غيرت الاضطرابات الناجمة عن وباء كوفيد-19 كيفية تصرف المستهلكين الأميركيين من خلال تسريع احتضانهم للتجارة الرقمية، ومن المرجح أن تكون التغييرات دائمة، وفقاً للشركات التي تدرس وتتكيف مع التغييرات. ووجد استطلاع حديث أجرته شركة الاستشارات ماكنزي آند كو، أن نحو ثلاثة من كل أربعة أشخاص جربوا طريقة تسوق جديدة بسبب فيروس كورونا، وأن أكثر من نصف المستهلكين يعتزمون الاستمرار في استخدام خدمات توصيل البقالة والتوصيل على جانب الطريق بعد الجائحة.
وقال ما يقرب من 70 في المئة من المستهلكين، الذين شملهم الاستطلاع، إنهم يعتزمون مواصلة الشراء عبر الإنترنت. وخلصت الشركة إلى أن الوباء سرّع عملية تبني التجارة الإلكترونية في الولايات المتحدة في غضون ثلاثة أشهر، التي كانت ستستغرق 10 سنوات.
لن يعود المستهلكون إلى التسوق بالطريقة التقليدية
قالت صحيفة وول ستريت جورنال، إن عمليات الإغلاق والتباعد الاجتماعي والآثار الأخرى للأزمة أجبرت العديد من المستهلكين على تجربة التسوق عبر الإنترنت والمواعيد الطبية ودروس اليوغا وخدمات الدروس الخصوصية عن بُعد، وقال بريان روادي، الشريك الأول في شركة ماكينزي، إن الأشخاص الجدد في لعبة التجارة الإلكترونية "يكتشفون أنها مفيدة جداً، وقد دفع هذا الشركات إلى زيادة خدماتها الرقمية"، وعن التغييرات في الأعمال التجارية وسلوك المستهلك أضاف روادي، "ترى حركة كبيرة على كلا الجانبين، وهذا يجب أن يؤدي إلى زيادة كبيرة، وتحول أساس في التسارع".
من جانبه قال ستيفان لارسون، رئيس شركة كالفن كلاين وشركة بي في إتش كورب وتومي هيلفيغر، "لن يعود المستهلكون إلى التسوق بالطريقة التي كانوا يفعلون بها قبل الوباء. سوف يمضون قدماً إلى الوضع الطبيعي الجديد".
وأضاف لارسون، الذي تولى منصب الرئيس التنفيذي أوائل العام المقبل، إن هذا يعني استمرار الاندفاع في التجارة الإلكترونية. ونتيجة لذلك، تعمل "بي في إتش" على تسريع الاستثمارات الرقمية، بما في ذلك بناء أنظمة بيانات ومستودعات جديدة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وساعد التحول السريع في وضع بعض الشركات على الازدهار والنمو، بينما يعاني البعض الآخر أو يفشل، ما يعكس الانتعاش الاقتصادي الأوسع على شكل حرف (k). ومن بين الفائزين أولئك الذين يسهلون التحولات، بما في ذلك تجار التجزئة عبر الإنترنت، ومقدمو الخدمات وشركات التكنولوجيا والشركات، التي تقدم البضائع ويشتريها الأشخاص عبر الإنترنت.
وقالت شركة بيلوتون إنتراكتيف، إن إيراداتها تضاعفت أكثر من ثلاثة أضعاف لتصل إلى 757.9 مليون دولار خلال سبتمبر (أيلول). وتستفيد الشركة من الطلب المتزايد على معدات اللياقة البدنية في المنزل، ومعظمها متصل بالإنترنت مثل دراجات التمارين.
وتشمل الأعمال المتعثرة تلك غير القادرة على إجراء الانتقال، مثل عديد من المطاعم والمتاجر. ووصل إغلاق متاجر البيع بالتجزئة في الولايات المتحدة إلى مستوى قياسي في النصف الأول من عام 2020، ويسير العام على وتيرة عمليات إفلاس وتصفية قياسية، وفقاً لتقرير عن شدة الانكماش الاقتصادي.
