على الرغم من جائحة كورونا وآثارها السلبية على معظم اقتصادات العالم، شهدت الأشهر الثلاثة الأولى من العام الحالي ظهور 3381 مليارديراً، بزيادة صافية قدرها 153 شخصاً عن 2021، ما يترجم إلى متوسط 13 مليارديراً جديداً كل أسبوع منذ بداية 2022. وفقاً لقائمة "هورون غلوبال ريتش" الخاصة التي تتخذ من مدينة شنغهاي الصينية مقراً لها.
وبحسب تقرير هورن الذي أوردته شبكة "سي إن بي سي" الإخبارية الأميركية، ارتفع إجمالي ثروات هؤلاء بنسبة أربعة في المئة إلى 15.2 تريليون دولار. ومن بين هؤلاء هناك 1133 في الصين و716 في الولايات المتحدة.
التقرير أظهر أن بكين هي موطن لأكبر عدد من المليارديرات في العالم عند 144، تليها شنغهاي بـ 121 وشنتشن بـ 113 مليارديراً، مقارنة بـ 110 في نيويورك، بينما جاءت لندن في المرتبة الخامسة برصيد 101.
ضربة شديدة
لكن التقرير قال إن المليارديرات الصينيين تعرضوا أيضاً إلى "ضربة شديدة" خلال العام الماضي، وسط حملة تنظيمية على التكنولوجيا والتعليم والصناعات الأخرى، وحملة "الرخاء المشترك" الحكومية التي تروج لتوزيع أكثر عدالة للثروة، مما تسبب في فقدان الصين 160 مليارديراً في 2012، أكثر من أي دولة أخرى.
في الصين تعرض كولين هوانغ، مؤسس منصة التجارة الإلكترونية بندوادوا، لأكبر خسارة للثروة بقيمة 50 مليار دولار مع هبوط أسهم شركته المدرجة في بورصة "ناسداك". وخسر تشوجياين رئيس مجلس إدارة مجموعة إيفرغراند للتطوير العقاري المحاصر أكثر من 23 مليار دولار مع استمرار شركته في التخلف عن المواعيد النهائية لسداد السندات.
ويظل جونغ جونغ شانشان، مؤسس شركة نونغفو سبرينغ للمياه المعبأة والمشروبات أغنى شخص في الصين بثروة تبلغ 72 مليار دولار. وجاء مؤسس بايت دانس الملياردير تشانغ يمينغ الذي تمتلك شركته تطبيق الفيديو "تيك توك" في المرتبة الثانية بمبلغ 54 مليار دولار. خلفه مباشرة يقف زينغ يوغوان، مؤسس شركة كاتل لتصنيع بطاريات السيارات الكهربائية، الذي تبلغ ثروته 53 مليار دولار.
بينما تراجع كل من بوني ما من "تينسينت" وجاك ما من "علي بابا"، شركة التكنولوجيا العملاقة، وهما من أكبر الأسماء التجارية في الصين، من قائمة أغنى ثلاثة أشخاص في الصين للمرة الأولى منذ العام 2015. إذ حل بوني ما في المركز الرابع بالقائمة بعدما تقلصت ثروته إلى 52 مليار دولار، يليه جاك ما بـ 37 مليار دولار.
أعمال تجارية بتركيز محلي
ولا يوجد مليارديرات صينيون في قائمة الـ 10 الأوائل في العالم، بقيادة إيلون ماسك الرئيس التنفيذي لشركة "تيسلا وسبيس إكس" بثروة صافية تزيد على 200 مليار دولار.
روبرت هوجويرف، رئيس مجلس الإدارة وكبير الباحثين في تقرير هورون، الشركة التي تقف وراء قائمة المليارديرات، قال إن هذا يرجع جزئياً إلى أن المليارديرات الصينيين يميلون إلى إدارة أعمال تجارية بتركيز محلي وليس عالمياً.
وكان قطب الاتصالات الهندي موكيش أمباني الآسيوي الوحيد في قائمة الـ 10 الأوائل التي تهيمن عليها الولايات المتحدة وفرنسا. لكنه كان يتبادل لقب أغنى شخص في آسيا مع قطب البنية التحتية الهندي غوتام أداني. الرجلان وفقاً لتقرير هورون تبلغ ثروتهما الصافية حوالي 100 مليار دولار وكانا أيضاً على قائمة فوربس لأصحاب المليارات في العالم التي تم إصدارها هذا الأسبوع، وجاءا في المركزين الـ 10 والـ 11.
