مع تصاعد وتيرة العنف في الشارع اللبناني خلال اليومين الماضيين، وما رافقه من تحطيم وتكسير الممتلكات العامة والخاصة، عقد رئيس الحكومة اللبنانية حسّان دياب، مؤتمراً صحافياً من السراي الحكومي، قال فيه "لقد تغيّر مزاج الناس، وأصبحت الحكومة تحظى بثقة عالية من المواطنين، وهو ما يبدو أنه أزعج كثيرين ممن راهنوا على فشلها. ومنذ ذلك الوقت لم تتوقف الأكاذيب والاستهدافات الشخصية".
كلمة دياب
وأضاف، "حاول البعض مجدداً ضخّ الإشاعات، ودفع الناس إلى الشارع، والمطلوب هو منع الحكومة من إزالة الركام الذي يُخفي تحته هيكل الفساد. الحكومة حققت الكثير، لكنهم يريدون طمس الحقائق بعد أن دمّروا كل شيء، وغادروا على عجل، وهدروا ودائع اللبنانيين في لامسؤوليتهم، وأغرقوا البلد في ديون هائلة. دخان أشعلوه كاد يطيح السلم الأهلي. لكن سقطت محاولة الانقلاب".
وتابع، "توجد نماذج كثيرة على حملة ممنهجة تنظّمها جهات معروفة بالاسم، ألا يكفي أنهم أغرقوا البلد بالديون الهائلة التي تسببت بالانهيار المالي الذي نعيشه؟"، تساءل دياب، وأكد قائلاً "لن نسكت عن تحميلنا وزر سياساتهم التي أوصلت البلد إلى الكارثة التي نعيشها اليوم، سنكشف الكثير قريباً بالوثائق والوقائع، وهذا الهيكل سيسقط على رؤوس الذين يختبئون في زواياه". وأضاف، "الدولة غير مفلسة، لكنّ ثمة تعثراً ماليّاً، وأؤكد للناس أن حقوقهم محفوظة لدى المصارف".
وختم قائلاً، "أدعو اللبنانيين إلى أن يمتنعوا عن تشويه الاحتجاجات، وأنا واثق بأننا سنتجاوز الأزمة، وأننا أقوى من كل التحديات".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وفور انتهاء كلمته، تجدّدت المواجهات التي كانت اندلعت ظهراً لليوم الثالث على التوالي، بين الجيش اللبناني والمتظاهرين في طرابلس شمالاً. وكانت بدأت عندما حاول بعض المحتجين منع 17 شاحنة يقولون إنها "محمّلة بمواد غذائية"، من التوجّه إلى سوريا، بحسب وكالات أنباء لبنانية. حينها، تدخّل الجيش لإبعاد هؤلاء، وفتح المجال أمام تلك الشاحنات لإكمال طريقها.
وتحوّلت شوارع عاصمة الشمال إلى أشبه بساحة معركة، بعدما رمى المتظاهرون المفرقعات النارية والحجارة، وأضرموا النار في مستوعبات النفايات. وردّت العناصر الأمنية بإطلاق الغاز المسيّل الدموع لتفريقهم، في مشهد استمرّ وقتاً ليس قصيراً. وأعلنت هيئة الصليب الأحمر اللبناني سقوط نحو 24 جريحاً، من بينهم أربعة عسكريين نتيجة المواجهات.
مشهد سلمي في بيروت
أمّا في بيروت، التي شهدت أمس الجمعة عمليات عنف وشغب، حين عمد عدد من الشبان، كانوا وصلوا على متن دراجات نارية، إلى تكسير وتحطيم المحال التجارية والممتلكات وإحراق بعض المباني، فقد بدا المشهد مختلفاً اليوم السبت، إذ تجمّع عدد من المتظاهرين في ساحة رياض الصلح للتعبير عن استيائهم من الوضع الاقتصادي المتردّي، بشكل سلمي. كذلك جابت مسيرات سلمية شوارع مدينة صيدا الجنوبية، احتجاجاً على الأوضاع المعيشية وارتفاع سعر الدولار.
ملاحقة المشاغبين
وفي مسعى لمنع تكرار التعديات وأعمال الشغب، قال وزير الداخلية والبلديات محمد فهمي، "القوى الأمنية ستعمل على ملاحقة المخلّين بالأمن، ومَن كسّروا وحطّموا الأملاك العامة والخاصة في قلب بيروت، وإحالتهم إلى القضاء المختص".
