ملخص
عندما نالت دولة جنوب السودان استقلالها عام 2011، طوت صفحات أكثر من 5 عقود مضرجة بصراعات الحرب الأهلية، غير أنها وجدت نفسها في أتون صراعات داخلية أخرى متفجرة أبرزها الصراع الحالي.
أثار تصاعد التوترات السياسية والعنف في ولاية أعالي النيل في دولة جنوب السودان، مخاوف من عودة الحرب الأهلية في أحدث دولة بالعالم. وشنت قوات "الدفاع الشعبي" التابعة لحكومة جنوب السودان، في فبراير (شباط) الماضي، غارات جوية مكثفة على مقاطعة أولانغ، مستهدفة المدنيين المسلحين من قبيلة النوير المعروفين بـ"الجيش الأبيض"، أو "قوة دفاع ناث" المرتبطة بنائب الرئيس رياك مشار وسط تصاعد التوترات حول الانتشار العسكري في مدينة ناصر.
يستمر العنف بين القوات الحكومية والشباب المسلحين في ناصر منذ أوائل 2024، حيث طالبت المجتمعات المحلية بنشر قوات موحدة بدلاً من الميليشيات المتحالفة مع الجيش، المتورطة في انتهاكات ضد المدنيين. وتجدد الصراع هذا العام إثر هجوم على مدنيين بسوق محلية، مما أدى إلى نزوح الآلاف وإصابة العشرات. ونشرت السلطات، منذ 22 فبراير الماضي، قوات غير مدرجة ضمن عملية التوحيد الرسمية، مما دفع الشباب المحليين إلى التعبئة خوفاً من نزع سلاحهم قسراً. وفي 25 فبراير الماضي، شنت القوات الحكومية غارات جوية على مواقع المعارضة، مستهدفة أيضاً مناطق مدنية. وفي الرابع من مارس (آذار) الجاري، أعلنت ميليشيات "الجيش الأبيض" سيطرتها على بلدة ناصر الاستراتيجية، والاستيلاء على قاعدة عسكرية، متهمة الجيش بشن هجمات على قواتها، عقب قتال عنيف وساعات من الاشتباكات مع قوات "الدفاع الشعبي". ورداً على ذلك، اعتقل الرئيس سلفا كير عدداً من حلفاء مشار، مما يهدد حكومة الوحدة الهشة ويزيد احتمالات اندلاع مواجهات جديدة. وفي 19 مارس تعرضت بلدة ناصر لموجة جديدة من الغارات الجوية، حيث شنت قوات "الدفاع الشعبي" لجنوب السودان وقوات الدفاع الشعبي الأوغندية هجوماً جديداً على المنطقة.
يرتبط هذا التصعيد بفشل تنفيذ اتفاق السلام لعام 2018، الذي ينص على إصلاح أمني وتوحيد القوات المسلحة، غير أن الجمود السياسي ترك البلاد في حال أمنية هشة، مما أدى إلى تجدد الاشتباكات. ونتيجة هذا التصعيد، وتدهور العلاقات بين الرئيس سلفا كير ميارديت ونائبه رياك مشار، أعلن حزب "الحركة الشعبية - جناح المعارضة" (أحد أحزاب الائتلاف الحاكم) تعليق دوره في اتفاق السلام.
صراعات متفجرة
عندما نالت دولة جنوب السودان استقلالها عام 2011، طوت صفحات أكثر من خمسة عقود مضرجة بصراعات الحرب الأهلية، غير أنها وجدت نفسها في أتون صراعات داخلية أخرى متفجرة أبرزها الصراع الحالي، ومن أسبابه، أولاً: تواجه الدولة الناشئة ضغوطاً متزايدة من الولايات المتحدة وأطراف دولية أخرى للإسراع بإجراء الانتخابات التي تأجلت مرات عدة، وتقررت أخيراً عام 2026، وكذلك تنفيذ اتفاق السلام 2018، وإتمام الإصلاحات المتعثرة، لا سيما توحيد قيادة الجيش، مما أفرز تحديات تهدد الاستقرار ومسار السلام.