"شنتشن" وادي سيليكون جديد
أخيراً انضمت شنتشن قرية الصيد الصينية السابقة التي أصبحت الآن مركزاً تكنولوجياً يعرف بوادي السيليكون في الصين، إلى بكين وشنغهاي كأكبر ثلاث مدن في العالم للمليارديرات، متفوقة على نيويورك لأول مرة هذا العام.
الحديث عن تزايد أعداد أصحاب المليارديرات في المدينة ليس خبراً جديداً للناس في شنتشن، التي أضافت ثمانية من أصحاب المليارات منذ العام الماضي.
وقال هوجويرف "إنها تقريباً دعوة للاستيقاظ لبقية العالم". وأضاف "في حين أن التصنيف يمكن أن يتقلب، فإن العدد المتزايد من المليارديرات في شنتشن يعكس "توجهاً كبيراً" من شأنه أن يجذب مزيداً من رواد الأعمال الشباب إلى المدينة في السنوات المقبلة. مشيراً إلى أنه "مؤشر مهم على من أين أتت شنتشن وإلى أين تتجه".
بدأ صعود مدينة شنتشن في العام 1980، عندما تم تسميتها أول منطقة اقتصادية خاصة في الصين كجزء من "الإصلاح والانفتاح" في البلاد تحت قيادة الزعيم آنذاك دنغ شياو بينغ. سمح ذلك للمدينة بتجربة رأسمالية السوق في محاولة لجذب الاستثمار الأجنبي. من العام 1979 إلى 2021، نما الناتج المحلي الإجمالي لشينتشن من أقل من 28 مليون دولار إلى ما يقرب من 475 مليار دولار.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
موطن شركات التكنولوجيا
المدينة اليوم هي موطن لبعض أكبر شركات التكنولوجيا في الصين، بما في ذلك عملاق الاتصالات هواوي وتكتل الإنترنت "تينسنت" مما يلهم الآخرين بالتوجه إليها. في العام الماضي، تم إنشاء 2500 شركة جديدة للتكنولوجيا الفائقة معترف بها من الدولة في شنتشن، وبذلك يصل العدد الإجمالي إلى 17000، وفقاً للحكومة المحلية.
المدينة أيضاً جزء مما تسميه الصين منطقة الخليج الكبرى، وهي مركز اقتصادي وتجاري متكامل يهدف إلى ربط شنتشن بثماني مدن أخرى في مقاطعة غوانغدونغ جنباً إلى جنب مع الأراضي الصينية في هونغ كونغ وماكاو.
هنغ تشن أستاذ الاقتصاد المشارك في جامعة هونغ كونغ يرى أن زخم شنتشن كان مدعوماً ببيئة الترحيب لأصحاب المشاريع. وقال "هيكل السكان لا يزال صغيراً جداً مقارنة بالمدن الفائقة الأخرى أو مدن الدرجة الأولى في الصين، لذلك هذا أحد الأسباب التي تجعلها مكاناً جذاباً للغاية"، إضافة إلى ذلك فإن المسؤولين الحكوميين في "شنتشن" يلتزمون بكثير من الموارد المالية لجذب أفضل المواهب من بقية العالم."
الحلقة المغلقة
لكن المدينة واجهت أيضاً تحديات حادة خلال جائحة كورونا، بخاصة في الأسابيع الأخيرة، حيث تكافح الصين أسوأ تفشي لها منذ عامين. وتعتمد استراتيجية عدم التسامح التي تتبعها الحكومة (صفر كوفيد) على إغلاق الحدود والاختبارات الجماعية وعمليات الإغلاق الصارمة، وقد تسببت القيود في حدوث تأخيرات في مصانع شنتشن، إضافة إلى مينائها، وهو أحد أكبر الموانئ في العالم.
خلال إغلاق دام أسبوعاً في شنتشن الشهر الماضي، منحت السلطات مجموعة "فوكسكون تيكنولوجي غروب" لموردي "أبل" الإذن بإعادة تشغيل بعض عمليات التصنيع باستخدام نظام "الحلقة المغلقة" الذي يتطلب من الموظفين البقاء في الموقع.
وقال شانج جين وي أستاذ الاقتصاد في كلية كولومبيا للأعمال وكبير الاقتصاديين السابق في بنك التنمية الآسيوي، على الرغم من الضغوط المالية للوباء، استمر الاقتصاد الصيني في النمو "جزئياً"، لأن المدن الصينية مرنة للغاية. وأضاف "يمكنهم التكيف مع المواقف الجديدة". كما أن "شنتشن تقدم سياسات مواتية لشركات التكنولوجيا الفائقة، مثل الإعفاءات الضريبية".