تسبب انخفاض مستوى تساقط المطر خلال فصل الخريف الماضي في موريتانيا في انقشاع مبكر للقطاع النباتي، ما أدى إلى تخوف ملاك الثروة الحيوانية من احتمال نفوق رؤوس كبيرة من المواشي، خصوصاً الأبقار والأغنام التي تُعد الأكثر عرضةً لآثار الجفاف.
انعدام المراعي وشح المياه
على الرغم من النقص الحاد في المراعي بمناطق واسعة من موريتانيا، فإن شح المياه وعدم توفرها في العديد من المدن والقرى والأرياف يشكل عوائق إضافية في وقت يضرب فيه الصيف أطنابه، وترتفع درجات الحرارة إلى معدلات كبيرة.
وتتزايد المخاوف في موريتانيا لدى "المنمّين" (ملاك المواشي)، من حدوث موجة جفاف مماثلة لتلك التي حدثت عام 2018، وتسببت في نفوق مئات رؤوس المواشي.
وقال أحد ملاك المواشي ويدعى حماها ولد أحمد إن "ثنائية نقص المراعي وشح المياه أثرت بشكل كبير في المنمين بالبلاد، وزادت من مخاوف حدوث خسائر كبيرة في الثروة الحيوانية"، مشدداً على ضرورة وضع حد لمعاناة المنمّين ومساعدتهم في التصدي للحيلولة دون حدوث كارثة جراء نقص المراعي.
وأوضح ولد أحمد أنه يقطن منطقة ريفية شرق البلاد برفقة بعض ملاك المواشي، وهمهم الوحيد هو العثور على منطقة بها بعض الكلأ، حيث يمكثون بضعة أيام في انتظار البحث عن أماكن بديلة، إلا أن مساعيهم تبوء بالفشل بسبب عدم توفر المراعي وندرة المياه في النزر القليل من الكلأ إن وُجِد.
وطالب ولد أحمد بتوفير الآبار الارتوازية والحنفيات في ما يتوفر من أماكن الرعي على قلتها وندرتها، ومد يد العون لملاك المواشي وانتشال الثروة الحيوانية من مخاطر الجفاف.
نقص الأعلاف وتأثير كورونا
من جهة أخرى، صرح أحد المنمين ويدعى محمد المختار ولد الشيخ، بأن "إغلاق الحدود مع جمهورية مالي المجاورة بسبب فيروس كورونا أثّر سلباً في ملّاك المواشي الذين دأبوا بشكل سنوي على الانتجاع داخل الأراضي المالية، والمكوث فيها طيلة فترة فصل الصيف وفق اتفاقيات وشروط موقعة سلفاً بين البلدين".
وأضاف ولد الشيخ أن "الثروة الحيوانية في موريتانيا بحاجة إلى توفير كميات مضاعفة من الأعلاف خلال الأشهر الثلاثة المتبقية من فصل الصيف مايو (أيار)، ويونيو (حزيران)، ويوليو (تموز)، حيث إن الكميات التي يتم رصدها سنوياً من العلف لا تكفي للثروة الحيوانية بعد إغلاق الحدود مع مالي ووقف الانتجاع داخل أراضيها".
وأكد ولد الشيخ أن "توفير الأعلاف بكميات معتبرة وبأسعار مخفضة من شأنه أن يبدد بعض المخاوف من نفوق المواشي بسبب الجفاف، وينقذ الثروة الحيوانية من كارثة حقيقة قد تتسبب في دمارها بشكل كبير".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
خطة حكومية لا تلبي الطموحات
قبل نحو شهر أعلنت الحكومة الموريتانية عن خطة استعجالية لإنقاذ الثروة الحيوانية، ودعم جهود ملاك المواشي، بهدف تجنب حدوث كارثة لهذه الثروة الهائلة التي تُقدر وفق إحصاءات رسمية بأكثر من 23 مليون رأس من الضأن، والماعز، والأبقار والإبل.
وأطلقت الحكومة برنامجها الاستعجالي بتوفير 88 ألف طن من الأعلاف ونقلها إلى عواصم الولايات والبلديات والمراكز الإدارية بغية توفيرها لملاك المواشي بأسعار مخفضة، إلا أن خطة الإنقاذ واجهت انتقادات واسعة من الشارع الموريتاني ووصِفت بأنها غير قادرة على إنقاذ الثروة الحيوانية.
واعتبر حماد ولد أحمد، أن "خطة الحكومة لم تجد نفعاً، إذ لم تصل الأعلاف إلى ملاك المواشي بالكميات المطلوبة، كما شهد تسيير المتوفر منها حالات من عدم الشفافية والنزاهة، واعتمد المحسوبية في توزيع المساعدات على المنمين"، مطالباً بمضاعفة كميات الأعلاف وتوزيعها بشكل شفاف بحسب انتشار الثروة الحيوانية في البلاد.