أقرت دولة الإمارات حزمة دعم اقتصادية إضافية بقيمة 16 مليار درهم إماراتي (4.356 مليار دولار)، ليصل إجمالي الحزم التحفيزية الاقتصادية التي أعلنتها الدولة حتى الآن منذ تفشي فيروس كورونا حول العالم إلى 126.5 مليار درهم (34.440 مليار دولار)، وكان مصرف الإمارات المركزي قد أعلن يوم 14 مارس (آذار) الحالي، خطة دعم اقتصادي شاملة بقيمة 100 مليار درهم (27 مليار دولار) لاحتواء تداعيات الفيروس الذي أصاب 140 شخصاً في البلاد حتى الآن.
ولم تعلن الدولة العربية رسميا عن فرض "منع التجول" كما فعلت السعودية والكويت، لكنها أهابت بالمواطنين والمقيمين على أرضها عدم مغادرة منازلهم إلا في حالات الضرورة القصوى ومن أجل شراء الأغذية، واعتمدت حزم تحفيز اقتصادية في مواجهة تداعيات تفشي "كورونا" في العالم، وخصوصاً أن الإمارات وتحديداً دبي أصبحت وجهة مهمة للأعمال واستقطاب الشركات العالمية، إلى جانب كونها وجهة سياحية ومالية مرموقة في العالم، ووجهة مهمة للمعارض والمؤتمرات الدولية، ومن ثم فهي تواجه تحديات كبيرة لتقليل الخسائر المحتملة بسبب تداعيات كورونا التي أنهكت الاقتصاد العالمي.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
يأتي ذلك في وقت تشهد البلاد استعدادات على قدم وساق لاستضافة معرض "إكسبو 2020 دبي"، الحدث العالمي الأكبر في أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، حيث تخطط دبي لجذب 25 مليون زائر، بنسبة 80 في المئة من خارج الإمارات، ولم تعلن اللجنة المسؤولة عن تنظيم المعرض حتى الآن، إن كانت ستتجه إلى تأجيل الحدث العالمي الأضخم والذي تستضيفه المنطقة للمرة الأولى في تاريخها، ومع موجة إغلاق الحدود التي تجتاح دول العالم للحد من انتشار الوباء ومع إعلان دول العالم وقف رحلاتها الجوية أصبح من غير المستبعد تأجيل الحدث الضخم حتى العام المقبل 2021.
دعوة لتآزر العالم في مواجهة الوباء
وقال الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، خلال ترؤسه أول اجتماع لمجلس الوزراء عن بُعد "اعتمدنا حزمة إجراءات جديدة لخفض كلفة الأعمال ودعم الشركات الصغيرة والتعجيل بتنفيذ مشروعات البنية التحتية الحكومية الكبرى".
وأعلن اعتماد تشكيل 3 فرق عمل حكومية لضمان استمرارية الخدمات وفاعلية أنظمة العمل عن بعد، ولرفع تقرير يومي حول الآثار الاقتصادية والمالية لفيروس كورونا والإجراءات الاحترازية، مضيفاً "نحن مستعدون وجاهزون للتعامل مع كافة الظروف".
وتابع "اعتمدنا أنظمة جديدة في القطاعات المصرفية والاقتصادية والحكومية، ووفرنا بنية تحتية صحية للتعامل مع أسوأ الاحتمالات، ولدينا فريق وطني يعمل على مدار الساعة، وسنحمي صحة المجتمع والاقتصاد والتعليم، وسنعبر هذه الأزمة العالمية بعون الله".
وشدَّد على أن كورونا "فيروس صحي، واقتصادي، وسياسي"، مضيفاً "نقول لكافة دول العالم هذا وقت التوحد والتعاون والتكاتف لمحاربة أهم عدو للبشرية. الخلافات جميعها تصغر أمام هذا التحدي الجديد، والعالم يستطيع التغلب بشكل أسرع عليه إذا وقف القوي مع الضعيف والغني مع الفقير".
140 حالة إصابة
وخلال إحاطة إعلامية لوزارة الصحة ووقاية المجتمع في 19 مارس (آذار) الحالي، حول مستجدات الإجراءات المتعلقة بكورونا، تم التأكيد على تسجيل 27 حالة جديدة مصابة من خلال التقصي ومتابعة الحالات السابقة، إلى جانب شفاء 5 حالات جديدة تشمل 3 من الإمارات، وحالة تحمل الجنسية السورية، وأخرى سيريلانكية.
ويُذكر أنه تم تسجيل 140 حالة إصابة بفيروس كورونا حتى الآن في الإمارات، في حين بلغ إجمالي عدد حالات الشفاء 31، والحالات الحرجة 2 فقط، وارتبطت الحالات المسجلة بالسفر للخارج أو المخالطين لحالات سابقة، وعمدت الدولة إلى تطبيق "الحجر المنزلي" للعائدين من من خارجها لمدة أسبوعين.
