يبدو أن العقوبات الأميركية على إيران أثرت بدرجة كبيرة على الأوضاع الاقتصادية في طهران، بخاصة مع النظر إلى انخفاض عائدات إيران النفطية بنسبة 90% خلال عام واحد، بالتوازي مع ما تشهده البلاد من احتجاجات جراء رفع أسعار المحروقات.
لكن وفقا لمعلومات استخباراتية أميركية، فإن جهود طهران للتهرب من العقوبات الأميركية أدت إلى تعويض بعض الخسائر الناجمة عن هبوط صادرات النفط، لكن وفقاً لمعلومات استخباراتية أميركية، فإن إيران تستخدم احتياطاتها من العملات الصعبة من أجل استيراد حاجاتها الأساسية.
ويرى خبراء أميركيون أن النقص في السيولة الأجنبية إلى جانب انخفاض إنتاج النفط يجعل الضغوط الاقتصادية على إيران أكبر مما كانت عليه في عام 2013.
وشهدت عدة مدن إيرانية تظاهرات عنيفة، احتجاجاً على رفع أسعار المحروقات، بعد رفع الحكومة الدعم عنها وزيادة أسعارها بنسبة 50%، لتخفيف أعباء الأزمة الاقتصادية التي تعيشها طهران.
وفي تصريحات حديثة، قال المبعوث الأميركي الخاص إلى إيران، براين هوك، إن طهران يمكنها الوصول إلى نحو 10% فقط من احتياطاتها النقدية، حيث إن العقوبات الأميركية تمنع الحكومة من استغلالها بالكامل، وإذا أرادت إيران منع المزيد من ارتفاع الأسعار فسيتعيّن عليها استخدام المزيد من احتياطاتها النقدية، وهذا أمر لا يمكن أن يستمر مع تواصل وشدة العقوبات الأميركية.
التقرير أشار إلى أن إيران قد تحتاج إلى استخدام 20% من احتياطها النقدي في السنة المقبلة للحفاظ على سعر صرف عملتها وخفض التضخم الذي بلغ نحو 36% هذه السنة، وهو أعلى بقليل مما كان عليه في عام 2013.
وإذا كانت إيران تعاني انخفاضاً خطيراً في احتياطاتها، فإن هذا قد يؤدي إلى حدوث أزمة في ميزان المدفوعات وانهيار إضافي في سعر صرف عملتها، وإلى تضخم وتسريح جماعي للموظفين، لأنها لن تكون قادرة على شراء آلات وتكنولوجيا تحتاجها لدعم اقتصادها، وقد يؤدي فقدان القدرة على الاقتراض أو استغلال احتياطاتها إلى أزمة تتطلّب تدخلاً دولياً، كما حدث في اليونان عام 2010.
الأزمة أسوأ مما كان يُعتقد
التقرير الاستخبارتي الأميركي، كشف أن الأزمة المالية في طهران أسوأ مما كان يُعتقد، وأن البلاد على حافة أزمة، وذلك بسبب تأثر الاقتصاد الإيراني الخاضع للعقوبات واستمرار الاحتجاجات في جميع أنحاء البلاد مع استمرار الظروف الاقتصادية الصعبة التي تواجهها غالبية الأسر والشعب الإيراني في الوقت الحالي.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ويقول المسؤولون الأميركيون إن التراجع الضخم في حجم الاحتياطي الإيراني، بالإضافة إلى انخفاض النفط، وتزايد العجز التجاري، يضع إيران في ضائقة اقتصادية أكبر مما كانت عليه في 2013، عندما تعرضت حكومة الرئيس حسن روحاني إلى ضغوط لبدء مفاوضات نووية رسمية مع القوى العالمية.
ويكتنف الغموض وضع الاقتصاد الإيراني، إذ لا تعتبر الإحصاءات الاقتصادية الرسمية دائماً موثوقة أو شفافة، فيما تشير المعلومات الاستخباراتية إلى أن الحكومة الإيرانية قد تحصل على قسط كافٍ من المداخيل الخارجة من الحساب لتخفيف العجز. ومع ذلك، تُشير الاضطرابات في إيران التي أشعلها ارتفاع أسعار البنزين إلى استياء متراكم بين سكان استنزفهم تشديد العقوبات.
