قادت كونسويلا تايلور سيارة ابنها المخصصة لتسليم طلبات البيتزا ووصلت إلى فيلادلفيا آتية من مقاطعة ديلاوير المجاورة لترى باراك أوباما.
وقالت السيدة تايلور وهي تحبس دموعها خارج موقف للسيارات قرب حديقة سيتيزنس بنك، حيث ترأس الرئيس السابق تجمعاً تابعاً للحملة الرئاسية الخاصة بالمرشح الديمقراطي جو بايدن: "هو يعني لي الأمل. لا أعرف ماذا يعني للآخرين، لكنه يعني لي الأمل".
كانت سيارة ابنها الكهربائية الزرقاء من بين مئات السيارات التي اصطفت على امتداد شارع برود في جنوب فيلادلفيا يوم 21 أكتوبر (تشرين الأول) حين ظهر سلف دونالد ترمب في شكل شخصي وعلني في مناسبات عدة - للمرة الأولى خلال انتخابات عام 2020 – لحض الناخبين على دعم نائبه السابق، مطلقاً ديناميكية بقصص وعواطف تتعلق بعلاقتهما.
ومع أقل من أسبوعين قبل يوم الانتخاب، عبّأ الديمقراطيون السيد أوباما بوصفه أقوى خطيب في الحزب وفي تبنٍّ حاسم وأخير في الولاية حيث كان المنزل الأول لنائب الرئيس السابق والتي تُعَد ساحة معركة مهمّة يعتزم السيد بايدن ومرشحته لمنصب نائب الرئيس، كامالا هاريس، قلبها لمصلحتهما.
وشكلت المناسبات التي ظهر فيها أوباما بعض المتنفس العاطفي للديمقراطيين الذين تربكهم الإدارة الحالية، لكن المشاركين في التجمع – ومنهم مسؤولون حزبيون محليون، وقادة نقابيون، ومتطوعون، ومشرّعون، ومؤيدون – ذُكّروا بأن المرشح لانتخابات عام 2020 يعتزم حمل إرث الرئيس السابق.
وعاد السيد أوباما إلى المدينة نفسها حيث ألقى كرئيس خطاباً ملؤه الطاقة والأمل عشية يوم الانتخاب في 7 نوفمبر (تشرين الثاني) لصالح المرشحة وقتذاك هيلاري كلينتون. وبعد أربع سنوات، وخلال اجتماع اللجنة الوطنية الديمقراطية، عاد إلى المدينة للإدلاء بتوبيخ رصين طال الولاية الأولى لمنافسها، مع تحذير للمستقبل.
وخلال زيارته الثانية في 21 أكتوبر، ضخ حماسته وتفاؤله اللذين يُعرَف بهما ويلونان إرثه بين الديمقراطيين من خلال سلسلة من الزيارات – شملت مائدة مستديرة مخصصة لمجتمع محلي، ومجموعة من المتطوعين، ومئات المؤيدين في تجمع مسائي حضروه وهم في سياراتهم.
وحملت زيارته أيضاً أصداء الحملة الانتخابية لعام 2008 وما قبلها – وكان الخصم التقليدي دونالد ترمب روج لنظرية مؤامرة عرقية لا أساس لها من الصحة مفادها بأن أوباما مولود خارج الولايات المتحدة ولم يكن يحق له بالتالي أن يصبح رئيساً، وأصبح لاحقاً أول رئيس جمهوري يفوز بهذه الولاية (بنسلفانيا) منذ عام 1988، وأمضى ولايته الرئاسية يشيطن سلفه ونائب سلفه الذي أصبح الآن خصمه.
ويتلقى عادة الناخبون في الولايات غير المحسومة من الحملتين وابلاً من الرسائل البريدية، والاتصالات الهاتفية، والرسائل النصية، وغير ذلك من الإعلانات، في حين يطغى في الأغلب على تصويتهم المطول المهم في الانتخابات المحلية تدقيق مكثف على مستوى البلاد ككل يتناول السباق الرئاسي.
وفي فيلادلفيا المحسومة ديمقراطياً، تطلب لافتات حمراء كثيفة في جنوب المدينة من السائقين بأحرف بيضاء كبيرة التصويت، وتنتشر إعلانات تقول "صوّتوا لبايدن عام 2020" على أعمدة خطوط الهاتف بين أحد طرفي شارع برود والقلب التاريخي للمدينة.
لكن لافتات باهتة لحملة أوباما وبايدن وملصقات انتخابية متقشرة تعود إلى 12 سنة لا تزال تطل من نوافذ البيوت ومصدّات السيارات.
وسعت حملة السيد بايدن، مع عضو مجلس الشيوخ السيناتورة هاريس إلى جانبه، إلى إعادة إطلاق ديناميكية حملة أوباما وبايدن في اختيار بايدن شريكته الانتخابية، ما أعاد إشعال جذوة العلاقة التي أصبحت أسطورية في نظر المؤيدين.
