وقعت ليبيا ومصر اتفاقيات للتعاون المشترك في مجالات عدة، هي الأضخم منذ سقوط نظام معمر القذافي، قبل عشر سنوات، شملت 13 تفاهماً وستة عقود تنفيذية بلغت قيمتها الإجمالية أكثر من 30 مليار دولار.
وكانت هذه الاتفاقية، بما تشمله من استثمارات ضخمة، ثمرة لتحسن العلاقة بين القاهرة وطرابلس، منذ استلام السلطة التنفيذية الجديدة لمهامها، في نهاية الربع الأول من العام الحالي.
ويعتقد محللون أن منح مصر حصة كبيرة في برنامج إعادة الإعمار سيسهم في تعزيز الاستقرار في ليبيا، والمضي قدماً نحو إنهاء النزاع السياسي والعسكري، اللذين ميزا المرحلة الانتقالية طيلة العقد الماضي.
اتفاقيات ضخمة
وقع رئيس مجلس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، ونظيره الليبي عبد الحميد الدبيبة، أمس الخميس، عدداً من الاتفاقيات ومذكرات التعاون في مجالات مختلفة، تضمنت التعاون في مجال البحث والإنقاذ البحري بين مصلحة الموانئ والنقل البحري والكهرباء والبترول والشؤون الاجتماعية والزراعة والرياضة.
وكان أضخم وأبرز العقود الموقعة بين الطرفين، منح مصر عقد تنفيذ طريق أجدابيا- الواحات، بطول 360 كيلومتراً، ومنح عقد تنفيذ الطريق الدائري الثالث في ليبيا لتحالف شركات مصرية، التي ستنفذ أيضاً، بحسب الاتفاق، طريق أجدابيا بطول 250 كيلومتراً.
وأثمرت زيارة الوفد الحكومي الليبي إلى القاهرة، مع جمع من رجال الأعمال ومديري المؤسسات الاقتصادية في ليبيا، توقيع 24 اتفاقية رسمية، منها 13 اتفاقية مشتركة جرى توقيعها خلال اجتماع اللجنة العليا المشتركة بين البلدين.
دفعة للعلاقات المشتركة
وقال الدبيبة، خلال مؤتمر صحافي مع نظيره المصري، إن "انعقاد اللجنة العليا المشتركة بين مصر وليبيا، إضافة سياسية للعلاقات بين البلدين، وإن وجود حكومة الوحدة الوطنية الليبية في مصر هو رسالة تؤكد دور مصر العظيم فى المنطقة والعالم أجمع".
من جهته، أكد مدبولي أن "مصر حريصة على المشاركة في تنفيذ المشروعات التي تلبي طموحات الليبيين"، مبيناً أنه "تم الاتفاق على عديد من المشروعات التنفيذية، التي سيتم البدء في تنفيذها على أرض ليبيا قريباً".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأشار مدبولي إلى أن "زيارة الحكومة الليبية لمصر ضمت 30 وزيراً من الجانب الليبي"، مشدداً على "استمرار مصر في تقديم كافة الدعم السياسي واللوجستي والاقتصادي لليبيا، لاستكمال خريطة الطريق السياسية".
في المقابل، وعد الدبيبة بـ"تسهيل عملية إدخال العمالة والمعدات المصرية إلى ليبيا بسرعة قياسية"، قائلاً "الشركات المصرية ستنجح في تنفيذ المشروعات المتفق عليها، ونحن مقتنعون للغاية أنها قادرة على ذلك، بخاصة بعد ما رأيناه من تنفيذها للمشروعات الكبرى في مصر".
ونوّه إلى أنه "سيتم العمل خلال الفترة المقبلة على تسهيل كل ما من شأنه تعزيز حركة التجارة والقوى البشرية، واتخاذ الخطوات اللازمة لفتح المعابر وزيادة معدلات الرحلات الجوية، وتسيير السفن".
