احتفلت إثيوبيا يوم السبت في 11 سبتمبر (أيلول) الجاري بحلول عامها الجديد 2014. الاحتفالية جمعت بين درع الإمبراطور تيودروس الثاني الذي أعيد من بريطانيا ضمن مجموعة من الآثار إلى الحكومة الإثيوبية في العام الجديد إلى جانب قضايا عام مضى باقية مخلّفاته في قضية سد النهضة وأزمة إقليم تيغراي وقضية الحدود مع السودان. وما بين هذه القضايا وعودة الدرع الإمبراطوري والعام الجديد أين يكمن الأمل؟
عام واضح الدلالة
تعتبر السنة الإثيوبية من الغرائب التي تنفرد بها ثاني أكبر دولة في أفريقيا من حيث عدد السكان عن غيرها من الدول. فهي تتبع تقويماً فريداً يتألف فيه العام الذي يبدأ في سبتمبر من 13 شهراً، كما يتأخر من سبع إلى ثماني سنوات عن التقويم الغريغوري. إضافة إلى توقيتها الخاص المتقدم بست ساعات عن التوقيت العالمي، إلى جانب جملة خصوصيات في مسميات الشهور وممارسات أعيادها التي ظلت تحتفظ بالنكهة الحبشية على مر الأزمان.
وتحتفل إثيوبيا باستقبال عامها الجديد 2014، بعد عام واضح الدلالة، فقد مضى العام الإثيوبي السابق (2013) ثقيلاً بسبب قضايا لا يزال بعضها عالقاً وتعمل الحكومة في التصدي لها.
سد النهضة
قضية سد النهضة وما يحيط بهذا الملف من تحديات، تمثلت في خلافات أولية وجوهرية بين إثيوبيا ومصر والسودان، تتمحور حول جدلية سنوات الملء وقضية الجفاف وصلاحيات الخبراء إلى خلافات قواعد ملء البحيرة، وتشغيل وإدارة السد والطابع الملزم للاتفاق، وآلية فض المنازعات ثم العودة لمربع الوساطة، فهل تكون أفريقية أم دولية؟ بعد فشل جولاتها التفاوضية على رغم تنقلها ما بين عواصم الدول الثلاث، ثم العاصمة الأميركية واشنطن وجنوب أفريقيا ودولة الكونغو الديمقراطية، ليترحل ملف القضية أخيراً إلى الأمم المتحدة وتتجمد المفاوضات.
أزمة تيغراي
وحمل العام الماضي كذلك أزمة الشمال في إقليم تيغراي، بعد حرب متبادلة الاتهامات أدت إلى موت وتشريد الآلاف، ولا تزال تمثل صدعاً للحياة الإثيوبية في تعطيل المصالح القومية من تنمية وانطلاق نحو ازدهار رفعت الحكومة الإثيوبية شعاره وسارت على دربه.
قضية الخلاف الحدودي مع السودان كانت ماثلة أيضاً كقضية إقليمية لدولتين وحكومتين بدأتا بوداد الصداقة لتقلب خلافاتهما الحدودية طاولة الود إلى "متاريس العداء".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
رئيس الوزراء الإثيوبي آبي آحمد هنأ الإثيوبيين بالعام الجديد قائلاً "إن إثيوبيا تحتفل بالعام الجديد وسط تحديات وطنية بالغة الأهمية"، وأضاف أن "الاحتفال بالأعياد يمنحنا الفرصة لتوسيع نطاق عطائنا مع الآخرين بمشاركة الأمل والتمنيات الطيبة مع من هم في وسطنا". وقال إن الإثيوبيين مروا بالعديد من الاختبارات والمنعطفات التاريخية، ولهم القدرة على تحويل هذه المحن إلى فرص لوحدتهم وتعاونهم وازدهارهم".
وأمل "بأن يكون هذا العام الجديد عاماً يمكننا فيه التغلب على التحديات التي واجهتها إثيوبيا خلال السنوات الماضية، وتشكيل الحكومة الجديدة، والتعافي وتحويل انتباهنا إلى ازدهار، وأن يكون العام الجديد عاماً تتعزز فيه الوحدة الوطنية وتتطور فيه قيم الديمقراطية وتتبلور الإصلاحات التي بدأتها البلاد".
