ملخص
أوقف النائب الأول لرئيس جنوب السودان رياك مشار أمس الأربعاء في مقر إقامته بالعاصمة وحذرت الأمم المتحدة من انزلاق البلاد إلى حرب أهلية.
حذرت لجنة تابعة للأمم المتحدة الخميس، من أن الفشل في المحافظة على اتفاقات السلام في جنوب السودان قد يتسبب بعودة "كارثية" للحرب ويهدد حياة الملايين.
وأفادت اللجنة المعنية بتوثيق الانتهاكات الحقوقية في البلاد، بأن "الفشل في المحافظة على تدابير الحماية المنصوص عليها في اتفاق السلام، بما يشمل حرية الحركة والمشاركة السياسية ووقف الأعمال العدائية، سيؤدي إلى عودة كارثية للحرب".
قيد الإقامة الجبرية
ودعت الولايات المتحدة اليوم الخميس، رئيس جنوب السودان سلفا كير إلى إطلاق سراح منافسه ونائبه الأول رياك مشار وسط تقارير عن وضعه قيد الإقامة الجبرية، وقالت إن الوقت حان ليظهر قادة البلاد التزامهم بالسلام.
وقال حزب الحركة الشعبية لتحرير السودان – في المعارضة، أمس الأربعاء، إن وزير الدفاع ورئيس الأمن الوطني "اقتحما" مقر إقامة مشار وسلماه مذكرة اعتقال.
وقال ريث موتش تانج المسؤول الكبير في الحركة الشعبية لتحرير السودان- في المعارضة، في بيان اطلعت عليه "رويترز" اليوم الخميس، إن مشار محتجز في منزله مع زوجته وحارسين شخصيين بتهمة المشاركة في القتال بين الجيش والجيش الأبيض في مدينة الناصر بولاية أعالي النيل هذا الشهر.
وكتب مكتب الشؤون الأفريقية في واشنطن على منصة "إكس"، "نشعر بالقلق من تقارير ذكرت أن النائب الأول لرئيس جنوب السودان مشار قيد الإقامة الجبرية". مضيفاً "نحث الرئيس كير على التراجع عن هذا الإجراء ومنع مزيد من التصعيد".
وبموجب اتفاق السلام الذي أنهى حرباً أهلية على أسس عرقية بين عامي 2013 و2018 بين القوات الموالية لمشار من جهة، والقوات الموالية لكير من جهة أخرى، أصبح لرئيس جنوب السودان خمسة نواب. ويشغل حالياً منافس كير منذ فترة طويلة وزعيم المعارضة مشار منصب النائب الأول للرئيس.
وحذرت الأمم المتحدة من احتمال تجدد الحرب الأهلية بسبب تصاعد خطاب الكراهية والاشتباكات التي وقعت في الآونة الأخيرة في مدينة الناصر بين الجيش والجيش الأبيض، وهي ميليشيات لها صلات قديمة بمشار.
وتنفي الحركة الشعبية لتحرير السودان- في المعارضة، وجود صلات حالية مع الجيش الأبيض.
وكتب مكتب الشؤون الأفريقية في واشنطن على "إكس"، "حان الوقت لقادة جنوب السودان لإظهار صدق التزاماتهم المعلنة بالسلام".
ولم يستجب متحدثون باسم جيش جنوب السودان ولا الحكومة بعد لطلبات التعليق.
دعوة لضبط النفس
يقول محللون سياسيون إن اتفاق السلام، الذي يتعاون بموجبه كير ومشار في حكومة ائتلافية هشة، على شفا الانهيار.
ودعت بعثة الأمم المتحدة لحفظ السلام في جنوب السودان (يونميس) إلى ضبط النفس، قائلة إن قادة البلاد يقفون على حافة الانزلاق إلى صراع واسع النطاق.
وقالت البعثة في بيان "لن يؤدي ذلك إلى تدمير جنوب السودان فحسب، بل سيؤثر أيضاً في المنطقة بأسرها".
واعتقلت حكومة كير في وقت سابق من هذا الشهر عدداً من المسؤولين من حزب مشار، من بينهم وزير البترول ونائب قائد الجيش، رداً على الاشتباكات مع الجيش الأبيض في ولاية أعالي النيل.
