اعتمد مجلس النواب الليبي بالإجماع خريطة الطريق التي عرضتها عليه اللجنة المكلفة إعدادها، في جلسة الاثنين 7 فبراير (شباط) الحالي، وحددت فيها الموعد الجديد للانتخابات العامة، بعد 14 شهراً من إجراء التعديل الدستوري الذي يجري التشاور بشأنه حالياً بين البرلمان ومجلس الدولة.
واستمع مجلس النواب في الجلسة إلى برنامجَي فتحي باشاغا وخالد البيباص، المرشحَين لرئاسة الحكومة الليبية الجديدة، التي ستحل محل حكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبد الحميد الدبيبة، وذلك قبل الكشف عن اسم رئيس الوزراء الجديد يوم الخميس المقبل.
وفي وقت تميل كفة الترجيحات لصالح وزير الداخلية الأسبق فتحي باشاغا للفوز برئاسة الحكومة المقبلة، على حساب منافسه خالد البيباص، أبدت أطراف عدة احتجاجها على التمديد الطويل للفترة الانتقالية الأخيرة في ليبيا، بينما حذرت الأمم المتحدة من انقسام جديد للأجسام التنفيذية، بعد تشكيل حكومة موازية للحكومة الحالية.
خريطة طريق جديدة
وأعطى البرلمان بالإجماع الضوء الأخضر لخريطة الطريق التي أعدتها اللجنة التي شكلها لوضع خطة جديدة للمرحلة الانتقالية الأخيرة، تنتهي بالترتيب لإجراء الانتخابات الوطنية في ظروف ملائمة، وذلك خلال جلسته التي عقدها الاثنين بحضور 116 نائباً.
وكان لافتاً أن كل الإجراءات التي أقرها البرلمان في الجلسة وصوّت عليها بغالبية ساحقة، تمت بالتوافق مع مجلس الدولة في طرابلس، ما يعزز فرص نجاحها، بعدما عرقلت خلافات المجلسَين المذكورَين تنفيذ اتفاقات سياسية عدة على مدار الأعوام الماضية.
وقال المتحدث الرسمي باسم البرلمان عبدالله بليحق إن "المادة الأولى من مشروع القرار نصت على اعتماد خريطة الطريق المقدمة من اللجنة المشكلة من قبل البرلمان، بحيث يُجرى الاستحقاق الانتخابي في مدة لا تتجاوز 14 شهراً من تاريخ التعديل الدستوري". وأضاف أن "المادة الثانية من مشروع القرار أوصت لجنة خريطة الطريق، بالتشاور مع لجنة مجلس الدولة لتقديم الصيغة النهائية بشأن التعديل الدستوري، وتضمينه تحديداً دقيقاً للمواد المطلوبة لتحقيق الاستحقاق الانتخابي في إطار لا يتجاوز الزمن المحدد في المادة الأولى من مشروع القرار، على أن يتم ذلك في مدة أقصاها أسبوع بالتزامن مع منح الثقة للحكومة". وتابع بليحق "أكدت المادة الثالثة أنه بعد الاستماع إلى مشروع المرشحين لرئاسة الحكومة، ستحيل رئاسة البرلمان أسماءهم إلى مجلس الدولة، لتقديم التزكيات المطلوبة بشأنهم على أن يكون التصويت لاختيار أحد المرشحين في جلسة الخميس المقبل".
وخلص إلى أنه "تم خلال جلسة اليوم الاستماع إلى برامج المرشحَين اللذين استوفيا الأوراق والمستندات والضوابط المطلوبة في الترشح".
برامج المرشحين لرئاسة الحكومة
وخلال جلسة الاثنين، التي عرض خلالها المرشحَان برامجهما على البرلمان، أكد باشاغا أن برنامجه سيرتكز على التحضير للانتخابات والمصالحة، ويتضمن رؤيته للسياسات الخارجية والدفاع والأمن وإصلاح المالية العامة وتوفير الخدمات الحكومية وتحقيق تنمية مجتمعية.
وكشف أن أحد أبرز أهداف الحكومة في حال اختياره، سيكون توحيد المؤسسات، خصوصاً العسكرية والأمنية، قائلاً إنه "لا يمكن لدولة أن تقوم لها قائمة من دون جيش وطني موحد وقوي ومن دون مؤسسة أمنية موحدة ومتماسكة، ومن دون الأمن لا يمكن لمشروع حكومي أن ينمو وينجح، لذلك سنبدأ بتوحيد المؤسسات الأمنية والعسكرية".
