تدعو الحكومات المحلية في منطقة ماركي الإيطالية إلى إيواء اللاجئين الأوكرانيين في بعض مساكن الطوارئ التي أقيمت بهدف تأمين سقف يحمي العائلات الإيطالية النازحة بسبب سلسلة من الزلازل المميتة عام 2016.
ومع دخول الغزو الروسي لأوكرانيا أسبوعه الرابع الآن، فرّ ما يقرب من 3.5 مليون شخص من البلاد، وسعى أكثر من 50 ألفاً منهم إلى البحث عن الأمان في إيطاليا، بما في ذلك 25846 امرأة و20478 طفلاً و4325 رجلاً، وذلك وفقاً لوزارة الداخلية الإيطالية.
وفي حين أنه من المتوقع استقرار معظم اللاجئين في المدن الكبرى مثل ميلانو وروما ونابولي وبولونيا، وصل بعضهم إلى بلدات وقرى أصغر في أومبريا وماركي وشمال لاتسيو، حيث دمّر زلزال بقوة 6.0 درجات مدناً بأكملها قبل ستة أعوام، وهجّر عشرات آلاف الأشخاص وقتل المئات.
والجدير بالذكر أن ما قدمته الحكومة الإيطالية كحلّ مؤقت للأسر المشردة استمر لأعوام، وأصبح تذكيراً يومياً بالبيروقراطية الراكدة في إيطاليا والفشل في إعادة البناء. في الواقع، على مدى سنوات، تخللت المناظر الطبيعية الريفية في تلك المناطق أكواخ خشبية ومنازل جاهزة مسبقة الصنع.
وهذا الشهر، بعد أعوام من النسيان، غادرت 82 أسرة مساكنها الطارئة في أماتريتشي عندما تسلّمت مفاتيح ما تأمل في أن تصبح منازلها الأبدية.
وقال رئيس البلدية جيوفاني لينيني خلال حفل في وقت سابق من هذا الشهر "بدأت أماتريتشي تستعيد منازلها: كنّا جميعاً في انتظار تلك اللحظة؛ إنها بداية عودة الأمور إلى سابق عهدها".
لكن في حين أن بعض العائلات الإيطالية حظيت أخيراً بمكان تسمّيه منزلاً، فقد ملايين الأوكرانيين بيوتهم.
وبحسب ما قاله غويدو كاستيلي، رئيس إعادة الإعمار في منطقة ماركي، الذي كان سابقاً رئيس بلدية أسكولي بيتشينو، لصحيفة "اندبندنت"، فإنّ "إعادة بناء [المدن الإيطالية المتضررة] انطلقت حقاً، بالتالي تم تفريغ منازل الطوارئ الأولى، وكانت الموجة العاطفية التي غذّاها العدوان الروسي كبيرة جداً لدرجة أنها دفعت رؤساء البلديات إلى اتخاذ قرار شجاع".
وتابع أن ما يقرب من 61 من منازل الطوارئ البالغ عددها 1900 هي فارغة لإيواء اللاجئين.
وأضاف السيد كاستيلي، الذي يعمل مع رؤساء بلديات المنطقة من أجل تحقيق ذلك المشروع، "إنه رقم رمزي، بيد أن ما يضاهيه رمزية هو رغبة المجتمع الذي يعيش معاناة في الأساس بأن يرحّب بالآخرين الذين يعانون أيضاً".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وستموّل الدولة تكاليف معيشة اللاجئين، ومع وجود أكواخ تتراوح من 40 إلى 80 متراً مربعاً، لن تضطر العائلات إلى الانفصال.
وقال السيد كاستيلي: "تلك المجموعة السكانية التي ضعفت وصارت أكثر هشاشة بسبب الزلازل المتتالية عام 2016، لم تشِح بنظرها بعيداً من أولئك الذين يعانون".
وتتوقع الحكومة أن تستقبل ما لا يقل عن 60 ألف لاجئ أوكراني لمدة ثلاثة أشهر تقريباً، علماً أنها تستوعب ما يصل إلى 175 ألفاً ككل. وستتلقى المجموعات العائلية ما يقرب من 600 إلى 900 يورو شهرياً (حوالى 500-750 جنيهاً سترلينياً)، بحسب عدد الأشخاص في المجموعة.
ووفقاً لوكالة الأنباء الإيطالية "أنسا" ANSA، وصلت الحافلة الأولى إلى الحدود بين سلوفينيا وإيطاليا في 28 فبراير (شباط)، بعد أربعة أيام فحسب من الغزو الروسي. وكان على متن القارب 50 شخصاً تقريباً، من بينهم رجلان، وقال معظمهم إنهم يعتزمون الإقامة مع العائلة والأصدقاء في شمال البلاد.
ولكن في حرب لا تُظهر أي علامة على الانحسار، لا شك في أن عدد الأوكرانيين الذين أجبروا على الفرار سيزداد، والأرجح أن يبقى أولئك الذين يصلون بحاجة إلى مساعدة الحكومة.
جنباً إلى جنب مع الحكومة الإيطالية، تحرّك المتطوعون في جميع أنحاء شبه الجزيرة لتوفير الإقامة والسلامة لعشرات الآلاف من اللاجئين الذين وصلوا حتى الآن. بطريقة موازية، فتح الأفراد العاديون والأديرة أبوابهم، وفي الوقت ذاته يجري إصلاح المنازل المهجورة وتستأجر الدولة منازل أخرى.
وأعلنت وزارة الداخلية عن خطط لتحويل الممتلكات التي تمت مصادرتها من المافيا إلى مراكز إيواء مؤقتة للاجئين. وفي الأسبوع الماضي، قال رئيس الوحدة الحكومية المعنية بمصادرة تلك المباني إنه تم تحديد 500 منها، لكنه أضاف أنه من المستحيل معرفة العدد الذي سيتم استخدامه بالفعل.
ويقيم اللاجئون أيضاً مع أفراد الجالية الأوكرانية الكبيرة الموجودة أصلاً في إيطاليا، التي تُعدّ واحدة من أكبر الجاليات في أوروبا. في الحقيقة، قبل بدء الصراع في أوكرانيا والنزوح الجماعي الذي تلاه، كان من المتوقع أن تكون الدولة الواقعة على البحر الأبيض المتوسط [إيطاليا] موطناً لنحو ربع مليون أوكراني.
وعلى الرغم من ذلك، حذرت رئيسة جمعية "الجالية الأوكرانية في ماركي" الثقافية (Ukrainian Community Marche) من أن العائلات الإيطالية التي تستضيف اللاجئين بدأت تشعر بالضغوط المالية.
وقالت رئيسة الجمعية التي فضلت عدم الكشف عن اسمها: "لا تقدم الحكومة المحلية أي مساعدة مالية لتلك الأسر". وأشارت إلى أن الحل لا يكمن في توفير سكن طويل الأمد للعائلات، بل في إيجاد منازل لهم لفترة قصيرة في أقرب وقت ممكن.
وتابعت: "كان الأمر مختلفاً بالنسبة إلى ضحايا الزلزال، إذ لم يكن لديهم مكان يذهبون إليه. في المقابل، إذا انتهت الحرب، سيعود أولئك الأشخاص إلى ديارهم في اليوم ذاته".
© The Independent