باتت أسواق النفط العالمية في انتظار اجتماع مجموعة "أوبك+" المقرر له الخميس من أجل التوصل إلى اتفاق نهائي بشأن مستويات الإمداد اعتباراً من يناير (كانون الثاني) المقبل، وذلك بعد أيام من المحادثات والمشاورات المتوترة.
وعلى رغم تأكيد محللين ومتخصصين في إفادات لـ"اندبندنت عربية" أهمية التوصل إلى اتفاق يرضي جميع الأعضاء خلال اجتماع "أوبك+" الخميس، إلا أنهم حذروا من أن سيناريو الفشل سيؤدي إلى مزيد من التراجعات الشديدة في أسعار الخام، و"الجميع وقتها سيكون خاسراً".
وأجلت مجموعة "أوبك+" التي تضم 23 دولة من منظمة البلدان المصدرة للبترول "أوبك" وروسيا وحلفاء آخرين، اجتماعها المرتقب 48 ساعة لمنح الوزراء بعضاً من الوقت "لمزيد من المشاورات" كتمهيد للتوصل إلى اتفاق، بينما لم تتوصل المجموعة الوزارية لمنظمة "أوبك" لقرار بشأن تخفيضات الإنتاج خلال العام المقبل، في مؤشر يعزز مخاوف أسواق النفط.
الترقب حول الاتفاق
إلى ذلك بدأت أسعار النفط في الصعود بينما تترقب السوق الاتفاق بين المنتجين، حيث يتوقع متعاملون عديدون أن يتضمن استمرار كبح الإمدادات، بينما أعطت موافقة بريطانيا على لقاح للوقاية من كوفيد-19 أملاً جديداً في تعافي الطلب.
وكانت الأسعار قد تراجعت في وقت سابق بزيادة مفاجئة في مخزونات النفط بالولايات المتحدة وحالة عدم التيقن التي أشاعها تأجيل "أوبك" وحلفائها اجتماعاً رسمياً للبت في زيادة الإنتاج من يناير يومين.
الى ذلك بدأت العقود الآجلة لخام برنت في ارتفاع 34 سنتاً بما يعادل 0.7 في المئة إلى 47.76 دولار للبرميل، في حين زاد الخام الأميركي غرب تكساس الوسيط 36 سنتاً أو 0.8 في المئة مسجلاً 44.91 دولار.
وأظهرت بيانات من معهد البترول الأميركي ارتفاع مخزونات الولايات المتحدة من الخام 4.1 مليون برميل الأسبوع الماضي، مقارنة مع توقعات في استطلاع أجرته "رويترز" كانت لانخفاض 2.4 مليون برميل.
وكان من المتوقع على نطاق واسع أن تمدد تلك التخفيضات إلى الربع الأول من 2021 وسط طفرات في إصابات كوفيد-19.
وقال إدوارد مويا، كبير محللي السوق لدى أواندا في نيويورك، "أسواق الطاقة ستظل في حالة توتر إلى أن تجتاز أوبك+ اجتماع الغد". ستظل أسعار النفط تتلقى دعماً مع إعلان صناع اللقاحات عن مواعيد بدء التطعيمات."
اجتماع مع توتر
وشهد اجتماع "أوبك" الاثنين الماضي عبر الإنترنت، توترات غير عادية ومن دون التوصل إلى اتفاق، إذ لا يزال اللاعبون الرئيسيون مختلفين حول حجم النفط الذي ينبغي ضخه وسط طلب ضعيف بسبب جائحة فيروس كورونا.
وسيبحث وزراء "أوبك+" ما إذا كان سيتم المضي وفقاً لما هو مخطط له في إضافة مليوني برميل من النفط إلى الإنتاج الحالي بداية من يناير أو الإبقاء على مستويات التخفيضات التي ساعدت بالفعل في تعافي أسعار النفط، وذلك في وقت لا يزال الكثير من الدول ذات الاقتصادات الكبرى يعاني من موجة ثانية من تفشي فيروس كورونا.
الاقتراب من الاتفاق
وذكرت"بلومبيرغ" الأميركية، أن مجموعة "أوبك+" تقترب من اتفاق بحسب أحد المشاركين بالمناقشات. وبحسب الوكالة، لم يتم الإفصاح عن تفاصيل، فيما قال أحد المشاركين إنه من المبكر تحديد ما إذا كان ستتم ترجمة هذا التقدم لاتفاق نهائي.
توافق جماعي
في هذا الشأن قال محمد الشطي، المختص بالشؤون النفطية، إنه لا بد من النظر إلى استمرار المشاورات وتأجيل اجتماع "أوبك+" بصورة إيجابية، حيث يؤكد حرصها على الخروج بتوافق جماعي لمصلحة السوق وهو ما سيكون على اجتماع الخميس، متوقعاً أن يساعد لقاح فيروس كورونا وبدء مرحلة العلاج بالنصف الثاني من عام 2021 في دعم أجواء التفاؤل في أسواق النفط.
