تبين أن أكثر من 500 من جماعات الضغط الداعمة لشركات النفط والفحم والغاز الكبرى تشارك في مؤتمر الأطراف للمناخ "كوب 26" COP26 المنعقد في مدينة غلاسكو الاسكتلندية. وكذلك يلفت أن عددها يفوق عدد الوفد الممثل لأي دولة في محادثات تلك القمة.
وقد كشف تحليل جديد نهضت به المنظمة الدولية غير الحكومية "غلوبال ويتنس" Global Witness، عن الوصول الطاغي لصناعة الوقود الأحفوري إلى مؤتمر يتمثل هدفه المعلن في الحد من الارتفاع العالمي في درجات الحرارة، الذي يأتي معظمه من احتراق الوقود الأحفوري.
حلل الباحثون قائمة المشاركين في "كوب 26" التي نشرتها "الأمم المتحدة"، الجهة التي تستضيف قمة غلاسكو.
في الواقع، ينظر كثيرون إلى مؤتمر "كوب 26" باعتباره لحظة حاسمة في مسار أزمة المناخ، حيث تعكف الدول على إبرام اتفاقات عدة حفاظاً على "استمرارية هدف الإبقاء على ارتفاع حرارة الأرض في حدود 1.5 درجة مئوية"، وسط تضاؤل سريع لفرصة الحيلولة من دون الوصول إلى الاحترار العالمي الكارثي.
وفي ذلك الصدد، صرح موراي ورثي، قائد حملة الغاز في مؤسسة "غلوبال ويتنس" بأنه "فيما ينفد العالم سريعاً من الوقت المتوفر أمامه لتجنب كارثة مناخية، لا بد بالتأكيد من أن يتكلل مؤتمر ’كوب 26’ بالنجاح. ولا يجب أن ينحرف مسار قضية العمل العالمي الهادف بواسطة مهرجان من شركات تلوث البيئة وأبواقها، الذين لا يهتمون برؤية التغييرات التي تلزمنا لحماية الناس والكوكب".
كذلك وجد التحليل نفسه أن جماعات الضغط المؤيدة للوقود الأحفوري، إما أنها مرتبطة مباشرة بشركات كـ"شل" Shell و"غازبروم" Gazprom و"بي بي" BP، أو تحضر المؤتمر بصفتها أعضاء في وفود تنوب عن صناعة الوقود الأحفوري.
من بين النتائج التي خلص إليها التحليل:
يبلغ عدد أعضاء جماعات الضغط المدافعة عن النفط والغاز والفحم 503 أفراد، ويفوق عدد مندوبيها عدد مندوبي أي دولة مشاركة في "كوب 26" (تعتبر البرازيل الأقرب في عدد مندوبيها إلى جماعات الضغط إذ تضم 479 مندوباً، وفق أرقام صادرة عن "الأمم المتحدة").
يبدو تمثيل صناعة الوقود الأحفوري في "قمة غلاسكو" أفضل مقارنة مع التمثيل الذي تحظى به مجموع البلاد الثمانية التي كابدت أكبر الآثار المناخية منذ عام 2000، وهي بورتوريكو وميانمار وهايتي والفيليبين وموزمبيق وجزر الباهاما وبنغلاديش وباكستان.
جاءت وفود رسمية من 27 دولة من بينها كندا وروسيا والبرازيل، برفقة جماعات ضغط داعمة للوقود الأحفوري.
لدى أكثر من 100 شركة عاملة في مجال الوقود الأحفوري، بما في ذلك 30 مجموعة تجارية، ممثلون عنها في "كوب 26".
ممثلو جماعات الضغط المؤيدة للوقود الأحفوري في مؤتمر"كوب 26" يساوون تقريباً نحو ضعفي المجموعة الرسمية للشعوب الأصلية التابعة لـ"الاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ".
واستكمالاً، تواصلت "اندبندنت" مع المعنيين في "اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ" لإبداء تعليقهم عن تلك المسألة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وفي الشهر الماضي، ذكرت مجموعة "كلتشر أنستيند" Culture Unstained أن حكومة المملكة المتحدة ارتأت أن شركات النفط "لا تصلح" للمشاركة الرسمية في "كوب 26". وفي تصريح أدلى به إلى "وول ستريت جورنال"، ذكر نايجل توبينغ، بطل العمل المناخي لحكومة المملكة المتحدة في "كوب 26"، أن خطط المناخ الحالية لصناعة النفط لم تحقق الأهداف العالمية على نحو كاف.
وبحسب توبينغ، "يتحتم على اجتماع غلاسكو أن يدعو إلى توخي المستويات الأعلى من الطموح المتعلق بالتخفيضات الفورية في مستويات انبعاثات الكربون. ليس في مقدور ’كوب 26’ تقديم منصة للشركات والمؤسسات التي لا تفي بالتزام يرقى إلى هذا المستوى".
قبل أيام من انطلاق "كوب 26"، أفيد أن صحيفة "التايمز" نقلت عن بن فان بيردن، الرئيس التنفيذي لشركة "شل"، تصريحاً جاء فيه، "لقد أبلغنا بأننا لسنا محل ترحيب، لذا لن نحضر" القمة المناخية.
تذكيراً، طالب عدد من المنظمات المعنية بحماية البيئة بتأجيل "كوب 26" بسبب عدم المساواة في قدرة مندوبي دول الجنوب على المشاركة في قمة المناخ. من بين تلك المنظمات "كلايمت أكشن نتوورك" Climate Action Network (شبكة العمل المناخي)، منظمة عالمية تضم أكثر من 1500 مجموعة من المجتمع المدني تتوزع على أكثر من 130 دولة. وقد وجهت تلك المنظمة دعوة إلى حكومة المملكة المتحدة والمنظمين في "الأمم المتحدة" بشأن تأجيل القمة المناخية مرة أخرى (كان مقرراً عقدها العام الماضي غير أن جائحة كورونا حالت دون ذلك)، مشيرة إلى عدم توفير اللقاحات لملايين الأشخاص في البلاد الفقيرة، وارتفاع تكاليف السفر والإقامة، والحيرة المستمرة بشأن "كوفيد- 19".
وفي السياق نفسه، لاحظ فريق البحث، المكون من منظمات "مساءلة الشركات" Corporate Accountability، و"مرصد أوروبا للشركات" Corporate Europe Observatory، "غلاسكو كولز أوت بوليوترز" Glasgow Calls Out Polluters، أن جماعات الضغط الداعمة للنفط والغاز لم تكن الصناعات الملوثة الوحيدة التي تحاول ترك تأثير في قمة المناخ. وأشارت الجهات المذكورة إلى حضور مماثل لمئات الممثلين عن مجالات التمويل والأعمال الزراعية والنقل الحاضرين أيضاً.
ووفق ملاحظة باحث وناشط في "مرصد الشركات الأوروبية"، هو باسكو سابيدو، "يسوق مؤتمر "كوب 26" على أنه مكان لرفع مستوى الطموح، لكنه يعج بجماعات ضغط تعمل في مجال الوقود الأحفوري جل طموحها البقاء في مجال الأعمال. نجد شركات كـ"شل" و"بي بي" حاضرة في هذه المحادثات على الرغم من اعترافها صراحة بزيادة إنتاجها من الغاز الأحفوري. إذا كنا جادين في رفع مستوى الطموح، لا بد من استبعاد جماعات الضغط الداعمة للوقود الأحفوري من المحادثات وعواصمنا الوطنية".
© The Independent