من الارتفاع المستمر في أسعار الأسهم على مدى الأعوام الأخيرة، إلا أن هذا الهبوط الشديد في القيمة يظل يمثل خسارة.

لكن تلك الخسائر لدى بعضهم لم تكن أخباراً سيئة لمستثمرين آخرين ممن ضاربوا على هبوط أسهم بعض الشركات في سياق التحوط لتقلبات السوق، فهناك بعض المتعاملين المحترفين يستفيدون من الانهيار سواء بمراهنتهم على الهبوط في عمليات تسمى "البيع القصير"، أو من خلال حيازتهم لأسهم هوت أسعارها لكنها يمكن أن تعاود الارتفاع.

مضاربات ومكاسب

وبحسب أرقام وبيانات شركات متابعة السوق، ومن ما يسمى تحليل بيانات السوق اليومية، كانت قيمة مؤشر "أس أند بي 500" القياسي في بورصة "وول ستريت" يوم الـ19 من فبراير (شباط) الماضي، عند أعلى مستوى لها بقيمة 52.06 تريليون دولار.

ومع هبوط المؤشر وانهيار أسعار أسهم شركات كبرى مسجلة عليه وصلت قيمته الخميس الماضي إلى نحو 46 تريليون دولار.

مثلاً تعاني شركة تكنولوجية كبرى مثل "تيسلا" من انخفاض مستمر في أسعار أسهمها منذ منتصف ديسمبر (كانون الأول) 2024، حتى خسرت أكثر من 700 مليار دولار من قيمتها في تلك الفترة بحسب بيانات شركة "إس 3 بارتنرز"، والنتيجة تبخر أكثر من 100 مليار دولار من ثروة إيلون ماسك، الرئيس التنفيذي للشركة وأكبر مساهميها.

لكن بعض المضاربين على هبوط سهم "تيسلا" الذين خسروا كثيراً في السنوات الأخيرة مع استمرار ارتفاع سهم الشركة، حققوا في الأسابيع الأخيرة مكاسب بنحو 16.2 مليار دولار من انهيار قيمتها السوقية.

وبحسب تقرير نشرته صحيفة "فايننشال تايمز" فإن هؤلاء المضاربين على هبوط سهم الشركة الذين كثيراً ما سخر منهم ماسك بتعليقاته على مواقع التواصل أصبحوا في وضع أفضل مع هبوط سهم الشركة، وتبخر نصف قيمتها السوقية تقريباً.

في مذكرة للعملاء الأسبوع الماضي، خفض بنك "جيه بي مورغان" الاستثماري تقديراته لقيمة سهم "تيسلا" بنهاية العام الحالي إلى 120 دولار من تقديره السابق بأن ينهي السهم 2025 عند سعر 135 دولاراً.

ويذكر أن سعر السهم في تعاملات أول أيام هذا الأسبوع الإثنين كان عند 238 دولاراً.

وبرر البنك توقعاته قائلاً إننا "نجد صعوبة في التفكير بأية تجربة مماثلة في تاريخ صناعة السيارات، إذ تفقد ماركة كل هذا القدر من قيمتها بهذه السرعة".

يذكر أن بعض صناديق التحوط التي كانت تحتفظ بمراكز مضاربة "بيع قصير" على هبوط سعر سهم "تيسلا" اضطرت قبل فترة للتخلص من تلك المراكز بعد الخسائر الهائلة التي منيت بها نتيجة استمرار ارتفاع سهم الشركة وتضخم قيمتها السوقية.

وتقدر بيانات شركات متابعة السوق أن المضاربين على هبوط السهم خسروا منذ عام 2010 نتيجة استمرار ارتفاع سعر السهم ما يصل إلى 64.5 مليار دولار، مما يعادل أكثر من أربعة أضعاف المكاسب التي حققها المضاربون في الأسابيع الأخيرة.

المضاربة على الهبوط والارتفاع

ومن أشكال التعامل في الأسهم ما يسمى البيع القصير "Short-Selling"، وهو يختلف عن التعامل التقليدي في البورصة بشراء الأسهم وبيعها وتحقيق مكسب إذا ارتفع سعر السهم عند البيع، أو خسارة إذا انخفض السعر عند البيع عما كان عليه سعر الشراء.

