دأبت ميليشيات الحوثي منذ تمددها من معقل الجماعة في صعدة شمال اليمن، على فرض الحصار ضد المناطق المعارضة لها لإخضاعها عسكرياً، إذ تحل هذا الشهر، أكتوبر (تشرين الأول)، الذكرى الثامنة لبدء حصار دمّاج (شمال) الذي امتد حتى مطلع يناير (كانون الثاني) 2014، لينتهي الحال بتهجير قسري للسكان وفق اتفاق قضى بمغادرة أكثر من عشرين ألف نسمة ينتمون للطافئة السنية السلفية، وهو ما باتت الميليشيا تنتهجه حيال عدد من المناطق اليمنية كتعز وحجور في غرب اليمن.
ويواصل الحوثي المدعوم من إيران هذه الأيام حصار الآلاف من الأسر اليمنية في مديرية العبدية في محافظة مأرب، شرق اليمن بالطريقة ذاتها، ويواجه آلاف المدنيين تبعات الحصار المطبق منذ عشرين يوماً، ما تسبب في تردي الوضع الإنساني والخدمي، وفقدان المواد الأساسية من الغذاء والدواء.
وينتظر الأهالي فك الحصار عن مناطقهم، بعد القصف العنيف الذي شنته المليشيا في محاولة لتحقيق مكسب عسكري على الأرض، بينما أبدت القبائل مقاومة كبيرة أمام الهجمات التي تطوق مناطقهم من الاتجاهات الأربعة.
لا غذاء ولا دواء
ويقول عبدالرحمن الشدادي، أحد أبناء مديرية العبدية التي يحاصرها الحوثيون، إن الوضع الإنساني في المديرية سيء للغاية، مشيراً إلى أن الميليشيات لا تسمح بدخول المواد الغذائية، ولا بدخول الأدوية اللازمة للمرضى، بينما يعاني السكان من نقص إمداد المواد الأساسية.
ولفت الشدادي إلى أن التجار "حاولوا إدخال بضائع فتم حبسهم والتحقيق معهم، وهم عبارة عن ملاك دكاكين ريفية".
وأضاف الشدادي، "الدواء منعدم كما تنعدم المستشفيات المؤهلة لعلاج الناس في المديرية، في حين أن السكان كانوا يعتمدون بشكل رئيس على المستشفيات الموجودة في مديرية حريب، ومع سيطرة الحوثيين عليها أصبحنا في حصار مطبق من كل النواحي".
ولفت إلى أن "الجرحى الذين سقطوا نتيجة المعارك في اليومين الماضيين أثناء مواجهتهم التوغل الحوثي يكابدون الآلام بسبب إصاباتهم، بسبب عدم وجود غرفة تنويم مناسبة، أو عناية مركزة لعلاجهم، الناس تعاني بشكل كبير والوضع في خطر إذا لم يفك الحصار عن مناطقنا".
35 ألفاً تحت الحصار
وكشف تقرير صادر عن مكتب حقوق الإنسان في محافظة مأرب عن وفاة ثلاثة مواطنين مدنيين جوعاً جراء الحصار الذي تفرضه مليشيا الحوثي على مديرية العبدية في المحافظة.
وقال التقرير إن "الميليشيا تمنع عن سكان المديرية البالغ عددهم 35 ألف نسمة إمدادات الغذاء والدواء والمياه، في حين أن المديرية لا يوجد فيها أي معسكرات ولا مخزون غذائي ودوائي ولا مشاريع مياه، ما دفع السكان للشرب من المياه الملوثة وهذا ينذر بكارثة صحية".
وناشد التقرير المجتمع الدولي سرعة إنقاذ حياة 2465 طفلاً يعانون من سوء التغذية الوخيم الذي ينتشر في المديرية، من أصل 9827 طفلاً يعانون من سوء التغذية تمكن الفريق الراصد من توثيقهم.
ورصد المكتب 3415 امرأة بحاجة إلى الرعاية الصحية والطبية من الجهات الطبية المختصة التي لا تتوفر في المديرية، ولا يستطعن الانتقال للحصول على الخدمات الصحية بسبب الحصار المطبق.
