اتضح أن بوريس جونسون صوّر اليهود بالمسيطرين على وسائل الإعلام وأنهم قادرون على "التلاعب" بالانتخابات، وذلك في رواية له، ليست معروفة على نطاق واسع ألّفها عام 2004 عندما كان نائباً في البرلمان عن حزب المحافظين.
وبسبب مقاطع من الرواية التي تحمل عنوان "اثنتان وسبعون عذراء - سفينتي تو فيرجينز"، وُصف زعيم المحافظين بأنه "غير أهْلٍ ليكون رئيساً للوزراء"، بالإضافة إلى احتواء الكتاب على تصويرات مشكك فيها للأقليات العرقية.
من خلال سرده قصة هجوم إرهابي مُتخيَّل على ويستمنستر، يقدم جونسون توصيفات لمسلمي كوسوفو على أنهم يمتلكون "أنوفاً معقوفة"، بينما يصف شخصية تنتمي إلى خلفية عرقية مختلطة على أنها "هجينة".
يستخدم جونسون، الذي يحتل حالياً منصب رئيس الوزراء، الإهانات العنصرية بشكل متكرر على لسان المؤلّف الراوي، حيث يقدم مجموعة من الشخصيات على أنهم "غجر" وهو وسم عرقي للجماعات المتنقلة في بريطانيا، بينما يسمي شخصية أخرى بـ "الرجل الصيني".
أما المقطع المتعلق باليهود فيرِد ضمن سياق الحكاية في جزء تُجبَر فيه دول العالم كافة على أن يصوّت كل منها على حدة حول ما إذا كان ينبغي إطلاق سراح سجناء خليج غوانتانامو.
وفي وصفه للموقف، قال السيد جونسون: "وما زالت أخبار التصويت سيئة بالنسبة لأميركا، مع أنها لم تكن في نفس السوء الذي بدت عليه في البداية. وكانت بعض الدول، مثل المملكة العربية السعودية، تصر بنسبة 100 في المئة تقريباً على إعادة السجناء إلى بلادهم. ولكن كانت هناك جيوب دعم غريبة للرئيس. ربما كان يعتقد أن روسيا، بعد إذلالها في الحرب الباردة، ستنتهز الفرصة لتدوس على عنق الخصم القديم. لكن لا، لقد كانت للروس مشاكلهم مع الإرهاب الإسلامي. ربما كان هناك نوع من التلاعب بالأرقام من قِبل القلة الذين كانوا يديرون محطات التلفزيون (والذين كانوا بشكل أساسي- حيث لا يحتاج البعض لإضاعة أي وقت في الإشارة إلى ذلك- من أصل يهودي) ، لكن يبدو أن روسيا، وهي واحدة من أكثر الدول اكتظاظاً بالسكان في العالم، كانت تصوت بشدة لصالح أميركا".
هذا المقطع هو مجرد جزء من عشرات الأجزاء المشكوك فيها، والتي تحمل أبعاداً عنصرية، الواردة في الرواية. في جزء منفصل يقوم خلاله بتقديم أحد الإرهابيين، ويُدعى جونز، يبدو أن السيد جونسون يشير أيضاً إلى أن "البشرة السمراء" لا تتوافق مع كون المرء من ويلز.
كتب جونسون: "’بسرعة"، قال الشخص الذي يدعى جونز، وهو خارج من المرحاض. "سيكون حراس المرور هنا". بالتأكيد كان هناك شيء إيقاعي وشرقي في لكنته، لكن إذا أغمضت عينيك وتجاهلت بشرته السمراء، فقد كانت لكنته تحتوي على نغمة قرارية - تنوعات شبيهة بأصوات الطيور في نبرته - التي كانت ويلزية بطريقة إيجابية". من الجدير بالذكر أن شخصية أخرى تشير إلى أصول جونز العرقية على أنها "من ذلك النوع العربي"، وهو وصف غامض لم يتم توضيحه إلى حد كبير مع وصول الرواية إلى نهايتها.
يذكر أن بوريس جونسون قد أشار في عام 2016 ، إلى أن الرئيس الأميركي حينها باراك أوباما الذي يعبتر خليطاً عرقياً يضم "جزءاً كينياً" كانت لديه "كراهية موروثة" تجاه بريطانيا بسبب أصله العرقي. كما أن روايته أيضاً تستغل بشكل متكرر أسلوب التفكير هذا عند مناقشة شخصيات تنتمي إلى الأقليات العرقية.
في بداية الكتاب تقريباً، يستخدم السيد جونسون استعارة ممتدة لتصوير مراقِب مرور يعمل في وستمنستر كرجل يعود إلى عصر "الصيد والالتقاط" “hunter-gatherer” لأنه مهاجر أفريقي.
كما كتب السيد جونسون أيضاً في وصف الشخصية: "لقد كان يسير في شارع هورسفيري، مر أمام تلك المسلات الغريبة التي تحمل حبات الأناناس في نهاياتها، تجاوز التماثيل الحجرية لرجال الزمن الفيكتوري الملتحين الذين فتحوا القارة التي جاء منها، بينما أتى هو، المستعمَر، ليصطاد في العاصمة الإمبراطورية السابقة".
