Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.
اقرأ الآن

مستقبل غائم يواجه أسواق النفط

الشركات الأميركية تتضرر ومخاوف من تراجع الطلب العالمي أكثر من المتوقع وتخمة في العرض

فقد مؤشر شركات الطاقة في بورصة "وول ستريت" بنيويورك 16 في المئة من قيمته (اندبندنت عربية)

ملخص

لم تسلم شركات الطاقة الأميركية الكبرى من هبوط أسعار أسهمها بما فيها الشركات العملاقة مثل "إكسون موبيل" و"شيفرون"، وهوت أسهم بعض الشركات مثل "بيكر هيوز كو" بنسبة أكثر من 20 في المئة

في الـ48 ساعة الأخيرة من الأسبوع الماضي (الخميس والجمعة) عقب إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترمب فرض التعريفة الجمركية على شركاء بلاده التجاريين حول العالم، فقد مؤشر شركات الطاقة في بورصة "وول ستريت" بنيويورك 16 في المئة من قيمته.

ولم تسلم شركات الطاقة الأميركية الكبرى من هبوط أسعار أسهمها بما فيها الشركات العملاقة مثل "إكسون موبيل" و"شيفرون"، وهوت أسهم بعض الشركات مثل "بيكر هيوز كو" بنسبة أكثر من 20 في المئة.

وربما يفسر ذلك بأنه ضمن هبوط مؤشرات الأسهم بصورة عامة ليس في "وول ستريت" فحسب وإنما حول العالم، أو حتى نتيجة هبوط أسعار النفط خلال اليومين الأخيرين 13 في المئة، ذلك على رغم أن إعلان التعريفة الجمركية استثنى الطاقة ومنتجاتها من تلك الرسوم.

وكان أسوأ هبوط في أسهم شركات إنتاج الغاز والنفط الصخري، التي تشهد أصلاً تراجعاً خلال الفترة الأخيرة، على رغم سياسة الإدارة الأميركية التي تستهدف هيمنة أميركا على سوق النفط العالمية بزيادة الإنتاج بنحو 3 ملايين برميل يومياً.

وتنتج أميركا حالياً أكثر من 13 مليون برميل يومياً وأصبحت من بين كبار المصدرين للنفط بصادرات تفوق 4 ملايين برميل يومياً إلى أوروبا وآسيا.

إلا أن السبب الأهم وراء الهبوط الكبير في أسهم شركات الطاقة يرجع إلى تهاوي سعر الخام الأميركي الخفيف (مزيج غرب تكساس) عن مستوى التشغيل المستدام للشركات الذي يحدده الاحتياط الفيدرالي لدالاس عند سعر 65 دولاراً للبرميل، وهو ما يعني أن تلك الشركات تعمل في نطاق ليس عدم ربحية فحسب، بل ربما تواجه الخسارة أيضاً إذا استمرت الأسعار منخفضة بهذه الصورة أو أكثر.

توقعات سلبية

هي إذاً الصورة الضبابية للسوق النفطية التي هوت بأسهم شركات الطاقة، خصوصاً الشركات الأميركية الكبرى، فإذا كان سعر خام "برنت" القياسي انخفض خلال تعاملات نهاية الأسبوع إلى قرب حاجز 65 دولاراً للبرميل فإن الخام الأميركي اقترب من حاجز 60 دولاراً للبرميل (أنهى التعاملات على نحو 61 دولاراً للبرميل).

حتى مع استثناء إدارة ترمب للطاقة من التعريفة الجمركية التي أطلقت بها الصاروخ الأول في الحرب التجارية العالمية، فإن تبعات تلك القرارات على الاقتصاد الأميركي والاقتصاد العالمي تزيد من مخاوف الأسواق، بما فيها أسواق الطاقة، من عودة الضغوط التضخمية واحتمالات الركود، وسيعني ذلك تراجعاً شديداً في الطلب العالمي على الطاقة نتيجة تباطؤ النشاط الاقتصادي.

تلك المخاوف يمكن أن تجعل "أوبك" ووكالة الطاقة الدولية وغيرهما من المؤسسات والبنوك الاستثمارية تراجع تقديراتها لنمو الطلب العالمي على النفط هذا العام، فـ"أوبك" تتوقع نمو الطلب العالمي بنحو 1.4 مليون برميل يومياً، بينما مؤسسات أخرى تتوقع نمواً بنحو 1.1 مليون برميل يومياً أو حتى أقل من مليون برميل يومياً.

وإذا استمر فرض التعريفة الجمركية الأميركية ولم تتوصل إدارة ترمب إلى اتفاقات مع شركائها التجاريين تعلق تلك العقوبات أو تلغيها، فإن مصير أرقام نمو الطلب على النفط يصبح محل شك كبير.

ويضاف إلى احتمال تراجع الطلب العالمي على النفط زيادة أيضاً في جانب العرض مما يهدد بتوافر تخمة معروض نفطي تضغط على الأسعار نزولاً أكثر، فقد أعلن تحالف "أوبك+" عن بدء تخفيف قيود سقف الإنتاج وإضافة ما يزيد على 400 ألف برميل يومياً من الإنتاج النفطي للسوق بدءاً من شهر مايو (أيار) المقبل.

