كشف تقرير حديث أنه على الرغم من تجاوز الاقتصاد الصيني نظيره الأميركي الأكبر في العالم على مستوى معدلات النمو منذ عقود، لكن يبدو أنه من المرجح أن يتم كسر هذا الاتجاه خلال العام الحالي، حيث يكتسب تعافي الولايات المتحدة من التداعيات الخطيرة التي خلفتها جائحة كورونا زخماً خلال السنة الأولى من دخول الرئيس الأميركي جو بايدن البيت الأبيض بعد رحيل سلفه دونالد ترمب في يناير (كانون الثاني) الماضي.
وأشارت شبكة "سي إن إن" الأميركية، إلى اتجاه عدد كبير من الاقتصاديين إلى ترقية توقعاتهم للنمو في الولايات المتحدة مع تسارع توزيع لقاحات كورونا، إضافة إلى حزمة تحفيز بقيمة 1.9 تريليون دولار، وهي أكبر بكثير مما كان يعتقد كثيرون أنه يمكن تمريرها قبل بضعة أشهر فقط.
وقال جريجوري داكو، رئيس ملف الاقتصاد الأميركي في شركة "أوكسفورد" الاقتصادية، "سوف يصبح الاقتصاد الأميركي مرة أخرى المحرك الأساس للاقتصاد العالمي. وسيساعد في إخراج بقية العالم من أزمة جائحة كورونا".
في الوقت نفسه، توقع بنك "غولدمان ساكس"، نمو إجمالي الناتج المحلي للولايات المتحدة خلال العام الحالي 2021 بنسبة 6.9 في المئة، وهو الأسرع منذ عام 1984. كما كان بنك "مورغان ستانلي" أكثر تفاؤلاً، الذي توقع نمواً للاقتصاد الأميركي بنسبة 7.3 في المئة. الأمر الذي من شأنه أن يتجاوز هدف الحكومة الصينية وهو تحقيق معدل نمو بحدود 6 في المئة خلال العام الحالي.
وكشف التقرير، أن كل هذا يعني أن نمو الناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة يمكن أن ينافس أو ربما يتجاوز نمو الصين، لافتاً إلى أن "هذا سيكون إنجازاً رائعاً لأن الولايات المتحدة هي اقتصاد أكثر نضجاً، وقد أذهلها النمو المتفجر للصين من الركود العظيم". وأوضح أن الصين تتفوق على الولايات المتحدة كل عام منذ 1976، أي في نحو 45 عاماً.
مؤشر ثقة المستهلكين الأميركيين يصعد
ويبدو أن هذه التوقعات تقترب من الصواب إلى حد كبير، إذ كشفت 5 مؤشرات حديثة عن تعافٍ وشيك للاقتصاد الأميركي من الجائحة التي ضربت الاقتصاد العالمي خلال 2020. يتصدرها ارتفاع ثقة المستهلكين في الولايات المتحدة بأكثر من المتوقع خلال الشهر الحالي، لتسجل أعلى مستوى في عام.
وكشفت بيانات حديثة لجامعة "ميتشغان"، ارتفاع مؤشر ثقة المستهلكين الأميركيين إلى 83 نقطة خلال مارس (آذار) الحالي، مقارنة بـ 76.8 نقطة خلال الشهر الماضي. وكان من المتوقع، ارتفاع ثقة المستهلكين في الولايات المتحدة إلى 78.4 نقطة خلال الفترة نفسها.
وارتفعت معنويات المستهلكين أوائل مارس الحالي إلى أعلى مستوى لها في عام بسبب العدد المتزايد من التطعيمات وتمرير حزمة تحفيزية للإغاثة من الوباء. كما ارتفع مؤشر الظروف الاقتصادية الحالية إلى 91.5 نقطة، مقابل مستوى 86.2 خلال الشهر الماضي.
وصعد مؤشر التوقعات المستقبلية إلى مستوى 77.5 نقطة خلال الشهر الحالي، مقارنة بمستوى 70.7 في فبراير (شباط) الماضي. فيما انخفضت توقعات التضخم إلى 3.1 في المئة خلال الشهر الحالي، مقابل نحو 3.3 خلال الشهر الماضي.
ارتفاع عدد فرص العمل المتاحة
أما ثاني هذه المؤشرات، فيتمثل في ارتفاع عدد فرص العمل المتاحة في الولايات المتحدة بعكس توقعات المحللين خلال يناير (كانون الثاني) الماضي.
وأظهرت بيانات صادرة عن مكتب الإحصاءات الأميركي، ارتفاع العمل المتاح في الولايات المتحدة إلى 6.917 مليون فرصة خلال الشهر الأول من العام الحالي، مقابل نحو 6.752 مليون خلال ديسمبر (كانون الثاني) الماضي.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وكانت توقعات المحللين تشير إلى أن فرص العمل المتاحة في الولايات المتحدة سوف تهبط إلى 6.65 مليون. وانخفضت عمليات التعيين إلى 5.30 مليون خلال يناير الماضي، مقارنة بـ5.41 مليون خلال ديسمبر الماضي. كما تراجعت عمليات مغادرة العمل في الولايات المتحدة إلى 5.30 مليون عملية خلال يناير مقابل نحو 5.58 مليون خلال الشهر الأخير من العام الماضي.
