فتح البرلمان الليبي الباب لاستقبال طلبات الترشح لرئاسة الحكومة الجديدة، التي ستخلف حكومة الوحدة الوطنية الحالية بقيادة عبد الحميد الدبيبة، وحدّد موعد الإعلان عن اسم رئيس الوزراء الجديد في الأسبوع المقبل.
وترجح كثير من المصادر الليبية أن يكون وزير الداخلية الأسبق في حكومة الوفاق منتهية الصلاحية فتحي باشا آغا، هو الرئيس الجديد للحكومة الليبية، مع حديث عن صفقة عقدت وتمت بهذا الخصوص، أطرافها بالإضافة إليه، رئاسة البرلمان الليبي وقيادة الجيش في بنغازي.
ومع تصريح رئيس الوزراء الحالي عبد الحميد الدبيبة من جديد برفضه تسليم السلطة لأي حكومة جديدة، قبل الانتخابات العامة، تبدو ليبيا مقبلة على مرحلة جديدة من الانقسام السياسي والمؤسساتي بين حكومتين متنازعتين على الشرعية، تماماً مثلما كانت عليه الحال خلال السنوات القليلة الماضية، بين حكومتي الوفاق والمؤقتة.
استقبال طلبات الترشح
أعلن رئيس مجلس النواب عقيلة صالح، أن "البرلمان سيبدأ النظر في ملفات المترشحين لمنصب رئيس الوزراء الجديد خلال جلسة الأسبوع المقبل". وفي كلمة له بجلسة مجلس النواب، أذن صالح لمقرر المجلس باستلام ملفات المرشحين لرئاسة الحكومة بدءاً من اليوم الثلاثاء، مع التأكد من توافر الشروط اللازمة، وإبلاغ لجنة خريطة الطريق التابعة للمجلس للتواصل مع المجلس الأعلى للدولة بخصوص اسم رئيس الوزراء الجديد.
وأوضح صالح، أن "جلسة السابع من فبراير (شباط) الجاري، ستكون جلسة للاستماع إلى المرشحين، وفي اليوم التالي تعقد جلسة لاختيار رئيس الحكومة الجديد".
وطالب رئيس البرلمان "بعض السفراء ومستشارة الأمين العام للأمم المتحدة بشأن ليبيا، ستيفاني وليامز، بعدم التدخل في الشؤون الليبية"، في رد له على اعتراض البعثة الأممية وبعض السفراء الأجانب على الخطوات التي اتخذها مجلس النواب لإقالة الحكومة الحالية.
وكان مجلس النواب الليبي حدد 13 شرطاً للترشح لمنصب رئيس الحكومة الجديدة، من أهمّها التعهد بعدم الترشح للانتخابات المقبلة والحصول على تزكية 25 عضواً بالبرلمان وعدم حمل جنسية أجنبية.
النصاب المطلوب
وقال عضو مجلس النواب محمد لينو، إن النصاب القانوني لمنح الثقة لحكومة جديدة يتطلب الغالبية المطلقة (50+1) من الأعضاء ما يتوجب مع الحصول على 91 صوتاً.
وكشف زميله في المجلس عبد المنعم العرفي، عن الأسماء التي تقدمت حتى الآن لنيل منصب رئيس الحكومة الجديدة، التي أطلق عليها البرلمان اسم "حكومة الاستقرار"، وهم فتحي باشا آغا وأحمد معيتيق ومحمد المنتصر.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأشار إلى أن "الجلسة المقبلة ستناقش بكل تأكيد، سحب الثقة من الحكومة والتصويت على تنصيب حكومة جديدة"، مؤكداً أن "كل الأطراف اتفقت على انتهاء مدة ولاية حكومة عبد الحميد الدبيبة، ووجوب سحب الثقة منها".
وأكد أن "رئيس الحكومة سيكون من المنطقة الغربية، وكل متقدم لرئاسة الحكومة يزكيه 25 نائباً".
من جانبه، دعا عضو مجلس النواب، إبراهيم الزغيد، إلى "الإسراع في طرح التصويت لاختيار رئيس وزراء جديد". وقال الزغيد في كلمة بجلسة مجلس النواب، إن "هذه المرحلة تتطلب اختيار رئيس وزراء جديد، لأن الحكومة الحالية (نائمة في العسل)، وغير مهتمة بما يحصل للمواطنين".
واتهم الزغيد حكومة الدبيبة بأنها "غير مهتمة بالمعاناة التي يشهدها أهالي الجبل الأخضر، ومعاناة انقطاع التيار الكهربائي والتي تتطلب معالجة سريعة من قبل رئيس حكومة جديد".
الدبيبة يرفض تسليم السلطة
في موازاة ذلك، جدّد رئيس حكومة الوحدة الوطنية الموقتة عبد الحميد الدبيبة، رفضه إجراءات رئيس مجلس النواب عقيلة صالح، لسحب الثقة من حكومته، واصفاً إياها بـ"محاولة يائسة لعودة الانقسام".