تعليق تحصيل الغرامات وتخفيض الرسوم
وفي سياق أجندة اجتماع مجلس الوزراء، اعتمد المجلس مجموعة من القرارات لدعم العمل الحكومي في مختلف القطاعات في ظل التطورات والمستجدات العالمية، وتضمنت القرارات الإضافية تعليق تحصيل الغرامات الإدارية لوزارة الموارد البشرية والتوطين لمدة 6 أشهر قابلة للتمديد، وتخفيض رسوم تصاريح العمل للمنشآت التي لديها عمالة مسجلة عددها 1 وحتى 6 عمال، وتخفيض رسوم وزارة الاقتصاد، إلى جانب دعم الشركات والأعمال من خلال رد 50 في المئة من الضمانات المصرفية على المنشآت والمحصلة من وزارة الموارد البشرية والتوطين والمقدرة بـ3000 درهم عن كل عامل، إلى جانب رد 50 في المئة من الضمانات المالية المحصلة من قبل الهيئة الاتحادية للهوية والجنسية، كما أقر المجلس الاستمرار في دعم تنفيذ مشروعات البنية التحتية التي تنفذها الحكومة الاتحادية.
كما اعتمد المجلس مجموعة من القرارات لدعم العمل الحكومي في مختلف القطاعات في ظل الأوضاع الحالية، منها قرار بتشكيل لجنة استمرارية الخدمات الحكومية، بهدف رفع مستوى فاعلية وجاهزية الخدمات لتقديمها إلكترونياً والتقليل من زيارات مراكز الخدمة خلال فترة الأحداث الطارئة، ورفع مستوى التدابير الاحترازية التي تتبعها الجهات ومراجعتها بشكل مستمر بناء على تطورات الأوضاع المحلية والعالمية، إلى جانب تحقيق الاستفادة القصوى للمتعاملين في الحصول على الخدمات الحكومية خلال فترة الطوارئ.
تشكيل غرف عمليات
من جانبه، أكد سلطان بن سعيد المنصوري، وزير الاقتصاد، أن الإمارات كانت سبّاقة في التصدي لأي تداعيات محتملة من انتشار الفيروس على اقتصاد الدولة، وقال إنه تم وضع الخطط الاقتصادية التحفيزية على المستويين الاتحادي والمحلي، والاستعداد لاعتماد حزمة إضافية من الإجراءات استجابة للوضع الراهن.
وأضاف أن الوزارة شكلت غرفة عمليات تضم 4 فرق تعمل على مدار الساعة، للتصدي لأي تأثير سلبي في مختلف القطاعات الاقتصادية، حيث تضم فرق العمل فريق منافذ البيع والتجزئة الذي يعمل على توفير السلع بصورة مستمرة في الأسواق والحرص على عدم خلوها، وفريق الموردين المسؤول عن توفير السلع وعدم تخزينها واحتكارها تجنباً للعقوبات مثل موردي الكمامات والمعقمات والخضراوات والفواكه وغيرها من السلع الأساسية، وفريق الرقابة وحماية المستهلك الذي يعمل جنباً إلى جنب مع المستهلكين ويتأكد من تعزيز قنوات التواصل مع الجمهور وشركات القطاع الخاص ومنافذ البيع على مستوى الدولة، بالإضافة إلى الفريق الإعلامي الذي يتعامل مباشرة مع وسائل الإعلام ويضمن التواصل معها حول مختلف جهود فرق العمل وإيصال مخرجاتها للجمهور عبر الصحف ووسائل التواصل الاجتماعي، مشيراً إلى أنه تم الاجتماع مع ممثلي قطاع شركات الطيران الوطنية للاطلاع على مستجدات القطاع وتحدياته.
طيران الإمارات وفلاي دبي تعلقان الرحلات
والتزاماً بتوجيهات الحكومة، علقت طيران الإمارات "مؤقتاً" جميع رحلات الركاب لمدة أسبوعين اعتباراً من 25 مارس الحالي، وقال متحدث باسم الشركة لـ"اندبندنت عربية"، "نحن ندعم هذه الإجراءات التي اتُخذت لحماية المجتمعات من انتشار فيروس (كوفيد-19)، ونتطلع إلى استئناف خدمات الركاب حالما تسمح الظروف بذلك"، ودعت الناقلة الوطنية لإمارة دبي المتأثرين بهذه الإجراءات إلى مراجعة وكلاء سفرهم طلباً للمساعدة، وأكدت في بيان لها أنها ستواصل تشغيل رحلات الشحن لتساعد على بقاء خطوط الإمدادات الجوية الحيوية للاقتصادات والمجتمعات.
من جانبها، علقت طيران "فلاي دبي" 1400 رحلة أسبوعية إلى 90 مدينة في 48 دولة لمدة أسبوعين بصورة مؤقتة، طبقاً للموقع الرسمي للشركة، التزاماً بتوجيهات حكومة الإمارات وستسأنف الشركة رحلاتها حين تسمح الظروف بذلك.
إغلاق المراكز التجارية
من ناحية أخرى، قررت وزارة الصحة ووقاية المجتمع والهيئة الوطنية للطوارئ والأزمات في البلاد، بحسب ما أعلنت وكالة أنباء الإمارات إغلاق كافة المراكز التجارية ومراكز التسوق والأسواق المفتوحة التي تشمل بيع الأسماك والخضراوات واللحوم ويستثنى في الأسواق الثلاث الأخيرة "التعامل مع شركات التوريد والبيع بالجملة"، كما يتم استثناء منافذ بيع المواد الغذائية (الجمعيات التعاونية والبقالة والسوبر ماركت) والصيدليات، وذلك لمدة أسبوعين قابلة للمراجعة والتقييم، كما تقرر تقييد المطاعم بعدم استقبال الزبائن والاكتفاء فقط بخدمة تسليم الطلبات والتوصيل المنزلي.