ثانياً: يرتبط التصعيد الحاد في جنوب السودان جزئياً بالضغوط الاقتصادية الناجمة عن الحرب في السودان المجاور، والتي تضررت على إثرها البنية التحتية النفطية في جنوب السودان، ونتيجة ذلك، فقدت البلاد ثلثي عائداتها النفطية بعد انفجار جزء من خط أنابيب النفط في الخرطوم عام 2024 بسبب القتال، مما أوقف تدفق النفط وأبطأ الإصلاحات. ودمرت اشتباكات القوات السودانية، في وقت لاحق من هذا العام، مصفاة الجيلي، مما أدى إلى أزمة مالية حادة وزيادة في أسعار المواد الغذائية. كما أسهمت الحرب في تدفق نحو 810 آلاف لاجئ سوداني وفقاً لمفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين. ويتفاقم الصراع في جنوب السودان بفعل استغلال النخب السياسية للهويات الإثنية لتحقيق مكاسب اقتصادية وسياسية، فقد شكل تركيز الرئيس سلفا كير على عائدات النفط، التي تمثل 90 في المئة من إيرادات البلاد، عاملاً رئيساً في تأجيج التوترات الإثنية. وأصبحت حقول النفط في ولايتي الوحدة وأعالي النيل بؤر اشتعال رئيسة، حيث تم توزيع عائدات النفط عبر شبكة المحسوبية الإثنية، مما عزز سيطرة قوات قبيلة الدينكا على الحقول النفطية واستبعاد جماعات النوير. هذا التركيز على الموارد فاقم الصراع بين قوات سلفا كير والمجموعات المعارضة بقيادة مشار.
ثالثاً: بعد مناورات نزع السلاح، اتضح أن ميل المجتمعات الجنوبية نحو الثأر وسرقة الماشية قوي، وحتى مع عمليات نزع السلاح، سيؤدي إلى استمرار العنف. وحتى مع العودة التدريجية للآليات التقليدية لحل النزاعات، مثل أنظمة تعويض الماشية، إضافة إلى إدخال آليات جديدة، مثل القضاء الفعال، لم يتم التغلب على هذه التحديات.
محطات متباينة
منذ انطلاق الحركة الشعبية لتحرير السودان لاستئناف الحرب الأهلية عام 1983 بقيادة جون قرنق، شكلت القبيلة ركيزة أساسية في بنيتها التنظيمية، مما انعكس في زعامة قرنق نفسه للحركة، واستمر هذا النهج حتى بعد الانشقاقات التي ضربت صفوفها، إذ كانت الخلافات غالباً ما تتخذ طابعاً قبلياً، كما حدث في الانشقاق الكبير عام 1991 حينما انفصلت مجموعة الناصر (نسبة إلى مدينة ناصر مسرح الصراع الحالي)، بقيادة رياك مشار المنتمي إلى قبيلة النوير ولام أكول من قبيلة الشلك، عن الحركة الأم. وقد ترك هذا الانقسام ندوباً عميقة في العلاقة بين جناح قرنق وجناح مشار - أكول، مما أدى إلى تصاعد التوترات داخل الكيان السياسي والعسكري للحركة.
أما رياك مشار، فقد شهدت مسيرته داخل الحركة الشعبية محطات متباينة بين التحالف والانشقاق. فبعد إعلان مجموعة الناصر، أسس مشار "الحركة الموحدة" عام 1992، ثم "حركة استقلال جنوب السودان" عام 1995، ودخل في مفاوضات مع حكومة الخرطوم انتهت بتوقيع "اتفاقية الخرطوم للسلام" عام 1997، التي منحته منصب مساعد الرئيس السوداني السابق عمر البشير، إضافة إلى رئاسة مجلس تنسيق ولايات الجنوب، لكنه عاد إلى الحركة عام 2000، مقدماً استقالته من مناصبه الحكومية، بعد اتهامه الخرطوم بالتورط في إرسال قوات لمحاربة مقاتليه في الجنوب، ليعود مجدداً إلى ساحة الصراع السياسي والعسكري.
