تمخضت المشاورات الأمنية الإسرائيلية بشأن سبل التعامل مع إيران، في أعقاب عرقلة المفاوضات حول الاتفاق النووي في فيينا، عن تقدير باحتمال نشوب أزمة طويلة الأمد، أو التوصل إلى اتفاق مؤقت لا يستجيب إلى مطالب تل أبيب بخصوص التعامل مع الملف النووي الإيراني.
وبحثت الأجهزة الأمنية والعسكرية الإسرائيلية سبل التعامل مع الوضعية الحالية، في أعقاب التطورات التي تشهدها المفاوضات في فيينا، وما تعتبره إسرائيل "مخاطر النووي الايراني" واحتمال وصول طهران إلى إنتاج قنبلة نووية.
وفي أبرز التقديرات الإسرائيلية، فإن إيران ستتجاوز العتبة التكنولوجية، التي كان من شأن الاتفاق النووي أن يمنعها، فيما سيكون على المجتمع الدولي الاختيار بين مسارَين محتملين، الأول هو تفجير المحادثات وحدوث أزمة محسوبة، في أعقاب ذلك، مع إيران، يمكن أن تستمر لفترة طويلة وقد تقود طهران إلى العودة إلى طاولة المفاوضات، أما المسار الثاني، بحسب الإسرائيليين، فهو بلورة اتفاق مؤقت يتضمن تفاهمات جزئية تتعلق بالمشروع النووي الإيراني، في الأسابيع القليلة المقبلة.
ووجهت إسرائيل تحذيراً إلى القوى الكبرى التي تتفاوض مع إيران، من خطر تجدد العنف في الشرق الأوسط، في ظل الضعف الذي أظهرته تجاه إيران في المحادثات الأخيرة. وفي التقديرات الاسرائيلية أنه "في حال انهيار المحادثات مع إيران، فإن الشرق الأوسط والمنطقة بأسرها ستمر بفترة أزمة عاصفة، حيث ستقوم إيران بمهاجمة السفن واستئناف الهجمات على منشآت دولية".
ونقلت صحيفة "اسرائيل اليوم" عن مسؤول اسرائيلي قوله "إن تل أبيب ترى بأن الاتفاقية الجديدة تترك للقوى الكبرى ورقة واحدة فقط للتعامل مع الملف الإيراني، وهي فرض عقوبات أخرى على إيران بشكل فوري، إن لم تتوصل الأطراف إلى اتفاق، فيما تبقى إعادة فرض عقوبات أخرى على إيران ضعيفة. وبحسب الصحيفة الاسرائيلية "ستقوم إيران بتركيب وإعادة تفعيل كاميرات الوكالة الدولية للطاقة الذرية في منشأة كرج النووية، حيث دُمرت الكاميرات الأصلية وفق إيران في انفجار وقع في مدينة كرج الصيف الماضي وعُطلت أجهزة الطرد المركزي التي كانت تعمل فيه".
خطوات عملية
في هذه الأثناء، يُعد الإسرائيليون خطوات عملية على أكثر من مستوى، وبحسب مطلعين على المناقشات الإسرائيلية، تجري اتصالات من وراء الكواليس يقودها وزير الأمن، بيني غانتس، بموازاة استمرار الاستعداد والجهوزية لاحتمال توجيه ضربة إسرائيلية ضد إيران. وأعلن الجيش الإسرائيلي أنه سرع مجدداً الاستعدادات لعملية عسكرية ضخمة وشاملة لضرب إيران. وبحسب تقرير أمني، فإن الضربة العسكرية لن تكون محصورة بالمنشآت النووية الإيرانية. وبسبب الحاجة إلى ضمان تحقيق الهدف تسعى إسرائيل، حالياً إلى تحديث ترسانتها العسكرية بصواريخ وقنابل جديدة، وإلى تحديث نظم عسكرية عدة من بينها نظام القبة الحديدية.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ويستعد الجيش لثلاث مراحل أساسية، التحضير للضربة، الضربة نفسها، ورد الفعل الذي يليها، ومن ضمنها الاستعداد للرد على جبهات أخرى تفتح في مناطق مختلفة. وبحسب ضابط إسرائيلي، فإن خطوة كهذه سيرافقها نشاط دولي على المستوى الدبلوماسي في محاولة لإضفاء شرعية دولية على العملية العسكرية، فيما ستكون الولايات المتحدة، وفق هذا الضابط، شريكاً أساسياً لإسرائيل سواء في خطواتها العسكرية أو الدبلوماسية.
