تراجعت أسعار النفط بعد تقرير أظهر زيادة في مخزونات الخام الأميركية، لكن التوتر ظل يشوب الأسواق العالمية وسط تفاقم الأزمة السياسية في فنزويلا وتشديد العقوبات الأميركية على إيران واستمرار تخفيضات معروض "أوبك". وكانت العقود الآجلة لخام برنت عند71.52 دولار للبرميل، منخفضة 54 سنتا بما يعادل 0.8 بالمئة عن أحدث إغلاق لها. ونزلت عقود الخام الأميركي غرب تكساس الوسيط 66 سنتا أو واحداً بالمئة إلى 63.25 دولار للبرميل. والمعاملات هزيلة لأن أول مايو (أيار) عطلة في أسواق عديدة.
وكان معهد البترول الأميركي قال "إن مخزونات الخام بالولايات المتحدة زادت 6.8 مليون برميل إلى 466.4 مليون برميل في الأسبوع المنتهي في 26 أبريل (نيسان). لكن تركيز السوق يتحول صوب الأزمة في منتج النفط الرئيسي فنزويلا، حيث تدور مواجهة بين الرئيس نيكولاس مادورو وزعيم المعارضة خوان غوايدو. ويخشى مراقبون عديدون من أن يفضي ذلك إلى عنف متصاعد ومزيد من التعطيلات لمعروض الخام.
وأظهرت بيانات معهد البترول الأميركي أن "مخزونات النفط الخام في الولايات المتحدة ارتفعت أكثر من المتوقع الأسبوع الماضي، في حين تراجعت مخزونات البنزين ونواتج التقطير". وارتفعت مخزونات الخام 6.8 مليون برميل في الأسبوع المنتهي في 26 أبريل إلى 466.4 مليون برميل، مقارنة مع توقعات المحللين لزيادة قدرها 1.5 مليون برميل. وقال المعهد "إن مخزونات الخام في مركز التسليم في كاشينج بولاية أوكلاهوما زادت 1.4 مليون برميل".
وأشارت بيانات معهد البترول إلى أن معدلات استهلاك المصافي من الخام زادت 125 ألف برميل يوميا. وتراجعت مخزونات البنزين 1.1 مليون برميل، مقارنة مع توقعات المحللين في استطلاع للرأي أجرته وكالة"رويترز" بأن تهبط مليون برميل. وأظهرت بيانات المعهد أن مخزونات نواتج التقطير، التي تشمل الديزل وزيت التدفئة، انخفضت بمقدار 2.1 مليون برميل، مقارنة مع توقعات بنزولها 193 ألف برميل. وارتفعت واردات الولايات المتحدة من الخام الأسبوع الماضي بمقدار 140 ألف برميل يوميا إلى 7.5 مليون برميل يوميا.
خريطة جديدة للأسعار مع تجدد مخاوف الإمداد في إيران وليبيا
ويشير خبراء في شؤون النفط لـ"اندبندنت عربية" إلى أهمية إعلان أميركا في 22 أبريل (نيسان) أنها لن تجدّد الإعفاءات التي قدمتها لمستوردي النفط الخام الإيراني حين ينتهي أجلها في الغد 2 مايو (أيار)، ورغم ذلك فقد ارتفعت أسعار النفط وذلك لانطباعات ومخاوف في أسواق النفط من تناقص إمدادات النفط الخام في السوق.
وكانت أسعار برنت قد بلغت أعلى متوسط لها في 4 أكتوبر (تشرين الأول) عند 86.1 دولار للبرميل بعد إعلان نهاية الإعفاءات للدول الثماني.
وفي سياق متصل، يؤكد الخبراء أن الأزمات السياسية في بعض مناطق الإنتاج في فنزويلا وليبيا تدعم المخاوف في السوق من تناقص مستمر في المعروض، مما يمثل تحديا أمام ثبات السوق وأمن الإمدادات، مما يرسم خريطة جديدة لصعود وتراجع الأسعار ويعطي انطباعات عن تغير في أساسيات السوق مع بدء إلغاء الإعفاءات غدا.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وتشير توقعات "أوبك" الحديثة إلى ارتفاع في معدل تنامي الطلب العالمي على النفط خلال عام 2019 عن العام السابق بـ 1.2 مليون برميل يوميا، بينما ترتفع الإمدادات من خارج المنظمة بـ 2.2 مليون برميل يوميا، مما سيؤدي بالتالي إلى تراجع الطلب على نفط "أوبك" بمقدار مليون برميل يوميا، وذلك لتحقيق التوازن في الأسواق، وهو ما يتماشى مع قرار تحالف المنتجين بخفض المعروض خلال العام الحالي.
في الوقت ذاته ينظر المراقبون إلى المستجدات في فنزويلا، والتي تمتلك أحد أكبر الاحتياطيات النفطية في العالم، حيث انخفض إنتاجها على التوالي، أما في ليبيا فتمثل تحديا للسوق، خصوصا إذا ما امتدّ الصراع ليهدد مناطق النفط، حيث تأرجح الإنتاج خلال الربع الأول بين 800– 1000 ألف برميل يوميا.
في الوقت ذاته، يقدر المراقبون بأن العقوبات الأميركية لن تؤدي إلى إيقاف كامل على النفط الإيراني، حيث تقدر المصادر بأن معدل الخام المصدر عند 1.1– 1.3 مليون برميل يوميا خلال الربع الأول، مقابل 2.6 مليون برميل يوميا خلال 2017، وتوقع الخبراء أن يكون للعقوبات تأثير مباشر على 500– 650 ألف برميل يوميا من النفط الخام وزيت الوقود.
وبحسب تقديرات سكرتارية أوبك فإن "إنتاج إيران قد انخفض من 3.8 مليون برميل يوميا في شهر يونيو (حزيران ) إلى 2.7 مليون برميل يوميا في شهر مارس (آذار)، أي انخفض بمقدار 1.1 مليون برميل يوميا، وهو مرشح للزيادة خلال الأشهر المقبلة، خصوصا مع انتهاء فتره السماح والإعفاء التي ضمنتها الإدارة الأميركية.
ويسود الاعتقاد في أسواق النفط بأن أي قرار لـ"أوبك" بخصوص رفع الإنتاج لسد النقص لن يكون قبل دراسة الأسواق، وستظهر ملامحه ربما في فعاليات المؤتمر الوزاري للمنظمة في يونيو المقبل، حيث أعلنت السعودية أنها حاليا مهتمة بتوازن السوق ومراقبة تحقيق ذلك، كذلك أعلن العراق أنه قد يرفع إنتاجه إذا كان هناك نقص في السوق، لكنه ملتزم باتفاق تحالف المنتجين.
ووفق ما يراه المراقبون فإن أسعار النفط الخام مرشحة للارتفاع خلال الأشهر المقبلة إلى مستويات تفوق 70 دولارا للبرميل لخام برنت، مدعومة بالقلق والمخاوف من استمرار الإمدادات في ليبيا وفنزويلا، وإيران، بسبب الوضع السياسي المتأزم، مما قد يرفع الأسعار إلى مستويات عالية.
وفي كل الأحوال فإن المتخصصين يرون أنه لا خوف على إمدادات السوق طالما تحتفظ بعض الدول بقدرات إنتاجية مستقرة، وعلى رأسها السعودية وباقي دول الخليج، وأن هناك كفاية في الاحتياجات مع الأخذ في الاعتبار أن النقص سيحدث في النصف الثاني من العام الحالي.