لا تزال المملكة المتحدة بحاجة إلى عشر سنوات على الأقل حتى يحصل الصغار فيها على خدمة صحة عقلية - نفسية شاملة، وفقاً لأحد مفوضي الأطفال.
وذكرت آن لونغفيلد، مفوضة الأطفال في إنكلترا، أن ثمة "فجوة" بين الخدمات المتاحة للأطفال وما يحتاجون إليه بالفعل، مضيفة أن وضع خدمات الصحة العقلية للأطفال كان "سيئاً" فيما يتعلق بتمويل هيئة خدمات الصحة الوطنية. ويُذكر أن البالغين يحصلون حالياً على 225 جنيهاً إسترلينياً للفرد، بينما يتلقى الأطفال 92 جنيهاً فقط.
وقامت لونغفيلد بنشر تقريرها السنوي الثالث حول الصحة العقلية للصغار.
ويكشف التقرير أنه في حين أحرزت هيئة الصحة الوطنية تقدماً في تحسين خدمات الصحة العقلية للأطفال، إلا أن النظام الحالي أبعد ما يكون عن تلبية احتياجات الآلاف من الأطفال الذين يعانون من مشاكل نفسية- عقلية.
وقالت المفوضة: "كان هناك تقدم مُرحّب به في خدمات الصحة النفسية- العقلية للأطفال خلال العامين الماضيين، ووُعدنا بمزيد من التقدم خلال السنوات المقبلة. على الرغم من ذلك، لا تزال هناك فجوة بين ما يحتاجه الأطفال وما يُوفر لهم. المزيد من الأطفال يبحثون عن مساعدة من أجل صحتهم العقلية، وتحتاج الحكومة إلى التأكد من توفر تلك المساعدة. لا نزال نحتاج إلى عقد من الزمن حتى يحصل جميع الأطفال على خدمة صحية عقلية لائقة".
وفقاً للتقرير، ينتظر الأطفال 53 يوماً وسطياً حتى يبدأوا بالعلاج. على كل حال، بالنسبة لأولئك الذين يعانون من اضطرابات في الأكل، وهي الرعاية التي أدخلت عليها هيئة خدمات الصحة الوطنية أوقات انتظار جديدة، فإن مدة الانتظار صارت أقصر ويُعاين معظم الأطفال في غضون أربعة أسابيع.
ويكشف التقرير أيضاً عن مسألة تفاوت الرعاية بحسب المناطق في جميع أنحاء البلاد. ويحصل تسعون في المئة من الأطفال الذين أحيلوا للمساعدة في أربع مناطق هي ساوث وارك، كرويدن، كوربي ولامبيث على علاج.
في حين أن أكثر من نصف الأطفال الذين تمت إحالتهم، لم يحصلوا على أي علاج في عشر مناطق محلية. وشمل ذلك منطقة نوزلي التي شهدت إغلاق ملفات ثلثي الأطفال الذين أحيلوا على العلاج.
وزاد المبلغ المنفق على كل طفل بين عامي 2018 و2019 في 161 لجنة تنظيم الخدمات الصحية والاجتماعية من مجمل 195 لجنة تدفع مقابل الحصول على خدمات هيئة الصحة الوطنية في كل المناطق، ووصل إجمالي الزيادة إلى 50 مليون جنيه إسترليني.
وبذلت هيئة خدمات الصحة الوطنية جهداً خاصاً في مجال اضطرابات الأكل، حيث حدثت زيادة بنسبة 50 في المئة في عدد الأطفال الذين يتلقون العلاج منذ 2016-2017.
على الرغم من ذلك، أُحيل 3 في المئة فقط من الصغار للحصول على مساعدة في العام الماضي، وكان طفل تقريباً من بين كل أربعة أُحيلوا يعاني من حالة صحية عقلية قابلة للتشخيص.
وأضافت السيدة لونغفيلد "لا يزال من غير الواضح ما إذا كانت الحكومة الوطنية والحكومات المحلية وهيئة خدمات الصحة الوطنية قادرة على مواجهة حجم المشاكل في خدمات الصحة العقلية للأطفال والتأثير المدمر لهذا الأمر على الصغار ... لا تمتلك الحكومة خطة لتقديم خدمة شاملة في كل المناطق، ولغاية الآن لا يوجد التزام بوجود مرشد في كل مدرسة، الأمر الذي من شأنه إحداث فرق كبير... بعد سنوات من الإعلانات الحكومية، يظل وضع الصحة العقلية للأطفال سيئاً في إنفاق هيئة خدمات الصحة الوطنية، حيث تتلقى ما يساوي جزءً صغيراً من الأموال المستثمرة في البالغين. ولا تزال معظم المناطق تنفق أقل من 1 في المئة من ميزانيتها على خدمات الصحة العقلية للأطفال، كما أن تفاوت الخدمات بحسب المناطق يعني أن بعضها سبق البعض الآخر بسنوات في تحسين الخدمات".
ورداً على التقرير، قال ريتشارد كريلين، مدير السياسات في جمعية "تشيلدرن سوسايتي" الخيرية، إن التقدم في خدمات الصحة العقلية للأطفال "كان بطيئاً بشكل مؤلم ولا يزال غير جيد بما يكفي بالنسبة للأطفال الذين يعانون".
من جهته قال توم مادرز، من منظمة "يانغ مايندز" الخيرية: "يعكس هذا البحث ما نسمعه كل يوم من الشباب والآباء القلقين – ومفاده أن الحصول على دعم في مجال الصحة العقلية لا يزال صعباً للغاية في مناطق كثيرة... قد يكون هناك أثر مدمر لأوقات الانتظار الطويلة والشروط الكثيرة للعلاج - في بعض الحالات، يبدأ الشباب في إيذاء أنفسهم أو التسرب من المدرسة أو الانتحار قبل حصولهم على المساعدة التي يحتاجونها".
© The Independent