اتهمت منظمة "هيومن رايتس ووتش" الدولية، دولة قطر، بتقييد حرية المرأة بفرض "وصاية" ولي الأمر عليها في ممارسة الأنشطة اليومية.
إذ ذكرت المنظمة في تقريرها أنه على الرغم من التقدم الملموس الذي أحرزته الدوحة في ملف حقوق المرأة، ما زالت النساء في الإمارة الخليجية "يواجهن تمييزاً مجحفاً بحقهن في كل جانب من جوانب الحياة تقريباً"، وطالبت المنظمة دولة قطر بتحقيق إصلاحات عاجلة.
وأشارت في تقريرها لشكوى عدد كبير من القطريات من نظام ولاية الرجل على المرأة، الذي يقيدهن في العمل والدراسة والرعاية الصحية والسفر.
التقاليد لا القوانين
وأورد التقرير أشكالاً عدة من "الانتهاكات" التي تتعرض لها المرأة القطرية، بسبب قدرة الأوصياء الذكور على منعهن من الدراسة والعمل والسفر قبل سن معين، والحصول على الرعاية الصحية الإنجابية.
إلا أن أبرز ما أكدت عليه المنظمة، هو أن بعض المؤسسات لا تطبق القوانين المدنية المعمول بها، بل تطبق العادات والتقاليد. مضيفة "عادةً ما يكون الأوصياء آباء أو أشقاء أو أعمام أو أبناء عمومة السيدة، ولا يمكن للمرأة أن تكون وصية على أطفالها، حتى لو كانت أرملة"، إذ تنتقل الولاية من والد المرأة إلى زوجها بعد أن تتزوج.
وأجرت المنظمة مقابلة مع أكثر من 50 امرأة يشتكين من نظام الولاية نشرت تفاصيلها، حيث قالت النساء اللواتي تم الالتقاء بهن، إن "أولياء أمورهنّ منعوهنّ من الدراسة في الخارج أو ارتياد جامعات مختلطة في قطر، ما حدّ من مجالات دراستهنّ وبدء مسيرة مهنية في المستقبل".
وعلى ما يبدو أن المرأة هناك يتوجب عليها نيل إذن ولي أمرها بشكل غير مباشر للحصول على منحة حكومية ومتابعة دراساتها العليا، إذ أفادت النساء بأنهن يواجهن قيوداً في "جامعة قطر" الحكومية التي تفصل بين النساء والرجال، منها حاجتهن إلى إذن أولياء أمورهن لدخول الجامعة أو مغادرتها بسيارة أجرة، والإقامة في السكن الطلابي، والقيام برحلات ميدانية كجزء من دراستهن.
الهاربات من قطر
وأشار التقرير إلى قطريات هاربات من وطنهن، مثل نوف، مواطنة في عمر الـ21، قررت الرحيل عن وطنها بعد سنوات من العنف الأسري والقيود على تحركاتها، حيث قالت "كان يُسمح لي فقط أن أذهب إلى المدرسة وأعود منها، وكان الضرب عقوبة أي شيء آخر"، وفي مرحلة معينة "شعرت أن حياتها وسلامتها الجسدية باتتا مهددتين"، فأخذت هاتف والدها من دون علمه، وفتحت تطبيق "مطراش" الحكومي، ومنحت نفسها "تصريح سفر" يسمح لها بمغادرة البلاد، ثم تسللت من نافذة غرفة النوم متجهةً إلى المطار، الذي غادرته إلى أوكرانيا أولاً، ثم إلى المملكة المتحدة حيث طلبت اللجوء.
إذ تحظر القوانين القطرية مغادرة النساء القطريات غير المتزوجات دون سن 25 سنة البلاد من دون إذن ولي أمرهن "عادة الأب، أو الأخ، أو العم، أو الجد". ويمكن للمرأة المتزوجة السفر إلى الخارج من دون إذن زوجها، لكن بإمكان زوجها تقديم طلب للمحكمة لمنعها من السفر.
القواعد التمييزية
وفيما ينص الدستور القطري على رفض كل أشكال التمييز الجندري بين الجنسين، تعزز القواعد المحلية المعمول بها من قبل المؤسسات من الوصاية وتحد من أهلية المرأة.
فبحسب "هيومن رايتس"، "تمنع بعض الفنادق القطريات غير المتزوجات تحت سن 30 سنة من استئجار غرفة فندق، ويُمنع على القطريات حضور بعض الفعاليات ودخول الأماكن التي تقدم المشروبات الكحولية".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
إذ وثقت الجهة الدولية المعنية بحقوق الإنسان شهادات نساء قلن إنهن بحاجة إلى إذن ولي الأمر للعمل في وزارات "التعليم، والدفاع، والداخلية، والبلدية، والبيئة، والأوقاف والشؤون الإسلامية، وكذلك المؤسسات الحكومية وشبه الحكومية مثل جامعة قطر، ومؤسسة قطر، وديوان المحاسبة، والمدارس المختلطة".
قطر ترد
وردت الحكومة القطرية في بيان قالت فيه إن "المساواة بين الجنسين وتمكين المرأة تعدان ركيزة أساسية ومحورية في نجاح ورؤية دولة قطر".
وذكر مكتب الاتصال الحكومي القطري أن تقرير "هيومن رايتس"، "يرسم صورة غير دقيقة عن قوانين دولة قطر وسياساتها وممارساتها المتعلقة بالمرأة، فالإفادات الواردة في التقرير لا تتماشى مع دستور الدولة وقوانينها وسياساتها".
ولفت رد الدولة الخليجية، إلى أن دستور دولة قطر يحظر التمييز ضد المرأة، وأن الدولة تواصل بذل جهودها لإنفاذ وإقرار وتوسيع نطاق السياسات التي تمنح المرأة الحرية والقوة لاتخاذ قراراتها بنفسها، كما لا يتم التسامح إطلاقاً مع العنف ضد المرأة والعنف الأسري.
ولكن الدوحة أكدت في الوقت نفسه أنه سيتم التحري حول القضايا المشار إليها ومقاضاة أي شخص تثبت إدانته.
وأضافت "قطر مدافعة قوية عن حقوق المرأة في الداخل والخارج، كما أن هذه الحقائق المبلغ عنها لا تتفق مع دستورنا أو قوانيننا أو سياساتنا، وستحقق الحكومة في هذه القضايا وستحاكم كل من يخالف القانون".
وينص الدستور القطري على "تكافؤ الفرص لجميع المواطنين"، إلا أن المنظمة سجلت اعتراضها على التناقض الذي يحصل بين المواد الدستورية والقوانين التنظيمية المحلية.