وأفادت الأمم المتحدة أمس الأربعاء، بوقوع قتال بين القوات الموالية لكير وأخرى لمشار بالقرب من العاصمة جوبا.
وأسفرت الحرب الأهلية التي دارت رحاها بين عامي 2013 و2018 عن مقتل مئات الآلاف في أحدث دولة في العالم.
واعتبرت المعارضة في جنوب السودان، الخميس أن توقيف النائب الأول لرئيس البلاد رياك مشار مساء الأربعاء على أيدي قوات موالية للرئيس سلفا كير يعني أن اتفاق السلام المبرم عام 2018، بات "لاغياً".
ودخلت قرابة 20 عربة مركبة مدججة بالسلاح مقر إقامة مشار في العاصمة جوبا في ساعة متقدمة الأربعاء وقامت بتوقيفه، وفق بيان صادر عن أحد أعضاء حزبه، في تصعيد دراماتيكي للنزاع المتفاقم في الدولة التي نالت استقلالها في 2011.
سلام بات لاغياً
وينهار تدريجاً اتفاق لتقاسم السلطة بين كير ومشار، ما يهدد بعودة الحرب الأهلية التي أودت بقرابة 400 ألف شخص بين 2013 و2018.
وقال نائب رئيس الحركة الشعبية لتحرير السودان المعارضة أويت نتنائيل بييرينو، إن عملية توقيف مشار "تشكل خرقاً للوعد وعدم احترام اتفاق وانعدام الإرادة السياسية لإحلال السلام والاستقرار في البلاد".
وأضاف أن بهذا التوقيف "بات اتفاق 2018 لاغياً، كما أصبحت احتمالات السلام والاستقرار في جنوب السودان معرضة للخطر".
ودعت الهيئة الحكومية للتنمية (إيغاد) في شرق أفريقيا إلى "أقصى درجات ضبط النفس" بعد توقيف مشار.
وصرح الأمين التنفيذي للهيئة في بيان، بأنه يتعين على جميع موقعي اتفاق السلام في جنوب السودان "ممارسة أقصى درجات ضبط النفس وإعطاء الأولوية للحوار، وحل الخلافات بوسائل سلمية وتشمل الجميع".
وسُجل هدوء في جوبا صباح الخميس، وفتحت متاجر أبوابها وشوهدت حركة للمارة، بحسب مراسل الصحافة الفرنسية.
لكن كان هناك وجود عسكري كثيف حول منزل مشار الواقع على مسافة أمتار قليلة من منزل الرئيس، بما في ذلك دبابة.
وقال إدموند ياكاني، أحد قادة المجتمع المدني، إن السكان قلقون جداً حيال ما قد يحدث لاحقاً.
وصرح لوكالة الصحافة الفرنسية، بأن "الناس في حال ذعر"، مضيفاً "هناك احتمال كبير لاندلاع حرب شاملة، لكنها ستكون أكثر دموية وأكثر عنفاً بسبب الرغبة في الانتقام".
بمثابة "إنذار أحمر"
ونالت دولة جنوب السودان استقلالها عن السودان في 2011، لكنها ظلت تعاني الفقر وانعدام الأمن منذ اتفاق السلام عام 2018.
ويقول محللون إن كير البالغ 73 سنة، يسعى منذ أشهر لضمان خلافته وتهميش مشار سياسياً من خلال تعديلات وزارية.
واعتُقل أكثر من 20 من حلفاء مشار السياسيين والعسكريين في حكومة الوحدة ومن الجيش منذ فبراير (شباط)، واحتُجز عديد منهم بمعزل عن العالم الخارجي.
ويقول حزب مشار إن 3 من قواعده العسكرية حول جوبا هاجمتها القوات الحكومية منذ الإثنين الماضي.
وأُنشئت مراكز التدريب لإعداد قوات المعارضة للاندماج في الجيش الموحد، وهو بند رئيسي في اتفاق السلام يهدف إلى توحيد قوات الحكومة والمعارضة.
ولم يؤكد جيش جنوب السودان المتحالف مع كير أياً من هذه الأحداث، علماً أنه اتهم قوات مشار بتنفيذ مناورات عدوانية من إحدى القواعد الإثنين.
