Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

مارينال سركيس: الدور الدرامي الذي لا أتمتع به أرفضه

تحن إلى المسرح وعلاقته المباشرة مع الجمهور وتنحاز إلى الأداء البسيط الذي يحمل خبرة

الممثلة مارينال سركيس أضفت لمسة خاصة على الدراما اللبناينة (صفحة الممثلة على فيسبوك)

تتميز مارينال سركيس بعفوية وبساطة في الأداء، قلما توجدان عند غيرها من الممثلات، وهما ميزتان تساعدانها على كسر الحواجز بينها وبين المشاهد حتى لو كانت تفصل بينهما شاشة صغيرة. لكن هاتين العفوية والبساطة تخفيان وراءهما وعياً فنياً وخبرة أكاديمية.

درست التمثيل والإخراج في معهد الفنون مع مجموعة كبيرة من الممثلات والممثلين المهمين الذين يحضرون بقوة في المشهد الدرامي والمسرحي، وتتلمذت على أيدي أبرز المخرجين أمثال ولطيفة أنطوان ملتقى وشكيب خوري وريمون جبارة وسواهم، تخصصت في الفن المسرحي، ولكنها لم تثابر على التمثيل في المسرح بل دفعتها الظروف للتركيز على الدراما التلفزيونية والسينمائية.

برعت في ترسيخ الأدوار التي لعبتها ولفتت أنظار الجمهور والنقاد والصحافيين في مسلسل "ثورة الفلاحين" الذي أثبتت من خلاله أنها ممثلة الأدوار الصعبة والمركبة، من خلال شخصية "شمعة" التي أجادت تقديمها شكلاً ومضموناً. ونجحت من خلالها في إثبات خبرتها الطويلة في التمثيل وثقافتها الأكاديمية وبدت من أبرز الممثلات في هذا المسلسل المهم.

أدوار مركبة

أسأل سركيس عن سر الألفة بينها وبين جمهورها، فتقول: "أنا لا أبذل مجهوداً عند تأدية الدور، ولا أعطيه أكثر من حجمه، بل ألعبه بطبيعية وكما أشعر به. أنا بسيطة وعفوية في حياتي العادية كما في عملي، وهذا الأمر يريحني من جهة، ومن جهة أخرى يجعل الدور يصل إلى المشاهد بطبيعية، حتى عندما أقدم الأدوار المركبة، لأنني لا أحب أن أفلسف  الأمور. عندما يصلني الدور، أقرأه وإذا شعرت أنه مسّني أحلم كيف يمكن أن أقدمه وأترك نفسي على سجيتها، ولا أدخل بين النقاط". وعن رأيها في الممثلين الذين يبالغون ويستعرضون في أدائهم، اعتبرت "كل ممثل يفضل طريقة معينة، وأنا لست من هذا النوع، وحتى الدور الذي لا أتمتع به أرفضه. أنا لا أعمل لمجرد العمل، لذا، أكتفي بعمل واحد سنوياً أو كل سنتين "أسلطن به". أنا أحب التمثيل وأغرم بالشخصية التي ألعبها ولا أقدمها كواجب".   

وعن سر تفوقها في دور "شمعة" في مسلسل "ثورة الفلاحين" وهل تعتبره أفضل أدوارها، تجيب "لعبت في هذا المسلسل دور امرأة متخلفة عقلياً، ولكنها في الوقت نفسه طيبة ومحبة. ولقد استوحيت شكل الشخصية من شخصية "أحدب نوتردام" التي قدمها ايلي صنيفر ولكن من دون "حردبة"، وتعاونت في تركيبها مع المخرج فيليب أسمر، وأخبرنا الكاتبة كلوديا مرشليان بذلك. فاستعنا بـ"وجبة" أسنان وبشعر مستعار وغيرنا شكل الحاجبين واخترنا ملابس مناسبة لها وطريقة كلام معينة. كلوديا كتبت وأنا تخيلت وفيليب قام بالتنفيذ. عند تجسيد شخصية "شمعة" ارتجلت كثيراً لأنها مستني، ولكن المخرج ضبطني منعاً للمبالغة، حتى الأغنية التي كنت أرددها في المسلسل هي من اختراعي". وعن سبب الإجماع حول شخصية "شمعة"، تجيب: "هناك شخصيات أخرى حصل إجماع حولها من بينها تلك التي قدمتها في مسلسل "ع اسمك" حتى أن الناس لقبوني بـ"أم دبابيس" التي ابتكرت أيضاً شكلاً خاصاً بها، واستخدمت مكياجاً وطلاء أظافر باللون الأخضر والكثير من دبابيس الشعر".