ووثق التقرير 23 حالة مرضية مصابة بالفشل الكلوي و11 حالة مصابة بالسرطان، وجميعها تحتاج إلى الإمدادات الدوائية والرعاية الطبية والغسيل الكلوي في مراكز طبية لا تتوفر في المديرية، وباتوا مهددين بالموت الحتمي في ظل الحصار ومنعهم من الخروج من المديرية للحصول على الرعاية الطبية ومنع الإمدادات الدوائية للمديرية.
وأوضح التقرير الحقوقي أنه وثق قيام مليشيات الحوثي باختطاف وإخفاء 3278 مدنياً من الطرقات أثناء محاولتهم الدخول أو الخروج من المديرية في ظل تشديدها الحصار ومنع التنقلات من وإلى المديرية.
وكشف التقرير أن الفريق الحقوقي رصد 2523 استهدافاً لقرى المدنيين في المديرية خلال الأيام الماضية، بمختلف الأسلحة الثقيلة من صواريخ وقذائف مدفعية وغيرها، وجرى توثيق إصابة 135 مدنياً جراءها بإصابات بين بليغة ومتوسطة وخفيفة، بينهم 31 امرأة و17 طفلاً، وتضرر 18 مدرسة في المديرية، ما أدى إلى توقف التعليم فيها وحرمان 8392 طالباً وطالبة من التعليم، وتدمير 442 سيارة ومركبة لمواطنين مدنيين جراء القصف العشوائي.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ونوه التقرير إلى أن فريق الرصد، أكد أن مليشيا الحوثي عملت على زراعة ونشر الألغام الفردية في أطراف المديرية ومداخلها وحقول المواطنين، حيث بلغ ما تم رصده 4289 لغماً التي تستهدف من خلالها حياة المدنيين، وتمكن فريق الرصد من توثيق إصابة 262 مدنياً بالألغام المزروعة بينهم 32 امرأة، و26 طفلاً.
التحالف يعطل تقدم الميليشيات
وقال تحالف دعم الشرعية في اليمن، إن العمليات الجوية التي نفذها خلال الأسابيع القليلة الماضية، أوقفت اقتحام مديرية العبدية.
وقال المتحدث باسم التحالف، العميد تركي المالكي، إن عمليات التحالف الجوية أوقفت اقتحام ميليشيا الحوثي لمديرية العبدية، جنوب محافظة مأرب.
وأفاد المالكي في بيان نشرته وكالة الأنباء السعودية "واس"، أن عمليات التحالف الجوية على مدى 18 يوماً أوقفت اقتحام الحوثيين للعبدية.
وأضاف أن "العمليات الجوية نفذت 118 استهدافاً لحماية المواطنين اليمنيين خلال الـ 96 ساعة الماضية"، مؤكداً أن الاستهدافات تمكنت من تدمير 15 آلية عسكرية للميليشيات، وأن الخسائر البشرية في صفوف الحوثيين تجاوزت 400 عنصر خلال 96 ساعة الماضية.
مناشدة رسمية
ناشدت السلطات المحلية في محافظة مأرب اليمنية، الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي بالتدخل لإنقاذ 35 ألف مدني يحاصرهم الحوثيون منذ نحو 3 أسابيع.
جاء ذلك وفق تصريح مصدر مسؤول في السلطة المحلية في محافظة مأرب، نشره الموقع الرسمي للمحافظة على الإنترنت مساء الأحد.
الميليشيات تعلن تقدمها
وأعلنت الميليشيات أنها تمكنت من السيطرة الكاملة على قرى عدة كان يتمركز فيها الجيش اليمني وقوات قبلية في المديرية، إثر هجمات مكثفة بغطاء صاروخي ومدفعي.
وأضافت أن "من بين القرى التي سيطرت عليها، الروضة والخوير، وجبل المغرة، وتأمينها قرى في الجهة الجنوبية الغربية في مديرية الجوبة بينها القاهر ومنطقة ووادي الزاحم المشرفة على مثلث واسط المؤدي إلى مركز المديرية".