Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

كورونا يصيب الطروحات العامة المصرية بالشلل المؤقت

الحكومة كانت تستهدف 5.1 مليار دولار من وراء البرنامج لكنها جنت 129 مليوناً فقط

البورصة المصرية لن تستأنف برنامج الطروحات العامة حالياً (أ.ف.ب)

تراجعت الحكومة المصرية عن استئناف برنامج الطروحات العامة (IPO)، الذي يتم من خلاله طرح الشركات الحكومية في بورصة الأوراق المالية، خلال العام المالي الجديد  المقرر أن يبدأ في الأول من يوليو (تموز) المقبل، بسبب الأوضاع الاقتصادية السلبية التي تشهدها البلاد، وتراجع سوق المال كنتيجة لتفشي جائحة كورونا محلياً وعالمياً.

موازنة الدولة

وخلت بنود مشروع الموازنة العامة للدولة للعام المالي 2020-2021 من ذكر حصيلة الخزانة العامة من استكمال برنامج (IPO)، وجاء ذلك مخالفاً لما نصت عليه بنود  موازنتي العامين الماليين السابقين، حيث أشارت بنود موازنة 2018-2019 إلى حصيلة متوقعة من تطبيق البرنامج في ذلك العام بلغت 10 مليارات جنيه (نحو 644 مليون دولار أميركي)، ثم أظهرت موازنة 2019-2020 حصيلة قدرها 8 مليارات جنيه (نحو 515 مليون دولار) لم تحصِّل منها الدولة شيئاً قبل نحو 59 يوماً المتبقية لانتهاء العام المالي الحالي في 30 يونيو (حزيران) المقبل.

جملة ما جنته الحكومة المصرية من البرنامج لم يزد على ملياري جنيه (نحو 129 مليون دولار أميركي) مقابل طرح نسبة لا تزيد على 4.5 في المئة من أسهم شركة "الشرقية للدخان" المملوكة للدولة في مارس (آذار) 2019، رغم أن البرنامج كان يستهدف طرح حصص 4 شركات في البورصة ضمن مرحلته الأولى، تشمل شركات "الإسكندرية لتداول الحاويات والبضائع"، و"أبو قير للأسمدة"، و"سيدى كرير للبتروكيماويات"، بينما تشمل المرحلة الثانية طرح نحو 10 شركات جديدة منها 8 شركات تعدينية وصناعية، إلى جانب شركة "إي فاينانس".

القاهرة كانت تستهدف 5.1 مليار دولار

البرنامج المصري دشنته الحكومة مستهدفة حصيلة تصل إلى 80 مليار جنيه (نحو 5.1 مليار دولار) مقابل طرح أسهم بنسب تتراوح بين 15 و30 في المئة من 23 شركة مملوكة للدولة خلال فترة تتراوح بين 24 و30 شهراً. وقد بدأت تتكشف معالمه في نهاية عام 2016 مع بدء تنفيذ القاهرة برنامج إصلاح اقتصادي شامل بعد توقيع اتفاق مع صندوق النقد الدولي حصلت بمقتضاه على قرض بقيمة 12 مليار دولار، تسلمته الحكومة على 6 شرائح تصل قيمة كل شريحة إلى ملياري دولار، وحصلت القاهرة عليه بالكامل في نهاية العام الماضي.

كورونا وانتحار الشركات

وأكد وزير قطاع الأعمال العام، هشام توفيق، وهو عضو اللجنة العليا للبرنامج، توقف برنامج الطروحات الحكومية حتى نهاية العام الحالي، وقد يمتد هكذا إلى العام المالي 2020-2021.

وكشف لـ"اندبندنت عربية" أسباب التوقف موضحاً أن اللجنة العليا المسؤولة عن تنفيذ برنامج (IPO) تراقب عن كثب الوضع الاقتصادي بشكل عام وأوضاع البورصة المصرية خصوصاً حتى من قبل تفشي جائحة كورونا. وقال إن وضع سوق المال المحلي منذ منتصف العام الماضي 2019 كان لا يبشر بالخير نتيجة استمرار الحرب التجارية بين الصين وأميركا، ما أثر سلباً في أسواق المال العالمية، ومن ثم تأثرت البورصة المصرية بذلك.

وأكد أن تفشي كورونا كان بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير، على حد وصفه، لافتاً إلى أن الأسواق العالمية والخليجية والآسيوية اهتزت بشدة نتيجة تفشي الفيروس، والسوق المصرية بطبيعتها هشة وتتأثر سريعاً، وكان من الصعب المغامرة واستكمال البرنامج في ظل هذه الظروف الاقتصادية العصيبة سيمثل انتحاراً لشركات الدولة.

