Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.
يحدث الآن

المرشد واقتصاد إيران... الصلاحيات المفتوحة تدحض ادعاءات عدم التدخل

يحكم خامنئي قبضته على 65 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد

بحسب غالب الاقتصاديين فإن جزءاً كبيراً من المسؤولية عن الوضع الراهن للاقتصاد الإيراني يعود إلى تقويض السلطة (أ ف ب)

ملخص

أكد الاقتصاديون أن أي تخطيط اقتصادي في إيران لا يمكن اعتماده من دون رفع العقوبات وزيادة الاستثمار الأجنبي

ذكر مرشد النظام الإيراني علي خامنئي في خطاب أنه "لن يتدخل في خطط الحكومة الاقتصادية" مما أثار ردود فعل في الشارع الإيراني.

جاءت هذه التصريحات في وقت يتهمه المعارضون بالتحكم في كل شيء، بدءاً من حظر استيراد الأجهزة المنزلية من كوريا الجنوبية وصولاً إلى إثارة مغامرات سياسية تجلب فرض عقوبات دولية على البلد، وبدت التصريحات الأخيرة محاولة للتنصل من المعركة في وقت الإفلاس، بحسب مراقبين.

وأشارت بعض هذه الردود إلى تناقض تصريحات المرشد مع صلاحياته وسلطاته في مجال رسم السياسات الاقتصادية العامة والخاصة في البلاد.

وقال المرشد علي خامنئي في خطاب له في اليوم الأول من العام الإيراني الذي بدأ الجمعة الـ21 من مارس (آذار) الجاري إن "البعض لديهم حلول ويكتبون لي ويقدمون اقتراحاتهم، حسناً، أنا (المرشد) لا أتدخل في التخطيط الاقتصادي، وهذا يعني أنه لا يحق لي أن أتدخل، هذا من واجبات الحكومة ويجب عليها فعل ذلك".

تحديد السياسات والقرارات العامة

ويأتي هذا الادعاء في وقت أنه وفقاً لهيكل النظام تقع فيه مسؤولية تحديد السياسات والقرارات العامة بالكامل على عاتق المرشد علي خامنئي، وتعد هذه الوثيقة باعتبارها وثيقة رفيعة المستوى، والمعيار لتحديد مجموعة السياسات والخطط الحكومية في نظام الجمهورية الإسلامية في إيران.

وخلال الانتخابات الرئاسية الأخيرة، قال الرئيس مسعود بزشكيان في أكثر من مناسبة على هذا الأمر، إنه لن يقدم برنامجاً محدداً بسبب وضوح السياسات الاقتصادية العامة، وأنه يتعين على المواطنين أن يعرفوا أن واجب الحكومة هو تنفيذ السياسات التي أعلنها المرشد ووثيقة خطة التنمية السابعة.

والخطة السابعة للتنمية هي واحدة من الخطط الرئيسة التي يوافق على تنفيذها المرشد علي خامنئي، ويطلب من مجلس تشخيص مصلحة النظام مراقبة توافق هذه الخطة مع السياسات التي أعلنها المرشد خامنئي تحت عنوان السياسات العامة للنظام.

علاوة على أن نقل بعض صلاحيات الحكومة والبرلمان إلى مجلس تشخيص مصلحة النظام، الذي يعين أعضاءه المرشد علي خامنئي، أثار مسألة تقليص صلاحيات البرلمان بصفته هيئة تشريعية في الدستور في الأعوام الأخيرة.

مشاريع القوانين والخطط

وبموافقة المرشد خامنئي أصبح لزاماً على البرلمان الإيراني أن يقدم مشاريع القوانين والخطط إلى مجلس تشخيص مصلحة النظام لمراجعتها في ما يتعلق بمدى توافقها مع السياسات العامة للنظام قبل مناقشتها في البرلمان، مما أدى إلى زيادة سلطة المرشد علي خامنئي في الأمور المتعلقة بالتخطيط الاقتصادي.

وفي ما يخص خطة الحكومة لزيادة إنتاجية الأصول منح المرشد صلاحيات غير مسبوقة لرؤساء السلطات الثلاث في النظام، مما حرم حتى المؤسسات الأخرى المحددة في الدستور من إمكان المراقبة والإشراف على بيع ونقل الممتلكات الحكومية.

وتشكل تصريحات المرشد علي خامنئي في شأن المفاوضات المتعلقة برفع العقوبات والموافقة على قوانين مجموعة العمل المالي (FATF) المتبقية، مثالاً آخر لحاجة البلاد الرئيسة إلى تحسين المؤشرات الاقتصادية مثل النمو الاقتصادي والسيطرة على التضخم وخفض السيولة مشروطة بتنفيذ هذه القوانين الدولية.

وأكد الاقتصاديون في مناسبات عدة خلال العقد الماضي أن أي تخطيط اقتصادي في إيران لا يمكن اعتماده من دون رفع العقوبات وزيادة الاستثمار الأجنبي، وهذه وجهة نظر أثارها وأكدها مسعود بزشكيان خلال حملته الانتخابية، لكن مع تصريحات المرشد خامنئي الرافضة أية مفاوضات مع الولايات المتحدة، فقد أُخرجت عملياً من دائرة التنفيذ.