طلبات إعانة البطالة تتراجع
يتمثل ثالث هذه المؤشرات في تراجع طلبات إعانة البطالة في الولايات المتحدة بأكثر من توقعات المحللين خلال الأسبوع الماضي، ليسجل أدنى مستوى منذ نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.
وأظهرت بيانات حديثة أعلنتها وزارة العمل الأميركية، تراجع طلبات إعانة البطالة الجديدة بالولايات المتحدة إلى 712 ألفاً خلال الأسبوع المنتهي في 6 مارس الحالي بانخفاض 42 ألفاً عن الأسبوع السابق له. وكانت توقعات المحللين تشير إلى أن هذه الطلبات سوف تسجل 730 ألفاً خلال الفترة نفسها.
وتراجع المتوسط الأسبوعي للطلبات خلال الأربعة أسابيع الماضية بنحو 34 ألفاً ليصل إلى 759 ألفاً في الأسبوع الماضي. كما هبطت طلبات إعانة البطالة المستمرة خلال الأسبوع المنتهي في 27 فبراير بنحو 193 ألفاً، لتصل إلى 4.144 مليون.
ثروات الأميركيين تسجل مستوى قياسياً جديداً
رابع هذه المؤشرات يتمثل في ارتفاع صافي ثروة الأسر في الولايات المتحدة إلى مستوى قياسي جديد أعلى (130 تريليون دولار) بنهاية العام الماضي، مع صعود أسعار الأسهم. حيث كشف تقرير أصدره الاحتياطي الفيدرالي الأميركي، عن زيادة ثروات الأسر الأميركية بنحو 6.5 في المئة، ما يعادل 6.9 تريليون دولار، لتصل إلى 130.15 تريليون دولار بنهاية الربع الرابع من العام الماضي.
وأظهر التقرير ارتفاع قيمة الأسهم بمقدار 4.9 تريليون دولار، بدعم التحفيز المالي والنقدي، كما صعدت قيمة العقارات المملوكة للأسر بنحو 0.9 تريليون دولار.
في المقابل، ارتفعت ديون الأسر بمعدل سنوي قدره 6.5 في المئة خلال الربع الرابع لتصل إلى 16.6 تريليون دولار. كما ارتفع الدين الفيدرالي بنسبة 10.9 في المئة ليصل إلى ما يقرب من 26.8 تريليون بنهاية الربع الرابع من 2020. فيما ارتفعت ديون الرهن العقاري بوتيرة سنوية بلغت نسبتها 5.2 في المئة لتصل إلى 10.9 تريليون دولار خلال الربع الأخير من العام الماضي.
حزمة تحفيز ضخمة تدعم الانتعاش المتوقع
ويتعلق المؤشر الخامس بخطة التحفيز الضخمة ودعمها الانتعاش. والخميس الماضي، وقّع الرئيس الأميركي جو بايدن حزمة تحفيزية بقيمة 1.9 تريليون دولار، في إطار جهود واشنطن لدعم الاقتصاد في مواجهة الوباء. وقال الرئيس الأميركي، إن هذا "التشريع التاريخي يتعلق بإعادة بناء العمود الفقري لهذا البلد ومنح الناس في هذه الأمة؛ العمال وأفراد الطبقة الوسطى، فرصة لمحاربة الوباء".
ويتضمن قانون التحفيز مدفوعات مباشرة تصل إلى 1400 دولار للأفراد، وتمديد 300 دولار أسبوعياً لإعانات البطالة حتى 6 سبتمبر (أيلول) المقبل. كما ستخصّص خطة التحفيز ما يقرب من 20 مليار دولار لتوفير لقاحات كورونا، إضافة إلى 350 مليار دولار لدعم حكومات الولايات والمدن.
وتعليقاً على خطة التحفيز الأميركية، قال صندوق النقد الدولي، في بيان حديث، إن برنامج التحفيز الضخم للرئيس الأميركي جو بايدن، من المتوقع أن يعزز نمو الاقتصاد الأميركي، ويساعد أيضاً على تحفيز الانتعاش العالمي. وأشار إلى أن الناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة سينمو بنسبة من 5 إلى 6 في المئة على مدى ثلاث سنوات مع ضخ 1.9 تريليون دولار كمساعدات.
وأوضح أن هذه التوقعات جاءت بناءً على التقديرات الأولية التي خلص إليها الصندوق، وأن الطلب المرتفع سيساعد الدول الأخرى على بيع المزيد من المنتجات للمستهلكين الأميركيين. وأضاف، "نرى تداعيات إيجابية كبيرة محتملة في ما يتعلق بالنمو العالمي. يجب أن تستفيد معظم الدول من الطلب الأميركي القوي، الذي سيساعد النمو العالمي والانتعاش".