طالبت شركات الطاقة وهيئات الأعمال في بريطانيا الحكومة بسرعة التصرف واتخاذ إجراءات عاجلة لتخفيف عبء ارتفاع أسعار الطاقة للمنازل الذي يهدد ملايين الأسر البريطانية. وفي رسالة مشتركة من غرفة التجارة البريطانية ومعهد المديرين واتحاد الأعمال الصغيرة كتب هؤلاء للحكومة، "إن التصرف العاجل الآن يمكن الحكومة والشركات والأعمال من تفادي التبعات الاقتصادية السلبية الناتجة عن ارتفاع أسعار الطاقة لفترة من الزمن. أما في حال عدم التصرف العاجل فيمكن أن نشهد سنوات من ارتفاع تكلفة الفواتير وزيادة معدلات التضخم والارتفاع في تكلفة الأعمال".
وفي تقرير نشرته صحيفة "التايمز"، السبت، تتوقع هيئة تنظيم سوق الطاقة في بريطانيا (أوفجيم) أن يتأثر ثلاثة أرباع الأسر فيها بقرار رفع سقف تكلفة فواتير استهلاك الطاقة المنزلي في غضون شهرين، وذلك بعد ارتفاع عدد الأسر التي ينطبق عليها نظام سقف السعر للطاقة للمنازل إلى 22 مليون أسرة بريطانية من نحو 15 مليون أسرة في أغسطس (آب) الماضي بعد تحويل 7 ملايين أسرة من نظام الفواتير الأسعار الثابتة لمدة التعاقد إلى نظام الأسعار المتغيرة.
ونتيجة انهيار نحو 30 شركة توزيع الطاقة للبيوت في الأشهر الأخيرة، تم تحويل 2.3 مليون أسرة من نظام التعاقد ذي الأسعار المثبتة إلى نظام الأسعار المتغيرة الذي يخضع لنظام سقف السعر لأوفجيم، لأنه بانهيار الشركات تنتهي عقود تلك الأسر ولا يوجد في السوق أي عروض بأسعار ثابتة رخيصة نتيجة الارتفاع الهائل في أسعار الغاز الطبيعي والكهرباء بالجملة.
نظام التسعير
مع ارتفاع أسعار الطاقة بالجملة، تعاني شركات التوزيع خسائر ضخمة تؤدي إلى إفلاسها. وكان أغلب المستهلكين البريطانيين يحصلون على الطاقة لمنازلهم بعقود ذات أسعار ثابتة للغاز والكهرباء. وتتحمل الشركات الفارق بين سعر الجملة وسعر التوريد بحسب عقود الأسعار المثبتة. ووصل الفارق لكل فاتورة إلى أكثر من 600 جنيه استرليني (800 دولار) في العام.
وكل شهر تنتهي تعاقدات المستهلكين على أساس الأسعار الثابتة، أو تفلس الشركة المُتعاقَد معها فيضطرون للنقل إلى شركة أخرى على أساس الأسعار القياسية المتغيرة. وتخضع تلك الأسعار الآن لنظام سقف تكلفة الفاتورة الذي تقرره هيئة "أوفجيم".
كانت الهيئة بدأت تطبيق ذلك النظام عام 2017 على 4 ملايين أسرة تستخدم منازلهم عدادات الغاز والكهرباء مسبقة الدفع. وفي عام 2019 توسع النظام ليشمل نحو 11 مليون أسرة. وسقف تكلفة الفاتورة حالياً عند 1227 جنيهاً استرلينياً (1663 دولاراً) سنوياً، بينما أي تعاقد جديد على أسعار مثبتة لا يقل عن 2000 جنيه استرليني (2711 دولار). وكانت الهيئة قد رفعت سقف تكلفة فاتورة الاستهلاك المنزلي، بدءاً من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وستعلن "أوفجيم" في 7 فبراير (شباط) المقبل رفع سقف تكلفة الفاتورة مجدداً، ربما بنسبة 50 في المئة، على أن يبدأ تطبيق الزيادة مطلع أبريل (نيسان). بالتالي، يصل سقف تكلفة فاتورة الاستهلاك للمنزل المتوسط إلى 2000 جنيه استرليني (2711 دولاراً). كما ينتظر أن ترفع الهيئة سقف تكلفة الفاتورة مجدداً في أكتوبر المقبل إلى 2400 جنيه استرليني (3253 دولاراً).
التأثير في الأسر
في الأسبوع الماضي، توقعت مؤسسة "ريزوليوشن فاونديشن" أن يتضاعف عدد الأسر التي لا تستطيع تحمل تكلفة الفواتير ثلاث مرات بحلول أبريل المقبل، مع رفع سقف فواتير الاستهلاك المنزلي، لحماية ما تبقى من شركات توزيع الطاقة للمنازل من الإفلاس بسبب خسائرها الناجمة عن فارق أسعار الطاقة بالجملة وأسعار التجزئة للمستهلكين.
وقدرت المؤسسة أن رفع سقف الفواتير بنسبة 50 في المئة، كما هو متوقع، سيرفع نسبة من لا يستطيعون تحمل تكلفة فواتير الطاقة لاستهلاكهم المنزلي إلى 27 في المئة من السكان، مقابل 9 في المئة حالياً. وتحسب عدم قدرة الأسرة على تحمل تكاليف الفواتير على أساس من ينفقون أكثر من 10 في المئة من دخلهم على فاتورة الطاقة. بالتالي، لن يتأثر فقط الفقراء في بريطانيا، بل أيضاً منخفضو ومتوسطو الدخل من الأسر البريطانية.
معضلة الحكومة
ستكون المشكلة أكبر حين تبدأ أسعار الغاز الطبيعي في الانخفاض خلال الربيع، كما هو المتوقع تقليدياً على أساس موسمي. عندئذٍ سيكون سقف تكلفة فاتورة الاستهلاك المنزلي أعلى من أسعار الغاز والكهرباء بالجملة. كما أن الأسر التي سترتبط بعقود توريد طويلة مع الشركات على أساس سعر ثابت مرتفع كما هو حالياً ستجد نفسها تدفع أكثر من سعر السوق وقتها.
ويمثل ذلك معضلة أمام الحكومة البريطانية، المطالبة حالياً بالتصرف بسرعة لتخفيف العبء عن ملايين الأسر البريطانية. ويقدر المحللون في سوق الطاقة بالتجزئة أن 85 في المئة من الأسر البريطانية متضررة من ارتفاع أسعار الطاقة حالياً.
ولا يزال وزراء الحكومة يدرسون كيفية التدخل لتحفيف العبء عن الشركات والمستهلكين. ومن بين المقترحات المطروحة خفض الضرائب على شركات التوزيع أو الحد من الرسوم المفروضة عليها لأسباب حماية البيئة أو تقديم الدعم المالي المباشر للأسر الفقيرة لتتمكن من دفع فواتير الاستهلاك، لكن وزير الطاقة في الحكومة البريطانية كوازي كوارتنغ قال، الجمعة، "إنه سيكون من غير المنطقي أن تعلن الحكومة أي إجراءات قبل بيانها العام نهاية مارس (آذار)، أي قبل بدء تنفيذ الزيادة في تكلفة الفواتير مباشرة. وتعلن الخزينة البريطانية حينئذٍ بيان الميزانية قبل نهاية السنة المالية في 4 أبريل المقبل.