وسط مشهد لم تهدأ عواصفه اندلعت حرب ديسمبر (كانون الأول) 2013 نتيجة للصراع على السلطة بين سلفا كير ومشار، فكان أن ركزت المفاوضات التي قادتها "إيغاد" ومحادثات أروشا، على تقاسم السلطة بين النخب السياسية، لكن المقاتلين أنفسهم أكدوا أن دافعهم الرئيس كان الانتقام لمجزرة النوير في جوبا منتصف ديسمبر، وتحرير عائلاتهم من المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة. وبدعم إقليمي ودولي، وقع سلفا كير ورياك مشار اتفاق السلام عام 2018، مما مهد لعودة مشار إلى جوبا نائباً أول للرئيس، غير أن التنافس السياسي بين الزعيمين لا يزال يعوق تحقيق السلام الدائم، إذ يرى كير في مشار طامحاً إلى السلطة، بينما يصفه الأخير بالديكتاتور.
"الجيش الأبيض"
تطورت مجموعات الدفاع الذاتي المجتمعية القائمة على الشباب المسلح في أجزاء كثيرة من جنوب السودان، ومنها جماعتا غولوينغ وتيتوينغ من قبيلة الدينكا، ومونيميجي من قبيلة اللاتوكا في شرق الاستوائية، وجماعة آرو بويز من قبيلة الزاندي في ولاية غرب الاستوائية. وأدت الحرب الأهلية الثانية في السودان (1983-2005) إلى انتشار الميليشيات القبلية في مختلف أنحاء البلاد لحماية السكان المدنيين وممتلكات المجتمع من غارات "الجيش الشعبي لتحرير السودان" ورعاة الدينكا، وتلقى بعض هذه الميليشيات دعماً من القوات المسلحة السودانية، ودمجت في قوات دفاع جنوب السودان.
أما "الجيش الأبيض" التابع لقبيلة النوير فقد لعب دوراً بارزاً في الحرب الأهلية، وكان مصدراً رئيساً لعدم الاستقرار استمر بعد استقلال الجنوب. وتختلف الروايات حول أصل تسمية "الجيش الأبيض"، لكن السائد أن الاسم يعود إلى تقليد قبيلة النوير في تغطية أجسادهم برماد فاتح اللون لحماية الجلد من الحشرات اللاسعة.
يبلغ العنف المرتبط بميليشيات "الجيش الأبيض" ذروته عادة خلال موسم الجفاف، عندما تتجمع الماشية على طول نهري السوباط والنيل، مما يؤدي إلى تواصل أكبر بين مختلف الميليشيات، وكذلك مع المجتمعات الأخرى. يعتمد اقتصاد وثقافة شعب النيل في جنوب السودان على الماشية، وتعد حماية هذه الثروة الثمينة شاغلاً رئيساً، لا سيما بين الشباب في معسكرات الماشية. مع اشتداد الحرب الأهلية في الجنوب في أوائل التسعينيات، بدأ شباب النوير في اقتناء كميات كبيرة من الأسلحة الصغيرة والخفيفة الحديثة، مما سمح لهم بحماية ممتلكات المجتمع والحصول على الماشية وغيرها من السلع من جيرانهم.
مثل هجوم بور (جنوب السودان) عام 1991 بقيادة رياك مشار ميلاد "جيش النوير الأبيض"، الذي نشأ في وسط وشرق ولاية أعالي النيل الكبرى في جنوب السودان. وقد تضمن ذلك الهجوم انتهاكات واسعة النطاق للمدنيين وأعمال نهب بدافع الكراهية العميقة للدينكا والرغبة في الانتقام. وفي ذلك الهجوم انضم مقاتلو "الجيش الأبيض"، إلى فصيل "الجيش الشعبي لتحرير السودان - ناصر" المنشق عن "الجيش الشعبي لتحرير السودان - الأم"، وشاركوا في هجمات ضد قبيلة الدينكا. وكانوا، جزئياً، مسؤولين عن مذبحة بور عام 1991، التي أسفرت عن مقتل ما لا يقل عن 2000 شخص.
