أتى تعيين رئيس الحكومة الليبية عبد الحميد الدبيبة، المدعو التهامي بوزيان، سفيراً لدى الجزائر، ليصنع الحدث في البلدين، بعد أن كشف الإعلام الليبي وبعض المسؤولين السياسيين، أن المعني مطلوب لدى العدالة بتهم الإرهاب.
جدل واسع ومخاوف
وتشهد مواقع التواصل الاجتماعي، كما الصحف والقنوات الفضائية، نقاشات واسعة، بلغت حد ترقب توتر بين الحكومتين، على إثر تداول سوابق التهامي أحمد عمر بوزيان على نطاق واسع، بأنه آمر كتيبة "الفاروق" في سرت سابقاً، كما شغل منصب وكيل وزارة الدفاع فترة قيادة خالد الشريف، وبأنه منفذ عمليات تعذيب السجناء في معتقل "الهضبة" وبعض السجون السرية.
وتابع الإعلام الليبي فضح السفير "المشبوه"، بالقول، إنه قبض عليه في عام 2007، بتهم إرسال الشبان إلى العراق وأفغانستان، ليطلق سراحه في 2008، ويوضع ضمن قوائم الممنوعين من السفر مع شرط التردد على فرع الأمن الداخلي بمدينة مصراتة، كما أنه شارك بعد عام 2011، كقيادي لميليشيات مسلحة، ويعد أبرز مؤسسي "سرايا الفاروق" الإرهابية التي تعتبر نواة تنظيم "أنصار الشريعة" في ليبيا.
وعمل التهامي بوزيان، في منصب وكيل وزارة الدفاع في الحكومة الليبية المؤقتة من عام 2012 إلى 2015، وكان المسؤول عن استقبال وإيواء الإرهابيين في مدينة مصراتة، وإرسال جرافات الأسلحة إلى مدينة بنغازي، وعلاج الإرهابيين في مصراتة وتركيا على حساب الدولة، كما أسهم من خلال موقعه ونفوذه في وزارة الدفاع حتى سنة 2015، في مد جماعات الدروع وأنصار الشريعة بالعتاد والسيارات.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأدرج مجلس النواب اسم بوزيان على لائحة الأفراد والجماعات الإرهابية المنتمية لتنظيم "القاعدة"، والتي أصدرها في 11 يونيو (حزيران) 2017 .
الصمت يخيم على العاصمتين
وفي حين أن الجزائر لم تصدر أي بيان رسمي بشأن التعيين على اعتبار أن الأمر متعلق بقبول ورفض بعد الاطلاع على ملفات السفراء الجدد وفق ما تقتضيه الأعراف الدبلوماسية في العلاقات الدولية، لم تتحرك حكومة الدبيبة، وتواصل الصمت على الرغم من أن الجدل يزداد توسعاً وتصعيداً بين الانتقاد والتأويل.
تعيين تكتيكي
وفي الإطار ذاته، رأى الحقوقي عابد نعمان، أنه كقاعدة ومبدأ دبلوماسي، فالسفير يعبر ويترجم النظرة النظامية التي يمثلها للدولة التي تم تعيينه فيها، كما أنه يحق للدولة المستقبلة عدم اعتماد أي سفير لا يتوفر على عنصر الرضا الدبلوماسي، بمعنى غير مرغوب فيه، مضيفاً أن مسألة تعيين الدبيبة، من وجهة نظري تكتيكية، بإيعاز من طرف معاد للجزائر من أجل خلط الأوراق بطريقة ذكية، لأن الجزائر دعمت الاستقرار الليبي، وكانت ضد الفوضى التي طالت ليبيا، والتي على إثرها سقط نظام معمر القذافي، وقال إن "التعيين رسالة مفهومة تم تحريرها في مؤتمر باريس".
أضاف نعمان أنه بخصوص رد الجزائر، "أعتقد أن عصب العلاقات الدبلوماسية هو طول النفس، وبالتالي قد تستعمل حقها في عدم اعتماد أوراق السفير"، موضحاً أن "مسألة التعيين ذات البصمة الفرنسية تستهدف العلاقات الليبية الجزائرية التي لها أدوات وآليات طويلة الأمد لتصفية الشوائب العالقة بين الطرفين، وعليه، فإن قبول السفير بالنسبة لي أمر مستبعد لأنه فخ يعصف بجميع المواقف الجزائرية التاريخية حيال ليبيا وحيال المجتمع الدولي في مسألة الإرهاب".