وأوضح أن "الهدف الثاني يكمن في تحقيق العدالة في تقديم الخدمات وتوزيع الثروات بين كل الليبيين، بحيث تكون الخدمات والسلع والقوة الشرائية المتوافرة للمواطن في طرابلس متاحة ومتوافرة لجميع المواطنين في بقية المدن الليبية، فلا يمكن أن نقبل أن يصل سعر ليتر البنزين في الجنوب إلى 20 ضعفاً سعره في الشمال، ولا يمكن أن نقبل تعطيل التنمية في الشرق والجنوب، ولا يمكن أن نرضى بالحال التي تعانيها العاصمة، والتي كما رأيتم تغرق عند أول يوم ممطر".
معالجة الاختناقات
من جانبه، قال البيباص إن برنامجه الحكومي سيركز على "التأسيس للانتخابات ومعالجة الاختناقات الاقتصادية، وأن تكون حكومة للجميع بالابتعاد عن الصراعات مهما كان نوعها وأطرافها".
وأشار إلى أن "الحكومة ستعمل على حفظ الأمن والنظام العام وإنهاء الفوضى والعمل على وقف الانهيار الاقتصادي والحد من التضخم عبر ترشيد الإنفاق الحكومي، باعتماد أفضل الممارسات والتوصيات التي سيتولاها بوصفه رئيساً لهذه الحكومة، مع توفير كل المتطلبات العملية للانتخابات المقبلة". وتعهد البيباص بـ"العمل على ضمان إنجاز الانتخابات في موعدها المقرر من خلال دعم مفوضية الانتخابات بكل ما يلزم من إمكانات، مع توفير الدعم ذاته لمصلحة الأحوال المدنية لتنقية البيانات السكانية وتبنّي برنامج عاجل لبناء شبكة الأمان الاجتماعي لحماية ورعاية الشرائح المتضررة من التدهور الاقتصادي".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
امتعاض من التمديد الطويل
إلا أن التمديد الطويل للفترة الانتقالية الأخيرة الذي قد يصل إلى عام ونصف العام، أثار اعتراضات كثيرة من بعض الفصائل السياسية في ليبيا وحتى من الأمم المتحدة، التي اعتبر نائب المتحدث باسمها فرحان حق أن "إنشاء حكومات ليبية موازية سيعرقل توحيد المؤسسات التنفيذية والنظام المصرفي".
وقال إن "البرلمان الليبي يحاول تعيين رئيس حكومة جديد على الرغم من وجود شخص معيَّن بالفعل في هذا المنصب، وأجّل الانتخابات التي كان يجب أن تتم حتى تنبثق منها مؤسسات شرعية تفتقر إليها البلاد منذ عقد من الزمان".
محلياً، قلل رئيس الهيئة العليا لتحالف القوى الوطنية توفيق الشهيبي من "فرصة إجراء انتخابات في البلاد خلال فترة قريبة بعد اعتماد خريطة الطريق الجديدة لها، في ظل حالة اليأس والإحباط التي تسيطر على الشارع الليبي". وقال "هل تتوقعون أن مجلس النواب سيدير انتخابات قريبة مع إدراكهم وثقتهم بأن الشارع ميت سريرياً، ولن يطالبهم أحد بوقف العبث من قبلهم". وأضاف "طبعاً كلنا متأكدون أن حتى خريطة الطريق الحالية لن يلتزموا بها، وسيمددون لأنفسهم مرة أخرى".
دعوات للتظاهر
من جانب آخر، رفض أنصار سيف الإسلام القذافي، خريطة الطريق المقرّة من قبل مجلس النواب، ودعوا للنزول إلى الساحات في تظاهرات لرفضها.
وقال محمد الرميح، رئيس الحراك الذي يدعم سيف الإسلام إن "مجلس النواب وبمشاركة مجلس الدولة، ينوي تعطيل الانتخابات الرئاسية والبرلمانية عبر خريطة طريق تضمن لأعضائه البقاء في سدة الحكم على حساب هيبة الدولة الليبية وسيادتها".
ورأى الرميح أن "خريطة الطريق الجديدة ما هي إلا تغيير للوجوه السياسية وصرف المليارات مجدداً، من دون الوصول إلى حل للأزمة وهو الانتخابات والانتقال السلمي للسلطة".
وطالب جميع مؤيدي حراك "رشحناك" وداعمي سيف الإسلام القذافي بـ"الخروج إلى ساحات البلاد في تظاهرات رافضة لخريطة الطريق والتمسك بالانتخابات الرئاسية والبرلمانية، وعقدها في مدة لا تتجاوز يوليو (تموز) المقبل".