وأضاف السبت، "نؤكد مراراً حماية المتظاهرين السلميين وقمع المشاغبين والمندسين، وما شهدته بيروت أمس وعدد من المناطق من اعتداء سافر وحاقد، مستهجنٌ ومرفوضٌ".
وكان رئيس الحكومة السابق سعد الحريري تفقّد الأضرار التي لحقت بالمحال التجارية والأملاك العامة والخاصة، جرّاء أعمال الشغب التي شهدها وسط بيروت مساء أمس. وخلال حديثٍ له مع الصحافيين، قال الحريري "كأن لا جائعين إلّا في بيروت في حين أن كل لبنان جائع فلماذا التكسير وهل الحجارة "بطّعمي"؟ وشدّد على أنّ الجيش وقوى الأمن يجب أن يقوموا بواجب أكبر لحماية أهالي بيروت". ثم غرّد الحريري على حسابه على "تويتر"، قائلاً: "تمرّ ذكرى استشهاد رمز الوفاء والشجاعة ابن بيروت القاضي وليد عيدو وابنه خالد فيما العهد وحكومته يضربان بعرض الحائط استقلالية القضاء ويتفرجان على تخريب أسواق بيروت وإحراق قلبها والاعتداء على دورها وكرامتها". وأضاف "من أجل وليد وكل شهداء ثورة الأرز، ودفاعاً عن بيروت وكل لبنان مستمرون وفاء لتضحيات الشهداء. الرحمة لوليد وخالد وكل الشهداء." وتابع "لأهل الحكم والحكومة ورعاة الدراجات النارية نقول، بيروت ليست مكسر عصا لأحد... لا تجبروا الناس على حماية أملاكهم وأرزاقهم بأنفسهم. المسؤولية عندكم من أعلى الهرم الى أدناه ونحن لن نقف متفرجين على تخريب العاصمة". وقال أيضاً "الذين نظّموا ونفّذوا هجمات التكسير والتخريب والحرق في بيروت لا يملكون ذرّة من أهداف الثورة وقيمها. إنهم مجموعات مضلّلة، تنجرف وراء مخطّط ملعون يسعى إلى الفتنة وإلى مزيد من الانهيار".
المشنوق يدعو إلى الدفاع
كذلك أكّد نائب بيروت نهاد المشنوق أنّ "تحالف الموتوسيكلات" الذي تذكّر فجأةً أنّه فقير وجائع، بتعليمات مباشرة من قيادته، وبجدول أعمال تدميري محدّد وله أهداف لا علاقة لها بالثورة لا من قريب ولا من بعيد.
وقال عبر تويتر: "علينا، نحن أهل المدينة وناسُها وسكّانُها ومحبّوها، سنّةً وشيعةً ودروزاً ومسيحيين، أن ندافع عن مدينتنا ضدّ تدمير الأملاك العامة والخاصّة".
وأشار المشنوق إلى أنّه حين نزل أهالي بيروت إلى ساحة الشهداء ليثوروا، ضربهم هؤلاء الحاقدون وأهانوا الفتيات والأمّهات، وشتموا المقدّسات، مؤكداً أنّ هؤلاء ليسوا ثوّاراً بل مخرّبون وحاقدون.
وشدّد على أنّ الثورة الحقيقية أمّ، وطفلٌ على كتفِ والده، وجدّاتٌ قويّات وأجدادٌ غاضبون، يهتفون من أجل التغيير، مذكّراً أنّ بيروت لها رجالها ولها كلمتها ومن يعِش سيرى ويسمع.
وقال المشنوق "لا تأتي الثورة بسواعد من ضربوا الثوّار، ومن أهانوا الشابات والشبّان، ومن شتموا وخرّبوا. هؤلاء يريدون إحراق الثورة وإحراق بيروت. لكنّ بيروت لن تسكت على إحراقها بالحقد والنار والشتائم، أمام خطة أمنية غير قادرة على حماية وسط المدينة، بدليل ما حصل بالأمس".
وأضاف "يا أهل بيروت، آن الأوان لندافع عن مدينتنا أمام جحافل الحاقدين على عاصمتنا الحبيبة، الحاقدين على الشهيد رفيق الحريري، وتحالف الحاقدين على السيدة عائشة حقداً عمره 1400 عام، ولم ينتهِ".