أمل كبير تبعثه أعمال المشاورات اليمنية الجارية في الرياض، نحو إحداث خرق جوهري في جدار الأزمة اليمنية لإرساء السلام، الذي طال انتظاره في البلد المحروق بنيران الحرب منذ الانقلاب الحوثي في 2014.
المشاورات انطلقت بدعم أممي ورعاية من مجلس التعاون الخليجي، الثلاثاء، على أن تستمر حتى السابع من أبريل (نيسان) الحالي. وتسود الشارع اليمني حالة من الترقب المصحوب بتفاؤل عقب إعلان طرفي الحرب الوصول إلى هدنة إنسانية لمدة شهرين قابلة للتمديد، متبوعة بعدد من الإجراءات من بينها فتح مطار صنعاء وميناء الحديدة، وإطلاق جميع الأسرى والمعتقلين، في خطوة تهدف للتخفيف من آثار المعاناة الإنسانية، وعلى أمل أن تهيئ هذه الإجراءات الظروف الموضوعية للوصول إلى حل سياسي شامل ينهي الحرب الدائرة في البلد المنهك منذ ثماني سنوات.
تشخيص الوضع الراهن
ناقشت المشاورات اليمنية- اليمنية التي تشهدها أروقة الأمانة العامة لمجلس التعاون لدول الخليج العربية بالرياض، في يومها الثالث، إنجاز المرحلة الأولى التي جرت داخل اللجان الست، المتعلقة بـ"تشخيص الوضع الراهن". ووفقاً لعضو المشاورات، ثابت الأحمدي، ستناقش لجان العمل المشكلة، في جدول أعمالها، المرحلة الثانية التي تعمل على تحديد التحديات المواجهة لكل محور من المحاور السياسية والأمنية والاقتصادية والإنسانية والاجتماعية والإعلامية، لاقتراح الحلول قبل الوصول إلى صيغة جامعة إزاء كل قضية.
وتشكلت ست لجان من المشاورات لبحث جملة الملفات اليمنية الشائكة، بهدف الوصول إلى رؤى مشتركة تسعى لإنقاذ الوضع الإنساني الأسوأ على مستوى العالم، جراء الانهيار الاقتصادي والظروف المعيشية الصعبة التي سببتها الحرب الدائرة منذ أكثر من سبع سنوات.
الفرقاء يتصافحون
وعلى مدى الساعات الماضية، تداول ناشطو ورواد مواقع التواصل الاجتماعي، على نطاق واسع، صوراً يظهر فيها عدد من الفرقاء السياسيين اليمنيين الذين فرقتهم الخلافات السياسية الملتهبة على مدى عقد من السنين. إذ أظهرت لقطة نائب مدير مكتب الرئاسة، ورجل الأعمال الكبير المقرب من الرئيس اليمني، أحمد صالح العيسي، في ضيافة عيدروس قاسم الزبيدي، رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، في خطوة عدها مراقبون بادرة واعدة لتقارب كبير بين فرقاء العمل السياسي في اليمن، عقب خلافات دامية بينهما شهدتها العاصمة المؤقتة عدن، وعدد من المحافظات الجنوبية الأخرى.
كما أظهرت صور أخرى لقاء جمع العميد طارق محمد صالح، نجل شقيق الرئيس اليمني الراحل، علي صالح، بالشيخ القبلي ورجل الأعمال، حميد الأحمر، لتقديم العزاء في وفاة شقيق الأخير، حسين الأحمر، الذي أُقيم في الرياض، وهو اللقاء الأول بينهما منذ الخلافات السياسية الحادة التي جرت بين التيارات التي ينتمي إليها الطرفان في 2011. ما اعتُبر نقطة تحول قد تهيئ لتفاهمات سياسية، كونهما يقفان على النقيض من المشروع الحوثي.
فرصة للمراجعة والتقارب
هذه اللقاءات دفعت السفير السعودي لدى اليمن، محمد سعيد آل جابر، للتعليق عليها بالقول، إنها "نجحت في جمع المكونات والقيادات اليمنية المختلفة، سعياً لتحقيق السلام والأمن في البلاد". وأضاف، خلال تغريدة على موقع "تويتر"، "منحتهم هذه المشاورات فرصة للمراجعة والتقارب لرسم خريطة طريق يمنية تنقل اليمن الشقيق من الحرب والدمار إلى السلام والتنمية".
وفي جلسات عمل اللجان ليوم الاثنين، من المقرر أن تشارك لجان المشاورات السياسية والاقتصادية والتنموية والإغاثية والاجتماعية والأمنية، بحضور رئيس الوزراء اليمني، معين عبد الملك سعيد، للحديث عن التحديات في هذه المحاور، وجملة الحلول المقترحة التي ستجري مناقشتها مع لجان الورش المنعقدة التي يحتضنها مقر الأمانة العامة لمجلس التعاون لدول الخليج العربية بالرياض.
الحوثيون يخرقون الهدنة
بالتزامن مع استئناف أعمال المشاورات، وجهت الحكومة اليمنية الشرعية اتهاماً للميليشيات الحوثية بخرق الهدنة المتفق عليها بين الجانبين، غداة الإعلان عن بدء سريانها، السبت. وقالت القوات المشتركة في الساحل الغربي (المرابطة على امتداد المياه الإقليمية المطلة على البحر الأحمر ومضيق باب المندب)، إنه تم رصد أكثر من 40 خرقاً حوثياً بُعيد ساعات من إعلان الهدنة.
وقال الإعلام العسكري التابع للقوات المشتركة، في بيان صحافي، إن الخروقات كانت عبارة عن أربع هجمات بالطائرات المسيرة، وثلاث قذائف هاون، إضافة إلى 36 خرقاً بالأسلحة الرشاشة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأشار إلى أنه تم رصد تحركات مسلحة للحوثيين قرب خطوط التماس في محور البرح، وإطلاق أعيرة نارية على مواقع تابعة للقوات المشتركة في محور حيس.
وفي تعز، ذكر المركز الإعلامي للمحور، أن الخروقات شملت جبهات شرق وغرب وشمال المدينة، إضافة إلى جبهتي الكدحة ومقبنة في الريف الغربي للمحافظة وجبهة الأحكوم بمديرية بحيفان جنوب شرقي تعز.
وفي حين أكدت السلطة المحلية في المحافظة أن مليشيات الحوثي لم تلتزم اتفاق الهدنة التي وافقت عليها، بمضاعفة هجماتها على مواقع الجيش في جبهات عدة، ادعت الميليشيات الحوثية المدعومة من إيران رصد 34 خرقاً للهدنة.