يستمر هذا النَفَس في أجزاء أخرى من الرواية. إحدى الشخصيات الرئيسية في هذا الكتاب هي رودجر بارلو، وهو بطل مُنقِذ، عضو في حزب المحافظين، ذو الشعر الأشعث، ويستخدم دراجته للتنقل، والذي فسره مراجعو الرواية على أنه شخصية ترمز إلى السيد جونسون نفسه. وفي وصف عنصري غريب لمكالمة هاتفية بين النائب الخيالي وصحافية "تحمل اسماً آسيوياً" ، كتب جونسون: "كانت المراسِلة امرأة تحمل اسماً آسيوياً، ومنذ اللحظة التي عرّفت فيها عن نفسها ، كان بارلو يخافها. لقد كان يخاف منها مثلما كان الجنود البريطانيون على الحدود الشمالية الغربية ذات مرة يخافون من البنات الأفغانيات وسكاكينهن ومعرفتهن التقليدية بكيفية تقطيع الإنسان وهو على قيد الحياة".
يواصل جونسون سرده وهو يحاول على ما يبدو مقاربة الصورة النمطية للهجة جنوب آسيا، ويكتب: "’أنا آسفة حقاً’، قالت ذلك بعد محاولاته الأولية للتهرب، ’لكنني أشعر حقاً أن حديثك معي سيكون في مصلحتك’".
في جزء آخر، يصف الطريقة التي يرى بها شخص من عرقية مختلطة نفسه، وكتب السيد جونسون: "الشيء المثير للاهتمام في نظراته الهجينة، هو قراره بأنه لم يكن يبدو أسود البشرة". وفي موضع آخر، يصف السيد جونسون لون الشخص نفسه بأنه "أبهت درجات لون القهوة".
أحد أبطال كتاب السيد جونسون هو رجل صربي كان في السابق شبه عسكري، قدمه جونسون باعتباره عضواً في "نمور أركان"، وهي مجموعة موجودة في الواقع، وُجهت إلى قائدها اتهامات بارتكاب جرائم ضد الإنسانية والتطهير العرقي ضد المسلمين (في دول يوغوسلافيا السابقة). وكانت الشخصية من بين أوائل الشخصيات الواردة في الكتاب التي أدركت أن الهجمات الإرهابية تحدث بسبب عدم ثقتها الغريزية بالمسلمين، الذين تصفهم بـ "الأوغاد المتسللين".
وفي مشهد مع هذه الشخصية، كتب جونسون: "بمجرد أن قال وهو يشهق ’أين الشرطة؟’ رأى أعينهم المستعرة وأنوفهم المعقوفة، وحواجبهم السوداء الكثة المعقودة في الوسط. كان يعرف من هم. كانوا ألبانيين. كانوا مسلمين، وكان شبه واثق من أنهم من بريشتينا (عاصمة إقليم كوسوفو في صربيا). وكانوا يعرفون من هو. لقد كان صربياً".
إحدى النبرات المتكررة في الرواية هي أن الإرهابيين الذين يقومون بالهجوم ينجحون في ذلك مرة تلو الأخرى بسبب اللباقة السياسية ورفضها وضعهم في صورة عنصرية.
في إحدى الحالات، تكاد زوجة السفير الفرنسي، التي يصفها بأنها "عربية فلسطينية" أن تُمنع من حضور فعالية في مكان وقع فيه هجوم إرهابي وذلك بسبب التنميط العرقي، ولكن يُسمح لها بالحضور في نهاية المطاف بعدما وقف شخص إلى جانبها - لكن يتبين لاحقاً أنها كانت إرهابية بعد كل شيء.
في واقعة أخرى، يسمح أحد النواب لمجموعة من الإرهابيين الدخول من باب مقفل لأنه لا يريد أن يُنظر إليه كشخص عنصري. في مناسبة ثانية، يتردد قناص عسكري ويفوّت فرصته في إطلاق النار على الإرهابيين لأنه كان لوهلة قلقاً من احتمال كونه عنصرياً.
وفي تعليقها على الكتاب، قالت كريستين جاردين، المتحدثة عن المساواة في حزب الديمقراطيين الأحرار للاندبندنت: "إذا كانت هذه المقتطفات من هذه الرواية كما تبدو عليه، يزيد هذا من طول قائمة الناس الذين أهانهم بوريس جونسون ... يجب إدانة صعود الكراهية ضد اليهود، أينما حصلت وفي أي وقت، وبكل أشكالها. أظهر بوريس جونسون مرة أخرى أنه غير أهل ليكون رئيس الوزراء".
وعند التواصل مع مقر رئاسة الوزراء في داونينغ ستريت للتعليق على الموضوع، ذكر أن معالجة القضية ترجع إلى حزب المحافظين. وتم الاتصال بحزب المحافظين للتعليق ولكنه لم يصدر استجابة.
© The Independent