قبل اعتقال مشار، أكد كير مجدداً "التزامه الراسخ إرساء السلام" عقب اجتماع مع مسؤولي الكنيسة.
ويأتي ذلك بعد أسابيع من الاشتباكات العنيفة لا سيما في مقاطعة ناصر، حيث خاضت القوات الحكومية الموالية للرئيس معارك ضد مجموعة من الشباب المسلحين تعرف باسم "الجيش الأبيض" موالية لمشار.
وحذر كبير محللي شؤون جنوب السودان في مجموعة الأزمات الدولية دانيال أكيش، من أن "العنف الذي بدأ في ناصر في مارس (آذار) يمتد على ما يبدو ليشمل عدداً من ولايات جنوب السودان".
وأضاف أن رفض كير ومشار الحوار، على رغم ضغوط المجتمع الدولي، هو بمثابة "إنذار أحمر".
وأضاف أنه في حال نشوب نزاع أوسع نطاق، "فسيكون عنفاً غير محصور بدرجة كبيرة ومن الصعب جداً وقفه"، لأنه قد يخرج عن سيطرة الزعيمين بسرعة.
وأعرب مراقبون دوليون عن قلق متزايد وأغلقت النرويج وألمانيا سفارتيهما في جوبا. وأعلنت السفارتان البريطانية والأميركية تقليص عدد موظفيهما إلى الحد الأدنى وحضتا رعاياهما على مغادرة البلاد.
وكان مشار، الخصم القديم للرئيس سلفا كير، أوقف في مقر إقامته في العاصمة جوبا أمس الأربعاء، بحسب ما أعلن حزبه، في خطوة حذرت الأمم المتحدة من أنها قد تجر البلاد إلى حرب أهلية جديدة.
وقال رئيس لجنة العلاقات الخارجية في الحزب ريث موتش تانغ، في بيان على "فيسبوك"، "ندين بشدة الإجراءات غير الدستورية التي اتخذها اليوم وزير الدفاع ورئيس الأمن الوطني باقتحامهما، برفقة أكثر من 20 مركبة مدجّجة بالسلاح، مقر إقامة النائب الأول للرئيس".
وأضاف، "لقد جُرّد حراسه الشخصيون من أسلحتهم، وصدرت في حقه مذكرة توقيف بتهم غامضة".
وسارعت بعثة الأمم المتحدة في جنوب السودان (يونميس) إلى التحذير من أن توقيف مشار يضع البلاد "على شفا حرب"، داعيةً كل الأطراف إلى "ضبط النفس".
وقال رئيس البعثة نيكولاس هايسوم في بيان إنه "في هذه الليلة يقف قادة البلاد على شفا الانزلاق إلى صراع واسع النطاق أو المضي بالبلاد إلى الأمام نحو السلام والتعافي والديمقراطية".
وإذ ناشد هايسوم طرفي النزاع "ضبط النفس"، دعاهما إلى سلوك طريق السلام "بروح الإجماع الذي تُوصل إليه عام 2018 عندما وقعا والتزما تنفيذ اتفاق السلام".
ودعت الولايات المتحدة اليوم الخميس رئيس جنوب السودان سلفا كير إلى إطلاق سراح مشار، وقالت إن الوقت حان ليظهر قادة البلاد التزامهم بالسلام.
وكتب مكتب الشؤون الأفريقية في واشنطن على منصة "إكس"، "نشعر بالقلق من تقارير ذكرت أن النائب الأول لرئيس جنوب السودان مشار قيد الإقامة الجبرية". وأضاف، "نحث الرئيس كير على التراجع عن هذا الإجراء ومنع المزيد من التصعيد".
ومنذ أسابيع، تدور في جنوب السودان معارك بين القوات الفيدرالية الموالية للرئيس كير وقوات مؤيدة لنائبه مشار، وذلك على رغم اتفاق السلام الموقع بينهما في 2018.
ومنذ استقلالها عن السودان في 2011 غرقت دولة جنوب السودان في أعمال عنف متتالية تحول عملياً دون وضع حد للحرب الأهلية الدامية بين كير ومشار.
وأدت تلك الحرب إلى مقتل نحو 400 ألف شخص ونزوح 4 ملايين بين عامي 2013 و2018 عندما وُقع اتفاق سلام.