Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

طموحات تونسية لتحقيق السيادة الدوائية وسط دعوات إلى تحفيز التصنيع

شكاوى في البلاد من صعوبات إدارية تتعلق بالتراخيص

يقدر حجم سوق الأدوية في تونس بـ2.15 مليار دولار (أ ب)

ملخص

تصدر الصناعة 20 في المئة من الإنتاج إلى الأسواق الأوروبية والعربية والأفريقية

أعلنت تونس اتخاذ قرارات إستراتيجية لتعزيز الاستقلالية الدوائية، إذ قالت وزارة الصحة إنها تأتي لتعزيز فرص التصدير وتوسيع الشراكات لجعل تونس قطباً دوائياً إقليمياً، وذلك من طريق تشجيع الاستثمارات في قطاع صناعة الأدوية ودعم المصانع الجديدة.

ومن بين أهم هذه الإجراءات تخفيف الروتين الإداري وتسريع ترتيبات تراخيص الأدوية لتسهيل وصول المنتجات الدوائية للأسواق المحلية والدولية بنسق أسرع.

إضافة إلى رقمنة قطاع الدواء بهدف ضمان الشفافية في السوق وسلاسة توزيعها، ووعدت وزارة الصحة في إطار إعلانها عن الإستراتيجية الجديدة بمراجعة آليات تحديد الأسعار، وقالت إنها ترجو من ذلك حماية القدرة التنافسية للمصنعين المحليين.

تسعى تونس من خلال هذه الإستراتيجية إلى تحقيق السيادة الدوائية وفق وزير الصحة مصطفى الفرجاني، علاوة على تعزيز الإنتاج والتعويل على الكفاءات المحلية لضمان الأمن الصحي.

طوير المنظومة الدوائية لتكون قادرة على تلبية حاجات المواطنين

وتعول الوزارة في ذلك على تطوير منظومتها الدوائية لتكون قادرة على تلبية حاجات المواطنين والضغط على التبعية للخارج تحقيقاً للاستقلالية.

وكان المصنعون طالبوا بتسهيلات إدارية لتشجيع الإنتاج المحلي وخفض كلفة دعم الأدوية المستوردة وتعويضها بالصناعات المحلية الأقل كلفة، ورأوا أن التعويل على الصناعة المحلية لتعويض الأدوية المستوردة التي يواجه توفيرها بعض الصعوبات مشروط بمواجهة الصعوبات التي تعترض المصنعين، إذ يشكو عدد من الوحدات الصناعية من ضعف المردود وصعوبات إدارية تتعلق بالتراخيص.

ويقدر حجم سوق الأدوية في تونس بـ2.15 مليار دولار في عام 2023، ومن المتوقع أن ينمو إجمال الإيرادات بنسبة 12.9 في المئة خلال الفترة من 2024 إلى 2030، ليصل إلى ما يقارب 5.03 مليار دولار وفق مركز الأبحاث "ماكسيميز ماركت ريزيرش".

وتطور نسق إحداث الشركات الجديدة وشهد عدد الشركات ارتفاعاً من 30 شركة عام 2015 إلى 42 شركة عام 2024، في حين تشهد معظم الشركات توسيعاً لأنشطتها.

تغطية 80 في المئة من الحاجات

وتغطي الصناعة المحلية 80 في المئة من حاجات التونسيين وفق المدير العام للصيدلية المركزية شكري حمودة، وكشف عن أن مصانع الأدوية تبلغ 42 مصنعاً في تونس، إضافة إلى 14 مصنعاً للأجهزة الطبية وأربعة مصانع للأدوية البيطرية، لكن لا تمثل الأدوية المصنعة المحلية سوى 58 في المئة من الكلفة بسبب ارتفاع ثمن الأدوية المستوردة، مما يدعو إلى الدفع لتحقيق الاكتفاء الذاتي في إطار السياسة الصحية لتونس 2030.

وتسعى السلطات المعنية إلى إعادة هيكلة الشركة التونسية للصناعات الصيدلية (سيفات) التي استأنفت نشاطها منذ شهرين، بعد تعطلها لمدة عامين بسبب صعوبات مالية.

وانتقدت وكالة "فيتش سوليوشنز" في تقريرها حول الأدوية في تونس. وقالت إن مدة استغراق تراخيص السوق قد تصل إلى ثلاثة أعوام، وإن البيروقراطية الناشئة عن تعدد المؤسسات المشاركة في عملية إسناد الرخص، وغياب التنسيق تؤدي إلى إجراءات تسعير غير واضحة، وهي من عوائق إطلاق منتجات جديدة في تونس. ونبهت إلى اعتماد قطاع الأدوية في البلاد بصورة كبيرة على مدخلات الأدوية الأجنبية، وفسرت ذلك بافتقار المصنعين المحليين إلى القدرات الإنتاجية اللازمة لتلبية متطلبات السوق.