الجدول الزمني

بينما قال محمد متولي، الرئيس التنفيذي والعضو المنتدب لشركة "إن آَي كابيتال"، إحدى الشركات التابعة لبنك الاستثمار القومى المملوك للدولة، إن جائحة كورونا أثرت سلباً في الجدول الزمني الخاص بتنفيذ برنامج الطروحات الحكومية للعام الحالي، وذلك بضغط وضع سوق المال والتذبذب الواضح في التعاملات في ظل عزوف المستثمرين عن التداولات وسيطرة حالة من الترقب تجاه الاستثمار عموماً.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأضاف في تصريحات صحافية، أن "استكمال المرحلة الأولى من البرنامج واستئناف المرحلة الثانية يتوقف على استقرار المناخ الاستثماري بشكل عام والبورصة المصرية على وجه الخصوص، بالتزامن مع انحصار تفشي الفيروس وقدرة كافة الدول على الحد من تداعياته السلبية، ومن ثم وضوح الرؤية الاستثمارية لكافة المؤسسات والأفراد".

وأكد أنه على الرغم من إرجاء تنفيذ برنامج الطروحات الحكومية، لا تزال الشركة تعمل على تجهيز الشركات المستهدف طرحها ضمن البرنامج، استعداداً للبدء في تنفيذ البرنامج فور استقرار السوق وقدرة البورصة على استقبال طروحات جديدة سواء كانت طروحات حكومية أو خاصة.
 
خسارة كبيرة
من جانبه، قال الباحث الاقتصادي هاني توفيق، إنه من الطبيعي إرجاء استكمال برنامج الطروحات الحكومية لعدة أسباب منها ما يتعلق بالشأن الدولي وآخر يتعلق بالشأن المحلي، وأوضح أن العالم يترقب أزمة عالمية تفوق حدتها الأزمة المالية التي ضربت الاقتصاد العالمي في عام 2008، لافتاً إلى أن جميع دول العالم في حالة اللا يقين الاقتصادي، مشيراً إلى أن طرح شركات حكومية في البورصة في الوقت الحالي خسارة كبيرة لهذه الشركات.

وتابع "لا تزال البورصة بحاجة لمزيد من الإجراءات والقرارات التحفيزية، خصوصاً في ما يتعلق بملف الضرائب"، مؤكداً أن "ما فعلته إدارة البورصة من قرارات منذ تفشي كورونا، ومن بينها خفض ضريبة توزيع الأرباح إلى 5 في المئة على صغار المستثمرين أسوة بكبار المستثمرين، إجراءات غير كافية".

وطالب بإلغاء ضريبة الأرباح الرأسمالية على المستثمرين المحليين، ووقف العمل بضريبة الدمغة على كافة تعاملات المستثمرين المحليين والأجانب، وذلك لجذب مزيد من الاستثمارات المحلية للبورصة وتعزيز قدرتها على استعادة سيولتها والقيام بدورها التمويلي.

محطات صعبة

وقد مر قطار برنامج الطروحات المصري بعدد من المحطات الصعبة منذ انطلاقه من محطة الشركة "الشرقية للدخان" في مارس من العام الماضي، ولم يغادر المحطة حتى الآن بعد سلسلة من الخسائر المدوية للبورصة بداية من النصف الثاني من 2019 متأثرة بالحركة الاقتصادية العالمية التي اهتزت عقب اندلاع شرارة الحرب التجارية بين واشنطن وبكين والتوترات الجيوسياسية في المنطقة والعالم لتستمر حتى نهاية العام الماضي، ثم اصطدم القطار بضعف السيولة في السوق المحلية عقب طرح عملاق النفط السعودي "أرامكو" في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

والأسباب ليست كلها خارجية، بل إن القطار تأثر أيضا بأزمة قانونية في تنفيذ إجراءات البرنامج تتعلق بالقانون رقم 203 لسنة 1991 المنظم لعمل شركات قطاع الأعمال العام وهو ما تطلب إعداد نموذج موحد لعقود إدارة طرح الشركات العامة سواء مع بنوك الاستثمار أو الشركات الاستشارية القانونية والمالية، وأي التزامات أو عقود خاصة بالطرح، لتسريع وتيرة الطروحات، لكن بمجرد التعديل القانوني أطلت جائحة كورونا برأسها لتقضي على أمل استئناف برنامج (IPO) في الفترة الحالية أو بالأحرى حتى نهاية يونيو 2021.

اقرأ المزيد

المزيد من اقتصاد