خروج عن السيطرة
في أعقاب إعلان جوبا عام 2006 وحملات نزع السلاح التي أطلقها "الجيش الشعبي لتحرير السودان"، تم دمج الميليشيات الموالية للخرطوم في الجيش الشعبي، مما أدى إلى حل "الجيش الأبيض" موقتاً، لكنه عاد إلى الواجهة عام 2011، بقيادة نبي النوير داك كويث، الذي زعم أنه تلقى قوى روحية. بدأ بتجنيد الآلاف من شباب النوير تحت قيادة بور دوانغ، بهدف التصدي لهجمات قبيلة المورلي على الماشية والأطفال.
وفي الـ14 من يناير (كانون الثاني) 2012، شن أفراد من قبيلة المورلي غارة على مدينة ويك ديانغ، المقدسة لدى النوير، مما أسفر عن نهب 4 آلاف رأس من الماشية ومقتل 15 مدنياً. تحظى ويك ديانغ بأهمية روحية وتاريخية كبرى لدى النوير، إذ تضم ضريح النبي نغوندنغ والتل المقدس "بي دينكور"، الذي بناه الآلاف من أتباعه في القرن الـ19، قبل أن يتعرض جزئياً للتدمير على يد البريطانيين في عشرينيات القرن الماضي.
تردد أن الغارة شملت اعتداء على التل المقدس، مما دفع حفيد النبي، غاي ليل نغوندنغ، إلى إصدار مرسوم ديني يدعو النوير في كل مكان للانتقام من المورلي. وقد أكد بيان "الجيش الأبيض" أن الهجوم على ويك ديانغ "إهانة لجميع النوير"، بمن فيهم نوير إثيوبيا، وتعهد قائده العسكري بور دوانغ، بالرد على ما وصفه بإهانة النبي نغوندنغ.
وفي ديسمبر 2012، زعم بيان صادر عن "الجيش الأبيض" أنه يسعى لتشكيل تحالف مع المورلي ضد حكومة الدينكا في جوبا، في انعكاس لحال التوتر السياسي المتزايد في جنوب السودان. وأشار البيان إلى أن مشكلة النوير والمورلي الآن تكمن في سيطرة الدينكا على بور وجوبا، داعياً إلى تحالف مشترك لإسقاط حكومة الدينكا باعتبارها الحل الوحيد لإنهاء سرقة الماشية.
في ظل هذا المشهد المتقلب، أصبح "الجيش الأبيض" قوة يصعب السيطرة عليها، متجاوزاً خلافاته السابقة مع المورلي لمصلحة هدف جديد يتمثل في تغيير معادلة السلطة في جنوب السودان. ورغم ادعاء رياك مشار في شهادته أمام لجنة تحقيق الاتحاد الأفريقي أنه أحكم السيطرة على قوات المعارضة المسلحة منذ 17 ديسمبر 2013، فإن تاريخ "الجيش الأبيض" يثبت العكس، إذ لم يكن لمشار أو ممثليه أي دور في تعبئته عقب مجازر جوبا.
التدخل الأوغندي
أرسلت أوغندا قوات خاصة إلى جوبا للمشاركة في عمليات قصف جوي لدعم الجيش الوطني الجنوبي بناء على طلب الحكومة التي نفت في البداية وجود قوات أوغندية، لكن وزير الإعلام مايكل ماكوي أقر لاحقاً بأن بعض الوحدات الأوغندية كانت موجودة في البلاد، لتقديم الدعم للجيش الجنوبي.
تدخل الرئيس الأوغندي يوويري موسيفيني سابقاً في صراع جنوب السودان لإبقاء حليفه سلفا كير في السلطة وحماية العاصمة جوبا عام 2013 بعد اشتعال المعارك بين الجيش الشعبي ومتمردي حكومة الجنوب. وكان التدخل الأوغندي يتماشى مع اتفاقات قديمة بين البلدين لمحاربة الجماعات المسلحة الأوغندية مثل "جيش الرب للمقاومة"، إضافة إلى تعزيز التعاون العسكري. ومع ذلك واجه هذا التدخل معارضة شديدة من الجماعات المعارضة في جنوب السودان، التي عدت الوجود الأوغندي تدخلاً في شؤون البلاد الداخلية.