وشدد الدبيبة أن "الحكومة مستمرة في أداء مهامها حتى إنجاز الانتخابات"، مشيراً إلى تواصله مع "أغلب الأطراف الدولية وهي ترفض تصور رئيس مجلس النواب للمرحلة الانتقالية، ونتائج الاتفاق السياسي كانت واضحة في تحديد طبيعة العلاقة بين الهيئات والمؤسسات، ونحن نعمل وفقاً له".
حديث عن صفقة محتملة
وتصب أغلب الترشيحات في ليبيا في مصلحة وزير الداخلية الأسبق، فتحي باشا آغا، للفوز بمنصب رئاسة الحكومة، مع حديث عن اتفاق تم بالخصوص بينه وبين رئيس البرلمان عقيلة صالح وقائد الجيش في بنغازي خليفة حفتر.
ومن بين الذين تحدثوا عن هذه الصفقة، المستشار السابق لمجلس الدولة أشرف الشح، الذي اعترض عليها، قائلاً "هناك صفقات تعقد سراً لسرقة حق الليبيين في اختيار من يحكمهم، بين عقيلة وحفتر وباشا آغا، بحجة أن جمع هذه الأطراف ستحقق المعادلة التي تضمن الاستقرار، والحقيقة كل هذه الشخصيات مستهلكة، والحل الوحيد لإزاحة حكومة الدبيبة أن تجرى الانتخابات، وغير ذلك لن يتحقق شيء إلا هدر الأموال والوقت".
وأضاف "لن نسمح بأي صفقات جديدة مهما حاولتم، حكومة بطريقة الصفقات لن تقبل، ولن تتمكن من الحكم، إلا إذا أذعن الجميع بإجراء انتخابات برلمانية وإنهاء كافة الأجسام معدومة الشرعية، والبرلمان الجديد ينتج حكومة شرعية من خلال البرلمان الشعبي".
وتابع "هذه الحكومة جاءت بآلية جنيف، التي وافق عليها كل من شارك فيها، ومنهم الذين يكيلون السباب والاتهامات للدبيبة اليوم ويقولون إن حكومته أتت بالرشاوى، طالما أنكم تعرفون أنها أتت بالرشاوى لماذا عقيلة والأعضاء أعطوه الثقة في سرت؟، هذا يعني أنكم موافقون على الرشاوى أو أخذوا رشاوى، هذه تهم لا يمكن القطع بها إلا بعد إثباتها عن طريق حكم محكمة".
ولمّح المرشح للانتخابات الرئاسية سليمان البيوضي، لوجود صفقة ما تقف خلف قرار البرلمان سحب الثقة من حكومة الدبيبة وتشكيل أخرى بديلة لها، موضحاً، "ليثبت أعضاء مجلس النواب حسن نواياهم ويضيفوا على شروط اختيار رئيس وزراء جديد، شرطاً يلزمهم بتشكيل حكومة من الكفاءات من دون محاصصة معهم، لنتأكد من نيتهم ومن خلفهم في السعي لتحقيق استقرار وطني، أما غير ذلك فهو تدوير للفساد ومنهج الصفقات والتبعية للأجنبي".
خيار خطير
وبالتزامن مع تصويت مجلس الأمن بالإجماع على تمديد عمل بعثة الأمم في ليبيا، حتى شهر أبريل (نيسان) المقبل، وسط انتقادات في الداخل الليبي لعجز البعثة عن لعب أي دور لوقف التصعيد بين الأطراف الليبية، الذي بات يهدد بالعودة إلى المربع الأول، عبرت مستشارة الأمين العام للأمم المتحدة بشأن ليبيا ستيفاني وليامز، عن رأيها بخصوص إصرار البرلمان على تشكيل حكومة جديدة، قائلةً إن "تشكيل حكومتين في البلاد قد يكون خطيراً".
وأبدت وليامز استعدادها لـ"الجلوس مع مجلسي النواب والدولة للتوصل إلى أساس دستوري للانتخابات"، ودعت البرلمان أن "يشرع في أقرب وقت في عملية سياسية ذات مصداقية، تجيب عن سؤال نحو 3 ملايين ليبي عن مصير الانتخابات".
ورأت أن "البرلمان قادر على إعادة الانتخابات إلى مسارها الصحيح، وإقامتها بحلول يونيو (حزيران) المقبل، لكنه اتجه بدلاً من ذلك إلى (لعبة الكراسي الموسيقية) بمحاولته تشكيل حكومة جديدة".
وأضافت "كان يجب على مجلس النواب تحديد موعد للانتخابات قبل مناقشة تشكيل حكومة جديدة بتفويض غير معلوم"، محذرةً من "إمكانية عودة تنظيم داعش الإرهابي، إذا ما عادت ليبيا إلى الانقسام الكامل".