وأضاف الضابط الإسرائيلي "يمكن أن تستخدم إسرائيل قواعد أميركية في العراق والخليج، خصوصاً تكنولوجيا الرادارات، إضافة إلى أن واشنطن ستعمل للدفاع عن إسرائيل في مرحلة ما بعد العملية".
دعم ما بعد العملية
وتناولت مصادر أمنية إسرائيلية الدعم الأميركي للضربة العسكرية على إيران، فكشفت أن الإدارة الأميركية تعهدت، ضمن إطار ما تسميه "خطة الدفاع الإسرائيلية – الأميركية السرية" لحالة طوارئ إقليمية، بمساعدة إسرائيل في أعقاب عملية عسكرية على إيران على إعادة إعمار البنى التحتية المدنية بينها موانئ، وشبكات الكهرباء، والاتصالات، والمياه والشوارع، وأي مساعدة أخرى تطلبها إسرائيل من أجل إعادة إعمار جبهتها الداخلية.
وكما سرب مسؤول أمني، فإن بند إعادة الإعمار في الخطة سري ومعروف لعدد قليل جداً من المسؤولين السياسيين والأمنيين في إسرائيل.
وبحسب ما هو متبع في تل أبيب، فإن إخراج بنود "خطة الدفاع المشترك" إلى حيز التنفيذ يتم بعد توجه الحكومة الإسرائيلية إلى الإدارة الأميركية، بطلب المساعدة وبعد مصادقة الرئيس الأميركي عليها.
كيفية التعامل مع المسيّرات الإيرانية
وضمن أبحاث الإسرائيليين حول سبل التعامل مع المسيّرات الإيرانية، استخلص مسؤولون أمنيون أن تهديد الطائرات الإيرانية غير المأهولة لا يقل خطراً عن الأسلحة الإيرانية الأخرى على أمن إسرائيل. وبحسب تقرير إسرائيلي يطور الإيرانيون مسيّرات يستخدمونها ويزودون بها مجموعاتهم في الشرق الأوسط. وبحسب التقرير الإسرائيلي، لدى إيران أنواع عدة من الطائرات غير المأهولة. بعضها كبيرة الحجم وذات مدى يصل إلى آلاف الكيلومترات للمراقبة وللهجوم، والبعض الآخر مُسيرات "انتحارية"، أصغر وأبسط.
ويشير التقرير إلى أن الخطر الأكبر في هذه الطائرات أن إيران لا تستخدمها بنفسها فقط، بل تزود بها فروعها في أرجاء الشرق الأوسط، مثل اليمن والعراق وسوريا. وينبع الاستخدام الإيراني المتزايد للمسيَّرات من كونها ناجعة جداً، بسيطة الاستخدام والإنتاج، وغير باهظة الثمن على نحو خاص. أما من الناحية العملياتية فهي دقيقة، صعبة جداً على الاكتشاف بسبب طيرانها المنخفض، تحت تغطية الرادارات، بالتالي يصبح اعتراضها غير سهل.
ولفت أمنيون وعسكريون إسرائيليون إلى ضرورة التعاطي مع خطر المسيّرات مثل خطر الصواريخ والمقذوفات الصاروخية الدقيقة التي تملكها إيران، ومن شأنها أن تؤدي إلى "كسر التعادل"، أو على الأقل يمكنها أن تخلق للإيرانيين صورة نصر".