وشددت على أهمية الشكل عند تركيب الشخصية وأوضحت: "عندما أقرأ الشخصية، أتخيل شكلها قبل التعرف على داخلها، ومن خلاله أدخل إلى أعماقها. قبل أن ألعب شخصية "شمعة" زرت مستشفى للأمراض العقلية، وجلست مع فتاة تعاني من مرض نفسي، وراقبت حركات يديها ورأسها وصورتها، وتحت إشراف المخرج كنت أقوم بحركاتها. شكل الشخصية وداخلها يكملان بعضهما بعضاً".  

احترام الخشبة

عن تجربتها كخريجة معهد الفنون ودراستها التمثيل على أيدي أهم المخرجين، تقول: "المعهد ثقّفني فنياً وأرشدني إلى الطريق نوعاً ما لكنني تعلمت من الحياة والعمل. الكاميرا والأرض والخشبة هي التي تعلم الممثل. أنا فخورة لأنني درست في معهد الفنون وتدربت على أيدي الكبار. مسيرتي بدأت على الخشبة وعندما توقف المسرح انتقلت إلى التلفزيون، وتجربتي المسرحية خدمتني كثيراً، لأن كثيراً من الممثلين لم يتتلمذوا على أيدي الكبار أمثال لطيفة وأنطوان ملتقى وشكيب خوري وريمون جبارة وسواهم، الذين جعلونا نحترم الخشبة والعمل الذي نقدمه، وعدم التعاطي معه كـ"بزنس" أو لمجرد كسب المال".

وهل تقصد أن الدراسة في المعهد ليس مهمة في مجال التمثيل، تجيب بتساؤل "وهل كل الممثلين تخرجوا في المعاهد! من يملك الموهبة يطور نفسه. بعض النجوم كـرولا حمادة ونادين نجيم وسيرين عبد النور وكارمن لبس وورد الخال وجورج خباز لم يتخرجوا في المعاهد، وكلهن أسماء لامعة. وفي المقابل هناك خريجون لم يحققوا شيئاً". وكيف تعلق على من يطالبون بإعطاء فرص لخريجي المعاهد: "هذا حقهم، لأنهم يمضون عمرهم في الدراسة فيأتي شخص ويأخذ مكانهم لأن لديه واسطة. نحن كنا نمسح الموكيت بأجسادنا في الجامعة خلال التمارين، وكان الغبار يلتصق بأنوفنا وألسنتنا. من عشقوا المهنة وتخصصوا فيها يشعرون بالاستفزاز لأن المنتجين يعطون فرصاً للفتيات الجميلات بدلاً منهم، ولكن هذا الأمر يحصل حتى في هوليوود. الجمال هو الذي يطغى دائماً، ومن بين كل ملكات الجمال الوحيدة "الشاطرة" هي نادين نجيم".