أزمات نفطية حديثة

غالباً ما تهبط أسعار النفط بأكثر من نسبة سبعة في المئة خلال يوم واحد في ظل أزمات مثل الحروب ذات التبعات الجيوستراتيجية المؤثرة في الأسواق، أو وباء شامل يضرب العالم كله أو خلافات تجارية واسعة النطاق، كما هي الحال مع الموجة الأخيرة من فرض التعريفة الجمركية التي أعلنتها الإدارة الأميركية.

وخلال فترة رئاسة ترمب الأولى وتحديداً مطلع أغسطس (آب) 2019 حين هدد الرئيس الأميركي بفرض تعريفة جمركية بنسبة 10 في المئة على صادرات صينية بقيمة 300 مليار دولار، ونتيجة مخاوف السوق من انهيار الطلب الصيني على النفط هبطت الأسعار بنحو نسبة ثمانية في المئة.

وخلال التاسع من مارس (آذار) عام 2020 مع بداية الأزمة العالمية نتيجة وباء كورونا ونتيجة خلافات بين المنتجين فاقمت من تأثير أزمة الوباء، هوت أسعار النفط بأكثر من 24 في المئة ليصل سعر خام "برنت" إلى 34 دولاراً للبرميل.

اقرأ المزيد

وفي الـ20 من أبريل (نيسان) من العام ذاته كانت أزمة وباء كورونا أدت إلى إغلاق معظم الاقتصادات حول العالم، وانهار الطلب على الطاقة ضمن انهيارات أخرى، وفي ذلك اليوم فقدت أسعار النفط أكثر من 300 في المئة من قيمتها ووصل سعر خام "برنت" إلى 25 دولاراً للبرميل.

وأصبحت الأسعار بالسالب بالنسبة إلى الخام الأميركي الخفيف (مزيج غرب تكساس) الذي أصبح سعره (37-) دولاراً للبرميل، وأدى ذلك إلى انهيار أنظمة السوق التي لم تكن جاهزة للتعامل مع أسعار بـ"السالب".

وخلال الـ26 من نوفمبر (تشرين الثاني) 2021 ومع ظهور متحور "أوميكرون" من الفيروس المسبب لوباء كورونا، وخشية الأسواق من عودة الإغلاق عالمياً وحظر السفر ومن ثم انهيار الطلب على النفط مجدداً، هبطت الأسعار بنسبة 13 في المئة، إضافة طبعاً إلى تذبذبات الأسعار في تواريخ مختلفة خلال الأعوام الأخيرة نتيجة أحداث أقل تأثيراً، وإن كان بعضها ضغط على أسعار النفط لتهبط بما يقارب سبعة في المئة، كما حدث يوم الـ19 من يوليو (تموز) 2021 حين أعلنت "أوبك" زيادة الإنتاج بنحو 400 ألف برميل يومياً.

توازن السوق

صحيح أن "أوبك" وشركاءها ضمن تحالف "أوبك+" وفي المقدمة روسيا لديها آليات للحفاظ على توازن سوق النفط وضمان استقرار معادلة العرض والطلب، لكن عدم وضوح تأثير قرارات التعريفة الجمركية الأميركية يجعل أي تحرك الآن غير مضمون النتائج، فقرار "أوبك+" تخفيف قيود سقف الإنتاج التي سحبت نحو 6 ملايين برميل يومياً من السوق منذ عام 2022، اتُّفق عليه قبل إعلان ترمب للتعريفة الجمركية ورد فعل الأسواق.

وتظل سياسة "أوبك" وتحالف "أوبك+" ضمن الالتزام بسقف إنتاج يتناسب مع حجم الطلب العالي على النفط، وتلك الزيادة هي من الخفض الطوعي غير سقف الإنتاج الرسمي الذي تتحمل القدر الأكبر منه السعودية.

وفي ظل التنسيق المتواصل بين السعودية وروسيا، أكبر المنتجين من خارج "أوبك" ضمن تحالف "أوبك+"، يمكن توقع تحرك التحالف لإعادة التوازن إلى السوق حتى من دون انتظار الاجتماعات الدورية لـ"أوبك" والتحالف.

وينتظر الجميع مرور عطلة نهاية الأسبوع وعودة الأسواق للعمل الأسبوع المقبل لتحديد ما يمكن عمله، ففي حال استمرار هبوط الأسواق عموماً في ظل ردود فعل انتقامية على الإجراءات الأميركية ستزيد المخاوف من احتمالات التضخم والركود الاقتصادي معاً، أي الركود التضخمي الذي قد يقود إلى كساد.

أما إذا بدأت الدول المختلفة في مفاوضات مع واشنطن للتوصل إلى حلول وسط، كما بدأت المؤشرات من دعوة الصين الولايات المتحدة إلى مفاوضات تجارية لتجنب الحرب المتصاعدة، فإن ذلك سيقلل من روع الأسواق التي قد تعود للتوازن. ومن شأن ذلك أن يزيل كثيراً من الضغط على أسعار النفط بما ينفي الحاجة إلى تدخل المنتجين لضبط توازن السوق.

وكثيراً ما شهدت السوق النفطية مثلها مثل بقية الأسواق أزمات مشابهة مرت في النهاية واستعادت السوق توازنها، إنما تتركز ضبابية المستقبل على عدم القدرة على توقع تصرفات الإدارة الأميركية الحالية، من ثم أيضاً يصعب تقدير ردود الفعل العالمية وتأثير كل ذلك طويل المدى في الاقتصاد العالمي وأدائه، بالتالي في الطلب على الطاقة.

المزيد من البترول والغاز