توصل بحث جديد إلى أن مليار إنسان قد يواجهون درجات قاتلة من الإجهاد الحراري إذا زاد الاحترار العالمي درجتين مئويتين عما كانه قبل النهضة الصناعية.
يعرف الإجهاد الحراري (Heat Stress) بأنه مزيج خطير من الحرارة والرطوبة، يحصل حينما تتجاوز الحرارة الرطبة للكرة الأرضية (مقياس يأخذ في الاعتبار درجة الحرارة والرطوبة وسرعة الرياح والإشعاع الشمسي)، الـ32 درجة مئوية. قد يتعرض الأشخاص المتأثرون بالإجهاد الحراري للإعياء الناجم عن الحرارة، الذي تشمل أعراضه التعرق الشديد، وسرعة النبض، واحتمال فرض ضغط إضافي على القلب والأعضاء الأخرى. يعد الأشخاص الذين لديهم حالات صحية مسبقة وكبار السن الأكثر عرضة للخطر، وكذلك أصحاب الأعمال البدنية الذين يعملون في الأماكن المفتوحة.
وحاضراً، يصل عدد الأشخاص المتأثرين بالإجهاد الحراري حول العالم إلى 68 مليون إنسان. في المقابل، تقدر مجموعة من الأكاديميين وعلماء مكتب الأرصاد أنه إذا وصلت الزيادة إلى درجتين مئويتن، فقد يزداد عدد الأشخاص الذين يعيشون تحت رحمة الإجهاد الحراري بمقدار خمسة عشر ضعفاً.
في ذلك الصدد، ذكر الدكتور آندي هارتلي، رئيس قسم التأثيرات المناخية في "مكتب الأرصاد الجوية" في المملكة المتحدة، أن "مواقع عدة في العالم، كأجزاء من الهند، قد بلغت فعلياً مستوى الإجهاد الحراري، لكن يظهر تحليلنا أن مخاطر الحرارة الشديدة قد تؤثر على الناس في مساحات شاسعة من معظم قارات العالم، إذا ارتفعت حرارة الأرض بمقدار أربع درجات مئوية".
وجد البحث أيضاً أن قرابة نصف سكان العالم سيعانون الإجهاد الحراري في ظل ظروف الاحتباس الحراري الجامحة حاضراً.
وفي التفاصيل يرد أن التحليل الجديد عمل على تطوير خرائط إجهاد حراري تستعرض تلك الآثار المستقبلية للتغير المناخي في إطار السيناريوهين المختلفين (ارتفاع الحرارة بدرجتين، وارتفاعها بأربع درجات)، مع دراسة تأثيرات فيضانات الأنهار، والمخاطر التي تواجه الحياة البرية، والجفاف، وانعدام الأمن الغذائي.
في ذلك الصدد، أضاف رئيس قسم "نظام الأرض وعلوم التخفيف (من تأثير تغير البيئة)" في "مكتب الأرصاد الجوية"، الدكتور آندي ويلتشير، أنه "بالطبع، سيؤدي التغير المناخي الحاد إلى عدد من التأثيرات، وتظهر خرائطنا أن بعض المناطق ستتأثر بعوامل متعددة. ربما ليس من المستغرب أن تكون أجزاء من المناطق المدارية هي الأكثر تضرراً مع احتمال مواجهة دول كالبرازيل وإثيوبيا تأثيرات بسبب المخاطر الأربعة (المذكورة آنفاً). نحن بحاجة إلى تخفيض الانبعاثات بشكل سريع إذا أردنا تجنب أسوأ عواقب التغير المناخي غير المخفف".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وفقاً للدراسة، عند انعقاد مؤتمر الأمم المتحدة للتغير المناخي "كوب 26" COP26، وفي ظل تعهدات البلدان بخفض انبعاثات الكربون، كانت الأرض متجهة نحو الوصول إلى احترار يفوق بـ2.7 درجة مئوية المستويات التي كانت سائدة قبل عصر الصناعة.
في المقابل، خلال الأسبوع الأول من المفاوضات، كشف المبعوث الأميركي للمناخ جون كيري عن أنه في حال الالتزام بالتعهدات المتفق عليها حتى الآن خلال المفاوضات، فستكون البشرية في طريقها إلى مواجهة ارتفاع يقدر بـ1.8 درجة مئوية، وفقاً لـ"وكالة الطاقة الدولية".
في سياق مُوازٍ، ذكر البروفيسور ريتشارد بيتس، الذي قاد الدراسة، أن "هذا التحليل المشترك الجديد يظهر الحاجة الملحة للحد من الاحتباس الحراري إلى ما دون درجتين مئويتين. وكلما ارتفع مستوى الاحتباس الحراري، زاد انتشار المخاطر وحدتها على حياة الناس، لكن تجنب المخاطر الأكبر ما زال ممكناً إذا تحركنا الآن".
واستكمالاً، لقد أجرى البحث فريق دولي من العلماء في مشروع هيلكس Helix الذي يموله الاتحاد الأوروبي، بقيادة "جامعة إكستر" في إنجلترا. وتولى "مكتب الأرصاد الجوية"، نيابة عن حكومة المملكة المتحدة، المسؤولية عن تحليل الأماكن التي ستتداخل فيها التأثيرات الأكثر حدة.
كذلك تأتي الدراسة بعد تقرير آخر صادر من "مكتب الأرصاد الجوية"، نشر الأسبوع الماضي، وجد أن أوروبا قد تشهد موجات حر تصل إلى 50 درجة مئوية كل عام بحلول نهاية القرن ما لم تتخذ إجراءات عاجلة في خفض الانبعاثات، إذ قد ترتفع درجات الحرارة بنحو 2.7 درجة مئوية عما كانت عليه قبل النهضة الصناعية في الفترة ما بين عامي 2081 و2100.
© The Independent