منذ 16 عاماً (أي منذ تولي حركة "حماس" سدة الحكم في غزة)، ترفض إسرائيل تصدير المنتجات الغذائية المصنعة في القطاع، إلى أراضي السلطة الفلسطينية لتسويقها هناك، وخلال تلك الفترة سمحت فقط لشاحنتين تجاريتين بالعبور إلى الضفة الغربية، بعد ضغوط كبيرة من الاتحاد الأوروبي.
وبحسب المعلومات المتوافرة، فإن الفصائل الفلسطينية طالبت في اتفاق وقف إطلاق النار مع إسرائيل في مايو (أيار) 2021، بضرورة موافقة سلطات تل أبيب على تسويق المنتجات المصنعة في غزة، داخل أسواق الضفة الغربية، والأراضي الفلسطينية.
نقل وتسويق بضائع غزة
وبالفعل، اتخذت الحكومة الإسرائيلية للمرة الأولى منذ فرضها الحصار على غزة، قراراً يقضي بالسماح للمصانع الغذائية في القطاع بنقل وتسويق بضائعها لأسواق الضفة الغربية من دون شروط مسبقة.
يقول نائب رئيس اتحاد الصناعات الغذائية في غزة تيسير الصفدي، إن القرار يقضي بالسماح بنقل جميع منتجات المصانع الغذائية التي تعمل داخل غزة، إلى أسواق الضفة الغربية، كما يشمل القرار إزالة المنع عن نقل المنتجات السائلة كالمعلبات والعصائر وغيرها.
وكانت إسرائيل في حال سمحت باستثناء لنقل المنتجات الغذائية من قطاع غزة إلى الضفة الغربية، فإنها لن تسمح وترفض بشكل قاطع إدخال المشروبات الغازية والمعلبات وأي منتجات غذائية تحتوي على مادة سائلة من الدخول إلى المعابر التي تسيطر عليها.
وللمفارقة، فإن إسرائيل تسمح في تسويق المنتجات الزراعية، ومصنوعات الأنسجة والملابس والأسماك من غزة إلى الضفة الغربية، بينما ترفض نقل المنتجات الغذائية (مثل الحلويات والمرطبات والمعلبات الغذائية وحاجيات الأطفال) بين المنطقتين التابعتين إلى الأراضي الفلسطينية.
تخفيف الأزمة الاقتصادية
ويأتي قرار إسرائيل بالسماح بنقل وتسويق المنتجات الغذائية من غزة إلى الضفة الغربية، في إطار تخفيف الأزمة الإنسانية والاقتصادية التي يعاني منها سكان غزة، والتي أدت إلى ارتفاع مؤشرات البطالة والفقر ونتيجة ذلك أغلقت مجموعة كبيرة من المصانع أبوابها وسرحت العمال فيها.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ووفقاً لرصد وتوثيق مؤسسات حقوقية، فإن 800 منشأة صناعية في مختلف القطاعات الاقتصادية قاومت الانهيار، واستمرت في العمل بطاقة منخفضة، من أصل 2000 منشأة كانت تعمل في غزة قبل فرض الحصار.
يقول منسق أعمال الحكومة الإسرائيلية في المناطق الفلسطينية غسان عليان، إن السلطات الإسرائيلية اتخذت قرارها بشأن نقل وتسويق المنتجات الغذائية من غزة إلى الضفة الغربية، في إطار التسهيلات التي بدأت في تطبيقها بعد العملية العسكرية الأخيرة، وهذه الخطوة مستمرة ما بقي الهدوء سيد الموقف على حدود القطاع. مضيفاً، "نحن ندرك أهمية تطوير الاقتصاد في قطاع غزة، وغالباً نقوم بالإصغاء لاحتياجات السكان الفلسطينيين، نحن نعمل من أجل إنعاش غزة اقتصادياً، ونحاول زيادة فرص العمل بين السكان".
لكن في الواقع، جاء قرار إسرائيل بعد ضغط الاتحاد الأوروبي بضرورة تصدير منتجات غزة الغذائية، وتقديم جمعية "چيشاه - مسلك" الإسرائيلية التماساً للمحكمة العليا الإسرائيلية ضد المنع المفروض على تسويق المنتجات الغذائية المصنعة في غزة إلى خارج القطاع. وقد تم تقديم الالتماس ضد كل من وزير الأمن الإسرائيلي وسلطة المعابر البرية ومنسق أعمال الحكومة الإسرائيلية في المناطق الفلسطينية.
المصانع المؤهلة
وبعد القرار الإسرائيلي، بدأت المصانع الغذائية في غزة تقديم طلبات رسمية للتنسيق لتصدير المنتجات خارج القطاع عبر معبر كرم أبو سالم، من خلال اللجنة الرئاسية لتنسيق إدخال البضائع لغزة، وبانتظار الرد الإسرائيلي لتحديد المواعيد لبدء النقل.
ويقول نائب رئيس اتحاد الصناعات الغذائية في غزة تيسير الصفدي، إن المصانع التي حصلت على معايير السلامة تم وضعها من المنظمة الدولية للمعايير والمعروفة بـ"أيزو 22000" أو تلك التي حصلت على شهادة المواصفات والمعايير الفلسطينية، لها الأولوية في تسويق منتجاتها في أسواق الضفة الغربية.
ويضيف، "السلطة الفلسطينية وافقت على تسويق المنتجات من غزة في الضفة الغربية، ونعمل الآن مع السلطات الإسرائيلية على القضايا الفنية حول كيفية خروج البضائع من معبر كرم أبو سالم، بمتابعة من الاتحاد الأوروبي".
عجلة الإنتاج
لكن في حال وصلت البضائع الغذائية إلى الضفة الغربية، فإن ثمة عائقاً أمامها، إذ تتعامل معها السلطة الفلسطينية على أنها مستوردة من مناطق خارجية وتفرض عليها ضرائب وجمارك.
يشير الصفدي إلى أنهم يتواصلون مع وزارة المالية في الضفة الغربية لعدم فرض ضريبة 16 في المئة على البضائع الواردة من غزة، وأن تتعامل معها على أساس أنها مقبلة من المناطق الفلسطينية الجنوبية، كما تقوم غزة بعدم تحصيل الضرائب على البضائع الواردة من الضفة الغربية.
من ناحية أخرى، يقول رئيس تحرير صحيفة "الاقتصادية" الصادرة في غزة محمد أبو جياب، إن القرار الإسرائيلي بالسماح لمنتجات غزة بالوصول للضفة، من شأنه أن يسمح لعجلة الإنتاج بالدوران من جديد، بعد أن انخفضت الطاقة الإنتاجية إلى أقل من 20 في المئة.
ويضيف "هذا التطور يوفر آلاف فرص العمل، في ظل أزمة الفقر والبطالة، ويسهم في دفع مؤشرات الاقتصاد نحو النمو، هذه التسهيلات لها دور في الحفاظ على المستثمرين وستعيد القوة المطلوبة للقطاعات الصناعية".