وقالت السيدة تايلور: "أعرف أنه يؤيد جو، وأعرف أنه سيدعم جو، وسيستمر في دعم جو. ومع أنه لم يعد رئيسنا حالياً، لا يزال قادراً على توفير المساعدة للولايات المتحدة".
"ثمة مصدر قوة هناك"
وصل السيد أوباما إلى فيلادلفيا في أعقاب جولة انتخابية قام بها الرئيس (ترمب) إلى ثلاث مقاطعات فاز بها عام 2016 وكان السيد أوباما نفسه كسبها عام 2012.
وخلال تجمع في إيري Erie ببنسلفانيا مساء الثلثاء قال الرئيس ترمب: "إذا كسبنا بنسلفانيا، نكسب الانتخابات كلها".
وقال (ترمب) الأسبوع الماضي في ولاية جورجيا: "أبلغوني، سيدي، لدينا أخبار سيئة". فسئلتُ "ما هي الأخبار السيئة؟" "أوباما سيبدأ حملة لصالح جو النعسان". قلت، "هل هي أخبار جيدة أم سيئة؟ لماذا هي سيئة؟" لأنه نفذ حملة لصالح هيلاري أقوى من حملتها. لقد كان غير فاعل جداً كزعيم حملة".
وأشار الجمهوريون إلى عملية واسعة للتواصل مع الناخبين في الولاية، تشمل استضافة تجمعات حاشدة تضم آلاف الأشخاص وإغلاق فجوة تسجيل الناخبين بينهم وبين الديمقراطيين إلى أضيق هامش في عقود من الزمن.
لكن الحزب الجمهوري وحملة الرئيس خسرا جهوداً بذلاها أخيراً لتقليص خطط بنسلفانيا للتصويت عبر البريد، فالمشاركة المبكرة في التصويت ازدادت مقارنة بها في السنوات السابقة.
وأبلغ المسؤولون الانتخابيون في الولاية عن قفزة غير مسبوقة في التصويت عبر البريد والمشاركة المبكرة، على الرغم من أن الغموض لا يزال يكتنف الأمر: فهل تشير القفزة في التصويت إلى مشاركة إجمالية أكبر أم إلى نسبة من الناخبين لن يصوّتوا شخصياً يوم الانتخاب؟
وطلب الديمقراطيون 1.8 مليون ورقة اقتراع بالبريد تقريباً الثلثاء، وفق وزارة شؤون الولاية في بنسلفانيا. ويساوي ذلك 64 في المئة من الـ2.8 مليون ورقة اقتراع بالبريد المطلوبة إجمالاً.
وطبعت المقاطعات 2.77 مليون ورقة اقتراع وأرسلتها بالبريد، وأُعيدَ حوالى 37 في المئة منها بعد ملئها.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وقال عضو مجلس الشيوخ في الولاية شريف ستريت Senator Sharif Street، وهو نائب رئيس الحزب الديمقراطي في الولاية: "ثمة مصدر قوة هنا. البنسلفانيون عازمون على التصويت، وأظن أن تحدي الرئيس لحقّ الناس في الاقتراع حين هاجم التصويت بالبريد لم يزد الناس إلا إقبالاً على الرغبة في الانتخاب".
وساعد السناتور ستريت، وهو ابن ثاني رؤساء البلدية السود لفيلادلفيا، في ضمان الفوز لناخبي بنسلفانيا، إذ رفضت المحكمة العليا الأميركية وقف العمل بقرار من محكمة الولاية سمح باحتساب أوراق الاقتراع المرسلة بالبريد طالما تُوسَم بختم البريد بحلول يوم الانتخاب وتصل في اليوم الثالث بعده لا أكثر.
وقال السناتور ستريت لـ"اندبندنت": "نحتاج إلى فعل ما نستطيع لضمان التصويت – لوقف الانهيار وتدمير دونالد ترامب لكل شيء بناه كل شخص. لقد كان حكمه بهذا السوء... أما الرئيس أوباما فيذكرنا بكيفية الحكم الجيد".
وفي مواجهة تشرذم قطاع الألبان ومعاناة المزارعين من الرسوم الجمركية، في خضم أزمة صحية عامة تسببت بموت ما لا يقل عن ثمانية آلاف و600 بنسلفاني، تلاقي عودة السيد أوباما إلى فيلادلفيا صدى في المقاطعات الـ67 في الولاية، على حد تعبير السناتور ستريت.
