ملخص
استضافت العاصمة الفرنسية باريس اليوم الخميس قمة جديدة لـ"تحالف الراغبين" سعياً إلى وضع "اللمسات الأخيرة" على "الضمانات الأمنية" التي ستقدم لكييف في حال التوصل إلى اتفاق سلام مع روسيا، واستبق الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون انعقادها بالتحدث مع نظيره الأميركي دونالد ترمب، فيما اتهمت موسكو كييف باستهداف منشآت طاقة.
افتتحت صباح اليوم الخميس في باريس قمة جديدة لـ"تحالف الراغبين" الذي يفترض أن "يضع اللمسات الأخيرة" على "الضمانات الأمنية"، التي ستقدم لكييف في حال التوصل إلى اتفاق سلام مع روسيا.
وعقدت قمة "تحالف الراغبين" داخل قصر الإليزيه، حيث جلس الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إلى جانب نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون. ومن بين المشاركين فيها رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر ورئيسة الحكومة الإيطالية جورجيا ميلوني والمستشار الألماني أولاف شولتز ونائب الرئيس التركي جودت يلماز والأمين العام لحلف شمال الأطلسي (ناتو) مارك روته.
وتحدث الرئيس الفرنسي مع نظيره الأميركي دونالد ترمب "قبل" القمة وبعد اجتماع عقده ماكرون مساء أمس الأربعاء مع زيلينسكي.
وقال الرئيس الأوكراني اليوم على شبكات التواصل الاجتماعي "أوروبا قادرة على الدفاع عن نفسها. يجب أن نثبت ذلك"، مرفقاً منشوره بصورة تجمع القادة الحاضرين المشاركين في القمة.
من جهته، قال رئيس المجلس الأوروبي أنطونيو كوستا اليوم خلال افتتاح القمة، إنه يجب "مواصلة الضغط" على روسيا من خلال العقوبات التي فرضت على موسكو منذ الهجوم على أوكرانيا عام 2022.
تبادل الاتهامات
بعد سلسلة من اللقاءات السياسية والعسكرية التي نظمتها باريس ولندن منذ منتصف فبراير (شباط) الماضي، حان الوقت "لاستخلاص استنتاجات تنفيذية"، وفق ما أوضحت الرئاسة الفرنسية للصحافة.
وكان الثنائي الفرنسي – البريطاني وراء المبادرة توازياً مع عملية المفاوضات التي أطلقتها الولايات المتحدة بقيادة ترمب مع كييف من جهة، ومع موسكو من جهة أخرى، بغية إنهاء الحرب بعد أكثر من ثلاثة أعوام على بدئها.
وأول من أمس الثلاثاء بعد محادثات في السعودية برعاية واشنطن، أعلن اتفاق بشروط حول هدنة في البحر الأسود ووقف القصف الذي يستهدف منشآت الطاقة.
لكن منذ أمس، تتبادل السلطات الروسية والأوكرانية الاتهامات بالرغبة في عرقلة ذلك، مع اتهام موسكو كييف خصوصاً بشن ضربات على منشآت طاقة.
واليوم، قال مسؤول أوكراني كبير لوكالة الصحافة الفرنسية، إن أوكرانيا وروسيا لم تضربا منشآت طاقة في كلا البلدين منذ أول من أمس. وأضاف المسؤول الذي طلب عدم كشف اسمه، "منذ الـ25 من مارس (آذار) الجاري، لم نشهد أية ضربات روسية مباشرة على قطاع الطاقة، لذلك لم نضرب" منشآت الطاقة الروسية.
في المقابل، اتهمت روسيا أوكرانيا بإطلاق مسيرات وقذائف مدفعية استهدفت مواقع للطاقة تابعة لها في منطقة بريانسك الحدودية والقرم التي ضمتها موسكو، الأمس واليوم، على رغم الاتفاقات التي أعلنتها واشنطن.
وأفادت وزارة الدفاع الروسية بأن كييف أطلقت مسيرة باتجاه موقع للكهرباء في منطقة بريانسك أمس، وأطلقت قذائف مدفعية باتجاه وحدة للطاقة في المنطقة ذاتها اليوم. واستهدفت منشأة لتخزين الغاز في القرم أمس.
وأوضحت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا اليوم، أن مبادرة البحر الأسود المقترحة هي اتفاق جديد وليست امتداداً لاتفاق سابق.
اتفاق السلام "سيستغرق وقتاً"
أدى وصول ترمب إلى البيت الأبيض والذي جدد الحوار مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين، إلى إعادة خلط الأوراق في ما يخص الصراع.
ولدى وصوله إلى واشنطن أمس، قال السفير الروسي الجديد لدى الولايات المتحدة ألكسندر دارتشيف إن هناك "نافذة فرصة" للبلدين، ووعد باستغلالها للمساهمة في تطبيع العلاقات بينهما.
لكن على رغم التفاؤل الذي أبداه الرئيس الأميركي، أقر وزير خارجيته ماركو روبيو الذي يزور جامايكا، بأن التوصل إلى اتفاق سلام "لن يكون سهلاً" و"سيستغرق وقتاً".
ومن جهته اعتبر ماكرون أن روسيا من خلال الاستمرار في ضرب أوكرانيا "أظهرت رغبتها في الحرب"، مقدراً أنه "من المبكر جداً" التحدث عن رفع العقوبات. وقال الرئيس الأوكراني مساء أمس داخل باريس "روسيا تراهن على الوقت، يجب مواصلة الضغط على روسيا".