وكان تميز بداية العام الجديد واضحاً كذلك في دلالاته الوطنية حينما شكرت الحكومة الإثيوبية عبر المتحدث الرسمي بوزارة الخارجية دينا مفتي جميع الإثيوبيين، مؤكداً "أن العام الإثيوبي 2013 المنتهي قد تميز بالتزام الإثيوبيين وذوي الأصول الإثيوبية في الخارج بتنمية وسيادة الدولة". وأشاد مفتي بـ "المشاركة النشطة على وسائل التواصل الاجتماعي لمواجهة حملات التضليل والمعلومات المضللة الواسعة النطاق التي تم إطلاقها ضد إثيوبيا"، وأضاف "كانت التبرعات المالية والدعم المعنوي المقدم إلى مشاريع (المائدة من أجل الوطن)، والدعم الشامل لبناء وملء سد النهضة، من بين المساهمات الرئيسية التي قدمها المغتربون الإثيوبيون والتي تتماشى مع الدفاع عن المصالح الوطنية لإثيوبيا".
"أدي أبابا" الصفراء
تنبت في بداية كل سنة إثيوبية جديدة زهور (أدي أبابا الصفراء) إيذاناً مع انتهاء موسم الأمطار، وتشرع الأسر في تجديد متعلقاتها من ملابس وأثاث بما يتيسر لديها. وترفرف الأعلام على سواري المحلات التجارية، وتعم الاحتفالات أنحاء البلاد. فهذه المناسبة تجمع مختلف الأديان والقوميات.
وضمن معالم الشارع الإثيوبي الذي تزينه الرايات والأزياء المختلفة للقوميات الإثيوبية، يُشارك الفقراء والمشردون في الاحتفالية، يتجمّعون تحت الجسور وعلى طرقات المارة، وفي نواصي الأسواق، يفرشون الزهور أمامهم واضعين عليها أكواب القهوة، ينادون على المارة ليُشاركوهم فرحة العام الجديد.
عودة الدرع الإمبراطوري
وصادف بداية العام الإثيوبي حدثاً هاماً تمثل بعودة جملة آثار وطنية كانت قد سرقت من إثيوبيا إبان معركة (أمبا مجدالا) عام 1886 ضد بريطانيا وفي مقدمتها الدرع الإمبراطوري للملك تيودروس الثاني.
وقالت السفارة الإثيوبية في لندن أن القطع الأثرية التي نهبت عادت إليها، مقدمة الشكر إلى مؤسسة "شهرزاد"، التي سلمتها رسمياً القطع الأثرية التي تشمل، درعاً كان يرتديه الإمبراطور تيودروس، ونسخة من الإنجيل مكتوبة على الجلد بخط اليد، وصلباناً مختلفة، وتاجاً لبطريرك الكنيسة الإثيوبية في تلك الحقبة مصنوع من قرون الحيوانات، وعدداً من العملات الفضية وغيرها من القطع الأثرية التي نهبت قبل قرن ونصف من الزمان.
وقال بيان السفير الإثيوبي لدى المملكة المتحدة، تفري ملس في حفل التسليم، "إن الآثار التي تمّت إعادتها من لندن لها أهمية كبيرة للشعب الإثيوبي، يبني عليها الشعب الإثيوبي قيمة روحية وتاريخية وثقافية، في الحفاظ على وحدته".
يذكر أن الملك تيودروس الثاني عرف منذ توليه السلطة عام (1855) بالنشاط في بناء الدولة الإثيوبية، ونجح في توحيد إثيوبيا القديمة. انتهى به المطاف أخيراً لصدام نتيجة طموح مرده العقيدة، وهزم من بريطانيا في معركة (أمبا مجدالا) عام 1868، ليختم عهداً يُوصف بطغيان الذات الإثيوبية في مواجهة القوى الدولية.