بعد أعوام من الصمت الإسرائيلي في شأن الهجمات التي تتعرض لها سوريا، باتت عمليات القصف هذه جزءاً من حملات التفاخر التي يقودها القادة العسكريون في تل أبيب، وغالباً ما تُرفق بتهديدات تجاه سوريا وإيران و"حزب الله".
واختار وزير الأمن الإسرائيلي بيني غانتس، مشاركته في افتتاح مصنع جديد لأضخم شركات الأسلحة الإسرائيلية "رفائيل"، في بلدة شلومي المحاذية للحدود الشمالية، ليعلن من هناك أن "إسرائيل لن تتوقف عن شن الغارات على سوريا وكل من يهدد أمنها"، متفاخراً بالغارات التي نفذها سلاح الجو على مواقع عدة في سوريا، الاثنين 8 نوفمبر (تشرين الثاني).
وفي تلميحه إلى احتمال تصعيد أمني خطير يصل إلى حد نشوب حرب، قال غانتس "قبل 15 عاماً، اشتعل هذا المكان بسبب قذائف صاروخية أطلقها حزب الله وتعرضت المنطقة لتهديدات جراء التموضع الإيراني في سوريا، لكن ردنا كان واضحاً وهو إصرارنا على ضمان الأمن وعدم تجاوز الخطوط الحمراء غير قابل للتقويض".
واعتبر غانتس القصف الأخير جانباً من خطة لمنع استمرار التموضع الإيراني في سوريا وضد محاولات تعاظم القوة وخرق التوازن في المنطقة. وأضاف مهدداً "إسرائيل أعلنت وتصر على موقفها وهو أنها لن تسمح بأي شكل بالتسلح بأسلحة تستهدف التفوق الإسرائيلي في المنطقة من جانب حزب الله وأذرع إيران في المنطقة".
تحصينات واستعدادات عسكرية
ورافقت تهديدات غانتس استعراضات لقوة الجيش من جانب رئيس أركان الجيش أفيف كوخافي، الذي أعلن عن كامل الاستعداد لمختلف السيناريوهات المتوقعة من الناحيتين الجهوزية والعسكرية.
وبدأ الجيش الإسرائيلي تنفيذ مشروع أُطلق عليه اسم "تحصين الشمال"، ويتضمن بناء جدران ومتاريس لمنع التسلل عبر الحدود. وبحسب غانتس، فإن المؤسستين العسكرية والأمنية تعملان إلى جانب المؤسسة السياسية لمنع حرب. وقال "ننفذ عمليات عسكرية، ننقل رسائل ونمنع تعاظم قوة، لكن إذا نشبت حرب هنا، فسنكون جاهزين في الجبهة الداخلية لتنفيذ عمليات عسكرية لم نشهد مثلها في الماضي وبوسائل لم تكُن بحوزتنا، وتستهدف صلب الإرهاب وقدراته".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وفي بحث لم يُعلن عن تفاصيله للجنة الخارجية والأمن، استعرض كوخافي تقريراً بشأن الأوضاع الأمنية والخطة الإسرائيلية لمواجهتها. وقال "تواجه إسرائيل عدداً من التحديات الأمنية في ست جبهات مختلفة، ما يتطلب من الجيش الاستعداد لمختلف السيناريوهات والجاهزية في الدفاع والهجوم".
وكرر كوخافي تهديدات غانتس تجاه سوريا وإيران، غير أنه شدد على أن الحملات العسكرية التي نفذتها إسرائيل تضمنت عمليات سرية في أرجاء الشرق الأوسط. وقال "الجيش الإسرائيلي سيواصل العمل على إزالة التهديدات، وسيرد بقوة على أي انتهاك لسيادته سواء كان ذلك من قطاع غزة أو من الشمال، من جانب قوة إيرانية أو فلسطينية".
ومما تضمنه التقرير الذي عرضه كوخافي أمام لجنة الخارجية والأمن أن الجيش يمر في مرحلة تغيير وتكييف وحدات كاملة مع الحاضر والمستقبل. ويستند التغيير إلى التحديث وعمليات الشراء المتقدمة. وفي الوقت ذاته، فإن الجيش يسرّع خططه العملياتية للتعامل مع إيران والتهديد النووي العسكري.
وختم قائلاً، إن "الجيش بات على استعداد كامل لضرب منشآت نووية إيرانية".
الضوء الأخضر من روسيا
وفي شأن التموضع الإيراني في سوريا، اعترفت جهات أمنية أن جميع العمليات العسكرية والمحاولات التي نفذتها تل أبيب لمواجهة الخطر الأمني هذا لم تحدث تقدماً، بل بقي الهدف على حاله، فيما الهدف الثاني لإسرائيل وهو إحباط نقل وسائل قتالية متطورة إلى "حزب الله" في لبنان، صواريخ ومنظومات دفاع جوي، ما زال الأكثر تعقيداً.
وخلصت استنتاجات أمنيين إسرائيليين إلى أن الهجمات التي تنفذ ضد أهداف إيرانية في سوريا تخدم روسيا، التي "فتحت السماء أمام إسرائيل ولم تستخدم يوماً أي منظومة مضادة للطائرات لمنع توجيه الضربات"، وفق مسؤول أمني. وأضاف أن "هذه الهجمات تخدم الروس في معركتهم مع الإيرانيين على السيطرة على مناطق استراتيجية في سوريا. ولهذا فإن الرئيس فلاديمير بوتين يواصل إعطاء ضوء أخضر لنفتالي بينيت لأعمال هجومية".
وشدد مصدر مطلع على العلاقات الروسية – الإسرائيلية على أنه خلافاً لتقارير سابقة، فإن التنسيق الأمني بين سلاح الجو والمندوبين الروس ما زال مستمراً". وأضاف المصدر "على الصعيد الاستراتيجي يبدو بعد أكثر من أسبوعين على قمة بوتين – بينيت في سوتشي، أن موسكو غير قلقة بشكل خاص من قصف إسرائيل أهدافاً إيرانية".