في وقت يعيش لبنان أسوأ الأزمات الاقتصادية في تاريخه، خفضت وكالة "ستاندرد آند بورز" التصنيف الائتماني للبلاد محذرة من مزيد من التخفيض إذا ما تخلفت الحكومة اللبنانية عن سداد ديونها.
وأعلنت وكالة التصنيف الائتماني، في بيان صدر الجمعة، خفض تصنيف لبنان من "سي سي سي" (CCC) إلى "سي سي" (CC) مع نظرة مستقبلة سلبية.
ويرزح لبنان تحت وطأة دين عام يعد من الأكبر في العالم، وتفاقمت أزمته مع الشح في السيولة وفرض المصارف قيوداً على عمليات السحب بالدولار.
ويثير اقتراب استحقاق سندات "يوروبوند" بقيمة 1.2 مليار دولار جدلاً في لبنان وسط انقسام حول ضرورة تسديده في موعده في 9 مارس (آذار) المقبل أو التخلف عن السداد.
أمر وشيك
وجاء في بيان "ستاندرد آند بورز" أن الوكالة قررت "خفض التصنيف الائتماني لأنها تعتبر أن إعادة هيكلة دين الحكومة اللبنانية أو تخلفها عن سداده بات أمراً شبه مؤكد، بغض النظر عن موعد التخلف"، مشيرة إلى "حدة الضغوط المالية والخارجية والسياسية".
وأشارت الوكالة إلى أنها قد تخفّض التصنيف إلى "تخلف انتقائي عن السداد" في حال "أعطت الحكومة إشارة إلى أنها ستقدم عرضاً لتبديل سندات الدين المستحقة أو تخلفت عن تسديد الدفعة المقبلة من الفوائد أو أصل الدين".
وتملك المصارف اللبنانية 50 في المئة من سندات الـ "يوروبوند" مقابل 11 في المئة لمصرف لبنان و39 في المئة لمستثمرين أجانب، وفق تقرير لـ"بنك أوف أميركا ميريل لينش"، صدر في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
الخيارات الممكنة
وجاء في بيان صادر عن وزارة المالية اللبنانية في وقت سابق، أن فريقاً من صندوق النقد الدولي بحث، الجمعة، كل الخيارات الممكنة مع مسؤولين لبنانيين يطلبون مشورة فنية بشأن الأزمة المالية المعرقِلة للبلاد.
ويجتمع فريق من صندوق النقد مع مسؤولين من لبنان المثقل بشدة بالديون حتى 23 فبراير (شباط) الحالي، لتقديم مشورة فنية موسعة بشأن معالجة الأزمة في الوقت الذي تدرس فيه بيروت خططاً بشأن التعامل مع مدفوعات الـ"يوروبوندز" في مارس المقبل.
وقال وزير المالية غازي وزني، في بيان، "تم التداول في كافة المعطيات المتوفرة والخيارات الممكنة بناء على رؤية الوفد وتقييمه لواقع الحال في البلاد، على أن يتم استكمال البحث لبناء تصور لكيفية تجاوز الوضع الحالي".
وشهد لبنان منذ 17 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، تظاهرات غير مسبوقة ضد الطبقة السياسية التي يتهمها اللبنانيون بالفشل في إدارة الأزمات السياسية والاقتصادية المتلاحقة. وأدت التظاهرات إلى استقالة الحكومة السابقة، وتشكيل حكومة جديدة الشهر الماضي برئاسة حسان دياب، تراجعت على إثرها وتيرة الاحتجاجات في الشارع.
ومنذ اندلاع احتجاجات 17 أكتوبر، انخفضت العملة اللبنانية بنحو 60 في المئة في سوق الصيرفة، وشح الدولار، وارتفعت الأسعار وأُلغيت آلاف الوظائف وتعرض آلاف الموظفين إلى اقتطاع نسب كبيرة من مرتباتهم.
وقال مصدر، الخميس، إنه من المتوقع أن تفحص الحكومة اقتراحات من الشركات المتقدمة بعروض للاضطلاع بدور المستشار المالي والقانوني في ما يتعلق بالخيارات المتاحة إزاء إعادة هيكلة محتملة للدين.
ولم يطلب لبنان مساعدة مالية من صندوق النقد بينما تصر دول غربية وعربية في الخليج، كانت قدمت العون في السابق، على أنه يتعين على بيروت أولاً تنفيذ إصلاحات مؤجَلة منذ أمد طويل تتعلق بقضايا جذرية مثل الفساد الحكومي وسوء الإدارة.