أعلن بوريس جونسون الخميس أن حكومته ستفرض "حزمة العقوبات الاقتصادية الأضخم والأشد التي تشهدها روسيا على الإطلاق"، في رد على غزو فلاديمير بوتين أوكرانيا المرتقب منذ وقت طويل.
يأتي ذلك بعدما أعلن رئيس الوزراء أمام مجلس العموم الثلثاء تجميد أصول خمسة مصارف روسية، و[أصول] ثلاثة من أصحاب المليارات الروس – وهؤلاء سيفرض عليهم أيضاً حظر للسفر إلى المملكة المتحدة.
وعلى رغم أن هذه الخطوة أشارت بوضوح إلى موقف بريطانيا ضد موسكو، زعم نواب في المعارضة – بمن فيهم زعيم حزب العمل كير ستارمر – أن هذه الإجراءات لم تذهب بعيداً [لم تكن واسعة النطاق] بالقدر الكافي. وقال العديد من المحافظين الشيء نفسه، لكن السيد جونسون أصر على أن المملكة المتحدة "في مقدم" العالم عندما يتعلق الأمر باتخاذ إجراءات ضد الرئيس بوتين.
ومنذ ذلك الوقت، فرض عدد كبير من الحلفاء الغربيين، بما في ذلك ألمانيا والولايات المتحدة، عقوباتها الخاصة على روسيا. وتشمل تخلي المستشار الألماني أولاف شولتز عن مشروع خط أنابيب الغاز "نورد ستريم 2" الممتد عبر بحر البلطيق والمصمم لمضاعفة تدفق الغاز الروسي إلى بلاده مباشرة.
والسبت، في أعقاب القرار الذي اتخذه الرئيس بوتين بشن هجوم شامل على أوكرانيا بين عشية وضحاها، أكد السيد جونسون أن بريطانيا ستذهب إلى ما هو أبعد في ذلك المجال.
وفي إطار الإجراءات المحدثة، قال رئيس الوزراء لأعضاء البرلمان في مجلس العموم إن كل المصارف الروسية الكبرى ستُجمَّد أصولها وتُستبعَد من النظام المالي البريطاني. وأضاف السيد جونسون أن نطاق العقوبات المالية المماثلة سيُوسَّع ليشمل بيلاروس لدورها في الهجوم على أوكرانيا.
لكن ماذا يعني هذا كله على وجه التحديد؟ إليكم كل شيء تحتاجون إلى معرفته.
ما هي العقوبات وكيف تعمل؟
إن العقوبات، بأبسط شروطها، هي إجراءات تُفرَض على دولة أو مجموعة أو فرد عقاباً على أفعال معينة.
وتنقسم فئات العقوبات الأكثر استخداماً إلى ثلاث: الاقتصادية والدبلوماسية والعسكرية.
العقوبات الاقتصادية هي عقوبات تجارية ومالية مثل فرض رسوم استيراد على البضائع، وتقييد الصادرات، وحجب الموانئ [حظر الرسو في مرافئ من دون غيرها]، وحظر الاستثمار، واستهداف الشركات من قبل دولة ما.
العقوبات الدبلوماسية هي عبارة عن إجراءات سياسية تهدف إلى إبداء الاستياء من بعض الأعمال أو شجبها، وتقل عن اتخاذ خطوات اقتصادية أو عسكرية، وتشمل الحد من العلاقات الدبلوماسية أو قطعها من خلال – مثلاً – إغلاق سفارة دولة ما أو إلغاء اجتماعات رفيعة المستوى.
العقوبات العسكرية – التي لا يمكن فرضها إلا في ظروف استثنائية – تتراوح بين حظر توريد الأسلحة وبين الهجمات العسكرية الشاملة.
متى استخدمت بريطانيا العقوبات من قبل؟
عام 2021، أعلنت وزارة الخارجية والكومنولث والتنمية مجموعة من الإجراءات – للمرة الأولى وبالتزامن مع الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وكندا – ضد أربعة مسؤولين حكوميين صينيين وهيئة أمنية في شينجيانغ. وهي جاءت نتيجة لانتهاكات لحقوق الإنسان وقعت ضد الأويغور وأقليات أخرى في شينجيانغ.
وجُمِّدت أصول المستهدفين في المملكة المتحدة ومُنِعوا من دخول البلاد.
والعام السابق فرضت بريطانيا عقوبات على 49 شخصاً ومنظمة كانوا وراء انتهاكات مسيئة إلى حقوق الإنسان.
وتعود إحدى الحوادث التاريخية التي فرضت فيها المملكة المتحدة عقوبات على دولة أخرى إلى الفصل العنصري في جنوب أفريقيا في ثمانينيات القرن العشرين، وقاومتها مارغريت ثاتشر في مستهل الأمر بسبب الروابط التجارية. وشملت هذه العقوبات فرض حظر على السياحة والاستثمارات الجديدة.
ويمكنكم العثور على قائمة كاملة بجميع الأفراد والمجموعات والدول التي تفرض عليها المملكة المتحدة حالياً عقوبات في الموقع الإلكتروني gov.uk.