وضع رياك مشار شروطاً لإيقاف القتال، أبرزها انسحاب القوات الأوغندية وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين، لكن سلفا كير رفض هذه المطالب، مما عزز التوترات بين الطرفين. ومع أن موالين للحكومة عدوا التدخل الأوغندي في جنوب السودان، خطوة استراتيجية لخلق توازن سياسي، وخطوة لتعزيز الاستقرار في المناطق التي شهدت اضطرابات متكررة، غير أن دوافع أوغندا تتجاوز مجرد حفظ الأمن، إلى أهداف أخرى.
جنوب السودان سوق رئيسة للمنتجات الأوغندية
اقتصادياً، يعد جنوب السودان سوقاً رئيسة للمنتجات الأوغندية، كما يتم التبادل التجاري في قطاعات النفط والموارد الطبيعية، مما يجعل استقرار جوبا أولوية لضمان تدفق التجارة والتعاون الاقتصادي المستدام بين البلدين. وإقليمياً، يثير هذا التدخل تساؤلات حول تداعياته على توازن القوى في المنطقة، حيث تخشى بعض الدول أن يكون سابقة تفتح الباب لمزيد من التدخلات العسكرية، مما قد يؤدي إلى استنزاف إقليمي طويل الأمد. أما دولياً، فالمواقف متباينة، إذ ترى بعض القوى أن التدخل ضروري للحفاظ على استقرار جنوب السودان، بينما تعده أخرى تكريساً للهيمنة الأوغندية، مما قد يعيد تشكيل معادلات النزاع في البلاد.
سيناريوهات محتملة
السيناريو الأول: إذا استمرت ميليشيات النوير في تصعيد هجماتها، فقد تحاول السيطرة على ملكال، المدينة متعددة الإثنيات وعاصمة ولاية أعالي النيل. مثل هذا التحرك سيكون بمثابة نقطة تحول كارثية، إذ قد يؤدي القتال إلى مجازر إثنية واسعة النطاق، مما يثير دوامة من العنف الانتقامي في بقية الولاية وربما في مختلف أنحاء البلاد. في ظل هذه الفوضى، قد يشن جيش جنوب السودان عملية عسكرية واسعة لاستعادة مدينة ناصر، مما يعمق الصراع ويجعل احتواءه شبه مستحيل.
السيناريو الثاني: استغلال سلفا كير الأزمة لتعزيز سلطته، إذ يسود توتر شديد في العاصمة جوبا خصوصاً بعد مقتل الجنرال ماجور داك أحد قادة قبيلة الدينكا، الذي حاصرته قوات النوير أثناء اجتياحها ناصر. قد يسعى الرئيس سلفا كير إلى استغلال مقتل ماجور داك، لتعزيز موقفه بين أبناء قبيلته، إذ يمكنه حشد الدعم الإثني لمواجهة القوى المناوئة له.
السيناريو الثالث: إذا خرج الوضع عن السيطرة، فقد يشهد جنوب السودان انهياراً شاملاً للدولة واتفاق 2018، مما يؤدي إلى موجة جديدة من المجازر الإثنية والتطهير العرقي، ويفتح المجال أمام تحالفات متغيرة بين السياسيين وقادة الميليشيات، الذين قد يلجأون إلى قائد الجيش السوداني عبدالفتاح البرهان أو قائد قوات "الدعم السريع" محمد حمدان دقلو "حميدتي" للحصول على دعم عسكري. مثل هذا السيناريو قد يحول جنوب السودان إلى ساحة مفتوحة لحرب بالوكالة، إذ تستغل القوى الإقليمية الفوضى لتحقيق مصالحها، بينما ينهار أي أمل في تحقيق استقرار حقيقي.
السيناريو الرابع: تدخل إقليمي لإنقاذ الوضع، فلا يزال من الممكن تفادي هذا المصير، لكن ذلك يتطلب استجابة دبلوماسية عاجلة، فقد بدأ الرئيس الكيني ويليام روتو بالفعل محادثات مع كير ومشار في السادس من مارس، ويتوقع أن تتكامل جهوده مع تحركات قادة آخرين مثل رئيس جنوب أفريقيا سيريل رامافوزا، ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد.