أسبوع واحد فقط يفصلنا عن الانتخابات الأميركية والديمقراطي الذي يتصدر العناوين الرئيسية في الهند ليس جو بايدن، منافس ترمب على الرئاسة، إنما كامالا هاريس، مرشحته لمنصب نائب الرئيس.
فاحتمالية أن تتبوأ أميركية من أصلٍ هندي ثاني أعلى منصب في الولايات المتحدة بعد الرئيس تُحدث ضجةً كبيرة في البلد الذي وُلدت فيه والدة السيدة هاريس.
لكن وفيما يُشيد كثيرون بها ويترقبون وصولها إلى سدة الرئاسة مستقبلاً، تخشى بعض الجهات الوطنية من ألا يُسهم وجود هاريس داخل البيت الأبيض في تعزيز العلاقات بين واشنطن ودلهي.
وقد سبق لكامالا ديفي هاريس، كما أسمتها والدتها التاميلية شيامالا غوبالان هاريس، أن تطرقت في مناسبات عدة العام الماضي إلى إرثها الهندي. وفي حديث خاص مع صحيفة "اندبندنت" في دلهي، قال خالها غوبالان بالاشندران بكل فخر "كل ما تعرفه [السيدة هاريس] عن الهند تعلمته من والدي [جدها] وشقيقتي [والدتها]".
وصحيح أن السيدة هاريس لم تغُص في تفاصيل السياسة الهندية، إلا أنها تؤيد رؤية هندية شاملة ودامجة [لا تقصي جماعة من الجماعات] ومناصرة لحقوق الإنسان. وبعد إصدار دلهي قرار إلغاء الوضع الخاص لولاية كشمير العام الفائت، أكدت السيدة هاريس لحشدٍ في تكساس أن "تذكير الكشميريين بأنهم ليسوا وحيدين في العالم" يقع على عاتق أميركا.
فـ"[السيدة هاريس] متربية على الانفتاح على كل الأديان والأعراق"، بحسب خالها.
وقد أثارت الحماسة بشأن السيدة هاريس اهتمام الإعلام والتلفزيون الهندي الذي دأب بكل وسائله إلى تغطية كل ما يتعلق بحياتها، بدءاً بطفولتها وصولاً إلى الأماكن التي زارتها في الهند. ولغاية الآن، لا يزال مقطع الفيديو الذي ظهرت فيه المرشحة الديمقراطية عام 2019 وهي تتحدث إلى الكوميدية ميندي كالينغ عن إرثهما الهندي وتُحضر معها خبز الدوسا الهندي الجنوبي، يحظى بمشاهدات عالية على مجموعات الـ"واتساب".
وفي هذا السياق، أفاد النائب شاشي ثارور المحسوب على حزب الكونغرس المعارض في الهند لـ "اندبندنت"، أن فوز الثنائي بايدن-هاريس في الانتخابات "سيُلهم الأميركيين من أصول هندية".
أضاف "معرفة [السيدة هاريس] المباشرة بالهند والثقافة الهندية تضفي إلفة مشتركة [قاسماً مشتركاً] إلى العلاقة بين الدولتين. ومن الجلي أن الهند لن تغفلها إدارة أميركية ستتولى فيها [السيدة هاريس] مركزاً مرموقاً".
أما مايا ميرشاندي، بروفسورة في علوم الإعلامية وزميلة في "مؤسسة أبحاث المراقبة" (Observer Research Foundation)، فأوضحت لنا أن الدعم الذي تحظى به السيدة هاريس في الهند يتجاوز الانقسام الأيديولوجي بين مختلف فصائل الشعب الهندي. "فنحن عندما نرى أحد أفراد مجتمعنا يرتقي إلى مناصب رفيعة في السياسة، يتحول إنجازه الفردي إلى مصدر فخر لنا جميعاً. وفي أغلب الأحيان، ينقسم الديمقراطيون والجمهوريون في ما بينهم، حتى ضمن شرائح المجتمع الأميركي من أصل هندي".
وبتقدير السيدة ميرشاندي، لولا أن السيدة هاريس تُعرف نفسها على أنها امرأة سوداء أكثر منها امرأة أميركية- هندية– كونها تتحدر من والدٍ جامايكي– لكانت صاحبة شعبية كبيرة في جنوب آسيا. و"الأميركيون من أصل هندي يشككون في إمكانية تلاقيهم معها ثقافياً وعرقياً، لأنها هي نفسها لم تسمح بذلك".
ويتجلى هذا القدر من عدم اليقين بطرق مختلفة– على غرار بيانات اتجاهات "غوغل" التي أظهرت ارتفاع البحث عن "ديانة كامالا هاريس" في الهند خلال الأشهر الأخيرة، لا سيما في الثاني عشر من أغسطس (آب) على وجه التقريب، تاريخ إعلان السيد بايدن ترشيحها لمنصب نائب الرئيس.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ومن الممكن جداً أن يكون هذا هو السبب الذي حال دون بروز غضب عارم من تصريحات هاجمت السيدة هاريس وإساءة لفظ دونالد ترمب اسمها، والرئيس الأميركي حرص على بناء علاقة وطيدة برئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي.
وعلى الرغم من هذه المسائل، يفضل كثيرون في الهند، ليس أقله المرتبطون بحزب مودي الحاكم، السيد ترمب على السيدة هاريس، بصرف النظر عن أصولها.
ومن بين هؤلاء، نذكر الكاتب والصحافي الهندي سانديبان ديب الذي يرى أن السيدة هاريس "لا تعمل سوى لنفسها" وأن "وقع انتخابها سيكون سيئاً على الجميع عموماً، والهند خصوصاً. وهي تُنكر أصولها الهندية، إلا عندما يتعلق الأمر بحصد أصوات الأميركيين من أصول هندية وأموالهم".
ونذكر أيضاً، بهارات باراي الذي لعب دوراً رئيسياً مع السيد ترمب ورئيس الوزراء الهندي لتنظيم مسيرة "هودي مودي" (مرحباً مودي) في هيوستن، تكساس، في سبتمبر (أيلول) العام الماضي. فبرأي رجل الأعمال الهندي- الأميركي، "بايدن يؤيد الهند أكثر من هاريس التي لم تقدم على أي خطوة تؤيد الهند طوال مسيرتها المهنية".
وأخيراً، أقر السيد ثارور بأن الهنود الوحيدين غير المتحمسين لانتخاب السيدة هاريس المحتمل هم "الذين يدركون أن هذه الأخيرة لن تُصادق تلقائياً على كل ما تفعله الحكومة الهندية".
وإن كان السيد ترمب "قد غض الطرف عن سياسة مودي الداخلية"، فالسيدة هاريس "ستدافع بشراسة عن الديمقراطية وحقوق الإنسان". وهذا أمر يُرحب به السيد ثارور على اعتبار أن "من يهتم لأمر بلدٍ ما، لا يمكن أن يتجاهله والأرجح أن يتخذ مواقف حازمة بشأن قضايا تقض مضجع مجتمعه وتعيثُ به اضطراباً".
© The Independent