وقد تكون بعض التغييرات التي يحركها الوباء في ما ينفق الناس عليها أموالاً مؤقتة، مثل الابتعاد عن الأنشطة التي تتطلب القرب من أشخاص آخرين. مع استمرار تجنب عديد من الأميركيين السفر الجوي وتناول الطعام في الأماكن المغلقة، ومع بقاء نوافذ تذاكر الترفيه مظلمة من ديزني لاند بارك إلى برودواي، وكان المستهلكون قد أنفقوا 7.2 في المئة أقل على الخدمات في الربع الثالث من العام السابق.
16.1 في المئة ارتفاع حصة التجارة الإلكترونية
ارتفعت حصة التجارة الإلكترونية من مبيعات التجزئة الأميركية إلى 16.1 في المئة خلال الربع الثاني من هذا العام، من 10.8 في المئة العام السابق و0.9 في المئة من إجمالي مبيعات التجزئة قبل عقدين، وفقاً لوزارة التجارة الأميركية.
وتمثل التجارة الإلكترونية الآن في "ماسي إنك" ما يقرب من 43 في المئة من المبيعات ارتفاعاً من 25 في المئة قبل الوباء. لتلبية الطلب المتزايد، وأخيراً انضمت بائعة التجزئة إلى شركة "غوغل إنك" لتحسين نتائج محرك البحث وإضافة التسليم في اليوم نفسه للطلبات عبر الإنترنت. وقال مات باير، كبير الإداريين الرقميين في شركة ماسي، "هذه عضلات جديدة طورناها خلال الأشهر العديدة الماضية".
وتؤدي التحولات في سلوك المستهلك إلى تطوير أساليب توزيع جديدة، مثل المتاجر عبر الإنترنت فقط، أو "المتاجر المظلمة"، حيث تجمع عمليات الشراء عبر الإنترنت من قبل العمال لتوزيعها على العملاء. ولا يُسمح للمتسوقين بالدخول لتصفح الأرفف أو عصر الفاكهة.
وافتتحت شركة "هول فود ماركت إنك"، المملوكة لشركة "أمازون دوت كوم إنك"، أول متجر لها على الإنترنت فقط في بروكلين خلال سبتمبر، كجزء من إستراتيجية لتلبية الطلب المتزايد على توصيل الطعام. وزادت سلسلة متاجر البقالة وخدمة التوصيل "أمازون فريش" من سعة التسليم الإجمالية بأكثر من 160 في المئة منذ مارس (آذار). وقامت شركة هول فودز بزيادة مواقع الالتقاط إلى جميع متاجرها البالغ عددها 500 متجر في الولايات المتحدة مع إيقاف فيروس كورونا تناول الطعام في المتاجر، ما دفع بعض المتاجر لإعادة تخصيص أجزاء من مناطق تناول الطعام الخاصة بهم كمساحات لحزم طلبات الاستلام والتسليم.
تجنب استخدام النقد في المدفوعات
التحول شمل أيضاً الطريقة التي يدفع بها الناس مقابل شراء السلع والمنتجات والخدمات، ومن المحتمل أن تستمر الطرق الجديدة حتى بعد زوال الجائحة، فقد وجد استطلاع أجراه بنك الاحتياطي الفيدرالي في سان فرانسيسكو خلال يوليو (تموز) أن 28 في المئة من المستطلعين قالوا، إنهم يتجنبون استخدام النقد ويستخدمون عوضاً عن ذلك مدفوعات البطاقات بسبب الوباء، الذي أدى إلى زيادة انتشار استخدام طرق الدفع غير التلامسية، التي تلغي الحاجة إلى تمرير بطاقة الائتمان أو إدخالها. وسجلت كل من فيزا وماستركارد نمواً عالمياً في معاملات النقر للدفع أو المعاملات هذا العام. وفي الربع الثالث ذكرت ماستركارد، إن الدفع من دون تلامس يمثل41 في المئة من معاملات الشراء الشخصية على مستوى العالم، ارتفاعاً من37 في المئة خلال الربع الثاني و30 في المئة قبل عام.
وقال جوناثان سيلفر، الرئيس التنفيذي لشركة أفينيتي سليوشنز، وهي شركة تجمع بيانات إنفاق بطاقات الخصم والائتمان، إن عادات المستهلك يمكن أن تتغير بعد أن يحاول شخص ما طريقة جديدة للقيام بالأشياء مرتين أو ثلاث مرات بدافع الضرورة، وأضاف أن الوباء أحدث تحولات جذرية.