ارتفعت أسعار البيوت في بريطانيا لشهر مايو (أيار) الفائت بأعلى معدل لها منذ 7 سنوات، حسب أرقام صادرة عن أكبر شركة للسمسرة العقارية والقروض العقارية في بريطانيا.
وزاد مؤشر أسعار البيوت لشركة "نيشن وايد" بنسبة 1.8 في مايو مقارنة مع أبريل (نيسان) بمعدل سنوي، واقتربت الزيادة في أسعار العقارات في بريطانيا للأشهر الـ 12 المنتهية بنهاية شهر مايو بنسبة 10.9 في المئة، وهي أعلى نسبة زيادة منذ أغسطس (آب) 2014. وكان معدل الزيادة السنوي في أسعار البيوت في أبريل عند 7.1 في المئة.
وجاءت الزيادة في أسعار العقارات في مايو أعلى من توقعات السوق. فقد كان مسح لوكالة "رويترز" يتوقع زيادة الأسعار في مايو بنسبة 0.8 في المئة مقارنة مع أبريل، وبمعدل زيادة سنوية بنسبة 9.2 في المئة.
بمعدلات الزيادة المسجلة للشهر الماضي، يكون سعر البيت في بريطانيا أضاف في المتوسط نحو 34 ألف دولار (24 ألف جنيه استرليني) ليصل متوسط سعر البيت إلى أكثر من 344 ألف دولار (243 ألف جنيه استرليني).
وتتسق الزيادة في مؤشر أسعار البيوت لشركة "نيشن وايد" مع ما سبق وأعلنه مكتب الإحصاء الوطني عن ارتفاع أسعار البيوت في العام المنتهي بنهاية مارس (آذار)، بنسبة 10.2 في المئة. وأرجع المكتب وقتها الزيادة في الأسعار إلى السماح الضريبي الموقت الذي قررته الحكومة العام الماضي في ظل أزمة وباء فيروس كورونا.
زيادة وتنوع العرض
لكن روبرت غاردنر، كبير الاقتصاديين في "نيشن وايد"، قال بعد إعلان الأرقام الأخيرة، الثلاثاء، إنه حتى من دون الإعفاء الضريبي الموقت، كانت أسعار البيوت ستواصل الارتفاع. وأرجع ذلك إلى زيادة الطلب على العقار في ظل نقص المعروض أو ثباته تقريباً. وأضاف أنه منذ عاد سوق العقار للنشاط بعد الإغلاق الأول للاقتصاد العام الماضي، هناك طلب متصاعد على البيوت الأكبر وخارج المدن. وبرأيه أن وباء كورونا جعل الناس تسعى وراء العقارات التي توفر مساحة مفتوحة أوسع وبعيداً عن التجمعات السكانية المكتظة، في ما أسماه "سباق على المساحة".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وقال غاردنر: "من بين من يغيرون سكنهم أو يخططون لتغيير السكن، في المسح الأخير للشركة، هناك نحو الثلث يبحثون عن منطقة أخرى ونسبة 30 يفعلون ذلك لرغبتهم في السكن في مكان يوفر لهم مساحة خارجية أوسع".
مع ذلك، لا يمكن استبعاد أيضاً رغبة المشترين تحديداً في إتمام صفقات العقارات قبل نهاية يونيو (حزيران). فالسماح الضريبي الموقت تم تمديده حتى نهاية يونيو، ويعني الإعفاء الموقت من ضريبة الدمغة العقارية على أول 700 ألف دولار (نصف مليون جنيه استرليني) من سعر العقار. وبدءاً من أول يوليو (تموز) سيُخفض المبلغ المتمتع بالسماح الضريبي الموقت إلى النصف (250 ألف جنيه استرليني) قبل إلغاء السماح كاملاً في بداية الخريف هذا العام. ويعني ذلك أن من لا يكمل صفقة الشراء قبل نهاية يونيو، قد يخسر إعفاء ضريبياً يصل إلى أكثر من 17 ألف دولار (12.5 ألف جنيه استرليني).
كذلك يسارع المشترون للاستفادة من قلة كلفة الاقتراض العقاري في ظل حفاظ بنك إنجلترا (المركزي) البريطاني على أسعار الفائدة قرب الصفر (0.1 في المئة) ما يعني إمكان حصول المشتري على قرض عقاري بنسبة فائدة معقولة.
مخاوف التضخم
حسب أرقام مسح "نيشن وايد" الأخير، هوى عدد الصفقات العقارية في أبريل من العام الماضي 2020، في انخفاض شهري غير مسبوق إلى 42 ألف. لكن عدد الصفقات العقارية التي تتم آخذ في الارتفاع حتى وصل إلى 183 ألف صفقة بيع وشراء بنهاية مارس الماضي. ويتوقع موقع "زوبلا" العقاري أن يتجاوز عدد الصفقات العقارية هذا العام مليون ونصف مليون صفقة، مع زيادة المبيعات على الموقع بنسبة 45 في المئة مقارنة مع العام الماضي. وسيعني ذلك أعلى معدلات بيع عقارات في سنة منذ عام 2007 قبل الأزمة المالية العالمية، حين وصل عدد الصفقات العقارية التي تمت إلى 1.6 مليون صفقة.
ومما يعزز التوقعات بزيادة النشاط العقاري، واحتمال استمرار ارتفاع الأسعار أيضاً إلى جانب قلة كلفة الاقتراض بسبب الفائدة الصفرية وتمديد فترة الإعفاء الضريبي الموقت وزيادة الطلب عن العرض، أن الأسر البريطانية ادخرت بكثافة في فترة عام وباء كورونا.
وبحسب بنك إنجلترا، ادخر البريطانيون أكثر من 283 مليار دولار (200 مليار جنيه استرليني) خلال العام الماضي. ويحفز ذلك الادخار الأسر البريطانية على الإنفاق المؤجل، ومنه على شراء البيوت.
ويزيد ذلك من مخاوف ارتفاع معدلات التضخم في الاقتصاد البريطاني. وفي مقابلة مع صحيفة "الغارديان" قال ديف رامسدن، نائب محافظ بنك إنجلترا، "إن البنك يراقب السوق العقارية عن كثب". وأضاف، "هناك خطر زيادة العرض على الطلب بقوة، ما سيؤدي إلى زيادة الضغوط التضخمية، وهو ما سنتعامل معه.. ونتابع بدقة سوق العقار وغيرها من مؤشرات التضخم. وإذا لم يكن التضخم موقتاً لفترة انتقالية، فإننا نعرف ماذا علينا أن نفعل. يمكننا رفع سعر الفائدة من مستوياتها المنخفضة جداً، وندرك تأثير ذلك على الطلب".
يذكر أنه تاريخياً يؤثر فصل الصيف على نشاط السوق العقارية في بريطانيا، وهذا عامل آخر يضاف إلى العوامل التي ترجح زيادة النشاط في السوق في الأشهر المقبلة وارتفاع الأسعار.