وتُبرز الاحتجاجات المهمة الصعبة التي تواجهها الحكومة الإيرانية التي تحاول تقليص الطلب على الوقود في الداخل لتتمكن من إطلاق عوائد جديدة عن طريق بيع المزيد من الوقود في الخارج عبر القنوات السرية.
إيران تتورط في أزمات جديدة مع شدة العقوبات
فيما قال مسؤولون وخبراء أميركيون إن التقييم الجديد للولايات المتحدة فيما يتعلق بالأزمة مع إيران، يشير إلى أن طهران تقترب من نقطة تواجه فيها خياراً بين العودة إلى المفاوضات، أو شن هجمات جديدة على حلفاء أميركا، وإمدادات الطاقة العالمية. وأفاد مسؤول كبير في الإدارة الأميركية في إشارة إلى اعتداءات تشمل هجمات على إمدادات الطاقة ونشر صواريخ موجهة بدقة في لبنان وسوريا "إنها في حالة عدوان مذعور".
وبحسب صحيفة "وول ستريت جورنال"، فإن العامل الرئيس في تقييم الولايات المتحدة يتمثل في احتياطيات البلاد من العملات الأجنبية التي تمثل النقد الطارئ الذي تستخدمه الدول لسداد الديون التجارية، وحماية العملة، وتجنب الاضطرابات المالية.
وفي إيران، يقدر صندوق النقد الدولي احتياطات العملة بنحو 86 مليار دولار في الوقت الراهن، أي أقل بـ 20% عن مستوى 2013، عندما أجبر الضغط المالي العالمي إيران على التفاوض حول برنامجها النووي.
وقال المبعوث الأميركي الخاص إلى إيران "إذا كانت إيران ستمنع تسارعاً إضافياً في الأسعار، فسيتعين عليها أن تحترق بالمزيد من الاحتياطيات... نظراً للعقوبات الحالية المفروضة على أهم الصادرات المدرة للدخل، فإن هذا ببساطة غير مستدام للنظام".
ضربات مستمرة للاقتصاد الإيراني في 2019
وتلقى الاقتصاد الإيراني ضربات متعددة خلال العام الحالي، ومن المرجح أن يستمر في التدهور السنة المقبلة بسبب العقوبات الأميركية وتقلص الصادرات النفطية وانخفاض قيمة العملة والفساد المالي واحتمال إعادة فرض المزيد من العقوبات، بما أنّ إيران مستمرة في خرق الاتفاق النووي.
وتشير بيانات رسمية نشرها البنك المركزي الإيراني، إلى أن الديون الخارجية المستحقة على إيران بلغت نحو 10.441 مليار دولار خلال العام الماضي، وقبل اتجاه الولايات المتحدة إلى تصفير صادرات النفط الإيراني التي اقتربت في الوقت الحالي من مستوى 100 ألف برميل، كان إنتاج إيران من النفط خلال الفترة من 21 مارس (آذار) وحتى 21 مايو (أيار) من عام 2018 يبلغ 3.805 مليون برميل، ويتم تصدير نحو 2.390 مليون برميل يومياً.
وحسب التقارير الإيرانية، فإن الحكومة خصصت في ميزانية عام 2017 نحو 12 مليار دولار للقوات المسلحة، من بينها ما يقارب 7 مليارات دولار للحرس الثوري وأنشطته، وللجيش نحو 2.5 مليار دولار، أي أنها خصصت للحرس الثوري ثلاثة أضعاف ما خصصته للجيش، وكان نصيب وزارة الدفاع نحو مليار دولار، وتَوَّزع الباقي على الأجهزة الأمنية الداخلية.
وقبل أن تفرض وزارة الخزانة الأميركية عقوبات ثانوية على قطاعي النفط والغاز في نوفمبر (تشرين الثاني) 2018، كانت طهران تُصدِّر أكثر من مليوني برميل يومياً، وخلال سنة واحدة فقط انهارت صادرات النفط إلى أقل من 200 ألف برميل يومياً، وهذا يعني انخفاضاً بنحو 90% في عائدات النفط التي كانت تعتمد عليها إيران في تمويل الموازنة العامة للبلاد.