التوتر الأوروبي- التركي في شرق المتوسط آخذ بالتصاعد، على وقع تهديدات بروكسل بفرض عقوبات على أنقرة إذا واصلت أعمالها أحادية الجانب في المنطقة، واستمرت بأنشطة التنقيب عن الغاز في المناطق المتنازع عليها.
ورداً على التهديد الأوروبي، قالت وزارة الخارجية التركية، الجمعة الثاني من أكتوبر (تشرين الأول)، إن "تواصل استخدام لغة العقوبات أمر غير بناء. على الاتحاد الأوروبي أن يفهم الآن أنه لن يصل إلى شيء من خلال هذا النوع من الخطابات".
رسالة أوروبية حازمة
وجاء رد أنقرة عقب تلقيها رسالة حازمة من قادة الاتحاد الأوروبي، الذين اجتمعوا في بروكسل، الخميس، متوعدين تركيا بالعقوبات إذا لم توقف عمليات التنقيب غير القانونية في المياه الإقليمية لجزيرة قبرص واليونان.
وحذرت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، من أن "تركيا يجب أن توقف أعمالها الأحادية. إذا استمرت هذه الأفعال، سنستخدم جميع الأدوات المتاحة لنا".
ترحيب يوناني وقبرصي
ورحّبت اليونان وقبرص ببيان القمة الأوروبية. وقال رئيس الوزراء اليوناني، كيرياكوس ميتسوتاكيس، إن الاتحاد وجّه "رسالة وحدة وتضامن وتصميم" لم تترك مجالاً لتركيا للشكّ في أن عليها وقف "أنشطتها الأحادية".
وأضاف "كما أوضحت العواقب التي ستحصل في حال واصلت تركيا سلوكها العدواني". وأكّد أن "اليونان مرتاحة تماماً لنتائج القمة".
الرئيس القبرصي نيكوس أناستاسيادس، عبّر بدوره عن ارتياحه قائلاً إن العقوبات "لم تكن هدفاً بحد ذاته". وأضاف أن "الأولوية هي لوضع حدّ للأنشطة غير القانونية من جانب تركيا وخلق مناخ إيجابي لإفساح المجال أمام حوار بناء".
واعتبر أن "على تركيا الآن أن تقرّر ما ستفعله والمسار الذي ستسلكه".
إصرار نيقوسيا
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وصدر الموقف الأوروبي الصارم حيال تركيا بناء على إصرار قبرصي بالتلويح بوضوح بالعقوبات، مقابل موافقة نيقوسيا على تبني عقوبات ضد المسؤولين عن القمع في بيلاروس.
واحتدم النقاش بين قادة الاتحاد، الخميس، حول صياغة موقف مشترك تجاه أنقرة، يكون مقبولاً من اليونان وقبرص اللتين تتنازعان مع تركيا على الحقوق البحرية في شرق المتوسط.
وقبيل القمة، سعت قبرص لدى الاتحاد الأوروبي لتوسيع قائمة الأشخاص والكيانات المستهدفين بعقوبات على خلفية أنشطة التنقيب.
وفيما لم يلبِ بيان الاتحاد تلك التوقعات، دافع أناستسايدس عن قراره بالموافقة عليه. وقال إن الخيار كان "إما فرض عقوبات على خمس أو ست شركات وأشخاص، أو إعطاء فرصة أخرى، من خلال الدبلوماسية، لنزع فتيل الأزمة ووضع حد لأنشطة أحادية".
التضامن الأوروبي
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون نبّه بدوره، عند وصوله للمشاركة بالقمة الخميس، إلى أن "التضامن مع اليونان وقبرص (...) غير قابل للتفاوض". وأضاف، "عندما تهاجم دولة عضو في الاتحاد الأوروبي، عندما لا تحترم مياهها الإقليمية، فإن من واجب الأوروبيين إظهار تضامنهم".
وشدد رئيس الوزراء اليوناني على أن "الساعة حانت لتتناقش أوروبا بشجاعة وصراحة حول نوع العلاقة التي تريدها حقاً مع تركيا". واعتبر أنه "لم يعد يمكن التسامح مع استفزازات" أنقرة.
الموقف الألماني
في المقابل، اعتبرت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل أن "من مصلحة الاتحاد الأوروبي تطوير علاقة بناءة مع تركيا، على الرغم من كل الصعوبات".
وفي إشارة إلى الرغبة في التهدئة، توصل في حلف شمال الأطلسي (الناتو)، الخميس، إلى اتفاق بين اليونان وتركيا حول آلية لتجنب النزاعات.
أما الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، فاعتبر أن الأوروبيين "مرتهنون" لليونانيين والقبارصة، مؤكداً أمام البرلمان التركي أنه "مصمم على إبقاء قنوات الحوار مفتوحة".
النزاع في شرق المتوسط
واحتدم النزاع في شرق المتوسط في الآونة الأخيرة، لا سيما بعد إرسال تركيا في أغسطس (آب) الماضي، سفينة "أوروتش رئيس" للرصد الزلزالي للتنقيب عن الغاز، ترافقها سفن حربية، إلى المياه بين اليونان وقبرص.
وازدادت المخاوف من انزلاق الخلاف بين تركيا واليونان إلى مواجهة عسكرية، بعد إجراء البلدين مناورات عسكرية في المنطقة.
وانعكس النزاع بين أنقرة وكل من أثينا ونيقوسيا، توتراً مع باريس، التي تدعم مطالب الدولتين العضوين في الاتحاد الأوروبي، وتناقض مواقف تركيا حيال نزاعات عدة في المنطقة، من شرق المتوسط وليبيا إلى ناغورنو قره باغ، أخيراً.