تتعالى الانتقادات في صفوف المراقبين الفلسطينيين للرفض الفلسطيني الرسمي للخطة الأميركية للسلام المعروفة بـ(صفقة القرن) من دون اتخاذ إجراءات ملموسة غير الرفض اللفظي. وبينما يقول مسؤولون فلسطينيون، إن رفض الخطة وعدم التعامل معها "كفيلٌ بإفشالها"، يشير مراقبون إلى أن معظم بنود الخطة "نُفّذت على الأرض، وأصبحت واقعاً يصعب تجاهله"، مطالبين بتغيير قواعد اللعبة كلها، ردّاً على ذلك وعدم الاكتفاء بالرفض وحده.
الخطة... وتصفية القضية
ويتفق الفلسطينيون على أن الخطة تهدف إلى "تصفية قضيتهم"، وبدأت تل أبيب وواشنطن بتنفيذها قبل نحو عامين عبر الاعتراف الأميركي بالقدس عاصمة لإسرائيل وشرعنة واشنطن الاستيطان، واستبعادها حل الدولتين على خطوط عام 67، ومحاولات حل وكالة الأونروا للاجئين. وتستعد القيادة الفلسطينية باستثناء حركة حماس والجهاد الإسلامي لعقد اجتماعٍ في مقر الرئاسة في رام الله فور الإعلان عن الخطة الثلاثاء المقبل، في ظل تشكيك بإمكانية تنفيذ القرارات التي يُمكن أن تصدر.
وتوعّد الناطق باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة، باتخاذ القيادة "سلسلة إجراءات" للحفاظ على الحقوق الفلسطينية، ومطالبة إسرائيل "بتحمّل مسؤولياتها كاملة كسلطة احتلال"، في إشارة إلى حل السلطة الفلسطينية.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
لا للتعامل مع "صفقة القرن"
ودعا عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية أحمد مجدلاني، في حوار مع "اندبندنت عربية"، إلى "عدم التعامل مع (صفقة القرن) على أنها نهاية العالم"، مشدداً على أن الرفض الفلسطيني لها وعدم التعامل معها أو القبول بها "كفيلٌ بإفشالها". وأشار مجدلاني إلى أن نقطة ارتكاز الموقف الفلسطيني الرسمي تتمحور في "رفض الخطة"، وبناء "تحالفات إقليمية ودولية لإفشالها"، مضيفاً "الخطة تمس الحقوق الوطنية الفلسطينية". وأكد مجدلاني، أن مواجهة الخطة تكمن في الرفض العلني والصريح والواضح لها ومواجهتها على الأرض وقطع الطريق أمام محاولة إيجاد شريك فلسطيني، ليكون طرفاً فيها.
ورجّح مجدلاني ممارسة ضغوط على القيادة الفلسطينية للبدء بالتعامل مع الخطة الأميركية والتفاوض بِشأن بنودها، وإلى النظر إلى "الجزء الممتلئ من الكأس"، مضيفاً أن الفلسطينيين "سيرفضون ذلك". وشدد على أن واشنطن وتل أبيب تبحثان عن طرفٍ فلسطينيّ يوافق على الخطة الأميركية، مشدداً على أنه من دون موافقة فلسطينية، فإن الخطة ستبقى "إجراءً أحادياً لا شرعية ولا معنى له".
إعادة النظر بالعلاقات مع إسرائيل
لكن، عضو اللجنة المركزية لحركة فتح عزام الأحمد، طالب بتنفيذ قرارات المجلسين المركزي الوطني الفلسطيني الخاصة بإعادة النظر بأشكال العلاقات مع إسرائيل كافة، مشدداً على أنه "لا يُمكن القبول بمواصلة الالتزام باتفاقيات تتنكّر لها إسرائيل".
بدوره، شدد الأمين العام للمبادرة الوطنية الفلسطينية مصطفى البرغوثي، في حوار مع "اندبندنت عربية"، على ضرورة وجود رد فلسطيني "حاسم وشديد وواضح"، مضيفاً أن القضية الفلسطينية "تتعرض لأخطر مرحلة منذ نكبة عام 1948". وطالب البرغوثي بالدعوة إلى عقد اجتماع للفصائل والقوى الوطنية كافة، بما فيها حماس والجهاد الإسلامي، ووقف التنسيق الأمني مع إسرائيل، والانسحاب من كل الاتفاقيات معها. وأشار إلى أن "صفقة القرن مشروعٌ إسرائيليّ عنصريّ، صاغه نتنياهو وغُلِّف بغطاء أميركي، بهدف تصفية الحقوق الوطنية الفلسطينية، ونسف إمكانية قيام دولة فلسطينية، والضم الإسرائيلي لمعظم الضفة الغربية المحتلة".
دعوة إلى الانتظار
في المقابل دعا الكاتب والمحلل السياسي نبيل عمرو إلى "الانتظار حتى إعلان الخطة، وتكوين موقف موحد بشأنها"، مضيفاً "مِن المُبكّر الحكم على الرد الرسمي قبل إعلان الخطة".
ويرى الكاتب والمحلل السياسي هاني المصري، أنه كان يجب على القيادة الفلسطينية تقديم رد استراتيجي شامل على الخطة الأميركية منذ الشروع في تطبيقها وعدم الانتظار حتى الكشف عنها. وأشار المصري إلى عدم إعطاء القيادة الفلسطينية "الجدية الكافية للخطة"، واصفاً الرد الرسمي بأنه "أكثر رداءة من المرات السابقة"، داعياً إلى "تغيير كامل لقواعد اللعبة، بما يتماشى مع المعادلة الجديدة التي تفرضها واشنطن وتل أبيب". وشدد على أن القيادة الفلسطينية تتصرّف "بيأسٍ وانهزامٍ وانتظارٍ لأفعال الجانب الآخر"، مضيفاً "إسرائيل تقوم بدعم أميركي بفرض حقائق على الأرض وتكريس عمليات ضم الضفة بشكل أحادي".
وطالب القيادة الفلسطينية باتخاذ إجراءات ترقى إلى مستوى "الخطر المصيري" الذي تتعرّض له القضية الفلسطينية، مثل "سحب الاعتراف بإسرائيل، ووقف التنسيق الأمني معها". وأوضح المصري، أن الرد "اللفظي" على الخطة "لا ينفع"، لكن ذلك يتطلب استراتيجية شاملة، وحشد كل طاقات الشعب الفلسطيني.
الرد بحل السلطة
الكاتب والمحلل السياسي حمادة جبر، قال من جهته إن رد الفعل الفلسطيني على الخطة يجب أن يكون بـ"حل السلطة الفلسطينية بدل انتظار انهيارها"، داعياً إلى "تغيير البرنامج السياسي لمنظمة التحرير والتخلي عن حل الدولتين"، لأنه وصل إلى طريق مسدود. وأوضح، أن التمسُّك بحل الدولتين يهدف إلى "الحفاظ على وجود السلطة الفلسطينية وامتيازاتها من دون وجود أي أفق سياسي لإقامة دولة فلسطينية على خطوط عام 67". وأشار جبر إلى أن فرض خيار الدولة الواحدة يعتمد على الجانب الفلسطيني لتفويت الفرصة على إسرائيل للقيام بترحيل قسري للفلسطينيين من الضفة الغربية.