أضاف الشطي، أن الجميع يأمل في خروج الاجتماع بما يريد السوق - وهو على الأقل - تأجيل تمديد الخفض لنهاية مارس (آذار) المقبل، وربما أكثر مما يتوقع السوق، وللعلم فإن منظمة أوبك حريصة على عدم تكرار تجربة أبريل (نيسان) الماضي، حين انهارت الأسعار وتأثر المنتجون حول العالم، وقد كانت هناك تصريحات إيجابية من وزراء الدول المنتجة خلال معرض ومؤتمر أبو ظبي الدولي للبترول "أديبك" الشهر الماضي والتي أسهمت بشكل فاعل في دعم ارتفاع الأسعار.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأشار إلى أن سيناريو عدم التوصل إلى اتفاق بلا شك يعني هبوطاً في أسعار برنت إلى مستويات دون 40 دولاراً للبرميل، خصوصاً في حال رفع الانتاج واستمرار تعافي الإنتاج الليبي، ولكن فقط الالتزام بخطة الخفض السابقة الزيادة بمقدار 5.8 مليون برميل شهرياً من يناير المقبل بدلاً من التمديد إلى 7.7 مليون برميل قد يبقى الأسعار عند 40 دولاراً.
وأوضح المحلل الشطي، "أن العام الحالي سيطر عليه تسارع المتغيرات ولذلك كان قرار أوبك بانعقاد اللجنة الفنية على مستوى وزراء اللجنة المسؤولة عن مراقبه الانتاج بشكل شهري لمتابعة تطورات السوق، قراراً إيجابياً يدلل على أهمية تحقيق توازن واستقرار الأسواق".
بوادر الاختلافات
من جانبه أفاد صالح جلاّد، ناشر مجلة "ميس" المتخصصة في الشؤون النفطية، بأن بوادر الخلافات بين أعضاء "أوبك" وحلفائها، كانت موجودة وليست جديدة وكان سببها الرئيس عدم التزام بعض الدول الأعضاء بالحصص المقررة في الخفض، مضيفاً أنه كان هناك مخطط تقسيم محتمل داخل مجموعة "أوبك+" وهو ما يسبب الضرر لجميع الدول.
أضاف أنه يجب على جميع منتجي "أوبك" وحلفائها حل هذه الخلافات بشكل عقلاني من خلال تحديد كمية النفط التي يتعين عليهم ضخها في العام الجديد، وتأثير حدوث موجة ثانية من كورونا وإلا سيضع رد الفعل الآخر الجميع في مأزق مادي، بالتالي سيحدث هبوط قوي في الأسعار.
ولفت إلى أن هناك حالة شد وجذب في الأسواق النفطية إلى جانب أن التوصل إلى لقاحات كورونا لم توثر بشكل كبير في الأسعار، فالوسطاء هم من يحركون السوق من خلال الإشاعات للتأثير في الأسعار، فعلي سبيل المثال إشاعة اعتزام الإمارات الانسحاب من "أوبك" مع خططها رفع الإنتاج ضمن هدف 5 ملايين برميل ولكن هذا بعد 10 سنوات وهو ما يؤثر في الأسعار.
الأسعار المرجوة
ومن جانبه، قال أحمد حسن كرم، محلل أسواق النفط العالمية، إنه على أعضاء "أوبك" وحلفائها الاتفاق على الأسعار المرجوة أولاً، وعليه يتم الاتفاق على كمية الانتاج المحددة لكل عضو أو حليف.
أضاف كرم: "ربما ستكون عملية خفض كمية الانتاج هي الهاجس الأكبر لديهم وذلك يعود لعملية التربح من بيع النفط فكلما قل الانتاج قل معها الربح، وهذا يتم حله من خلال تنسيق كميات الانتاج القصوى لكل دولة وتحديد النسبة والتناسب عليها كما هو المعتاد في عمليات خفض الانتاج، أو رضوخ بعض الدول لتخفيضات إضافية جراء الوصول إلى الأسعار المرجوة".
الجميع سيكون خاسراً
وقال أحمد معطي، المدير التنفيذي لشركة "في أي ماركتس"، إن جميع الأنظار في السوق النفطية تتجه إلى اجتماع "أوبك+"، لا سيما أن الخلافات بين كبار المنتجين انعكست سريعاً على تراجع النفط إلى 44 دولاراً لخام برنت، بالتالي فإن سيناريو الفشل يؤدي إلى مزيد من التراجعات الشديدة على الأسواق و"الجميع هناك سيكون خاسراً".
وأشار إلى أنه على "أوبك+" حل الخلافات الناشئة بينهم الآن وذلك عن طريق الحوار الدبلوماسي، بخاصة بين الدول المؤثرة في القرارات مثل السعودية والإمارات وروسيا، وعلى بقية الدول التدخل لحل الخلافات إضافة إلى التنسيق بينهم والخروج بحل وسط يرضي جميع الأطراف ولا يؤثر بالسلب على أسعار الخام.
وأوضح أن انضمام المزيد من المنتجين من خارج المنظمة إلى اتفاق "أوبك+" يزيد من عدد الدول التي ستلتزم بخفض الإنتاج أو على الأقل استقراره لأن الواقع يظهر أن هناك دولاً أخرى استغلت الاتفاق ورفعت إنتاجها، الأمر الذي تسبب في إزعاج "أوبك" وحلفائها ويؤدي في النهاية لخروج دول من الاتفاق.
ويقترح أحمد معطي، إجراء تبادل في معدلات الخفض المحددة بين دول مجموعة "أوبك+" فعلى الدول التي كانت أكثر تخفيضاً للإنتاج خلال الفترة السابقة السماح لها بزيادة انتاجها، والعكس صحيح مع تبديل المواقع.