سركيس التي تخلت عن المسرح لمصلحة التلفزيون والسينما، تقول إن الحياة هي التي جعلتها تسلك هذا المسار، وتتابع: "درست واشتغلت في المسرح وبسبب تراجعه نتيجة الظروف، اقتصر الأمر على مسرحيات خجولة "وان مان شو" كالتي تقدمها ندى أبو فرحات ورولا حمادة. الحياة أخذتني من دون أن أشعر إلى التلفزيون، ولكنني أعشق المسرح والتفاعل المباشر بيني وبين الجمهور، وبعد 17 عاماً من ابتعادي عنه وعملي في الدراما، دخلت الجامعة، لأن الممثل الذي يتوقف في مكانه ينطفئ، وحصلت على ماستر بمادة علم النفس، لأن لكل شخصية انتماء وخلفية وأهدافاً". في المقابل تنفي سركيس أن يكون التلفزيون والسينما قد عوضا لها متعة المسرح، وتوضح: "الدراما والسينما جميلان، ولكنهما لا يوازيان المسرح، حيث نعيش أحاسيسنا بطريقة جديدة كل ليلة. في التلفزيون نحن نعمل مع  آلة هي الكاميرا بينما نحن نعمل في المسرح مع الناس. كانت تربطني به علاقة عشق، حتى أنني شاهدت مسرحية "صانع الأحلام" لـريمون جبارة 13 مرة وكنت أحلم بالوقوف على الخشبة. في أول سنة جامعية اشتغلت مع زياد الرحباني في مسرحية "بالنسبة لبكرة شو" ومن بعدها اشتغلت مع مروان نجار كما شاركت في "الشونسونييه". المسرح لم يخذلني بل الحالة التي نعيشها في لبنان، لأن بلدنا مقبرة الفن والفنانين".

ثلاث كاتبات

إلى ذلك، تطرقت سركيس إلى واقع الكتابة الدرامية في لبنان، بما لها وما عليها، قائلة: "كيف أعطي رأيي في الكتابة في بلد فيه ثلاث كاتبات فقط! في زمن شكري فاخوري، عندما كتب "العاصفة تهب مرتين" و"نساء في العاصفة" لم يكن يوجد سواه، وأنا اشتغلت معه مسلسلين كل واحد منهما مؤلف من 300 حلقة، ومن بعده برزت كلوديا مرشليان ومنى طايع اللتان أعطتا في فترة من الفترات نفساً جديداً للدراما وأحدثتا ثورة فيها، واليوم انتقل الدور إلى نادين جابر. طوني شمعون يكتب بنفس بوليسي ولم يتناول موضوع المرأة مثلهن. لا يمكن أن نلوم الكاتب اللبناني، بل يجب أن نرفع له القبعة، لأن الكتابة تحتاج إلى إيجابية، فمن أين يأتون بها في ظل ما نعيشه!"، وتابعت "لا يهمني أن يشارك كاتب من بلد آخر في الدراما، بل تهمني القصة، وهذه المشاركة تضيف ثقافة جديدة إليها، وأنا لا أحب المقارنات التي تحصل بين الممثلين العرب، بل يهمني الدور والإنتاج الجيد. الممثل الجيد لا علاقة له بالجنسية، بل بالإنتاج والأدوات التي تمنح للعمل".   

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

سركيس التي انتهت من تصوير مسلسل جديد للمخرج سمير حبشي بعنوان "بكير"، تشير إلى أنها أحبت العمل تحت إدارته خصوصاً وأنها تعمل معه للمرة الأولى، وتضيف: "أنها المرة الأولى التي يتمكن مخرج من تجميدي في موقع التصوير. أنا شخصية مرحة وفوضوية حتى خلال العمل، ومع سمير حبشي لم أجرؤ حتى على الكلام بسبب جديته، لأنه يريد التركيز وهذا حقه، فشعرت وكأنني طفل صغير يخاف من القصاص في المدرسة، ولكن هذا الأمر لم ينعكس سلباً عليّ، بل إن النتيجة كانت رائعة لأنه أخرج مني أشياء جديدة. لكن الأولوية عندي هي للمخرج فيليب أسمر الذي أثق به كثيراً، وللكاتبة كلوديا مرشليان لأنني أعرف نَفَسَها، وهي صديقتي وتكتب لي أدواراً تناسبني". 

اقرأ المزيد

المزيد من ثقافة