أما البيع القصير فهو نوع من المضاربة على الأسهم، تلك التي يتوقع أن تهوي أسعارها بقوة وغالباً ما تكون أسهم قليلة القيمة (خردة Junk).

وهي مضاربة استثمارية، لأن المستثمر يراهن على انخفاض سعر السهم، وكلما كان الانخفاض أكبر كان مكسبه أعلى وبقدر مضاعف.

اقرأ المزيد

ولتبسيط نظام البيع القصير، فعندما يقترض المستثمر مجموعة من الأسهم من شركة سمسرة تحتفظ بكميات من الأسهم المعينة، وتحدد فترة الاقتراض بمدة قصيرة أيام أو أسابيع، ثم يبيع المستثمر الأسهم التي يقترضها على الفور، وفي نهاية مدة الاقتراض يكون السعر هوى بقدر كبير فيشتري المضارب كمية الأسهم بكلفة أقل ويعيدها لشركة السمسرة التي اقترضها منها ويكسب الفارق، فهي في النهاية مضاربة على انخفاض سعر السهم في مدة قصيرة بما يحقق مكاسب قصيرة للمضارب، وطبعاً إذا ارتفعت قيمة السهم عن سعره لدى اقتراضه يخسر المضارب.

ويعتبر البيع القصير معروفاً للمتعاملين في الأسواق منذ أمد طويل، وغالباً ما تستخدمه صناديق الاستثمار الكبيرة لتحقيق ارباح هائلة في فترة قصيرة ضمن تنوع مراكزها المالية لتحقيق أفضل عائد للمساهمين في تلك الصناديق.

وربما يلجأ مستثمرون أفراد إلى مضاربات البيع القصير ضمن محافظهم الاستثمارية، لكن في الغالب بتوصية من سماسرة البورصة الذين يتعاملون معهم.

ومنذ الشهر الماضي ارتفع عدد أسهم شركة "تيسلا" التي ضارب عليها المستثمرون بالبيع القصير بنسبة 16.3 في المئة لتصل إلى 71.5 مليون سهم، أي ما يعادل نسبة 2.6 في المئة من إجمال أسهم الشركة، بحسب بيانات شركة "إس 3 بارتنرز".

معضلة "تيسلا"

وخلال السنوات الأخيرة كان سهم "تيسلا" من أقوى الأسهم في السوق الأميركية، وحين فاز الرئيس الأميركي دونالد ترمب أقبل كثير من المستثمرين على شراء مزيد من الأسهم في الشركة، وبقية شركات إيلون ماسك، على اعتبار أن قربه من الرئيس الأميركي سيعني مزيداً من النمو لشركاته.

ومن الذين ضاربوا منذ سنوات على هبوط سهم "تيسلا" مدير صندوق التحوط "كلين إنرجي ترانزيشن" بير ليكاندر الذي يرى أن "تيسلا" كان لديها قيمة قوية جداً، بينما دمرها ماسك تماماً، فهو يصطف مع الجانب الخطأ، إذ ليس من يشترون سيارات "تيسلا" هم رعاة البقر الأميركيين.

هذا إضافة إلى أن تدخلات ماسك في السياسات الأوروبية في صناعة السيارات ودعمه لتيار اليمين المتشدد أضر بمبيعات الشركة في أوروبا، فالشركة التي حقق سهمها ارتفاعاً مستمراً بنسبة 1500 في المئة منذ عام 2021 جاءت نتائجها المالية للربع الأخير من العام الماضي التي أعلنت في يناير (كانون الثاني) الماضي أقل من المستهدف.

وأرسلت الشركة خطاباً للمثل التجاري الأميركي الأسبوع الماضي تحذر فيه من أن الحرب التجارية التي تشنها إدارة ترمب "تجعل الشركة مكشوفة وعرضة لفرض تعريفة انتقامية مما يزيد من كلفة إنتاج السيارات في الولايات المتحدة".

مما ينطبق على "تيسلا" ينطبق على شركات مثل "أمازون" و"إن فيديا"، وربما بقية شركات التكنولوجيا الكبرى، وإذا كان مستثمرو "البيع الطويل" حققوا مكاسب كبيرة في تلك الشركات خلال السنوات الماضية، ثم خسروا مليارات في الأسابيع الأخيرة فإن مضاربو "البيع القصير" استفادوا وكسبوا عشرات المليارات بهبوط أسعار أسهم تلك الشركات الكبرى.