وقال السناتور ستريت: "لا يتعلق الأمر فقط بأبناء المدن والسود، والتقدميين وأعضاء مجتمع الميم، والأميركيين اللاتينيين والآسيويين – هو يتعلق أيضاً ببنسلفانيا الريفية، والأسر الريفية، والناس الذين يفهمون أن باراك أوباما وجو بايدن يعرفان كيف يقومان بالأشياء الصائبة. فباراك أوباما يذكرنا بأننا كبلاد نعرف كيف نحل المشاكل الكبيرة. فنحن لم نتظاهر بأن المشاكل غير موجودة في حين شاهدنا الناس يموتون".
وجاءت قافلة من النقابات العمالية – بما في ذلك أعضاء في الاتحاد الدولي لموظفي الخدمات، وعاملون في صناعة الصلب، ونجارون – إلى حديقة سيتيزنس بنك الأربعاء.
وكان هؤلاء من ضمن مجموعة متنوعة من مناصري الحزب الديمقراطي، وهم عكسوا "التحالف" الواسع الذي أدى دوراً مركزياً في فوز السيد أوباما عام 2008.
وخرج أعضاء في مجموعة "الأميركيين الآسيويين وسكان جزر المحيط الهادئ من أجل بايدن" من شاحنة صغيرة ليحملوا لافتات باسم المرشح. وجاء كريس ماككولوم وجون توماس أبدلينغ المقيمان في فيلادلفيا مع لافتات باسم "مجتمع الميم من أجل بايدن".
وحمل جيمس هوكر وفيكتور شفانسكي الممثلان لاتحاد نجاري فيلادلفيا لافتة كبيرة باسم "بايدن هاريس" في شاحنة صغيرة.
وألصق دايف ماكليمانز، وهو عامل متقاعد في صناعة الصلب من مقاطعة تشستر مغنطيساً يحمل عبارة "عاملو الصلب من أجل جو". وقال إنه يتصيد الأصوات و"يقرع الأبواب كلها" لصالح المرشح.
وقال لـ"اندبندنت": "يجب أن نفوز بالانتخابات مهما كلف الأمر".
وأبرز السيد ماكليمانز، وهو محارب قديم في حرب فيتنام، دعمه للسيد بايدن بتقززه من الرئيس الحالي، بعد مزاعم بأن الأخير وصف العسكريين بأنهم "خاسرون".
وقال: "عليه اللعنة. لا نريده أن يفوز".
"تصحيح الوضع"
بعدما تجنب السيد أوباما أن يواجه في شكل مباشر الرئيس الحالي خلال السنوات الكثيرة الأخيرة، ضاعف انتقاداته في الأشهر الأخيرة بعد الأزمة الصحية العامة (كورونا) ورفض (ترمب) مواجهة العدالة العرقية.
وقال السيد أوباما لحشد في تجمع: "لم أعتقد بأن دونالد ترمب سيتبنى رؤيتي أو يتابع سياساتي، لكنني أملت من أجل مصلحة البلاد في أنه قد يبدي بعض الاهتمام في أن يأخذ المنصب على محمل الجد.
لكن هذا ما لم يحصل. فهو لم يُبدِ أي اهتمام بأداء العمل أو مساعدة أي شخص سواه وسوى أصدقائه".
وفي وقت سابق الأربعاء انضم إلى مائدة مستديرة في "مركز هانك غاذرس لتنمية فرص الشباب" Hank Gathers Youth Access Center حيث حض الشبان السود على التصويت واعتبر حملته حملة "أمل" في مواجهة الحقائق الحالية.
وقال: "مع انتخابي، أظن أننا أفرطنا على الأرجح بالتفاؤل حول مقدار التغيير الذي حصل في البلاد. لكن ذلك التغيير كان حقيقياً. لاحظنا بعض المقاومة (في حينه). وكان ذلك حقيقياً أيضاً".
وفي التجمع، قال للمناصرين: "ليس عدم حصولنا على 100 في المئة مما نريد فوراً سبباً وجيهاً للتصويت. هو يعني أن نصوّت، ثم نحصل على بعض التغيير، ثم نصوّت مجدداً، ثم نحصل على مزيد من التغيير، ثم نواصل التصويت حتى تصحيح الوضع".
وكان خطابه أحياناً مليئاً بالمزاح، وأحياناً أخرى رزيناً وصريحاً، وهو الأول في سلسلة خطابات مخطط لها خلال الأيام الكثيرة المقبلة في وقت يتوجه ملايين الأميركيين إلى الانتخابات، لينضموا إلى 40 مليوناً آخرين صوتوا بالفعل.
وفي رسالة بالفيديو الثلثاء، تحدث مباشرة إلى الناخبين الشباب، متبنياً حماسته المليئة بالأمل التي تميزه لتشجيعهم على التصويت للسيد بايدن.
وقال: "أعرف جو أفضل من أي شخص آخر تقريباً. وأثق بأنه سيكون رئيساً عظيماً... هو يتبنى الجانب الصحيح من الأمور... ويود جو وكامالا أن تواصلوا دعمهما ليتمكنا من القيام بعملهما".
© The Independent