وهناك مسألة أخرى يطرحها الخبراء في دحض ادعاء المرشد علي خامنئي بعدم التدخل في التخطيط الاقتصادي والقرارات الاقتصادية، وهي دور المؤسسات الخاضعة لإشرافه في الشؤون الاقتصادية والإنتاجية للبلاد، واللافت أنه في الممارسة العملية لم يقتصر الأمر على تحويل هذه المؤسسات الاقتصادية إلى القطاع الأكثر أهمية في الاقتصاد وحسب، بل إن الافتقار إلى المساءلة وعدم الوضوح في الموارد المالية لهذه المؤسسات جعل الشفافية الاقتصادية في إيران مستحيلة.

صندوق التنمية الوطني

وتضم هذه المؤسسات "لجنة تنفيذ أمر الإمام" (استاد إمام) و"مجموعة الأنشطة الاقتصادية للحرس الثوري" و"مقر خاتم الأنبياء" و"مؤسسة المستضعفين"، فضلاً عن المؤسسات الدينية والاقتصادية الكبرى مثل "آستان قدس رضوي" و"معصومة قم"، وهي مجمعات اقتصادية ضخمة تشكل بحسب بعض المحللين، أكثر من 65 في المئة من الاقتصاد الإيراني.

اقرأ المزيد

في الوقت نفسه تسيطر هيئة الأوقاف والشؤون الدينية ومؤسسات مماثلة أخرى، بما في ذلك منظمة الدعوة الإسلامية (سازمان تبليغات إسلامي)، على أجزاء أخرى من الاقتصاد والممتلكات المنقولة وغير المنقولة، وتدار تحت إشراف المرشد علي خامنئي والمقربين منه.

وإضافة إلى ذلك لا ينبغي أن ننسى أن صندوق التنمية الوطني، وهو صندوق الاحتياط الرئيس للعملة الأجنبية في البلاد، يقع تحت سيطرة المرشد علي خامنئي، ويتعين على الحكومات الحصول على إذن من المرشد لأي سحب من هذا الصندوق، وهذا الإجراء لم يرد ذكره حتى في الدستور أو النظام الأساس لهذا الصندوق، الذي وضع مفتاح هذه الخزانة المهمة للبلاد في يد المرشد، معتمداً فقط على الصلاحيات اللامحدودة للمرشد الأعلى لنظام الجمهورية الإسلامية في إيران.

طالب المرشد علي خامنئي في أكثر من مناسبة بإجراء إصلاحات في خطة موازنة البلاد، لكن هذه القضية، إلى جانب الموازنات التي خصصت إلى المؤسسات التابعة لبيت المرشد، تظهر أن مستوى تدخل المرشد وصلاحياته في مسائل التخطيط الاقتصادي يتجاوز ادعاءاته.

ويبدو ما أعلنه المرشد علي خامنئي في اليوم الأول من العام الإيراني محاولة للهرب من المسؤولية عن عدم الكفاءة الاقتصادية في البلاد والأزمات المتعددة مثل التضخم الحاد وارتفاع الأسعار بصورة جنونية، التي تؤثر في سبل عيش مختلف شرائح المجتمع في إيران.

الاستياء العام من الوضع الاقتصادي

ويسعى المرشد خامنئي، الذي يدرك الاستياء العام من الوضع الاقتصادي الحالي في إيران، إلى أن ينسب النتائج المباشرة وغير المباشرة لسياساته المعلنة وأداء المؤسسات الاقتصادية التابعة له على مدى العقود الثلاثة الماضية إلى الإدارات الحكومية المتعاقبة في إيران، وكما هي الحال في كل الأعوام السابقة، يعلن المرشد أن الوضع الحالي ناجم عن عدم الاهتمام الكافي بوجهات نظره.

ويرى مراقبون أنه ما لم يحدث تغيير جذري في التوجهات الاقتصادية والسياسية العامة فلن يكون هناك حل للأزمات التي تمر بها البلاد، ولذلك لا يمكن تجاهل مسألة نفوذ المرشد الأعلى النظام والمؤسسات والهيئات والمزارات الدينية والقوات العسكرية والأمنية الخاضعة لإشرافه في الشؤون الاقتصادية ومسؤوليتهم عن الظروف الصعبة الحالية.

وليس الاقتصاديون وحسب، بل والمسؤولون الحكوميون أيضاً، من يقولون صراحة إنه من دون أن تخرج البلاد من العزلة الحالية، وفتح أبواب البلاد للأسواق العالمية، وسحب الحكومة والمؤسسات التابعة للمرشد من إدارة جميع الشؤون الاقتصادية، فلن يكون هناك أي أمل في تحسين الأوضاع الاقتصادية في إيران.

وبحسب غالب الاقتصاديين فإن جزءاً كبيراً من المسؤولية عن الوضع الراهن للاقتصاد الإيراني يعود إلى تقويض السلطة واتخاذ القرار من قبل المؤسسات الحكومية التي تخضع فقط لإشراف المرشد علي خامنئي.