وحض الرئيسان موسكو على الموافقة على وقف شامل لإطلاق النار لمدة 30 يوماً "من دون شروط مسبقة".
من جهته، قال كير ستارمر في بيان نشر صباح اليوم إنه "على عكس الرئيس زيلينسكي، أظهر بوتين أنه ليس جاداً في محادثات السلام هذه. وعوده فارغة".
نشر قوات أوروبية
من دون انتظار الوساطة الأميركية لتحقيق أهدافها، تريد معظم دول الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء في الـ"ناتو" التي همشت من المفاوضات التي بدأها ترمب، المضي قدماً في شأن ضمانات أمنية لأوكرانيا.
وأوضح الإليزيه أن تلك الضمانات الأمنية يجب أن تشمل تقديم مساعدة للجيش الأوكراني، وكذلك "قوة طمأنة" مكونة من دول أوروبية متطوعة تنشر على الأراضي الأوكرانية فقط في إطار اتفاق سلام، وهو اقتراح موضع خلاف.
ودافع ماكرون أمام الصحافة عن ذلك الاقتراح متحدثاً عن "نهج سلمي"، معتبراً أنه "احتياط استراتيجي للمساعدة في ردع أي عدوان روسي جديد". وشدد على أن هذه الوحدات "لن تذهب إلى الجبهة" حتى لو اضطرت إلى "الرد" إذا تعرضت "لهجوم". وأشار إلى أنه لن تكون قوة مراقبة لوقف محتمل لإطلاق النار ولا قوة تدخل، متحدثاً عن إمكان القيام بعملية "حفظ سلام" منفصلة يمكن أن تكون تحت "تفويض الأمم المتحدة".
وأخيراً، يفترض أن تشمل الضمانات الأمنية الدعم الذي سيكون الأميركيون مستعدين لتقديمه للأوروبيين والذي سيكون ضرورياً لعدد من الدول لاتخاذ قرارها بالمشاركة في هذه المبادرة، وهو دعم لم يلتزمه ترمب رسمياً بعد.
لكن خلال الآونة الأخيرة، يبدو أن فرنسا والمملكة المتحدة ركزتا بصورة أقل على نشر قوات برية، وهو أمر ترفضه روسيا بصورة قاطعة.
ويعد الجانب الفرنسي أن "أفضل ضمان لأمن" أوكرانيا هو الجيش الأوكراني بحد ذاته، من ثم يتعين تعزيزه.
باريس تحض بكين على إقناع موسكو بالمفاوضات
في سيق متصل، حض وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو بكين اليوم على المساعدة في الضغط على روسيا للدخول في مفاوضات تهدف لإنهاء حربها على أوكرانيا، وذلك أثناء لقائه نظيره الصيني وانغ يي.
وأفاد بارو بعد أن اجتمع مع وانغ في دار الضيافية الحكومية "ديايوتاي" صباح اليوم، بأنهما أجريا "محادثات صريحة وبناءة ومعمقة". وأضاف أن على الصين وفرنسا "التنسيق لدعم سلام عادل ودائم في أوكرانيا". وتابع أن "لدى الصين دور ينبغي أن تؤديه يتمثل في إقناع روسيا بالجلوس إلى طاولة المفاوضات مع مقترحات جدية وعن حسن النية".
ورد وانغ بالقول إن الصين "ستعزز أكثر تنسيقنا الاستراتيجي في شأن القضايا الدولية والإقليمية الملحة".
وتصر الصين على أنها طرف محايد في نزاع أوكرانيا، لكنها حليف سياسي واقتصادي مقرب من روسيا علماً أن أعضاء "ناتو" وصفوا بكين بأنها "عامل تمكين حاسم" في الحرب التي لم تدنها قط.
التطورات الميدانية
ميدانياً، قال القائد العام للقوات المسلحة الأوكرانية الجنرال أولكسندر سيرسكي الذي زار منطقة سومي شمال شرقي البلاد اليوم، إن القوات الروسية تكثف عملياتها داخل المنطقة في محاولات للتقدم.
وأضاف في منشور عبر "فيسبوك"، إن الجيش الأوكراني ينفذ عمليات دفاعية وهجومية لمنع روسيا من التقدم في عمق المنطقة الأوكرانية.
وتقع مدينة سومي على الحدود مع منطقة كورسك الروسية حيث تواجه القوات الأوكرانية صعوبات خلال الأسابيع الماضية للاحتفاظ بالأراضي الروسية التي استولت عليها في هجوم عبر الحدود بدأ خلال أغسطس (آب) 2024.
وقالت القوات الجوية الأوكرانية اليوم إن روسيا أطلقت 86 طائرة مسيرة وصاروخاً باليستياً واحداً من طراز "إسكندر أم" خلال هجمات ليلية.
وذكر بيان على تطبيق "تيليغرام" أن القوات الجوية أسقطت 42 طائرة مسيرة، فيما لم تصل 26 طائرة أخرى إلى أهدافها بسبب التشويش الإلكتروني على الأرجح. ولم يذكر البيان ما مصير الطائرات المسيرة المتبقية وعددها 18.
وذكرت وكالة "تاس" الروسية للأنباء اليوم أن روسيا أعادت خمسة أطفال إلى أوكرانيا بعد وساطة قطرية.