6 رسائل من القيادة المصرية
قبل الاجتماعات الوزارية، التي أفضت إلى توقيع مذكرة التعاون متعددة الجوانب بين القاهرة وطرابلس، كان رئيس الوزراء الليبي التقى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الذي أكد بحسب تصريح للمتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية، بسام راضي، على "الأولوية القصوى التي توليها مصر لعودة الاستقرار إلى الجارة ليبيا، وتمكينها من استعادة دورها إقليمياً ودولياً".
وشدد السيسي خلال اللقاء على "موقف مصر الثابت تجاه احترام السيادة الليبية والحفاظ على وحدة أراضيها، ورفض كافة أشكال التدخلات الخارجية في الشأن الليبي، فضلاً عن تعزيز تماسك المؤسسات الوطنية الليبية وتوحيد الجيش".
ترحيب وتفاؤل من الجانبين
ولقيت الاتفاقية الليبية المصرية دعماً وترحيباً كبيراً على المستوى الشعبي والرسمي، بالنظر إلى الإيجابيات الكبيرة التي تبشر بها على مستوى العلاقات الرسمية بين الدولتين الجارتين، والفوائد الاقتصادية التي تعود بها على الطرفين.
على المستوى الرسمي، بارك المجلس الأعلى للدولة في ليبيا، في بيان له، "حصيلة اجتماعات اللجنة العليا الليبية المصرية"، مبدياً تطلعه إلى "مزيد من التعاون المشترك في جميع المجالات في ما يخدم مصلحة البلدين".
وقال الباحث السياسي الليبي أحمد العبود، إن "مساعي القاهرة لإحلال السلام في ليبيا، تأتي في إطار جهود مصر لقيادة النظام الإقليمي العربي لإعادة الاستقرار في المنطقة".
وبين العبود، أن "السلطات الليبية تحاول الاستفادة من تجربة مصر في فرض الأمن والاستقرار، لمساعدة ليبيا في إنهاء أزمتها وإعادة إعمارها".
وأشاد أمين سر لجنة القوى العاملة بمجلس النواب المصري، عبد الفتاح يحيى، بتوقيع عدد من الاتفاقيات بين مصر وليبيا، أبرزها في مجال البترول لتعزيز التعاون في مجال النفط والغاز، إضافة إلى مكافحة التلوث البحري وآثاره بين البلدين، ومذكرة تفاهم عن النقل البحري.
وأشار يحيى إلى أن "ليبيا كانت تستقبل عمالة مصرية كبيرة قبل عام 2011، ولكن بعد الثورة انسحبت هذه العمالة، وبعد توقيع هذه الاتفاقيات ستعود مرة أخرى، تحت مظلة الدولة إلى ليبيا".
قفزة في التبادل التجاري
في السياق، تشهد قيمة التبادل التجاري انتعاشاً ملحوظاً بين مصر وليبيا، منذ نهاية الربع الأول من العام الحالي، أي منذ انتخاب السلطات الليبية الجديدة، حيث بلغت في يونيو (حزيران) الماضي، 245 مليون دولار، في مقابل 171 مليون دولار، خلال الربع الأول من عام 2020، بنسبة ارتفاع بلغت 43.3 في المئة.
وأوضحت نشرة التجارة الخارجية، الصادرة عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر، في تقرير في يونيو الماضي، أن "الميزان التجاري بين البلدين يصب في صالح مصر بنحو 187.5 مليون دولار، خلال هذه الفترة".
وأضاف الجهاز، "قفزت قيمة التبادل التجاري بين مصر وليبيا، خلال شهر مارس (آذار) الماضي وحده، بنسبة 176.5 في المئة، لتبلغ 105 ملايين دولار في مقابل 38 مليون دولار خلال مارس 2020".
وارتفعت قيمة الصادرات المصرية للسوق الليبية، خلال الربع ذاته من العام الحالي، لتسجل 216 مليون دولار، في مقابل 164 مليون دولار، خلال الربع نفسه من العام الماضي، بنمو 37.7 في المئة.
ونمت واردات مصر من ليبيا، خلال الربع الثاني من العام الحالي، لتسجل 28.7 مليون دولار، في مقابل 6.9 مليون دولار، خلال الفترة نفسها من 2020، بنسبة زيادة 314.9 في المئة.