وشكلت القيمة المضافة الأجنبية 61 في المئة من إجمال القيمة المضافة في استهلاك الأدوية المحلية عام 2020، بينما تبلغ أقل بكثير من القيمة المضافة الأجنبية بالأسواق المجاورة، إذ تناهز في مصر 33 في المئة، والمغرب 28 في المئة، والأردن 41 في المئة.

ويفتقر قطاع الأدوية المحلي إلى القدرة الإنتاجية المحلية الكافية، مما يؤدي إلى الإفراط في الاعتماد على خبرات الشركات الأجنبية المتعددة الجنسيات.

في المقابل رأت "فيتش سوليوشنز" أن استقرار العملة عاد بالفائدة على قطاع الأدوية في تونس بحكم اقتناء أكثر من 80 في المئة من الأدوية بالعملات الأجنبية، وأن القطاع على رغم المصاعب يشهد تحولاً كبيراً، مدفوعاً بسعي الحكومة إلى توثيق العلاقات مع أبرز الجهات العالمية الفاعلة لتعزيز تبادل التكنولوجيا وتبسيط الإجراءات لكن في الوقت نفسه، تبرز المخاوف في شأن فقدان الكوادر الصحية الأساسية الحاجة إلى إصلاحات إستراتيجية للاحتفاظ بالكوادر المؤهلة ودعم النمو المستدام.

معضلة رخص الترويج

وعززت تونس منظومتها الصحية بتأسيس الوكالة الوطنية للدواء والمواد الصحية عام 2023، وهي بصدد التجسيد على أرض الواقع ثم أطلقت منصة الرقمنة الإدارية لهذه الوكالة، مما رحب به المصنعون.

وقال عضو المكتب التنفيذي للغرفة الوطنية للصناعات الصيدلية، سليم بوزغندة، إن رقمنة قطاع الأدوية يسرّع رخص الولوج إلى الأسواق المجاورة في أفريقيا وأوروبا. وأشار إلى أن الاكتفاء الذاتي في التصنيع المحلي يصل إلى 80 في المئة في القطاع الخاص، لكنها لا تنطبق على المستشفيات، إذ حققت تونس الاكتفاء الذاتي في قطاع الأدوية العام بنسبة 65 في المئة وحسب، مشيراً إلى أن حيوية قطاع الصناعات الصيدلانية المحلية لن تتحقق من دون تشجيع التصدير وتعزيز القدرات الإنتاجية للمصنعين المحليين، بينما القطاع الخاص يظل في حاجة إلى التشجيع، إذ إن العمل على الانتقال نحو الصناعة الذكية بهدف تحسين المردودية والرفع من نسق التصدير يجعل المؤسسات المصنعة في مواجهة معضلة الكلفة المالية المرتفعة، وهناك ضرورة لتحفيز القطاع أكثر من خلال تشجيعات حكومية وتسهيلات إضافية.

اقرأ المزيد

إجراءات تسعى الحكومة إلى تجسيدها

وبخصوص الإجراءات التي تسعى الحكومة إلى تجسيدها في شأن تسهيل التصدير فهي تخص الصعوبات التي يواجهها المصنعون المحليون عند عملية التصدير بسبب التسعيرة المحددة من الدولة، مما يجعل من الصعب منافسة البلدان الأخرى، وفق قوله.

وأضاف أن الصيدلية المركزية (المؤسسة العمومية المكلفة بالتوريد والتزويد) تتحمل الفارق بين سعر شراء الدواء وسعر البيع (بحكم الدعم الحكومي) وأن ذلك يكلفها قرابة 180 مليون دينار (58.4 مليون دولار) في العام، منها 30 مليون دينار (9.7 مليون دولار) لأدوية يتوفر لها مثيل محلي في تونس، والحال أنه بالإمكان التعويل على الأدوية المحلية والضغط على كلفة الدعم.

وكشف بوزغندة أن قطاع صناعة الأدوية يوفر 9 آلاف موطن شغل، وتبلغ قيمة صادراته 300 مليون دينار (97 مليون دولار) وهو قادر على بلوغ 800 مليون دينار (259.7 مليون دولار) بحلول 2029.

وفق المتحدث، يصدر القطاع 20 في المئة من الإنتاج، أما الوجهة فهي الأسواق الأفريقية والعربية والأوروبية، وإن استحسن إجراءات دعم الصناعات الصيدلانية المحلية، وبخاصة تسريع إجراءات منح رخص الترويج للأدوية لتقليص فترات الانتظار، مشيراً إلى أن هذه الإجراءات تمتد حالياً إلى أربعة أعوام في تونس وهي آجال طويلة للغاية.