ما هي العقوبات التي ستفرضها المملكة المتحدة على روسيا؟
يحدد رئيس الوزراء الآن الخطوط العريضة لقائمة حكومته الكاملة للعقوبات الاقتصادية – وقال إن الحرب التي تحض عليها روسيا من الممكن أن تؤدي في نهاية المطاف إلى تحول الدعم العسكري البريطاني إلى ضرورة [لا غنى عنها].
كذلك قال إن المملكة المتحدة، بالتنسيق الكامل مع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، ستفرض "قيوداً تجارية جديدة وضوابط تصدير صارمة" في محاولة لعزل الرئيس بوتين "المعتدي الملطخ بالدماء" وتطويقه.
وتشمل العقوبات التي وضعها السيد جونسون بعد ظهر السبت ما يلي:
ستُجمَّد أصول المصارف الروسية الكبرى كلها وستُستبعَد من النظام المالي البريطاني، الأمر الذي يمنعها من الوصول إلى الجنيه الاسترليني ومقاصة المدفوعات من خلال المملكة المتحدة. (يتضمن ذلك التجميد الكامل والفوري لمصرف "في تي بي")
من شأن التشريع أن يمنع الشركات الروسية الكبرى والدولة من جمع التمويل أو اقتراض المال في أسواق المملكة المتحدة.
سيُفرَض تجميدٌ للأصول على أكثر من 100 ألف فرد جديد وجهة جديدة.
سيُحظَر على شركة الطيران "إيروفلوت" الهبوط في المملكة المتحدة.
ستُعلَّق تراخيص التصدير المزدوجة الاستخدام بما يشمل المواد التي يمكن استخدامها لأغراض عسكرية.
في غضون أيام، ستوقف المملكة المتحدة صادرات المواد ذات التكنولوجيا المتقدمة ومعدات مصافي النفط.
سيُفرَض حد للودائع التي يستطيع الروس أن يجلبوها إلى الحسابات المصرفية في المملكة المتحدة.
سيُوسَّع نطاق العقوبات المالية ليشمل بيلاروس لدورها في الهجوم على أوكرانيا.
ستطبق المملكة المتحدة أجزاء من مشروع قانون الجرائم الاقتصادية قبل عطلة عيد الفصح.
وأضاف أن التشريع اللازم لتنفيذ هذه العقوبات سيُعرَض أمام البرلمان "في أوائل الأسبوع المقبل [هذا الأسبوع]".
وتأتي هذه الإجراءات كمتابعة لتلك التي أُعلِنت في وقت سابق من الأسبوع الماضي، وشهدت استهداف ثلاثة من الأوليغارشيين المقربين من الرئيس بوتين، فضلاً عن خمسة مصارف روسية.
وهؤلاء الأفراد هم غينادي تيمشنكو، وبوريس روتنبرغ، وإيغور روتنبرغ، في حين أن المصارف هي "روسيا"، و"آي أس بنك"، و"جنرال بنك"، و"برومسفيازبنك"، و"بنك البحر الأسود".
وتشمل الإجراءات المتخذة ضد كل من الرجال والمصارف الروسية تجميد الأصول في المملكة المتحدة وحظر السفر وحظر التعامل مع البريطانيين والشركات البريطانية.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وفي وقت لاحق شرحت وزارة الخارجية والكومنولث والتنمية أن هذه المصارف كانت تمول الاحتلال الروسي لشبه جزيرة القرم منذ عام 2014. وأضافت أن العقوبات ستُفرَض أيضاً على أعضاء في مجلس الدوما ومجلس الاتحاد الفيدرالي في روسيا الذين صوتوا لصالح الاعتراف "باستقلال" إقليمي دونيتسك ولوغانسك اللذين يسيطر عليهما متمردون في شرق أوكرانيا.
يمكن رؤية القائمة الكاملة للعقوبات التي فرضتها الحكومة على روسيا هنا.
وبعد إعلانه في مجلس العموم، قال السيد جونسون إن المملكة المتحدة "ستجمع حلفاءنا معاً لحماية حلف شمال الأطلسي، لكي تظهر أن الرئيس بوتين سيواجه تحالفاً غربياً أكثر صرامة نتيجة لتصرفاته". وأضاف أن الأحداث "ستظهر أن الرئيس الروسي أخطأ في حساباته إلى حد كبير".
وفي ختام رده على آخر تحديثات رئيس الوزراء في شأن أوكرانيا، قال السير كير: "نعرف كيف يعمل بوتين، لذلك فنحن نعرف كيف نهزمه. هو يسعى إلى تفريقنا [تفريق صفوفنا]، لذلك يتعين علينا أن نقف متحدين. وهو يأمل في التقاعس، لذلك يتعين علينا أن نتخذ موقفاً. وهو يعتقد أننا فاسدون إلى الحد الذي لا يسمح لنا بالقيام بالتصرف السليم، لذلك يتعين علينا أن نثبت خطأه".
© The Independent